
وسط هذا الزخم الثوري الذي تشهده المنطقة العربية يسعى الشيعة هنا وهناك إلى تضخيم مكاسبهم الخاصة،
وإن أتت تلك المكاسب على حساب الآخرين، بل وإن أتت فوق جثث الأطفال والعجائز، ومن فوق ظهور الدبابات وفوهات المدافع، حدث ذلك من قبل في لبنان والعراق، ويحدث الآن في سوريا والبحرين ثم اليمن.
أما اليمن فيتولى كبر الأمر فيه "الحوثيون"، ربائب الطائفة الزيدية الشيعية، التي وسمها العلماء قديماً بأنها الأقرب إلى أهل السنة، أما الآن فهي الأقرب للشيعة الروافض الإثنا عشرية، سيرة وعقيدة وأخلاقاً.
وكان من آخر الممارسات الحوثية في اليمن محاصرة الحوثيين لأكثر من بلدة بغية السيطرة وفرض النفوذ السياسي عليها، وإقامة إقليم شيعي مستقل محاكاة لتجربة "حزب الله" في الجنوب اللبناني.
وقد أكدت عدة مصادر مؤخراً أن المئات من المتمردين الحوثيين سيطروا على "عزلة أفصر" التي تضم 13 قرية بمديرية "كحلان" الشرف، والمجمع الحكومي، ومنطقة "أبو دوار" في مديرية "مستبا" في محافظة "حجة" شمال غرب "صنعاء"، وذلك بعد سيطرتهم في وقت سابق على مديرية "وشحة" حيث يعد حوالي (90%) من سكانها من الموالين لهم.
وأوضحت المصادر أن نائب زعيم الحوثيين يوسف المداني قاد نحو 400 شخص للسيطرة على مديرية "مستبا", فيما يتواجد حالياً في "عزلة أفصر" بـ"كحلان" الشرف نحو 150 مسلحاً حوثياً، قدموا من محافظة "صعدة" خلال الأيام الماضية، ومعهم أسلحة مضادة للطيران، وأسلحة رشاشة متنوعة وخفيفة، على إثر سقوط ستة قتلى في "كحلان" الشرف من عشيرة بني الشرفي الموالية لهم في مواجهات مع عشيرة بني جب، التي قتل منها ستة أيضا، وينتمي أفرادها إلى حزب "الإصلاح" (الإخوان المسلمين) المعارض.
ولذلك يرى كثير من المراقبين أن الحوثيين بهذا التوجه يسعون وبقوة لتنفيذ المسلسل ذاته الذي قام به "حزب الله" من قبل في الجنوب اللبناني، فتلك الممارسات - إن استمرت - سوف تمكن الحوثيين من السيطرة التامة على المحافظات سالفة الذكر، إضافة إلى أجزاء من محافظتي عمران والجوف اللتان سيطروا عليهما في وقت سابق.
ولهذه المحافظات أهمية استراتيجية كبرى تتمثل في قربها من الحدود السعودية، وهو هدف يسعى إليه الحوثيون، ومن خلفهم العمائم السوداء في إيران، لتوتير المنطقة المتاخمة للحدود السعودية، ومن ثم الولوج لداخل المملكة؛ لفتحها كما تزعم وتخطط عمائم قم.
والأهمية الثانية لهذه المنطقة تتمثل في قربها من ميناء "ميدي" الذي يخطط الحوثيون لجعله منفذاً لهم على البحر لدولتهم التي يودون إقامتها، ويؤكد هذا الأمر إقدام قادة التمرد من الحوثيين - في السابق - على شراء مساحات شاسعة "مزارع" في مديرية ميدي الساحلية، التي يقع فيها هذا الميناء.
وقد شبه مراقبون الحصار الذي فرضه الحوثيون على تلك المحافظات بالحصار الذي فرضه اليهود على قطاع غزة في وقت سابق، ولكنه كان أكثر شدة على سكان منطقة دماج، حيث يوجد مركز العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، الذي يقدم خدمات دعوية وعلمية لآلاف الطلاب والطالبات وعوائلهم، من مختلف مناطق اليمن ودول العالم بصفة عامة، ويديره الآن الشيخ يحيى الحجوري.
وجدير بالذكر أن مركز دار الحديث بدماج التابع للسلفيين يعتبر من أكبر مراكز أهل السنة في اليمن، ولذلك يعتبره الحوثيونمصدر إقلاق لهم في صعدة، وفي اليمن بصفة عامة، ويسعون لطمس معالمه وطرده من فيه بشتى وسائل القوة، لأن وجودهم يهدد وجود المذهب الشيعي- في زعمهم - ولذلك قاموا مؤخراً بعدة ممارسات قمعية لإجبار طلاب العلم وعوائلهم على النزوح عن المركز.
وكان من هذه الممارسات:
1) منع الأدوية الضرورية عن منطقة دماج، دون مراعاة لحالة المريض، حتى وإن اشرف على الموت، وقطع الطريق للحيلولة من وصول الأهالي إلى المستشفى سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا.
2) منع الناس من أداء فريضة الحج هذا العام، رغم تردد الحجاج عليهم وتلطفهم في الحديث معهم، لكنهم قابلوهم بالإساءة وردوهم، وهو الأمر الذي لم يفعله حتى الكفار.
3) منع الحوثيون القوت الضروري عن سكان منطقة دماج، من الدقيق وباقي المواد الغذائية دون أي مبرر.
4) كذلك منع الحوثيون الخطباء من الذهاب إلى المساجد لإقامة الجمع، ومنع سائر الناس من التحرك لقضاء حوائجهم، ولزيارة أهلهم وأقاربهم.
5) استولى الحوثيون على أحد المواقع المطلة على مركز دماج العلمي، بحجة الاعتداء على أحد جماعة الحوثي.
6) مصادرة الكتب السلفية من طلاب العلم بالمركز.
7) قد ترتب على هذا الحصار قتل الأنفس التي حرم الله قتلها، فكيف يعيش الرضع والأطفال والعجائز بل والرجال الأشداء إن منع عنهم القوت والدواء؟
وأخيراً نقول: إن طلاب العلم في كافة البلاد العربية والإسلامية هم الضمانة الوحيدة للوجود السني وعقيدة أهل السنة والجماعة، وإن تعرضهم لأي أذى إنما هو خسارة وأذى ليس لأشخاصهم فحسب، بل للأمة الإسلامية كلها، ولذا فالواجب على أهل السنة في اليمن التكاتف والتعاون لصد الاعتداءات الحوثية الصفوية، والدفاع عن أهلهم من طلاب العلم في دماج، لكف أذى الحوثيين، ومنع استهدافهم لمشايخ أهل السنة وطلبة العلم هناك
0 التعليقات: