-

ولقد قرئت جل كتب اهـل الـمذاهب ِ ،، وقـول فـقـيـهٍ وفيلسوفاً وراهب ِ
فلم ارىء اكذب من الروافض مذهباً وماخفى أنكى في كهوف الغياهب ِ
ولهم من الاصنام ما لو جحدتـها ،، وانكرتها ؟ عدوك ضمن النواصب ِ
سألت الإله الحق تفريق شملهم ،، من الليل غاداً طائف الويل حاصب ِ

سلسلة الروافض 11

من طرف خبير الاعشاب والتغذية العلاجية عطار صويلح 35 عا م من الخبرة  
التسميات:
الخميس, أبريل 30, 2015





الآراء الاعتقادية الأخرى للشيعة الاثنا عشرية


 العنصرية أساس في عقائد اليهود والروافض:


إن أطماع اليهود في البيئة التي حملت لواء الإسلام والقيام بالدعوة إليه قديمة جداً، فبعد أن نزح اليهود إلى الجزيرة العربية نقلوا معهم من الأساطير التي شاعت بينهم إبان الأسر البابلي العقائد الكثيرة والأطماع العديدة، وكان من بين هذه الأساطير اليهودية عقيدة التناسخ التي أصبحت مصدراً رئيسياً عند الإمامية عندما قالوا بعقيدة "الرجعة" التي اعتنقوها كتعبير عن مشاعر الانتقام والحقد الذي انطوت عليه نفوس بعض الذين زعموا ظلم آل البيت من أعدائهم، وقد ساعد العمل السري والتحريف العقائدي الذي دعا إليه عبد الله بن سبأ في إشاعة جو من الاضطراب السياسي والعقدي في الأمصار الإسلامية كنوع من الحرب النفسية وتعميق مشاعر الإحباط والهزيمة في كيان الأمة الإسلامية. 
والجدير ذكره أن اليهود وجدوا منذ عصر الفتنة التي أعقبت مقتل عثمان مسرحاً لنقل الفكر الباطني إلى الساحة الإسلامية، وكان ذلك بسبب سماحة الفكر الإسلامـي الذي تقبل كل العناصر التي تظاهرت بالإسلام، حتى شاعت في وقت مبكر الأفكار اليهودية التي تدور حول جملة من العقائد تناقض عقيدة الإسلام والتي كان من أهمها عقائد: "الإمامة" و"الوصية" و"الرجعة" و"الغيبة" و"العصمة"، إلى غير ذلك من العقائد الوضعية، والقول بالظاهر والباطن في تناول النصوص.
ومقارنة بسيطة بين عقائد اليهود في القول بالتناسخ، وبين عقائد غلاة الباطنية التي تزعم أن الأموات يرجعون إلى الدنيا للانتقام من أعدائهم توضح أثر اليهود التناسخي على الإمامية في القول بعقيدة الرجعة.
وقد أوضح الشهرستاني هذه العلاقة وذكر أن الإمامية عرفوا التناسخ والرجعة عند اليهود، وقد بنيت فكرة تأليه الأئمة في القول بالعصمة على المعتقد الذي استهدف تقديس علي  رضي الله عنه بتأثير من عقيدتي الرجعة والغيبة التي تصورهما أسطورة القول بالتناسخ اليهودية والتي تفرعت في اتجاهات ثلاثة: 
الأول: القول بالإمام المعصوم.
والثاني: القول بعقيدة خاتم الأوصياء.
والثالث: القول بعقيدة القداسة الإلهية لعلي رضي الله عنه.
وهذه العقائد الثلاث اعتبرت علماً خاصاً يطلق عليه "العلم السري" الذي يعبر عن عقيدة الرجعة عند الإمامية، كنوع من الاعتقاد الخاص الذي لم يشرعه الإسلام، ولم يقل به أحد من المسلمين حتى من تفلسف منهم وتأثرت مقالاته بالأفكار والمبادئ ذات النزعة التجسيمية أو التعطيلية. 
ولما كان التراث الفارسي في مجال العقيدة الدينية القديمة قبل ظهور الإسلام يقوم هو الآخر على فكر التناسخ، فإن العمل الباطني وجد المجال مهيئاً أمام العناصر التي اندست في المحيط الإسلامي، وكان أن تشكلت مقومات المذهب الإمامي بحيث يبدأ التناقض مع الإسلام بصدام يعتمد على المقولات العقدية ضد الخطاب العربي عند الأمة العربية باعتبارها منذ ظهور الإسلام العقل الصحيح والترجمان الصريح والأداة الراشدة للتعبير عن دين الإسلام؛ فمثلاً في ظل عقيدة الرجعة تعتقد الإمامية: أن أول عمل للغائب أن يبدأ بقتل العرب. 
فقد جاء في كتاب (الإرشاد) للشيخ المفيد  (1) ، و(أعلام الورى) للطبرسي  (2) ، وكتاب (الغيبة) للنعماني  (3) فيما نسبت وادعت روايات الإمامية إلى أبي جعفر أنه قال: (لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس، أما أنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يبدؤها إلا بالسيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس: هذا ليس من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم).
ويتوسع المفيد والطبرسي فيرويان من هذا المعتقد العدواني صورة أشد وأفظع في العدوان، إذ يرويان فيما تنسب روايات الإمامية عن جعفر معتقداً يقول: (وإذا قام القائم من آل محمد أقام خمسمائة من قريش تضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة تضرب أعناقهم، يفعل ذلك ست مرات).
وأما الطوسي  (4) في كتاب (الغيبة) فيروي عن جعفر: أنه إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين قريش إلا السجن، وأما الصافي صاحب التفسير العمدة عند الإمامية فيقول: (لو قام قائمنا رد بالحميراء - يعني أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - حتى يجلد الحد وينتقم لابنة محمد صلى الله عليه وسلم ).
والعجيب الغريب هو أن ما في اليهودية من معتقدات عنصرية أخذت بها الصهيونية المحدثة، فهو ما يطالع الباحث من سياق المقولات الإمامية معتقداً بعد الآخر، فالمهدي اليهودي الذي تحدثت عنه أسفار العهد القديم وشروحه من التلمود وغيره، بأنه يهدم قصور دمشق حجراً حجراً هو المهدي الرافضي الذي يقتل أمة العرب والمسلمين بدءاً بأصحاب محمد.
والإمام المعصوم في عصر السبي اليهودي، هو الإمام المعصوم في الفكر الإمامي الذي تتدافع عمليات عنفه وعدوانه ضد الأجيال المؤمنة عقب وثوب المذهب إلى السلطة مرتدياً الثوب الثوري ورافعاً الشعار الديني الباطني التحريفي. 
واللافت للنظر أن المطلع على كتاب (الأنوار النعمانية)  (5) 
 لواحد من أئمة الروافض سيقف أمام معتقد أسطوري يفسر تلك الظواهر العدوانية الشاذة التي يقول بها الروافض عبر التاريخ، وتعتمد على أصل خرافي أسطوري.
ولا بأس عندهم أن يعبروا عنها حتى في حرم الله في البيت الحرام بالعدوان المسلح، وممارسة العنف ضد المسالمين في بيت الله الحرام، أو برفع الشعارات التي لا تمت للنشاط الديني بصلة.
يروي صاحب (الأنوار النعمانية) هذه الأسطورة التي تدل على حجم التركيبات العقدية المتناقضة في فكر الإمامية، تقول هذه العقيدة المستندة إلى خرافة أسطورية: (إن بقاع الأرض تفاخرت، فافتخرت الكعبة على بقعة كربلاء فأوحى الله عز وجل إليها أن اسكني يا كعبة ولا تفخري على كربلاء فإنها البقعة المباركة التي قال الله فيها لموسى أني أنا الله، وهي موضع المسيح وأمه في وقت ولادته).
ومن مثل هذه المقولة تتشكل معظم جوانب الاعتقاد في القضايا الأساسية عند الإمامية في القديم والحديث. وعندما نقلب صفحات التاريخ المعاصر ما الذي يعثر عليه الباحث من جوانب الاعتقاد الإمامي الذي يشكل ملامح المدرسة الإمامية في العنف والإرهاب وممارسة العدوان ضد حرمات المسلمين، وخاصة منها ما يتعلق بقدسية الحرمين الشريفين وعدم الإلحاد فيهما.
إن ما تناقلته وكالات الأنباء وما صورته الكاميرات من اقتحام أنصار المذهب لبيت الله الحرام وقتل الأبرياء ذات يوم في تاريخ المسلمين المعاصر، لأكبر برهان عما تنطوي عليه عقائد المذهب ضد المسلمين.  

أثر اليهودية في المنهج الإمامي:


على ضوء نقول وتفاسير المصادر الإمامية ذات الجذر التاريخي في تناول عقائد القوم، تبرز من سمات النقل والوضع والدس علامة بارزة عند تناول النصوص، وهذه السمة هي (التأويل) وهي قاسم مشترك بين كل المصادر الإمامية, وهذا التأويل في تناول النصوص الدينية له جذر يهودي عندما اضطروا إليه لتمرير أخطاء العهد القديم امتد فيما بعد إلى معظم العقائد الباطنية، وكان في مقدمتهما: المنهج الإمامي في تناول النصوص الدينية. وأسبابه ودواعيه- كما يذكر الدكتور عبد الرحمن بدوي- عديدة، لكن من أهمها كما تقوم الشواهد على ذلك:
التحرر من قيد النص المقدس ابتغاء التوفيق بينه وبين الرأي الذي يذهب إليه صاحب التأويل. 
التحرر من قيد النص المقدس ابتغاء التوفيق بين ما يفهم من صريح اللفظ وبين ما يقتضيه العقل. 
الرغبة في تعميق صريح النص المقدس ابتغاء مزيد من العمق في الآراء التي يحتويها, ومن هذه الدواعي يتبين أن ما يلجئ إلى التأويل هو الاضطرار إلى الأخذ بنص يعد مقدساً أو مقيداً، ولولا هذا لما كان ثم أي داع إلى التأويل  (1) .
وهذه الدواعي تصدق على كل من قال بالتأويل بالباطن، سواء لدى اليهود أو المسيحيين أو غيرهم، أما حجة الباطنية فإنهم قالوا: لكل ظاهر باطن ولكل تنزيل تأويل  (2) ، فلظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري في الظواهر مجرى اللب من القشر، وأنها بصورها توهم عند الجهال الأغبياء صوراً جلية، وهي عند العقلاء والأذكياء رموز وإشارات إلى حقائق معينة وأن من تقاعد عقله عن الغوص على الخفايا والأسرار والبواطن والأغوار، وقنع بظواهرها مسارعاً إلى الاغترار بما كان تحت الأواصر والأغلال، وأرادوا بالأغلال التكليفات الشرعية، فإن من ارتقى إلى علم الباطن انحط عنه التكليف واستراح من أعبائه وهم المرادون بقوله تعالى وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ  [ الأعراف:157]
وربما موهوا بالاستشهاد عليه بقولهم: إن الجهال المنكرين للباطن هم الذين أريدوا بقوله تعالى: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ [ الحديد:13]  (3) .
ولقد عرف التأويل الرمزي أو الباطني لدى اليهود وانتقل إليهم من الفلسفة اليونانية. يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي: (انتقل التأويل الرمزي إلى اليهود على يد فيلون اليهودي  (4) في القرن الأول الميلادي الذي يعد من أكبر ممثلي النزعة إلى التأويل في العصر القديم وإن كان قد سبقه في اليهودية كثيرون أولوا الكتب المقدسة في العهد القديم تأويلاً رمزياً، وهو نفسه يشير إليها لكن فيلون ذرف عليهم بأن جعل من التأويل مذهباً قائماً برأسه ومنهجاً في الفهم)  (5) .
والذين قالوا بالتأويل قبل فيلون هم (يهود الإسكندرية، إذ كانوا يشرحون التوراة شرحاً رمزيا على غرار شرح الفيثاغوريين والأفلاطونيين والرواقيين لقصص الميثولوجيا وعبادات الأسرار)  (6) ، وكان هذا هو الطريق الوحيد أمامهم لجعلها مقبولة لدى اليونان، ويوجد في نسخة التوراة السبعينية آثار من هذا الاتجاه الرمزي الذي انتشر بين يهود الإسكندرية  (7) .
ولذلك فإن بعض اليهود كانوا لا يقرءون التوراة إلا في هذه الترجمة اليونانية  (8) ومن تأويلاتهم أنهم قالوا عن التوراة التي هي في جملتها تاريخ بني إسرائيل، وما أصابوا من نعم حين كانوا يرعون شريعة الله، وما عانوا من نقمة حين كانوا يعصونها: إنها تمثل قصة النفس مع الله، تدنو النفس من الله بقدر ابتعادها عن الشهوة فتصيب رضاه وتبتعد منه بقدر انصياعها للشهوة، فينزل بها سخطه.
وكانوا يؤولون الفصل الأول من "سفر التكوين" مثلا بأن الله خلق عقلاً خالصاً في عالم المثل هو الإنسان المعقول ثم صنع على مثال هذا العقل عقلا أقرب إلى الأرض (هو آدم) وأعطاه الحس (وهو حواء) معونة ضرورية له فطاوع العقل الحس وانقاد للذة الممثلة بالحية التي وسوست لحواء، فولدت النفس في ذاتها الكبرياء (وهو قابيل) وجمع الشرور وانتفى منها الخير (وهو هابيل) وماتت موتاً خلقياً.
وأولوا عبور البحر الأحمر بأنه رمز لخروج النفس من الحياة الحسية، وسبعة أغصان الشمعدان بأنها رمز للسيارات السبع، وأولوا الحجرين الكريمين اللذين يحملهما الكائن الأكبر بأنهما رمز للشمس والقمر أو لنصفي الكرة الأرضية، والآباء الذين يعود إليهم إبراهيم بأنهم رمز للكواكب  (9) .
وأولوا إبراهيم بأنه (التنور) و(العقل)، وزوجته سارة بأنها الفضيلة، والفصح بأنه إما تطهير الروح أو خلق العالم  (10) .
أما فيلون فقد اصطنع هذا الضرب من التأويل، غير أنه يقف به عند حد، وإن كان يتابع الفلاسفة أحياناً على خلاف قصد الشريعة  (11) ، وقد دفعه إلى اتخاذ هذا المذهب (التأويل الرمزي) الحملة التي قام بها المفكرون اليونانيون على ما في التوراة (العهد القديم) من قصص وأساطير ساذجة أو غير معقولة: مثل برج بابل، والحية التي أغرت حواء في الجنة وغيرها، فاضطر فيلون إلى الدفاع عن "التوراة" بتأويل هذه المواضيع الأسطورية وغير المعقولة الواردة في التوراة تأويلا بالباطن، ورأى أن التأويل بالباطن هو روح النص المقدس، وأن التفسير بالمعنى الحرفي هو مجرد جسم هذا النص المقدس للنص سيؤدي حتماً إلى الفكر والإحالة  (12) .
ويذكر أميل ابريهيه أن التأويلات التي ذكرها فيلون باعتبارها مأثورة تتناول تقريبا كل الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس، أي التوراة، وأنه بلا ريب مجرد حالة عرضية أن نجد الأكبر عدداً من هذه التآويل يتصل بحياة إبراهيم، ولكن توجد أخرى عن آدم والجنة, وعن يوسف وعن الخروج وعن المعجزات, وعن صلاة موسى وغير ذلك  (13) .
والغرض الأساسي عند فيلون من استعمال التأويل الرمزي ومحاولة تطبيقه على نصوص التوراة هو تحويل أشخاص قصص التوراة إلى رموز يعبر بها عن جوانب الخير والشر في النفس الإنسانية ونزعاتها المختلفة، فقصة بدء الخليقة تمثل عند فيلون رموزاً إيحائية تفسر حالات النفس الإنسانية تفسيراً داخلياً، كما أنها تمثل عنده تقلبات النفس البشرية بين حالات الخير والشر والرذيلة والفضيلة:
فآدم مثال للنفس العارية عن الفضيلة والرذيلة نراه يخرج من هذه الحالة بالإحساس المرموز له (حواء) التي تغريها اللذة والسرور المرموز لهما بالحية، وبهذا تلد النفس العجب المرموز له بـ(قابيل) مع كل ما يتبع ذلك من سوء، ومن ثم نجد الخير المرموز له بـ(هابيل) يخرج من النفس ويبتعد عنها، وأخيراً تفنى النفس الإنسانية في الحياة الأخلاقية ولكن تنمو بذور الخير التي في النفس بسبب الأمل والرجاء المرموز له بـ(أنيوس) والندم المرموز له بـ(إدريس)، ثم ينتهي الأمر بعد ذلك إلى العدالة المرموز له بـ(نوح)، ثم بالجزاء على ذلك وهو التطهير التام المرموز له بـ(الطوفان)  (14) . هذا نموذج لشرحه وتفسيره لأشخاص التوراة تفسيراً رمزيّاً، ومن خلال ذلك التأويل نستطيع أن ندرك كيف تحولت الشخصيات الدينية عنده إلى رموز لحالات نفسية معينة  (15) .
ويحتمل أيضاً أن يكون التأويل الرمزي قد انتقل أولاً إلى السبئية عن طريق عبد الله بن سبأ فهو يهودي بل من علماء اليهود، ولا يستبعد اطلاعه على حركة التأويل عند اليهود قبل فيلون وبعده. ويؤيد هذا الاحتمال ما قام به ابن سبأ من عرض لأفكار يهودية كالرجعة والوصية واستناده فيهما على التأويل، وجاء من بعده تلميذه ابن حرب ونقل عقيدة الأسباط من الفكر اليهودي وقام بتأويل آيات من القرآن تؤيد دعواه.
وبيان بن سمعان صاحب (البيانية) كان ذا أصل يهودي وقال هو الآخر بالتأويل، وخاصة عند تفسيره لقول الله تعالى: هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ [آل عمران:138] 
واتصل اليهود بالكيسانية اتصالاً وثيقاً، وكان التأويل من الأسس الهامة لدى الكيسانية، والمغيرة بن سعيد العجلي كان على صلة باليهود، وقد قال بالتأويل الذي يسب فيه الصحابة ويلعنهم، وهو ما يبغيه اليهود ويهدفون إليه، ثم ما فعله فيما بعد ...
وقد قال عن هذا المؤسس الحمادي: إنه جعل لكل آية في كتاب الله تفسيرا،ً ولكل حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تأويلاً وزخرف الأقوال وضرب الأمثال وجعل لآي القرآن شكلاً يوازيه ومثلاً يضاهيه)  (16) .
وقد استخدم عبد الله بن ميمون التأويل فأدخله إلى الباطنية وتوسع فيه، وكان أبوه ميمون من قبل قد وضع كتابا في التأويل الباطني وأخذ يؤول الآيات القرآنية بما يتفق مع عقيدته في إمامة إسماعيل وابنه محمد وأسبغ عليهما قداسة كبرى  (17) وأضاف ابن ميمون إلى ما فعله أبوه فتطورت العقيدة تطوراً ملحوظاً وأخذ هو يجمع ويلفق بين مختلف الآراء مستعيناً بالتأويل  (18) .  (19) 
تشابه الشيعة واليهود في تكفير غيرهم واستباحة دمائهم وأموالهم:


حيث يتشابه الشيعة واليهود في تكفير غيرهم واستباحة دمائهم وأموالهم فيعتقد اليهود أنهم هم المؤمنون فقط أما الأُمميون فهم عندهم كفرة وثنيون لا يعرفون الله تعالى.
فقد جاء في التلمود صفحة (100) ما نصه " كل الشعوب ماعدا اليهود وثنيون , وتعاليم الحاخامات مطابقة لذلك " انتهى.
وحتى المسيح عليه السلام عيسى بن مريم لم يسلم من تكفير اليهود فقد جاء في التلمود وصفهم المسيح عليه السلام بأنه كافر لا يعرف الله عياذاً بالله تعالى.
وجاء في موضع آخر من التلمود صفحة (99) ما نصه " إن المسيح كان ساحراً ووثنياً فينتج أن المسيحيين وثنيون أيضاً مثله " عياذاً بالله تعالى.
يعتقد اليهود أيضاً أن هؤلاء المخالفين سيدخلون النار وأنهم يكونون خالدين مخلدين فيها جاء في التلمود صفحة (67) ما نصه " النعيم مأوى أرواح اليهود ولا يدخل الجنة إلا اليهود أما الجحيم فمأوى الكفار من المسيحيين والمسلمين ولا نصيب لهم فيها سوى البكاء لما فيها من الظلام والعفونة " انتهى.
أما ما يتعلق بنظرة اليهود لغيرهم في هذه الحياة أقول: فيعتقد اليهود أنه ليس لغيرهم أي حرمة فحقوقهم جميعها مهدرة ودماءهم وأموالهم وأعراضهم مباحة لليهود بل إنه قد جاءت النصوص في أسفارهم المقدسة وفي كتاب (التلمود) على وجه الخصوص بالحث والترغيب على قتل كل من كان ليس يهودياً بل وأخذ أمواله بأي وسيلة كانت ومن النصوص الدالة على استباحة دمائهم غيرهم ما جاء في التلمود صفحة (146) بلفظ 
" حتى أفضل القويم يجب قتله.. "  انتهى. ويقول إلكوت سيموني وهو أحد علماء التلمود ما نصه: " كل من يسفك دم شخص غير تقي – يعني غير يهودي – عمله مقبول عند الله كمن يقدم قرباناً إليه " انتهى من كتاب (فضح التلمود) صفحة (146).
وجاء في التلمود أيضاً ما نصه: " قتل الصالح من غير اليهود ومحرم على اليهودي أن ينجي أحداً من الأجانب من الهلاك أو يخرجه من حفرة يقع فيها بل عليه أن يسدها بحجر " انتهى.
أما من يقتل واحدا من الأجانب عند اليهود فإنه يقدم أعظم فضيلة في دين اليهود يستحق أن يكافأ عليها بالخلود في الفردوس الأعلى حيث جاء في التلمود ما نصه: " إن من يقتل مسيحياً أو أجنبياً أو وثنياً يكافأ بالخلود في الفردوس " انتهى. 
هذا ما جاء في كتب اليهود قديمها وحديثها من النصوص التي تدل على استباحتهم دماء مخالفيهم بل واعتقادهم أن سفك دم غير اليهود من أهم الواجبات وأفضل القربات التي يستحق فاعلها أن يكافأ عليها بالخلود في جنة الفردوس.
أما استباحتهم أموال مخالفيهم فقد دلت عليه كذلك نصوص كثيرة من أسفارهم المقدسة ككتاب (التلمود) الذي جاء فيه ما نصه:" إن السرقة غير جائزة من الإنسان - أي من اليهودي - أما الخارجون عن دين اليهود فسرقتهم جائزة " انتهى.
وجاء في نص آخر ما نصه: " حياة غير اليهود ملك لليهودي فكيف بأمواله " انتهى.
وكذلك فإن التلمود يمنع اليهودي من رد ما يجده من أموال غير اليهودي إلى أصحابها ومن فعل ذلك فإنه يكون آثماً بفعله هذا حيث جاء عن أحد أحبار اليهود ما نصه: " إذا رد أحد إلى غريب ما أضاعه فالرب لا يغفر له أبداً " انتهى. ومعنى الغريب هو الذي من غير اليهود.
أما عن الربا فهو محرم عند اليهود فيما بينهم أما مع الأجنبي أي غير اليهودي فيجوز عندهم إقراضه بالربا وذلك لأنهم يرون أنه وسيلة من وسائل استرجاع أموال الأجانب التي هي في الأصل ملك لليهود كما زعموا, فقد جاء في التلمود صفحة (81) ما نصه:" غير مصرح لليهودي أن يقرض الأجنبي إلا بالربا " انتهى.
وكذلك فإن اليهود يستبيحون أعراض المخالفين لهم بل ليست لها عندهم أي حرمة فالزنا مباح عندهم بغير اليهودية ويعللون ذلك بتعليلات غريبة كما جاء في التلمود ما نصه " اليهودي لا يخطئ إذا اعتدى على عرض الأجنبية لأن كل عقد نكاح عند الأجانب فاسد لأن المرأة غير اليهودية تعتبر بهيمة والعقد لا يوجد بين البهائم " انتهى.
وجاء في نص آخر للتلمود ما نصه: " لليهودي الحق في اغتصاب النساء غير المؤمنات - أي غير اليهوديات - وإن الزنا بغير اليهود ذكوراً كانوا أم إناثاً لا عقاب عليه لأن الأجانب من نسل الحيوانات " انتهى.
وبعد أن تعرفنا على معتقد اليهود في تكفير غيرهم واستباحة دمائهم وأموالهم ننتقل الآن إلى الشيعة الإمامية الاثني عشرية وننظر هل يوافقون أسيادهم من اليهود في تكفير غيرهم واستباحة دمائهم وأموالهم.. أقول: إن الشيعة يعتقدون أنهم هم المؤمنون فقط, وأن ما عداهم من المسلمين كفار مرتدون ليس لهم في الإسلام نصيب , أما سبب تكفير الشيعة للمسلمين فلأنهم لم يأتوا بالولاية التي يعتقد الشيعة أنها ركن من أركان الإسلام فكل من لم يأت بالولاية عند الشيعة فهو كافر كالذي لم يأت بالشهادتين أو ترك الصلاة, بل الولاية مقدمة عندهم على سائر أركان الإسلام ويقصدون بالولاية.. ولاية علي بن أبي طالب  رضي الله عنه والأئمة من بعده ولما كانت جميع الفرق الإسلامية لا توافق الشيعة على هذه العقيدة الفاسدة.. حكم الشيعة بكفر جميع هذه الفرق وأخرجوهم من الإسلام واستباحوا دماءهم وأموالهم وعلى رأسهم بالطبع أهل السنة والجماعة, والذين تسميهم الشيعة تارة بالنواصب, وتارة بالعامة, وتارة بالسواد, وتارة بالوهابية.
 وقد دل على تكفير الشيعة لغيرهم من المسلمين روايات كثيرة قد جاءت في أهم الكتب عندهم وأوثقها.
فقد روى البرقي عن أبي عبدالله عليه السلام - إذا ذكرنا اسم أبي عبدالله فهم يقصدون بذلك جعفر الصادق  رضي الله عنه - أنه قال: " ما أحد على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس منها براء " انتهى من كتاب (المحاسن) صفحة (147). 
وكذلك روى الكليني في الروضة من (الكافي) المجلد الثامن صفحة (145) ما نصه عن علي بن الحسين أنه قال: " ليس على فطرة الإسلام غيرنا – يعني أهل البيت – وغير شيعتنا وسائر الناس من ذلك براء " انتهى من كتاب (الكافي).
وهكذا يكفر الشيعة المسلمين ويقصرون الإسلام على أنفسهم ويكذبون في ذلك على أهل البيت رضوان الله عليهم بما هم منه بريئون.
ثم إن الشيعة لما كفروا المسلمين عاملوهم معاملة الكفار والمشركين فهم لا يأكلون ذبائح المسلمين لاعتقاد أنهم مشركون حيث جاء في تفسير العياشي عن حمران قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول في ذبيحة الناصب, والناصب هنا يعني السني, يقول في ذبيحة الناصب واليهودي يعني يقول سمعت أن عبدالله عليه السلام يقول في ذبيحة الناصبي واليهودي قال: " لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله " انتهى من (تفسير العياشي) المجلد الأول صفحة (375).
وكذلك فإن الشيعة لا يجيزون مناكحة أهل السنة ففي كتاب (الكافي) للكليني عن الفضيل ابن يسار قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن نكاح الناصب يعني السني؟ " قال: لا والله ما يحل " انتهى من كتاب (الكافي) المجلد الخامس صفحة (350).
وجاء في كتاب (الاستبصار) للطوسي المجلد الثالث صفحة (184) عن فضيل ابن يسار عن أبي جعفر قال ذكر الناصب - يعني السني – فقال: " لا تناكحهم ولا تأكل ذبيحتهم ولا تسكن معهم " انتهى من كتاب (الاستبصار) للطوسي.
بل ويصرح الخميني بتحريم نكاح أهل السنة في كتابه (تحرير الوسيلة) فيقول: " لا يجوز للمؤمنة أن تنكح الناصب -يعني السني- المعلن بعداوة أهل البيت عليه السلام "....... إلى أن قال: " وكذا لا يجوز للمؤمن أن ينكح الناصبية " يعني المرأة السنية. " وكذا لا يجوز للمؤمن – أي الشيعي – أي ينكح الناصبية والغالبة لأنهما بحكم الكفار وإن انتحلا دين الاسلام ".انتهى من كتاب (تحرير الوسيلة) المجلد الثاني صفحة (260).
أما الصلاة فإن الشيعة لا يُجيزون الصلاة خلف أهل السنة ويرون الصلاة خلفهم باطلة إلا إذا كانت للمداراة والتقية. ففي كتاب (المحاسن النفسانية) عن الفضيل ابن يسار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن مناكحة الناصب والصلاة خلفه؟ فقال: " لا تناكحه.. ولا تصلي خلفه " انتهى من كتاب (المحاسن) صفحة (161).
ويؤيد هذا ما ذكره نعمة الله الجزائري في كتابه (الأنوار النعمانية) المجلد الثاني صفحة (306) حيث قال ما نصه: " وأما الناصبي -يعني السني- وأما الناصبي وأحواله وأحكامه فهو مما يتم ببيان أمرين 
الأول: في بيان معنى الناصب الذي ورد في الأخبار أنه نجس وأنه شر من اليهودي والنصراني والمجوسي وأنه كافر نجس بإجماع علماء الإمامية رضوان الله عليهم " انتهى كلامه من كتاب (الأنوار النعمانية).
 وجاء أيضاً إطلاقهم لفظ الناصبي على إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى حيث يصف النباطي وهو من علماء الشيعة المشهورين في القرن التاسع ويصف الإمام أحمد بقوله: " هو من أولاد ذي الثدية جاهل شديد النصب " وذي الثدية.. هو رئيس الخوارج في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
فيقول هذا النباطي: أن الإمام أحمد من أولاد ذي الثدية جاهل شديد النصب انتهى من كتاب (الصراط المستقيم) إلى مستحق التقديم المجلد الثالث صفحة (223).
أما موقف الشيعة من دماء المسلمين وأموالهم.. فهم يستبيحون دماء المسلمين وأموالهم وبخاصة أهل السنة والجماعة بل قد جاءت روايات من كتبهم بالحث على قتل أهل السنة وأخذ أموالهم أينما وجدت فقد روى إمامهم المجلسي في كتابه (بحار الأنوار) بسنده عن ابن فرقد قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام.. ما تقول في قتل الناصبي؟ قال: " حلال الدم أتقي عليك " أي أخاف عليك " فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكي لا يشهد به عليك فافعل " قلت فما ترى في ماله؟ قال: " توه ما قدرت عليه " انتهى من كتاب ((بحار الأنوار)) للمجلسي. 
فدلت هذه الرواية على استباحتهم دماء أهل السنة وأموالهم تماماً مثل أسيادهم اليهود. وشيعة اليوم هم على هذه العقيدة حيث يقول إمامهم المعاصر وحجتهم العظمى آية الله الخميني عند حديثه عن الخمس في كتابه (تحرير الوسيلة) ما نصه: " و الأقوى إلحاق الناصبي – يعني السني –  بأهل الحرب في إباحة ما غنمتم منهم وتعلق الخمس به بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأي نحو كان و وجوب إخراج خمسه " انتهى من كتاب (تحرير الوسيلة) المجلد الأول صفحة (318).
 فهذا هو الخميني يفتي أتباعه الشيعة بإباحة أموال أهل السنة وأخذها أينما وجدت وبأي وسيلة ولم يرد عليه في قوله هذا عالم واحد من علمائهم المعاصرين مما يدل على إجماعهم على تلك الفتوى التي ذكر فيها الخميني موقفه من أهل السنة بكل صراحة.
كذلك فإن علماء الشيعة يجوزون أخذ الربا من مخالفيهم وهم يوافقون بذلك أسيادهم اليهود حيث جاء في كتاب (الكافي) , وكتاب (من لا يحضره الفقيه) , وكتاب (الاستبصار) ما نسبوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً أنه قال " ليس بيننا وبين أهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم ونأخذ منهم ولا نعطيهم " انتهى. كما جاء في كتاب من لا يحضره الفقيه عن الصادق ما نصه " ليس بين المسلم وبين الذمي ربا.. ولا بين المرأة وبين زوجها ربا " انتهى كلامه من كتاب (من لا يحضره الفقيه) ,, المجلد الثالث صفحة (180). 
أما ما يتعلق بنظرة الشيعة لأهل السنة في الحياة الآخرة فإن الشيعة يعتقدون أن أهل السنة وكل من خالفهم من طوائف المسلمين أنهم خالدون مخلدون في النار وأنهم مهما تعبدوا واجتهدوا فإن ذلك لا ينجيهم من عذاب الله يوم القيامة فقد روى الصدوق في (عقاب الأعمال) عن الصادق أنه قال: " إن الناصب لنا أهل البيت لا يبالي صام أم صلى زنا أم سرق إنه في النار , إنه في النار " انتهى من كتاب (ثواب الأعمال وعقاب الأعمال) صفحة (215) , وأورد هذه الرواية أيضاً المجلسي في كتابه ((بحار الأنوار)) المجلد السابع والعشرين صفحة (235).
وكذلك عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبدالله عليه السلام " كل ناصب – يعني سني – وإن تعبد واجتهد يصير إلى هذه الآية: عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية:3-4] " انتهى من كتاب (ثواب الأعمال وعقاب الأعمال) للصدوق صفحة (247). 
وجاء في كتاب (المحاسن) صفحة (184) عن علي الخدمي قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: " إن الجار يشفع لجاره والحميم لحميمه ولو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين شفعوا في ناصب – أي سني – ما شفعوا " انتهى.
و الآن نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في تكفير غيرهم واستباحة دمائهم وأموالهم في النقاط التالية:
أولاً: يكفر اليهود كل من عداهم ويعتقدون أنهم وثنيون وليسوا على دين صحيح كما جاء في التلمود: " كل الشعوب ماعدا اليهود وثنيون وتعاليم الحاخامات مطابقة لذلك ".
وكذلك تكفر الشيعة كل من عداهم ويزعمون أنه ليس على ملة الإسلام أحد غيرهم حيث أنهم رووا عدة روايات عن أئمتهم تقول: " ما أحد على فطرة الإسلام غيرنا وغير شيعتنا وسائر الناس من ذلك براء ". 
ثانياً: يزعم اليهود أن كل الناس ما عداهم سيدخلون النار ويكونون خالدين مخلدين فيها كما جاء في التلمود أن: ( النعيم مأوى أرواح اليهود ولا يدخل الجنة إلا اليهود, أما الجحيم فمأوى الكفار من المسيحيين والمسلمين ولا نصيب لهم فيها سوى البكاء لما فيها من الظلام والعفونة) , وكذلك تعتقد الشيعة أن كل الناس ما عداهم وأئمتهم سيدخلون النار كما رووا عن أئمتهم أنهم قالوا: ( صرنا ونحن وهم - أي الشيعة - وسائر الناس همج للنار وإلى النار ).
ثالثاً: يقوم دين اليهودية ودين الشيعة على التعصب والعنصرية فكل من اليهود والشيعة يقطعون لطوائف معينة بأنهم خالدون في النار.. فكما يقطع اليهود للمسلمين والمسيحيين بأنهم خالدون في النار تقطع الشيعة للنواصب - أي أهل السنة- بأنهم خالدون في النار كما رووا عن أئمتهم أنهم قالوا " كل ناصب وإن تعبد واجتهد يصير إلى هذه الآية: عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً [الغاشية:3-4].
رابعاً: يقطع كل من اليهود والشيعة للمسلمين بأنهم سيدخلون النار وذلك بجامع حقد كل من اليهود والشيعة عليهم.
خامساً: يستبيح اليهود دماء مخالفيهم كما جاء في التلمود ما نصه: " حتى أفضل القويم يجب قتله " وتستبيح كذلك الشيعة دماء مخالفيهم كما جاء في كتبهم أن أبا عبدالله سئل عن قتل الناصب -أي السني- فقال: (حلال الدم والمال ).
سادساً: يستعمل اليهود الغدر والاحتيال لقتل مخالفيهم كما جاء في التلمود ما نصه: " محرم على اليهودي أن ينجي أحداً من الأجانب من هلاك أو يخرجه من حفرة يقع فيها بل عليه أن يسدها بحجر " ,  وكذلك الشيعة يستعملون الطرق نفسها للتخلص من مخالفيهم كما رووا عن أبي عبدالله أنه سئل عن قتل الناصبي -يعني السني- فقال: " حلال الدم والمال أتقي عليك فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكي لا يشهد به عليك فافعل ".
سابعاً: يستبيح اليهود أموال مخالفيهم ويأمرون أتباعهم بأخذها بأي وسيلة كما جاء في التلمود ما نصه: " إن الله سلط اليهود على أموال باقي الأمم ودماءهم " , وكذلك الشيعة يستبيحون أموال المسلمين ويحثون أتباعهم على أخذها أينما وجدت وبأي طريقة كانت كما رووا عن الصادق أنه قال: " خذ مال الناصبي حيث وجدت وابعث بالخمس " وكما يقول الخميني: ( والظاهر جواز أخذ ماله - أي الناصب – أين وجد وبأي نحو كان ).
ثامناً: يحرم اليهود التعامل بالربا فيما بينهم و يجيزون لأنفسهم أخذ الربا من غيرهم كما جاء في سفر التثنية ما نصه: " للأجنبي تقرض بربا لكن لأخيك لا تقرض بربا " انتهى. 
وكذلك الشيعة يحرمون التعامل بالربا فيما بينهم ويجيزون أخذ الربا من أهل الذمة وأهل السنة كما جاء في كتبهم ما نصه: " ليس بين الشيعي والذمي ولا بين الشيعي والناصبي ربا " انتهى.
تاسعاً: محرم في التشريع اليهودي زواج اليهودي بغير اليهودية ومن فعله كان آثماً مخالفاً للتعاليم اليهودية كما جاء في سفر الخروج , وكذلك الشيعة يحرمون الزواج من غيرهم وخاصة من أهل السنة و يرون أن من فعل ذلك فقد انتهك محارم الله حيث تروي الشيعة في مراجعهم عن أبي جعفر أنه سئل عن مناكحة الناصبي والصلاة خلفه فقال: " لا تناكحه ولا تصلي خلفه " انتهى.
هذه هي بعض النقاط التي يتفق فيها الشيعة واليهود في عقيدة تكفيرهم لغيرهم واستباحة دمائهم وأموالهم ويلاحظ ذلك التشابه الكبير بينهما حتى في النصوص والروايات الأمر الذي يجعلنا نؤكد أن أصل هذه العقيدة انتقلت إلى الشيعة من أسفار اليهود ومن كتاب (التلمود) ثم حُورت في روايات مكذوبة على ألسنة آل البيت رضوان الله عليهم مع تغيرات طفيفة في بعض العبارات وذلك ليتناسب مع وضع الشيعة.  (1) f
 تشابه الشيعة واليهود في تحريف كتب الله تعالى:

ونبدأ باليهود فإن كتاب اليهود المقدس يتكون من تسعة وثلاثين سفراً الخمسة الأولى منها ينسبونها إلى موسى عليه السلام ويدعون أنها هي التوراة المنزلة على موسى عليه السلام وأنه كتبها بيده وباقي أسفار العهد القديم يزعمون أنها كتبت على يدي أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام , ولكن الحق والصواب أن الله سبحانه وتعالى أعطى التوراة لموسى مكتوبةً في الألواح , وأن فيها موعظة لبني إسرائيل وتفصيلاً لكل شيء  وأن الله تعالى أمر نبيه موسى أن يأخذ بما فيها من الأحكام ويلتزم بها وأن يأمر قومه أن يأخذوا بأحسنها وقد أخبر الله أيضاً في آيةٍ أخرى أن اليهود أنفسهم كتبوا التوراة ولكنهم أخفوا كثيراً منها قال تعالى:  قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ[الأنعام:91] بل إن اليهود قد نقضوا الميثاق الذي أخذه الله عليهم بحفظها ونسوا شيئاً منها وهذا إهمال منهم للكتاب الذي استأمنهم الله عليه قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ المائدة:13].
 وبهذا يتضح من خلال هذه الآية أن التوراة الصحيحة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام فُقدت بسبب تحريفهم لجزء منها ونسيانهم جزءً آخر, ولذا فقد طلب الله عز وجل في القرآن الكريم من الذين زعموا صحة التوراة كاملة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتوا بها كاملة ولكنهم لم يأتوا بها لأن التوراة التي بأيديهم غير تلك التي نزل بها الوحي قال الله تعالى قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ  [آل عمران:93] فهذه الآية الكريمة قطعت بعدم صحة التوراة كاملة ولو كانت توجد عند اليهود ولو نسخةً واحدة لأتوا بها ولكن الله علم أنه لا توجد عندهم نسخة للتوراة صحيحة وإلا لما تحداهم بذلك.
 ولقد ذمهم الله سبحانه وتعالى - أي ذم اليهود - على تضييعهم للتوراة, وشبههم بالحمير لاتفاق الحمير واليهود في حمل الكتب وعدم الاستفادة منها قال تعالى مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [ الجمعة:5]وأما المدقق في نصوص التوراة يعلم علم اليقين أن كاتبها غير موسى عليه السلام وإن من يستعرض الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم وهي الأسفار التي ينسبونها إلى موسى عليه السلام ويزعمون أن موسى عليه السلام كتبها بيده يعلم علماً لا يشوبه أدنى شك أن هذه الأسفار ليست من كتابة موسى عليه السلام ولا يمكن أن يكون قد كتبها بيده , بل الذي تدل عليه النصوص أن هذه الأسفار قد كُتبت بعد عصر موسى عليه السلام بفترة ليست قصيرة , وقد ذكر المحققون قديماً وحديثاً أمثلةً كثيرة تؤكد من خلالها استحالة نسبة هذه الأسفار كاملة إلى موسى عليه السلام.
ونحاول أن نضرب بعض الأمثلة على ذلك:
المثال الأول: ورد في سفر التثنية الإصحاح الرابع والثلاثين خبر موت موسى ودفنه في أرض مؤاب حيث تقول الرواية في التوراة ما نصه " فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب حسب قول الرب ودفنه في الجواء في أرض مؤاب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم وكان موسى ابن مئةٍ وعشرين سنة حين مات " انتهى من سفر التثنية. 
فأي عاقلٍ يمكن أن يصدق أن موسى عليه السلام قد كتب خبر موته ودفنه وبكاء بني إسرائيل عليه في التوراة , ومن تأمل هذا النص خرج بأمرٍ مهم وهو عبارة: ولم يعرف قبره إلى هذا اليوم التي جاءت في سفر التثنية تدل دلالة قاطعة على أن هذه الجملة قد كُتبت بعد موسى عليه السلام بفترةٍ طويلةٍ جداً , وأدى طول هذه الفترة إلى استحالة معرفة قبر موسى عليه السلام وهذا لا يحدث عادةً إلا بانقراض أجيالٍ عديدة من أبناء اليهود بين موت موسى عليه السلام وتأليف هذا السفر.
 أما المثال الثاني: فقد ورد في سفر الخروج ما نصه: " فقال الرب لموسى انظر أنا جعلتك إلهاً لفرعون وهارون أخوك يكون نبيك " انتهى. 
إن ورود هذا النص في التوراة عند اليهود لدليل قاطع على وقوع التحريف فيها إذ كيف يعقل أن يقول الله لموسى جعلتك إلهاً وما أُرسل موسى وسائر الأنبياء إلا بالدعوة إلى التوحيد وإفراد الله بربوبيته وألوهيته سبحانه وتعالى.
 وكذلك يعترف أحبار اليهود وعلماؤهم بوقوع التحريف في التوراة من بعد موسى عليه السلام فيقول السامويل بن يحيى بعدما أسلم وقد كان من كبار أحبارهم ما لفظه: " علماؤهم وأحبارهم -أي اليهود- يعلمون أن هذه التوراة التي بأيديهم لا يعتقد أحد من علمائهم وأحبارهم أنها المنزلة على موسى ألبته, لأن موسى صان التوراة عن بني إسرائيل ولم يبثها فيهم وإنما سلمها إلى عشيرته أولاد ليوي ولم يبذل موسى من التوراة لبني إسرائيل إلا نصف سورة يقال لها: هائينزو وهؤلاء الأئمة الهارونيون الذين كانوا يعرفون التوراة ويحفظون أكثرها قتلهم بختنصر على دم واحد يوم فتح بيت المقدس ولم يكن حفظ التوراة فرضاً ولا سنة بل كان كل واحدٍ من الهارونيين يحفظ فصلاً من التوراة " انتهى كلام الإمام السامويل بن يحيى من كتاب (إفحام اليهود) صفحة (135).
إذاً وبعد أن عرفنا أن كاتب التوراة المحرفة ليس موسى عليه السلام، يرد علينا سؤال مهم جداً وهو من الذي كتب هذه التوراة المحرفة فنقول وبالله التوفيق والسداد، بالرجوع إلى ما كتبه العلماء والمحققون عن هذا الموضوع نجد أنهم يؤكدون: أن كاتب التوراة بعد التحريف هو عزراء الوراق وأن كتابته للتوراة كانت بعد غزو بختنصر ملك بابل لأورشليم وتحطيم الهيكل وقتله عدداً كبيراً من اليهود يقول ابن حزم في كتابه (الفِصل) ما نصه: " إن عزراء الوراق هو الذي أملى على اليهود التوراة من حفظه وكان إملاء عزراء للتوراة بعد أزيد من سبعين سنة من خراب بيت المقدس " انتهى.
ويؤكد ذلك الإمام السامويل بن يحيى المغربي فيقول ما لفظه: " فلما رأى عزراء أن القوم قد أُحرق هيكلهم وزالت دولتهم وتفرق جمعهم ورُفع كتابهم جمع من محفوظاته ومن الفصول التي يحفظها الكهنة ما لفق منه هذه التوراة التي بأيديهم الآن ولذلك بالغوا في تعظيم عزراء - أي اليهود- هذا غاية المبالغة وزعموا أن النور إلى الآن يظهر على قبره الذي عند بطائح العراق لأنه عمل لهم كتاباً يحفظ دينهم فهذه التوراة التي بأيديهم على الحقيقة كتاب عزراء وليس كتاب الله " انتهى من كتاب (إفحام اليهود) صفحة (139).
والآن ننتقل إلى الشيعة وإلى تحريفهم للقرآن الكريم فتعتقد الشيعة في القرآن الكريم أنه محرف ومبدل وأنه زيد فيه ونقص منه آيات كثيرة وأن الناقص منه يعادل ضعفي القرآن الموجود الآن بين أيدي المسلمين بل ويعتقدون أن الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة أبو بكر, وعمر, وعثمان رضي الله عنهم هم الذين حرفوا القرآن وأسقطوا منه هذا الجزء الكبير, ويرون أن الذي أُسقِط من القرآن يدور حول موضوعين رئيسيين:
 الأول: فضائل آل البيت وبالأخص علي بن أبي طالب  رضي الله عنه والنص على إمامته في القرآن.
 والأمر الثاني: فضائح المهاجرين والأنصار الذين تعدهم الشيعة منافقين لم يدخلوا في الإسلام إلا للكيد له , هذه هي عقيدة الشيعة في القرآن الكريم كما صرح بها كبار علمائهم في أشهر كتب التفسير والحديث عندهم.
 ولكن بعض علماء الشيعة المعاصرين ينكرون هذه العقيدة وإنكارهم لهذه العقيدة لم يكن نابعاً عن اقتناعٍ بفسادها ورجوعٍ منهم إلى الحق بل الذي دلت عليه فلتات ألسنتهم وزلات أقلامهم أنهم على عقيدة سلفهم الخبيثة لم يحيدوا عنها قدر أُنملة, لكن لما رأوا إنكار المسلمين لهذه العقيدة واستهجانها خافوا من النتائج التي قد تلحقهم في حالة ما لو صرحوا بهذه العقيدة فلجأوا إلى ستار النفاق والمكر والخديعة والتي يطلق عليها في قاموس الشيعة الاثني عشرية باسم التقية.
وكذلك فإن كبار علماء الشيعة الذين جاءوا في الفترة التي امتدت من القرن الأول إلى نهاية القرن الثالث عشر الهجري , جميعهم مجمعون على أن القرآن الكريم قد حدث فيه تحريف وتغيير وتبديل , إلا أربعةً منهم لم يصرحوا بهذه العقيدة وما عدا هؤلاء الأربعة فجميع مفسريهم ومحدثيهم يصرحون بتحريف القرآن الكريم وأحاول أن أُورد أسماء كبار علماء الشيعة الذين صرحوا في مؤلفاتهم المعتمدة بتحريف القرآن الكريم في تلك الفترة وما يُثبت قولهم في تحريف القرآن كما أنني سأراعي بإذن الله تعالى في ذكرهم الترتيب الزمني لتاريخ وفياتهم.
وأول علمائهم هو سليم بن قيس الهلالي المتوفى عام (90) للهجرة حيث يروي سليم بن قيس في كتابه المعروف بكتاب (سليم بن قيس) عدة أخبار مفادها التحريف وفيها خبر طويل يرويه بسنده إلى علي بن أبي طالب  رضي الله عنه يقول فيه: " إن الأحزاب - يعني سورة الأحزاب- تعدل سورة البقرة والنور - يعني سور النور -ستون و مائة آية, والحجرات ستون آية, والحجر تسعون و مائة آية فما هذا " انتهى كلامه من كتاب (سليم بن قيس) صفحة (122). 
ومعنى كلام إمامهم سليم بن قيس هو: أن سورة الأحزاب التي عدد آياتها ثلاث وسبعون آية هي في الأصل وقبل التحريف تعادل سورة البقرة والتي عدد آياتها مئتان وست وثمانون آية , أما سورة النور فعند سليم بن قيس مائة وستون آية , بينما الموجود بين دفتي المصحف أربع وستون آية , أما سورة الحجرات فستون آية عند إمامهم سليم بن قيس وبين دفتي المصحف ثمانية عشر آية , وأما سورة الحجر فعند سليم بن قيس شيخ الشيعة الإمامية مائة وتسعون آية و الموجود في قرآن المسلمين هو تسع وتسعون آية , وبهذا يعتقد علماء الشيعة الإمامية وعلى رأسهم شيخهم سليم بن قيس: أن القرآن قد حذف فيه الكثير والكثير من الآيات التي تتكلم في فضائل آل البيت وفضائل علي بن أبي طالب  رضي الله عنه على وجه الخصوص.
ثاني علمائهم هو: محمد بن حسن الصفار المتوفى سنة (290) للهجرة , حيث روى في كتابه المشهور (بصائر الدرجات) عن أبي جعفر الصادق أنه قال: " ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلا كذاب وما جمعه وما حفظه كما أُنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده " من كتاب (بصائر الدرجات) للصفار صفحة (213).
وفي رواية أخرى عنه قال: " ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء " انتهى. ويقصد هنا بالأوصياء الأئمة الاثني عشر. 
ننتقل إلى إمامهم الثالث وهو: علي بن إبراهيم القمي المتوفى سنة (307) للهجرة, فقد ذكر في مقدمة تفسيره المجلد الأول الصفحة الثامنة ما نصه: " فالقرآن منه ناسخ ومنسوخ ومنه محكم ومنه متشابه ومنه عام ومنه خاص ومنه تقديم ومنه تأخير ومنه مقطع ومنه معطوف ومنه حرف مكان حرف ومنه على خلاف ما أنزل الله " انتهى من مقدمة تفسيره , كما ذكر ظلماً وبهتاناً أمثلة على ما ذكر من القرآن الكريم وأخذ يغير ويبدل ويقدم ويؤخر في كتاب الله مضاهياً بذلك أساتذته من اليهود في تحريف الكلم عن مواضعه عياذاً بالله تعالى.
رابعاً: إمامهم محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة (328) للهجرة, فبعد القمي جاء تلميذه الذي يعد محدث الشيعة الأكبر وهو محمد بن يعقوب الكليني والذي وضع لهم كتاب (الكافي) الذي هو عندهم -أي عند الشيعة- بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة, فماذا يقول إمامهم الكليني في كتابه (الكافي). يروي الكليني عن علي بن محمد عن بعض أصحابه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: " دفع إلي أبو الحسن عليه السلام مصحفاً وقال لا تنظر فيه ففتحته وقرأت فيه لم يكن الذين كفروا - يعني سورة البينة - فوجدت فيه اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم قال: فبعث إلي ابعث إلي بالمصحف " انتهى من (أصول الكافي) المجلد الثاني صفحة (631).
ويروي الكليني أيضاً عن أبي عبدالله قال: " إن القرآن الذي جاء به جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية " انتهى. فيلزم من هذا أن يكون ثلثا القرآن قد فقد , وليس هذا فقط بل يروي إمامهم الكليني أن عندهم قرآناً آخر يعدل القرآن الموجود عند المسلمين بثلاث مرات ولا يوجد فيه حرف واحد مما يوجد في القرآن الكريم. جاء في كتاب (الحجة من الكافي) عن أبي بصير عن أبي عبدالله أنه قال: " وإن عندنا لمصحف فاطمة وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام قال: قلت وما مصحف فاطمة عليها السلام قال مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد " انتهى.
خامساً: إمامهم محمد بن مسعود بن عياش المعروف بالعياشي فمِن مَن قال بتحريف القرآن من علماء الشيعة المشهورين إمامهم العياشي صاحب (تفسير العياشي) الذي يعد من أهم التفاسير وأقدمها عند الشيعة فقد روى العياشي في مقدمته لهذا التفسير المجلد الأول صفحة (13) ما نصه: " عن أبي عبدالله قال: " لو قُرئ القرآن كما أُنزل لألفيتنا فيه مسمين " انتهى. يعني لو لم يحرف هذا القرآن لقرأت أسماء الأئمة من آل البيت ولكن الصحابة هم الذين حرفوا وحذفوا هذه الأسماء كما تعتقد الشيعة وعلى رأسهم إمامهم العياشي.
 وجاء أيضاً في هذا التفسير عن أبي جعفر أنه قال: " إن القرآن قد طُرح منه آيٌ كثير ولم يزد فيه إلا حرف أخطأت به الكتبة وتوهمها الرجال " انتهى من تفسير العياشي المجلد الأول صفحة (180). 
سادساً: إمامهم المفيد المتوفى سنة (413) للهجرة, الذي يُعد من مؤسسي المعتقد الشيعي حيث نقل إجماعهم على التحريف ومخالفتهم لسائر الفرق الإسلامية في هذه العقيدة قال شيخهم المفيد في كتابه (أوائل المقالات) صفحة (48) ما نصه: " واتفقوا - أي الشيعة - أن أئمة الضلال - يعني الصحابة رضوان الله عليهم - خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأجمعت المعتزلة و الخوارج والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ماعددناه " انتهى كلامه من كتاب (أوائل المقالات).
سابعاً: إمامهم أبو منصور الطبرسي المتوفى سنة (620) للهجرة, فقد روى الطبرسي في كتابه (الاحتجاج) صفحة (156) عن أبي ذر الغفاري  رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم - يعني فضائح الصحابة - فوثب عمر و قال: يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه, فأخذه عليه السلام وانصرف, ثم أحضروا زيد بن ثابت وكان قارئا للقرآن فقال له عمر: إن علياً جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار وقد رأينا أن تؤلف القرآن وتسقط منه ما كان فضيحة وهتكاً للمهاجرين والأنصار فأجابه زيد إلى ذلك " انتهى من كتاب (الاحتجاج) للطبرسي.
 بل ويزعم الطبرسي أن الله تعالى عندما ذكر قصص الجرائم في القرآن صرح بأسماء مرتكبيها لكن الصحابة حذفوا هذه الأسماء فبقيت هذه القصص بدون تصريح, يقول الطبرسي في كتابه (الاحتجاج) صفحة (249) ما نصه: " إن الكناية عن أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى وإنها من فعل المغيرين والمبدلين - يعني الصحابة رضوان الله عليهم -الذين جعلوا القرآن عضين واعتاضوا الدنيا من الدين " انتهى كلامه من كتاب (الاحتجاج).
 فهذه عقيدة إمامهم الطبرسي, في القرآن الكريم وما أظهره لا يعد شيئاً مما أخفاه في نفسه وذلك تمسكاً بمبدأ النفاق و الخداع الذي يسمونه التقية حيث يقول في كتابه السابق - أي الطبرسي - ما نصه: " ولو شرحت لك كل ما أُسقط وحُرف وبُدل مما يجري هذا المجرى لطال وظهر ما تحضر التقية إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء " انتهى كلامه من كتاب (الاحتجاج) صفحة 254.
ثامناً: إمامهم الفيض الكاشاني المتوفى سنة (1091) للهجرة, ويعد من كبار علمائهم ومفسريهم , وهو صاحب (تفسير الصافي) الذي مهد لكتابه هذا باثنتي عشرة مقدمة خصص المقدمة السادسة لإثبات تحريف القرآن وعنون لهذه المقدمة بقوله: المقدمة السادسة ( في نُبذٍ مما جاء في جمع القرآن وتحريفه وزيادته ونقصه وتأويل ذلك ) , وبعد أن ذكر الروايات التي استدل بها على تحريف القرآن والتي نقلها من أوثق المصادر المعتمدة عندهم خرج بالنتيجة التالية حيث قال ما نصه: " والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أُنزل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ومنه ما هو مغير محرف وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي عليه السلام في كثير من المواضع, ومنها لفظة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) غير مرة, ومنها أسماء المنافقين في مواضعها, ومنها غير ذلك, وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله وعند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) انتهى كلامه من تفسير الصافي المجلد الأول صفحة (44).
 و قال حينما تكلم عن تصريحه: أن هناك من الآيات ما حذفت. أقول: هذا الذي سوف أبينه بإذن الله تعالى في محاضرة مستقلة بعنوان: الشيعة والقرآن الكريم و أبين أنواع الحذف الذي تعتقد به الشيعة الاثنا عشرية حيث إنهم يعتقدون إن الحذف في القرآن ينقسم إلى ثلاثة أقسام , القسم الأول: حذف في السور أي أن هناك الكثير من السور قد حذفت. والقسم الثاني أو النوع الثاني من الحذف: حذف في بعض الآيات والقسم الثالث أو النوع الثالث الذي تعتقد به الشيعة الامامية هو: حذف في بعض الكلمات كإسقاط بعض أسماء الأئمة والأولياء.
التاسع: هو إمامهم محمد باقر المجلسي المتوفى سنة(1111) للهجرة, والذي يلقب عندهم بشيخ الإسلام فقد جمع في موسوعته المسماة (بحار الأنوار) مئات الروايات الدالة صراحة على تحريف القرآن، ومنها ما روي عن أبي عبدالله أنه قال: " والله ما كَنَ الله في كتابه حتى قال يا ويلتى لم أتخذ فلاناً خليلاً وإنما هي في مصحف علي عليه السلام يا ويلتى ليتني لم أتخذ الثاني خليلاً " انتهى من (بحار الأنوار) المجلد الرابع صفحة (19) , طبعاً يعنون بالثاني عمر  رضي الله عنه حيث يزعمون أن أبا بكر  رضي الله عنه يتبرأ منه يوم القيامة عياذاً بالله تعالى. ومن أراد التوسع فعليه بالرجوع إلى كتاب (بحار الأنوار) للمجلسي المجلد الرابع والعشرين , فهناك عشرات الصفحات التي تدل على تحريف القرآن الكريم عند الشيعة الإمامية وعلى رأسهم إمامهم محمد باقر المجلسي.
عاشراً: إمامهم نعمة الله الجزائري المتوفى سنة ( 1112) للهجرة, الذي يقول في كتابه (الأنوار النعمانية) المجلد الأول صفحة (79 )وهو يتهم الصحابة رضوان الله عليهم بتحريف القرآن فيقول ما نصه: " ولا تعجب من كثرة الأخبار الموضوعة فإنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم - يعني الصحابة – قد غيروا وبدلوا في الدين ما هو أعظم من هذا كتغييرهم القرآن وتحريف كلماته وحذف ما فيه مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساوئهم " انتهى كلامه من كتابه (الأنوار النعمانية).
 وبهذا يظهر ما بين الشيعة و أسيادهم اليهود من تشابه كبير في تحريفهم لكتب الله تعالى وهذا يؤكد لنا أن أصل المعتقد الشيعي مقتبس ومأخوذ من عقائد المغضوب عليهم أبناء القردة والخنازير وهم اليهود. (1) 

 تشابه الشيعة واليهود في الوصية بالإمامة:

ونبدأ باليهود حيث يرى اليهود ضرورة تنصيب وصي  بعد النبي صلى الله عليه وسلم -أي بعد نبي اليهود عليه السلام- وهو موسى يقوم مقامه في إرشاد الناس من بعده , و قد جاءت عدة نصوص في التوراة وغيرها من أسفار اليهود تبين أن الله تعالى طلب من موسى عليه السلام أن يوصي ليوشع بن نون قبل موته ليكون مرشداً لبني إسرائيل من بعده, جاء في سفر العدد الإصحاح السابع والعشرين ما نصه: " فقال الرب لموسى: خذ يوشع بن نون رجلاً فيه روح وضع يدك عليه و أوقفه قدام العازر الكاهن وقدام كل الجماعة وأوصه أمام أعينهم إلى أن قال ففعل موسى كما أمره الرب أخذ يوشع وأوقفه قدام العازر الكاهن وقدام كل الجماعة ووضع يده عليه و أوصاه كما تكلم الرب عن يد موسى " انتهى.
أقول: هذا النص يدل دلالة واضحة على ضرورة تنصيب وصي بعد موسى عليه السلام و يعرف هذا من عدة أوجه:
 الوجه الأول: طلب الله تعالى من موسى أن يوصي قبل موته. 
 الوجه الثاني: أن مما يدل على أهمية هذا المنصب أن الله تعالى لم يترك الاختيار لموسى أو لبني إسرائيل في اختيار الوصي بعد موسى بل نص عليه سبحانه وتعالى بنفسه وسماه هو يوشع بن نون كما يعتقدون.
ومن هذا النص يمكن أن نستنتج منها نظرة اليهود إلى الوصي والوصية و التي تتلخص في النقاط التالية:
أولاً: وجوب تعيين الوصي عند اليهود.
ثانياً: أن الله تعالى هو الذي يتولى تعيين الوصي بنفسه.
ثالثاً:أن للوصي عند اليهود منزلة عظيمة تعادل منزلة النبي.
رابعاً: أنه يمكن أن يوحي الله تعالى إلى الوصي كما يوحي إلى النبي.
والآن ننتقل إلى اعتقاد الشيعة الإمامية الاثني عشرية في مسألة الوصية بالإمامة وقبل الحديث في عقيدة الوصية عند الشيعة لابد من توضيح منزلة الإمامة من دين الشيعة وذلك لما بين عقيدة الوصية والإمامة عندهم من ترابط كبير. فمنزلة الإمامة عند الشيعة هي ركن من أركان الإسلام ولا يتم إيمان المرء إلا بالإتيان بها, جاء في أصول (الكافي) عن أبي جعفرعليه السلام أنه قال: " بني الإسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم ينادى بشيء  كما نودي بالولاية " انتهى.
بل إن الإمامة عندهم مقدمة على سائر أركان الإسلام فقد روى الكليني عن أبي جعفر أنه قال: " بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية قال زرارة فقلت: وأي شيء  من ذلك أفضل فقال: الولاية " انتهى من كتاب (الكافي) المجلد الثاني صفحة (18).
إذن الولاية أفضل من الصلاة والزكاة والحج والصوم كما ذكر ذلك الكليني في كتابه (الكافي).
وعندهم أيضاً - أي عند الشيعة - أن من أتى بأركان الإسلام يأتي بجميع أركان الإسلام ولم يأت بالولاية فإن تلك الأعمال لا تقبل منه و لا تنجيه من عذاب الله يوم القيامة, وقد بالغ هؤلاء في الإمامة, حتى إنهم زعموا أن الأرض لا يمكن أن تبقى بدون إمام, ولو بقيت بدون إمام ولو لساعة واحدة لساخت بأهلها , فقد روى الصفار في كتابه (بصائر الدرجات) باباً كاملاً في هذا المعنى عنون له بقوله: " باب أن الأرض لا تبقى بغير إمام ولو بقيت لساخت " ومما أورد تحته من الروايات ما رواه عن أبي جعفر قال: " لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لساخت بأهلها كما يموج البحر بأهله " انتهى من كتاب (بصائر الدرجات) للصفار صفحة (508).
أما عقيدة الشيعة في الوصية فتتلخص إخواني في النقاط التالية: 
أولاً: اعتقادهم أن الوصي بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو علي بن أبي طالب وأن الله هو الذي اختاره لذلك , و أن اختيار علي لهذا المنصب لم يكن من قبل النبي صلى الله عليه وسلم , و إنما جاء من الله تعالى. 
جاء في كتاب (بصائر الدرجات) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " عرج بالنبي صلى الله عليه وآله إلى السماء مائة وعشرين مرة, ما من مرة - أي يعرج فيها - إلا وقد أوصى الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بولاية علي والأئمة من بعده أكثر مما أوصاه بالفرائض " انتهى.
ثانياً: اعتقاد الشيعة الإمامية أن الله تعالى ناجى علياً رضي الله عنه, حيث يروي شيخهم المفيد في كتابه (الاختصاص) صفحة (327) هذه الرواية التي تقول عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: " بلغني أن الرب تبارك وتعالى قد ناجى علياً عليه السلام فقال: أجل قد كانت بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبريل " انتهى. 
وكما روت الشيعة كذباً وزوراً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (( إن الله ناجى علياً يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر )) انتهى من كتاب (الاختصاص) للمفيد صفحة (328).
ثالثاً: اعتقادهم نزول الوحي على الأوصياء فقد روى الصفار في كتابه (بصائر الدرجات) صفحة (476) رواية عن سماعة بن مهران قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: " إن الروح خلق أعظم من جبريل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسدده ويرشده وهو مع الأوصياء من بعده " انتهى.
 وكذلك روى محمد باقر المجلسي في كتابه (بحار الأنوار) المجلد السادس والعشرين صفحة (55) عن أبي عبدالله أنه قال: " إن منا لمن يُنكت في أذنه, وإن منا لمن يرى في منامه, وإن منا لمن يسمع الصوت مثل صوت السلسلة التي تقع على الطست " انتهى.
رابعاً: اعتقادهم أن الأئمة بمنزلة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) , حيث جاء في كتاب (الكافي) المجلد الأول صفحة (270) عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: " الأئمة بمنزلة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " انتهى.
إذن هذه هي عقيدة الشيعة في الوصية كما جاءت بها رواياتهم المنسوبة إلى أئمتهم المعصومين والثابتة في أهم المصادر عندهم من اعتقادهم أن علي بن أبي طالب  رضي الله عنه هو الوصي من بعد النبي صلى الله عليه وسلم , وأن اختيارعلي لهذا المنصب جاء من فوق سبع سماوات من الله تعالى وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عرج به إلى السماء مائةً وعشرين مرة في كل مرة يوصيه الله تعالى بولاية علي والأئمة من بعده. والآن نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في الوصية بالإمامة في النقاط التالية:
أولاً: اتفاق اليهود والشيعة على ضرورة تنصيب وصي بعد النبي وقد شبهت اليهود الأمة التي بغير وصي بالغنم التي لا راعي لها وقالت الشيعة إن الأرض لو بقيت بغير إمام لساخت , وكلا القولين يحتم وجوب تنصيب وصي وأنه لا غنى للناس عنه.
ثانياً: اتفاق اليهود والشيعة على أن الله تعالى هو الذي يتولى تعيين الوصي , وليس للنبي اختيار وصي من بعده , وقد دلت نصوص اليهود أن الله هو الذي أمر موسى أن يتخذ يوشع وصياً له , ودلت روايات الشيعة أن الله تعالى هو الذي أمر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أن يتخذ علياً وصياً وأن ولاية علي جاءت من فوق سبع سماوات.
ثالثاً:اتفاق الشيعة واليهود على أن الله يكلم الأوصياء ويوحي إليهم فقد زعم اليهود أن الله خاطب يوشع مباشرة أكثر من مرة كما دلت على ذلك نصوص كتبهم وكذلك الشيعة زعموا أن الله ناجى علياً  رضي الله عنه أكثر من مرة في أكثر من موضع على حسب ما جاءت به رواياتهم.
رابعاً: ينزل اليهود والشيعة الوصي منزلة النبي كما جاء ذلك في أسفار اليهود وفي روايات الشيعة ومن كتبهم المعتمدة  (1) 
 تشابه الشيعة واليهود في المسيح والمهدي المنتظرين

فاليهود ينتظرون خروج رجل من آل داوود يحكم العالم ويعيد لليهود عزهم ومجدهم ويستعبد جميع الشعوب ويسخرهم لخدمة اليهود, ويطلقون على هذا الرجل الذي سيأتي بزعمهم في آخر الزمان باسم المسيح المنتظر , حيث جاء في تلمود اليهود ما نصه: " إن المسيح يعيد قضيب الملك إلى بني اسرائيل فتخدمه الشعوب وتخضع له الممالك وعندئذٍ يمتلك كل يهودي (2800) عبداً و (310) أبطال يكونون قائمين تحت إمرته " انتهى.
كما أكد وجود هذه العقيدة عند اليهود إمامهم العظيم السامويل بن يحيى المغربي الذي هداه الله للإسلام فألف كتاباً في الرد على اليهود أسماه (إفحام اليهود) جاء فيه ما لفظه: " وينتظرون - أي اليهود - وينتظرون قائماً يأتيهم من آل داوود النبي إذا حرك شفتيه بالدعاء مات جميع الأمم ولا يبقى إلا اليهود وأن هذا المنتظر بزعمهم هو المسيح الذي وعِدوا به إلى أن قال رحمة الله عليه: ويعتقدون أيضاً أن هذا المنتظر متى جاءهم يجمعهم بأسرهم إلى القدس وتصير لهم دولة ويخلوا العالم من سواهم ويحجم الموت عن جنابهم المدة الطويلة " انتهى.
 ويعتقد اليهود كذلك أن المسيح عندما يخرج يجمع مشتتي اليهود من كل أنحاء الأرض ويكون منهم جيشاً عظيماً ويكون مكان اجتماعهم في جبال أورشليم في القدس حيث جاء في سفر أشعيا الاصحاح السادس والستين ما نصه: " ويحضرون كل إخوانكم من كل الأمم تقدمة للرب على خيل وبمركبات وبهوادج وبغال وهجن إلى جبل قدسي أورشليم ".وهذا الاجتماع ليس مقصورا على الأحياء فقط بل حتى الأموات من اليهود يحييهم الله ويخرجهم من قبورهم لينضموا إلى جيش اليهود الذي يقوده المسيح كما جاء في سفر حزقيال الإصحاح (37).
وبعد أن يجمع المسيح اليهود من كل أنحاء الأرض يقوم بجمع الأمم الأخرى الذين ظلموا اليهود ويحاكمهم ويقتص منهم على ما فعلوه باليهود كما جاء في سفر حزقيال الإصحاح الثالث.
 أما نتيجة هذه المحاكمة فقد وضحها سفر زكريا الإصحاح (13) وهو أنه يقتل في ذلك اليوم ثلثا العالم على يد مسيح اليهود المنتظر , وفي عهد المسيح المنتظر كذلك تتغير أجسام اليهود وتطول أعمارهم ومن التغير الذي يحدث لليهود بزعمهم أن أعمارهم تطول فيعمرون قروناً كثيرة وكذلك تتغير أجسامهم فتصل قامة اليهودي في ذلك الوقت إلى مائتي ذراع حيث جاء في التلمود عند اليهود ما نصه: " إن حياة الناس حينئذٍ ستطول قروناً والطفل يموت في سن المئة وقامة الرجل ستكون مائتي ذراع " انتهى.
 وفي عهد المسيح أيضاً كما يعتقد اليهود تكثر الخيرات عند اليهود بزعمهم , فتنبع الجبال لبناً وعسلاً و تطرح الأرض فطيراً وملابس من الصوف كما جاء ذلك في سفر يوئيل الإصحاح الثالث ما نصه: " ويكون في ذلك اليوم أن الجبال تقطر عصيراً والتلال تفيض لبناً وجميع ينابيع يهوذا تفيض ماءً " انتهى.
وبعد أن عرفنا عقائد اليهود في مهديهم ومسيحهم المنتظر , ننتقل الآن إلى الشيعة وعقيدة المهدي المنتظر عندهم , فمن أبرز عقائد الشيعة الاثني عشرية , التي تكاد تمتلئ بها كتبهم عقيدة المهدي المنتظر , ويقصد الشيعة بالمهدي المنتظر هو: محمد بن الحسن العسكري وهو الإمام الثاني عشر  عندهم, ويطلقون عليه الحجة , كما يطلقون عليه القائم , ويزعمون أنه ولد سنة (255)هـ , واختفى في سرداب سر من رأى سنة (265) هـ , وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان لينتقم من أعدائهم وينتصر لهم , ولا زال الشيعة يزورونه في سرداب سر من رأى ويدعونه للخروج دائماً.
 جاء في كتاب (بحار الأنوار) للمجلسي المجلد (52) صفحة (291) عن أحد موالي أبي الحسن عليه السلام قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله: أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا  [ البقرة:148] , قال: وذلك والله أن لو قد قام قائمنا يجمع الله إليه شيعتنا من جميع البلدان. انتهى.
إذن فالشيعة جميعهم يجتمعون إلى القائم من كل أنحاء الأرض تماماً مثل اعتقاد اليهود. 
وكذلك فإن مهدي الشيعة يخرج الصحابة من قبورهم ويعذبهم , وأول ما يبدأ به هو إخراج خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم , أبي بكر وعمر رضي الله عنهما , فيعذبهما ثم يحرقهما فقد روى المجلسي في كتابه (بحار الأنوار) عن بشير النبال عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " هل تدري أول ما يبدأ به القائم عليه السلام , قلت: لا. قال: يخرج هذين رطبين غضين فيحرقهما ويذريهما في الريح ويكسر المسجد " , ويقصد هنا بهذين هما صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين.
 وفي رواية أخرى طويلة يرويها المفضل عن جعفر الصادق وفيها " قال المفضل: يا سيدي ثم يسير المهدي إلى أين , قال عليه السلام إلى مدينة جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: يا معشر الخلائق هذا قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم يا مهدي آل محمد, فيقول: ومن معه في القبر؟ فيقولون: صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر فيقول: أخرجوهما من قبريهما فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما ولم يشحب لونهما.. إلى أن يقول: فيكشف عنهما أكفانهما وأمر برفعهما على دوحةٍ يابسةٍ نخرة فيصلبهما عليها " انتهى.
وكذلك فإن مهدي الشيعة متعصب جداً , فلا يقاتل من أجل عقيدة أو دين وإنما يقاتل بعض الأجناس دون بعض. ومن الذين يقتلهم هذا المهدي المزعوم العرب وبخاصة قبيلة قريش حيث روى المجلسي في (بحار الأنوار) المجلد (52) صفحة (355) " عن أبي عبدالله أنه قال: إذا خرج القائم أي مهدي الشيعة لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف " انتهى.
وعن أبي جعفر قال:" لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يأخذ منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس ليس هذا من آل محمد لو كان من آل محمد لرحم " انتهى من كتاب (الغيبة) صفحة (154) وكتاب ((بحار الأنوار)) المجلد (52) صفحة (354).
وكذلك الأموات فإنهم لا يسلمون من عذاب مهدي الشيعة لأنه يخرجهم من قبورهم فيضرب أعناقهم كما روى المفيد في (الإرشاد) صفحة (364) والمجلسي في ((بحار الأنوار)) المجلد (52) صفحة (338) " عن أبي عبدالله أنه قال: إذا قام القائم من آل محمد عليه السلام أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم ثم خمسمائةٍ أُخرى حتى يفعل ذلك ست مرات ".
وكذلك فإن مهدي الشيعة يقتل ثلثي العالم , تماماً كما يفعل مسيح اليهود , حتى لا يبقى إلا الثلث وهذا الثلث هم الشيعة طبعاً فقد روى إمامهم الأحسائي في كتاب (الرجعة) صفحة (51) " عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس فقيل له: فإذا ذهب ثلث الناس فما يبقى ؟ قال عليه السلام: أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي ".
وإذا جاء مهدي الشيعة فإنه يقوم بهدم كل المساجد مبتدئا بالكعبة والمسجد الحرام ثم بمسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى لا يبقى مسجد على وجه الأرض إلا هدمه , جاء في رواية عن المفضل بن عمر " أنه سأل جعفر بن محمد الصادق عدة أسئلة عن المهدي وأحواله ومنها: يا سيدي فما يصنع بالبيت؟ - أي ماذا يصنع المهدي بالكعبة – قال: ينقضه فلا يدع منه إلا القواعد التي هي أول بيت وضع للناس ببكة في عهد آدم عليه السلام والذي رفعه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام منها " انتهى من كتاب (الرجعة) صفحة (184).
 وجاء في كتاب (الإرشاد) للإمام المفيد صفحة (365) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " إذا قام القائم -أي مهدي الشيعة-...  سار إلى الكوفة فيهدم بها أربعة مساجد ولم يبق مسجداً على وجه الأرض له شرف إلا هدمه وجعله جماء " انتهى.
وكذلك فإن مهدي الشيعة تنبع له عينان من ماء ولبن , حيث جاء في كتب الشيعة أنه عندما يخرج المهدي ستنبع له في الكوفة عينان من ماء ولبن , وأنه يحمل معه حجر موسى الذي انبجست منه اثنتا عشرة عيناً فكلما أراد الطعام أو الشراب نصبه.
 ومن هذه الروايات ما رواه إمامهم المجلسي في كتابه ((بحار الأنوار)) المجلد (52) صفحة (335) عن أبي سعيد الخراساني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: " إذا قام القائم بمكة و أراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه أن لا يحمل أحد منكم طعاماً و لا شراباً ويحمل حجر موسى الذي انبجست منه اثنتا عشرة عيناً فلا ينزل -أي المهدي- منزلاً إلا نصبه فانبجست منه العيون فمن كان جائعاً شبع ومن كان ظمآن روي فيكون زادهم حتى ينزلوا النجف -أي مدينة النجف وهذه المدينة من المدن المقدسة عند الشيعة- من ظاهر الكوفة فإذا نزلوا ظاهرها انبعث منه الماء واللبن دائماً فمن كان جائعاً شبع ومن كان عطشاناً روي " انتهى من كتاب (بحار الأنوار) للمجلسي.
وأيضاً فإن الشيعة الإمامية يزعمون أن في زمن مهديهم تتغير أجسامهم وتقوى أسماعهم و أبصارهم , ويكون للرجل منهم قوة أربعين رجلاً حيث جاء في كتاب (الكافي) للكليني المجلد الثامن صفحة (241) عن أبي الربيع الشامي قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: " إن قائمنا إذا قام مد الله عز وجل لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه " انتهى.    
وهنا نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في عقيدة المسيح اليهودي والمهدي الشيعي تحت النقاط التالية:
أولاً: عندما يعود مسيح اليهود يضم مشتتي اليهود من كل أنحاء الأرض , ويكون مكان اجتماعه مدينة اليهود المقدسة وهي القدس أو ما يسمونها بأورشالييم أو أورشليم , وكذلك عندما يخرج مهدي الشيعة يجتمع إليه الشيعة من كل مكان , ويكون مكان اجتماعهم المدينة المقدسة عند الشيعة وهي مدينة الكوفة.
ثانياً: عند خروج مسيح اليهود يحيي الأموات من اليهود , ويخرجون من قبورهم لينضموا إلى جيش المسيح , وعندما يخرج ويرجع مهدي الشيعة يحيي الأموات من أتباعه الشيعة ويخرجون من قبورهم لينضموا إلى معسكر المهدي.
ثالثاً: عندما يأتي مسيح اليهود تخرج جثث العصاة ليشاهد اليهود تعذيبهم , وعندما يأتي ويخرج مهدي الشيعة يُخرج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من قبورهم فيعذبهم , وعلى رأسهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعائشة الصديقة رضي الله عنهم أجمعين.
رابعاً: يحاكم مسيح اليهود كل من ظلم اليهود ويقتص منهم , وكذلك يحاكم مهدي الشيعة كل من ظلم الشيعة ويقتص منهم.
خامساً: يقتل مسيح اليهود ثلثي العالم , وكذلك يقتل مهدي الشيعة ثلثي العالم كما ذكرنا ذلك آنفاً من رواياتهم المعتمدة.
سادساً: عندما يخرج مسيح اليهود تتغير أجسام اليهود , فتبلغ قامة الرجل منهم مائتي ذراع , وكذلك تطول أعمارهم وعندما يخرج مهدي الشيعة تتغير أجسام الشيعة فتصير للرجل منهم قوة أربعين رجلاً و يطأ الناس بقدميه وكذلك يمد الله لهم في أسماعهم وأبصارهم.
سابعاً: في عهد مسيح اليهود تكثر الخيرات عند اليهود فتنبع الجبال لبناً وعسلاً وتطرح الأرض فطيراً وملابس من الصوف , وفي عهد مهدي الشيعة تكثر الخيرات عند الشيعة وينبع من الكوفة نهران من الماء واللبن يشرب منهما الشيعة  (1) 
 تشابه الشيعة واليهود في غلوهم بأئمتهم وحاخاماتهم:

ونبدأ باليهود حيث عُلم عنهم غلوهم في حاخاماتهم , والحاخام هو: مسمى لعلماء اليهود , ومن هذه النصوص ما صرحوا به في تلمودهم من اعتبارهم أن كتاب (التلمود) الذي يمثل أراء الحاخامات أفضل من التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام حيث جاء في التلمود صفحة (45) ما نصه: " التفت يا بني إلى أقوال الحاخامات أكثر من التفاتك إلى شريعة موسى " انتهى.
 وجاء في التلمود أيضاً ما نصه: " اعلم أن أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء, وزيادة على ذلك يلزمك اعتبار أقوال الحاخامات مثل الشريعة, لأن أقوالهم هي قول الله الحي فإذا قال لك الحاخام: أن يدك اليمنى هي اليسرى وبالعكس فصدق قوله ولا تجادله, فما بالك إذا قال لك: إن اليمنى هي اليمنى واليسرى هي اليسرى " انتهى.
وهكذا فإن اليهود يرون أن أقوال الحاخامات هي أقوال الله , ويجب أن تؤخذ أقوال الحاخامات دون أي جدال, حتى ولو كانت خاطئة, جاء في التلمود ما نصه: " من يجادل حاخامه أو معلمه فقد أخطأ وكأنما جادل العزة الإلهية ".
وقد بلغ من غلوهم في الحاخامات أنْ زعموا: أن الله تعالى -عياذاً بالله تعالى- يستشير الحاخامات في حل بعض المشاكل كما جاء في التلمود ما نصه: " إن الله يستشير الحاخامات على الأرض عندما توجد مسألة معضلة لا يمكن حلها في السماء ".
وكذلك فإن اليهود يعتقدون بعصمة الحاخامات , يقول الحاخام روسكي , وهو أحد كتبة التلمود معلقاً على خلاف وقع بين حاخامين , يقول: " إن الحاخامين المذكورين قالا الحق لأن الله جعل الحاخامات معصومين من الخطأ ".
أما إذا انتقلنا إلى الشيعة الإمامية الاثني عشرية، و إلى غلوهم في أئمتهم فإن الشيعة قد غالوا في أئمتهم حتى رفعوهم فوق البشر، و أطلقوا عليهم من الصفات التي لا تليق لأحد من البشر، بل هي مما اختص به رب العالمين دون سائر المخلوقين سبحانه وتعالى، ومن هذه الصفات التي يطلقونها على أئمتهم ادعاؤهم أنهم يعلمون الغيب، و أنهم لا يخفى عليهم شيء  في السماوات ولا في الأرض، و أنهم يعلمون ما كان وما سيكون إلى قيام الساعة عياذاً بالله تعالى من هذا الكفر-. 
فقد جاء في كتاب (بحار الأنوار) للمجلسي المجلد السادس والعشرين صفحة (27) عن الصادق عليه السلام أنه قال: " والله لقد أُعطينا علم الأولين والآخرين – يعني الأئمة – فقال له رجل من أصحابه: جعلت فداك أعندكم علم الغيب فقال له ويحك إني لا أعلم ما في أصلاب الرجال وأرحام النساء ويحكم وسعوا صدوركم، ولتبصر أعينكم، ولتعي قلوبكم، فنحن حجة الله تعالى في خلقه " انتهى من كتاب (بحار الأنوار) للمجلسي المجلد السادس والعشرين صفحة(27).
وجاء كذلك في كتاب (الكافي) للكليني المجلد (1) صفحة (261) وأيضاً في كتاب  (بحار الأنوار) للمجلسي المجلد (26) صفحة (28) عن عبدالله بن بشر عن أبي عبد الله أنه قال: " إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وما يكون " انتهى -عياذاً بالله تعالى-.
 هذا ما يعتقده الشيعة في أئمتهم فهم يعتقدون أنهم يعلمون الغيب , بل ويعلمون ما في أصلاب الرجال وما في أرحام النساء , و يعلمون ما في السماوات وما في الأرض, بل ويعلمون ما في الجنة وما في النار -عياذاً بالله تعالى-.
 وكذلك من مظاهر غلو الشيعة في أئمتهم اعتقادهم أنهم معصومون وقد نقل إجماعهم على عصمة الأئمة شيخهم المفيد حيث قال ما لفظه: " إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام معصومون كعصمة الأنبياء " انتهى من كتاب (أوائل المقالات) صفحة(71).
أما إمامهم المعاصر وآيتهم العظمى الخميني فإنه يرى أن فضل الأئمة لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل حيث يقول في كتابه (الحكومة الإسلامية) صفحة(52) ما نصه: " فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون", ثم يقول: " و إن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ".
والآن نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في غلوهم بأئمتهم وحاخاماتهم في النقاط التالية:
أولاً: يدعي اليهود أن بعض حاخاماتهم يعلمون الغيب , ويدعي الشيعة أن أئمتهم يعلمون الغيب , وأنه لا يخفى عليهم شيء  في السماوات ولا في الأرض , بل و إنهم يعلمون ما في أصلاب الرجال وما في أرحام النساء, ويعلمون ما في الجنة والنار, ويعلمون ما كان وما سيكون إلى قيام الساعة. كما ذكرنا ذلك آنفاً من كتبهم المعتمدة وبالصفحة والمجلد.
ثانياً: يعتقد اليهود أن دينهم لا يكتمل إلا بقراءة ثلاثة تعاليم: تعاليم التوراة , وتعاليم المشنا , وتعاليم الغامارا , وهذه الأصول الثلاثة التي تقوم عليها ديانة اليهود , وأنه لا غنى للإنسان عن هذه التعاليم الثلاثة كما جاء في تلمود اليهود , وكذلك يعتقد الشيعة أن الإسلام لا يكتمل برسالة النبي صلى الله عليه وسلم , بل لابد أن يضاف إليه تعاليم علي بن أبي طالب وتعاليم الحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين وأن الإنسان لا يمكن أن يستغني عن هذه التعاليم الثلاثة.
ثالثاً: يدعي اليهود أن حاخاماتهم أفضل من الأنبياء , ولهذا قالوا: أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء , وكذلك تدعي الشيعة أن أئمتهم أفضل من الأنبياء , كما قال إمامهم الخميني عن الأئمة ما لفظه: " وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقام لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ".
رابعاً: يعتقد اليهود بعصمة حاخاماتهم وأن الله جعلهم معصومين من الخطأ والنسيان , وكذلك تعتقد الشيعة الإمامية بعصمة أئمتهم وأنه لا يجوز عليهم سهو ولا غفلة ولا خطأ ولا نسيان.
خامساً: غالى اليهود في حاخاماتهم حتى قالوا: يلزمك اعتبار أقوال الحاخامات مثل الشريعة , أي مثل التوراة , و كذلك غالت الشيعة الإمامية في أئمتهم حتى قال الخميني: " إن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن يجب تنفيذها ". وقالت اليهود: "من جادل حاخامه فكأنما جادل العزة الإلهية ". وقال الشيعة الإمامية: " الراد على الأئمة كالراد على الله تعالى ".
سادساً: فمع غلو اليهود في أنبيائهم وحاخاماتهم والشيعة في أئمتهم , إلا أنهم خذلوهم وتركوا نصرتهم في أصعب المواقف وفي وقت كانوا في أمس الحاجة لمؤازرتهم , فقد خذل اليهود موسى عليه السلام وذلك عندما أمرهم بالقتال ودخول الأرض المقدسة بعد أن أخرجهم من مصر وحررهم من ذل العبودية لفرعون , فكان جوابهم -أي اليهود- له كما أخبر الله تعالى عنهم قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة:24]. 
وكذلك الشيعة خذلوا أئمتهم في مواطن عديدة وتركوا مناصرتهم في أصعب الظروف , فقد خذلوا إمامهم الأول علياً  رضي الله عنه مرات كثيرة وتقاعسوا عن القتال معه في أحرج المواقف التي واجهها , وخذلوا أيضاً أبناءه من بعده , حيث خذلوا الحسين  رضي الله عنه أعظم خذلان حيث كتبوا له كتباً عديدة ليتوجه إليهم, فلما قدم عليهم  رضي الله عنه ومعه الأهل والأقارب والبنات والأصحاب تركوه وقعدوا عن نصرته وإعانته , بل رجع أكثرهم مع أعدائه خوفاً وطمعاً وصاروا سبباً في شهادته  رضي الله عنه , وشهادة كثير من أهل بيته ومن بينهم الأطفال والنساء رضي الله عنهم , وأسأل الله عز وجل أن يغمسهم في أنهار الجنة.
وكذلك خذلوا زيداً بن علي بن الحسين فقد تعاهدوا بنصرته وإعانته , فلما جد الأمر وحان القتال أنكروا إمامته لعدم براءته من الخلفاء الثلاثة , فتركوه في أيدي الأعداء حتى قتل رحمة الله عليه  (1) 
 تشابه الشيعة واليهود في قدحهم في الأنبياء والصحابة:

ونبدأ باليهود , أسياد الشيعة , حيث إن الطعن على أنبياء الله وانتقاصهم سمة بارزة من سمات اليهود , ومن قرأ كتب اليهود وجدها تعج بكثير من المطاعن على أنبياء الله , والقدح فيهم ورميهم بأبشع الجرائم مما هم منه براء. 
ومن التهم الباطلة التي يلصقها اليهود بنبي الله لوط عليه السلام تلك التهمة الجائرة التي زعموا فيها أن لوطاً عليه السلام زنى بابنتيه - عياذاً بالله تعالى- كما جاء ذلك مفصلاً في الإصحاح التاسع عشر من سفر التكوين عندهم , أما رسول الله هارون عليه السلام فقد افتروا عليه أعظم فرية حيث زعموا أنه صنع لبني إسرائيل عجل من الذهب ليعبدوه عندما تأخر عليهم موسى عليه السلام في الجبل , وأما داوود عليه السلام فيرمونه بالزنا بامرأة أحد ضباط جيشه ثم تدبيره بعد ذلك مقتل زوج هذه المرأة بعد علمه أن هذه المرأة قد حملت منه -عياذاً بالله تعالى-. 
وأما عيسى و أمه عليهما السلام فلم يترك اليهود جريمة إلا ألصقوها بهما, ومن هذه الجرائم والافتراءات رمي اليهود لمريم بالزنا حيث أنهم يعتقدون أنه قد جاءت به عن طريق الخطيئة أي الزنا -عياذاً بالله تعالى- , بل قد تجرأ اليهود على جميع الأنبياء فرموهم بالنجاسة كما جاء في سفر أرميا الإصحاح الثالث والعشرين ما نصه: " لأن الأنبياء والكهنة تنجسوا جميعاً بل في بيتي وجدت شرهم يقول الرب ". 
أما قدح الشيعة في الصحابة رضوان الله عليهم , فإن الشيعة يعادون ويبغضون الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أشد البغض , ويعتقدون أنهم كفار مرتدون, بل يتقربون إلى الله بسبهم ولعنهم ويعدون ذلك من أعظم القربات, ويوضح هذا المعتقد شيخهم ومحدثهم محمد باقر المجلسي الذي يقول في كتاب (حق اليقين) صفحة (519) ما نصه: " وعقيدتنا في التبرء أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة: أبي بكر, وعمر, وعثمان, ومعاوية, والنساء الأربع: عائشة, وحفصة, وهند, و أم الحكم, ومن جميع أشياعهم وأتباعهم, وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض, وأنه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرء من أعدائهم ".
كما أن شيخهم القمي روى في تفسيره عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " ما بعث الله نبياً إلا وفي أمته شيطانان يؤذيانه ويضلان الناس بعده, فأما صاحبا نوح: فخنطيفوس و خَرام, وأما صاحبا إبراهيم: فمكفل  و رزام, و أما صاحبا موسى: فالسامري ومرعقيبا, وأما صاحبا عيسى: فبولس و موريتون, و أما صاحبا محمد: فحبتر و زريق " , و يعنون بحبتر: عمر  رضي الله عنه , و زريق: أبا بكر الصديق  رضي الله عنه , وهذه من الرموز التي يستعملونها في كتبهم للطعن في الشيخين. 
أما إمامهم العياشي فيعبر عن حقده الأسود الدفين على هؤلاء الخلفاء برواية أخرى مصطنعة يرويها عن جعفر بن محمد أنه قال: " يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب, بابها الأول للظالم, وهو زريق - يعني أبا بكر - وبابها الثاني لحبتر - يعني عمر -, والباب الثالث للثالث -يعني عثمان-, والرابع لمعاوية, والخامس لعبدالملك, والباب السادس لعسكر بن هوسر, والباب السابع لأبي سلامة, فهم أبواب لمن تبعهم " انتهى من تفسير العياشي المجلد الثاني صفحة (432). 
ويروي الصدوق " عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أخبرني بأول من يدخل النار, قال: إبليس و رجل عن يمينه و رجل عن يساره " انتهى من كتاب (ثواب الأعمال) صفحة (255). 
ولا يخفى أنهم يقصدون بالرجلين هنا أبا بكر و عمر رضي الله عنهما. و تلك هي نماذج لما جاء في كتب الشيعة من الطعن و القدح في الصحابة و أمهات المؤمنين , وإلا فكتبهم تمتلئ بتلك الروايات المزيفة على ألسنة الأئمة في القدح في خيار هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم كما امتلأت قلوبهم بالبغض والحقد عليهم.
و الآن نحاول أن نلخص تشابه الشيعة واليهود في قدحهم في الأنبياء والصحابة في النقاط التالية: 
أولاً: زعم اليهود أن عيسى عليه السلام وأتباعه كفرة مرتدون خارجون عن الدين , وزعمت الشيعة أيضاً أن الصحابة كفار مرتدون عن الإسلام و لم يدخلوا في الدين إلا نفاقاً ورياءً.
ثانياً: رمى اليهود مريم عليها السلام بالفاحشة مع تبرئة الله تعالى لها , و رمى الشيعة عائشة رضي الله عنها بالفاحشة مع تبرئة الله تعالى لها.
ثالثاً: زعمت اليهود أن عيسى عليه السلام يعذب أشد العذاب في لجات الجحيم , و زعمت الشيعة أن الخلفاء الراشدين الثلاثة يعذبون في تابوت في نار جهنم يتعوذ أهل النار من حر ذلك التابوت.
رابعاً: يستعمل اليهود والشيعة الرموز لمن أرادوا الطعن فيه في كتبهم حتى لا ينفضح أمرهم أمام الناس , فيرمز اليهود لعيسى بعدة رموز منها: جيشو وهو مقتبس من تركيب أحرف كلمات ثلاث هي " إيماش شيمو فيزكر " أي ليمحى اسمه وذكره ويرمزون إليه أيضاً بذلك الرجل, وبابن النجار, وابن الحطاب, كما يرمزون لمريم رضي الله عنها بميري.
 وكذلك ترمز الشيعة في كتبهم للخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين برموز تشبه رموز اليهود , فيرمزون لأبي بكر وعمر بالجبت و الطاغوت , أو بصنمي قريش , أو بزريق و حبتر , أو بفرعون وهامان , أو العجل و السامري , وجاءت هناك ألفاظ أخرى تقول: أعرابيان من هذه الأمة , أو الأول و الثاني, أو فلان و فلان و غيرها من الرموز. كما يرمزون لعثمان بن عفان  رضي الله عنه برمز نعثل أو الثالث , و يرمزون لمعاوية  رضي الله عنه بالرابع , ولبني أمية بأبي سلامة , و يرمزون لعائشة رضي الله عنها بأم الشرور, أو بصاحبة الجمل, أو بعسكر ابن هوسر  (1) 

تشابه الشيعة واليهود في تقديسهم لأنفسهم:

نبدأ باليهود حيث يدعي اليهود أن الله تعالى اصطفاهم وفضلهم على سائر الناس وميزهم عن باقي شعوب الأرض, بأن جعلهم شعبه المختار, كما جاء في سفر التثنيه ما نصه: " لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك " انتهى وجاء في التلمود ما نصه: تتميز أرواح اليهود عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله كما أن الابن جزء من والده. انتهى. 
وكذلك يعتقدون: أن الله ميزهم عن غيرهم من الناس في كافة الأحكام والتشريعات الدنيوية والأخروية, ومن ذلك اعتقادهم أنه: لولا اليهود لم يخلق الله هذا الكون, وأن كل ما فيه فإنه ملك لليهود ومسخر لخدمتهم, جاء في التلمود ما نصه: " لو لم يخلق الله اليهود لانعدمت البركة من الأرض ولما خلقت الأمطار و الشمس ".
وكذلك فإن اليهود يعتقدون: بأن النار ليست لهم فلا يدخلها اليهود أبداً, جاء في التلمود ما نصه: "إن النار لا سلطان لها على مذنبي بني إسرائيل, و لا سلطان لها على تلامذة الحكماء ".
أما الجنة فهم يرون أنها موقوفة عليهم, فلن يدخلها إلا شعب الله المختار اليهود حيث جاء في التلمود ما نصه: " وهذه الجنة اللذيذة لا يدخلها إلا اليهود الصالحون أما الباقون فيزجون بجهنم النار ".
وفي نص آخر يقولون: " النعيم مأوى أرواح اليهود, ولا يدخل الجنة إلا اليهود, أما الجحيم فمأوى الكفار من المسيحيين و المسلمين, ولا نصيب لهم فيه سوى البكاء, لما فيها من الظلام و العفونة والطين ".
 هذا بالنسبة لليهود, أما إذا انتقلنا إلى الشيعة , وتقديسهم لأنفسهم فإن الشيعة تدعي كما ادعى اليهود من قبلهم أنهم خاصة الله تعالى وصفوته, وأن الله تعالى اختارهم من بين كل الناس و ميزهم عن غيرهم بكثير من المزايا , ابتداءً من خلق أرواحهم التي يزعمون أي الشيعة أن الله تعالى خلقها من نور عظمته , وانتهاءً بإدخالهم الجنة و خلودهم فيها منعمين بما أعده الله لهم فيها من النعيم المقيم , ومن هذه المزاعم:
اعتقاد الشيعة الإمامية أن الله تعالى خلق أرواحهم من طينة غير الطينة التي خلق منها باقي البشر , و أن أصل طينتهم مخلوقة من نور الله تعالى أو من طينة مكنونة تحت العرش , كما صرحت بذلك رواياتهم الواردة في كتبهم المعتمدة عندهم, و مثال ذلك ما جاء في كتاب (بصائر الدرجات) صفحة (70) عن أبي عبدالله أنه قال: " إن الله جعل لنا شيعة فجعلهم من نوره وصبغهم في رحمته ". 
 ويروي الكليني في (الكافي) المجلد الأول صفحة (389) عن أبي عبدالله أنه قال: " إن الله خلقنا من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش ".
 أما إمامهم المفيد فيروي في كتاب (الاختصاص) صفحة (216) عن الإمام الصادق أنه قال: " خلقنا الله من نور عظمته وصنعنا برحمته وخلق أرواحكم منا أي من الشيعة أي من أئمة الشيعة ". 
و روى إمامهم العياشي في تفسيره المجلد الثاني صفحة (105) عن عبدالرحمن بن كثير أن أبا عبدالله عليه السلام قال له: " يا عبدالرحمن شيعتنا والله لا تختم الذنوب و الخطايا هم صفوة الله الذين اختارهم لدينه ".
كما جاء في (أمالي الطوسي) عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال:" نحن خيرة الله من خلقه وشيعتنا خيرة الله من أمة نبيه ".
أما ذنوب الشيعة فإن الله تعالى يغفرها لهم مهما بلغت حتى أنهم زعموا: أن هنالك ملائكة لله عز وجل ليس لها عمل إلا إسقاط الذنوب عن الشيعة, كما روى إمامهم الصدوق ذلك في أماليه كذباً , و المجلسي مثله في (بحار الأنوار) بهتاناً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه: (( يا علي إن شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب و عيوب )). 
بل إن الشيعة زعموا: أن النار لا تحرقهم حتى في الدنيا ولو فعلوا أبشع الجرائم و أكبر الكبائر, حيث روى صاحب  (عيون المعجزات) " أن رجلاً من شيعة علي أتى إليه و قال: أنا رجل من شيعتك وعلي ذنوب و أريد أن تطهرني منها في الدنيا لأرتحل إلى الآخرة و ما علي ذنب فقال عليه السلام - أي قال علي  رضي الله عنه -: قل لي بأعظم ذنوبك فقال: أنا ألوط بالصبيان , أنا ألوط بالصبيان , فقال أيما أحب إليك ضربة بذي الفقار أو أقلب عليك جداراً أو أحزم لك ناراً فإن ذلك جزاءً من ارتكب ما ارتكبته فقال - أي ذلك الرجل -: يا مولاي أحرقني بالنار فأخرج الإمام الرجل وبنى عليه ألف حزمة من القصب و أعطاه مقدحة وكبريتاً و قال له اقدح و احرق نفسك فإن كنت من شيعة علي وعارفيه ما تمسك النار, و إن كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك و تكسر عظمك فقدح النار على نفسه و احترق القصب, و كان على الرجل ثياب كتان أبيض لم تلعقها النار - أي لم تصبها النار - ولم يقربها الدخان ".
 أما الجنة فتزعم الشيعة: أنها لم تخلق إلا لهم وأنهم يدخلونها بغير حساب حيث روى فرات الكوفي عن علي بن أبي طالب  رضي الله عنه أنه قال: " ينادي منادي من السماء عند رب العزة يا علي ادخل الجنة أنت و شيعتك لا حساب عليك و لا عليهم فيدخلون الجنة فيتنعمون فيها ".
 والآن نلخص تشابه الشيعة و اليهود في تقديسهم أنفسهم تحت النقاط التالية:
أولاً: يدعي اليهود أنهم شعب الله المختار وأنهم خاصة الله من بين كل الشعوب و أمته المقدسة, وكذلك تدعي الشيعة أنهم شيعة الله و أنصار الله, و أنهم خاصة الله و صفوته من خلقه.
ثانياً: يدعي اليهود أنهم أحباء الله و تدعي الشيعة كذلك هذا الأمر.
ثالثاً: يزعم اليهود أن الله سخط على كل الأمم ما عدى اليهود و تزعم الشيعة أن الله تعالى سخط على كل الناس إلا الشيعة.
رابعاً: يزعم اليهود أن أرواحهم مخلوقة من الله تعالى و ليس ذلك لأحد غيرهم , و يزعم الشيعة كذلك أن أرواحهم مخلوقة من نور الله تعالى و لم يجعل الله ذلك لأحد غيرهم إلا للأنبياء.
خامساً: يعتقد اليهود: أنه لولا اليهود لم يخلق الله هذا الكون, ولولاهم لانعدمت البركة من الأرض , وكذلك يعتقد الشيعة: أنه لولا الشيعة لم يخلق الله هذا الكون, ولولاهم ما أنعم الله على أهل الأرض.
سادساً: يدعي اليهود أنه لا يدخل الجنة إلا اليهود, وغير اليهود يدخلون النار, و يدعي الشيعة أنهم سيدخلون الجنة و أعداءهم سيدخلون النار.. وبهذه المقارنة الأخيرة يظهر لنا مدى التوافق الكبير بين اليهود و الشيعة في العقيدة, الأمر الذي يجعلنا نجزم جزماً قاطعاً بأن أصل التشيع ما هو إلا يهودي خالص و أن الإسلام بريء من هذه العقيدة التي يعتقدها الشيعة في كل زمان و في كل مكان  (1) 
 اعتقاد الشيعة الإمامية في الإمامة


للشيعة الإمامية في الإمام اعتقاد خاص يخالف ما عليه جمهور المسلمين إذ يعتقدون أن الإمامة ركن من أركان الإسلام كالصلاة والزكاة والشهادتين، وهي عندهم أمر عينه النبي صلى الله عليه وسلم نصاً وتعينا، وللأئمة عندهم منزلة قد تصل إلى مرتبة الأنبياء، وقد وصل بالشيعة الأمر أن يكفروا من لم يقر بأمر الإمامة، فهم يعتبرون الإمامة أصلاً من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها، فمن لم يذهب مذهبهم في الإمامة فهم يجمعون على أنه غير مؤمن وإن اختلفوا في تفسير غير المؤمن هذا، فمن قائل بكفره ومن قائل بالفسق، وأكثرهم اعتدالا يذهب إلى أنه ليس مؤمنا بالمعنى الخاص وإنما هو مسلم بالمعنى العام، ما لم يكن مبغضا للأئمة وشيعتهم فضلا عن حربهم فهو يعد كافرا عند جميع الجعفرية  (1) .
بل إن إنكار الإمامة عندهم شر من إنكار النبوة، فقد ذكر الحلي بأن إنكار الإمامة شر من إنكار النبوة حيث قال: الإمامة لطف عام والنبوة لطف خاص، لإمكان خلو الزمان من نبي حي، بخلاف الإمام وإنكار اللطف العام شر من إنكار اللطف الخاص  (2) ..
بل يعتبرون أن منكر الإمامة شر من اليهود والنصارى، ولأن اعتقادهم في الإمامة هو أصل الأصول، لدرجة أنهم يقولون بعدم حجية القرآن إلا بالقيم أي: الإمام.
يقول الكليني: القرآن لا يكون حجة إلا بقيم وإن علياً كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، كان الحجة على الناس بعد رسول الله  (3) .
ومعنى ذلك: أن النص القرآني لا يكون حجة إلا بالرجوع للإمام، ولذلك سموا الإمام بالقرآن الناطق، والقرآن بالقرآن الصامت، ويروون عن علي رضي الله عنه: أنا كتاب الله الناطق  (4) . ويقولون: إن الإمام هو القرآن نفسه ويزعمون أنه لم يفسر القرآن إلا رجل واحد، وإذا كانت حجية القرآن في علي فقط ثم انتقلت إلى باقي الأئمة حتى الإمام الغائب منذ ما يزيد على أحد عشر قرنا، فمعنى ذلك أن الاحتجاج بالقرآن متوقف على رجوعه.  (5) 
منزلة الأئمة عندهم


يعتقد الإمامية أن لأئمتهم منزلة تصل إلى منزلة النبوة إن لم تتعداها، بل قد صرح بعضهم بأن للأئمة منزلة تتعدى منزلة الأنبياء غير أولي العزم من الرسل.
يقول الممقاني: ومن ضروريات مذهبنا أن الأئمة عليهم السلام أفضل من أنبياء بني إسرائيل، كما نطقت بذلك النصوص المتواترة عن كل ممارس لأخبار أهل البيت عليهم السلام – الإثني عشر – أنه كان يصدر من الأئمة عليهم السلام خوارق للعادة، نظير ما كان يصدر عن الأنبياء بل أزيد، وأن الأنبياء والسلف انفتح لهم باب أو بابان من العلم، وانفتحت للأئمة عليهم السلام – بسبب العبادة والطاعة التي تذر العبد مثل الله إذا قال للشيء كن فيكون – جميع الأبواب  (1) .
والأئمة كما رأيت أفضل من الأنبياء بسبب كثرة العبادة والطاعة لأنه قد فتح لهم من الأبواب ما لم يفتح للأنبياء هكذا مرة واحدة؟ سبحان الله!!
لذا أصبح من التوابع لهذا الاعتقاد في الأئمة أن يلقنوا الميت بعد الشهادتين الإقرار بالأئمة الإثني عشرية، وأن يكتب على جائبة جميع قطن الكفن، وعلى الجريدتين: أن فلان بن فلان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن عليا والحسن والحسين – ويعد الأئمة الإثني عشرية إلى آخرهم – أئمته وسادته وقادته وأن البعث والثواب والعقاب حق  (2) .
ويعتقد الشيعة أن الله تبارك وتعالى اسمه أخذ ميثاق النبيين على ولاية علي رضي الله عنه، وعرض ولاية علي  رضي الله عنه على أهل السموات والأرض، وأخذ عهد النبيين بولاية علي  (3) . وينسبون ذلك إلى علي  رضي الله عنه افتراء وظلما.
قال أمير المؤمنين: إن الله عرض ولايتي على أهل السموات وعلى أهل الأرض.. أقر بها من أقر وأنكرها من أنكر.. أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها  (4) .
ولا عجب في ذلك، فإن الافتراء على أنبياء الله ورسله قد أضحى عندهم دينا وسلوكا وديدنا إذ يفضلون أئمتهم على أنبياء الله ورسله.
أعلم أنه لا خلاف بين أصحابنا رضي الله عنهم في أشرفية نبينا على سائر الأنبياء للأخبار المتواترة، وإنما الخلاف في أفضلية أمير المؤمنين علي والأئمة الطاهرين على الأنبياء ما عدا جدهم.. فذهب إلى أنهم أفضل من باقي الأنبياء ما خلا أولي العزم، فهم أفضل من الأئمة، وذهب البعض الآخر إلى مساواتهم، وأكثر المتأخرين إلى أفضلية الأئمة على أولي العزم من الرسل وغيرهم.. وهو الصواب  (5) .
سبحان الله ما هذه الجرأة على الأنبياء؟ بل ما هذا التواضع؟ لماذا أخرجوا إبراهيم عليه السلام من الخلاف هل تقية أم ورعا؟ ما هذا الإفك المفترى؟ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا. لم يقف تبجح تلكم الظلمة عند هذا الحد بل يدعون أن سبعين صنفا من الملائكة يقسمون على ولايتهم!!
عن أبي جعفر قال: والله إن في السماء لسبعين صنفا من الملائكة.. لو اجتمع أهل الأرض أن يعدوا عدد صنف منهم ما عدوهم.. وإنهم ليدينون بولايتنا  (6) .
ما أثقل كاهلك يا أبا جعفر من هذا الحمل الثقيل الذي بؤت به من كذب هؤلاء عليك وأنت منه براء!
ألا سوَّد الله هذه الوجوه الكالحة التي شوهت سيرة أهل البيت الأطهار.
إن الأدهى من ذلك، والأمر أن هذا الانحراف والزيغ في العقيدة جعلهم يفضلون أئمتهم حتى على الملائكة، بل يصل بهم السخف إلى تأليه الأئمة. واستمع معي إلى قائد ثورتهم والملهم الذي جاء ليعيد الخلافة الإسلامية ويجمع شمل المسلمين بعد تفرق:
يقول الخميني الملهم!!
فإن للإمام مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم والأئمة عليهم السلام كانوا قبل هذا العالم أنوارا فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة الزلفى ما لا يعلمه إلا الله، وقد قال جبرائيل - كما ورد في روايات المعراج - لو دونت أنملة لاحترقت وقد ورد عنه عليه السلام: إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل. ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء عليها السلام  (7) .
لقد أله هذا العبقري نائب الإمام الغائب الأئمة، وجعل لهم مقاما محموداً، وخلافة تكوينية تخضع لها جميع ذرات الكون ومن البدهي أن الكون لا يخضع إلا الله سبحانه وتعالى وحده، فهو الذي له ما في السموات والأرض وهو سبحانه وحده الذي عنت الوجوه له.
ثم يرفعهم مرة أخرى إلى مرتبة فوق النبيين والملائكة، بل ولا يسع الملائكة والنبيين أن يصلوا إليها فإلى أي شيء يدعو الناس نائب الإمام الغائب؟ وعلى أي شيء يجمع المسلمين الذين طال شوقهم لخروجه عليهم؟ أعلى الكفر والضلال أم على الزيغ والبهتان؟!
بل ويعتقد الإمامية أيضا أن الأئمة هم أولو الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم، وأنهم الشهداء على الناس، وأنهم أبواب علمه، وأنهم أركان توحيده، وخزانة معرفته، ولذا كانوا أمانا لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء.
يقول صاحب عقائد الشيعة الإمامية: بل نعتقد أن أمرهم أمر الله تعالى، ونهيهم نهيه، وطاعتهم طاعته، ومعصيتهم معصيته، ووليهم وليه، وعدوهم عدوه، ولا يجوز الرد عليهم.. والراد عليهم كالراد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والراد على الرسول كالراد على الله تعالى، فيجب التسليم لهم والانقياد لهم.. والأخذ بقولهم  (8) .
ليس هذا فقط بل يعتقد الخميني: أن الملائكة تضع أجنحتها تحت أقدام أمير المؤمنين عليه السلام، لسابقته وخدمته ونشره للإسلام في الدنيا كلها.. فالملائكة تخضع له.. ويخضع له الناس حتى الأعداء منهم.. لأنهم يخضعون للحق في قيامه وقعوده وفي كلامه وصمته.. وفي خطبته وصلاته وحروبه  (9) .
وآخر أراجيف نائب الإمام الغائب، وأكبر ضلالاته تعريضه برسول الله صلى الله عليه وسلم وادعاؤه أنه لم ينجح في تبليغه رسالة ربه، وسينجح فيها الغلام الغائب منذ أكثر من ألف سنة. سبحان ربي! إن هذا إلا ظلم مبين وإفك عظيم. يقول نائب الإمام الغائب عن الوصي: وحتى إن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين الذي جاء لإصلاح البشرية وتنفيذ العدالة.. لم ينجح في عهده وإن الشخص الذي سينجح في ذلك ويرسي قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم ويقوم الانحرافات هو الإمام المهدي المنتظر (10) .
أليس هذا تعريضاً صريحاً بسيد الخلق وافتراءً عليه صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله الدين على يديه، وأتم النعمة على المؤمنين. ولا عجب فالشيعة أكبر مؤسسة عالمية لتوريد الكذب الصريح.
ومن اعتقادات الشيعة في الأئمة أن الأنبياء أرسلوا وبعثوا على الإقرار بالولاية لعلي والأئمة من بعده فقد ذكر ابن المطهر الحلي أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به جمع الله له النبيين ثم قال: سلهم يا محمد على ماذا بعثتم قالوا: بعثنا على شهادة ألا إله إلا الله، وعلى الإقرار بنبوتك والولاية لعلي. وهذا صريح بثبوت الإمامة لعلي.
وهذا من الكذب الصريح على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم يثبت عنه، إذ كيف يقال: إن الأنبياء يجب عليهم الإيمان بواحد من الصحابة، والله أخذ عليهم الميثاق لئن بعث محمدا وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه.
قاله ابن عباس في تفسير قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ [آل عمران: 81].
ولقد صدق في هؤلاء قول الإمام الذهبي رحمه الله: والقوم من أكذب الناس في النقليات، وأجهل الناس في العقليات، ولهذا كانوا عند العلماء أجهل الطوائف، وقد دخل منهم على الدين الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد  (11) .  (12) 
عقيدتهم في عصمة الأئمة


يرى الشيعة عامة والإمامية خاصة أن الأئمة معصومون منزهون عن الخطأ، وإلا ما جاز قبول الشرع عنهم، يقول محمد الري الشهري في (ميزان الحكمة) في باب (174) (شرائط الإمامة وخصائص الإمام): الإمام المستحق للإمامة له علامات فمنها:
أن يعلم أنه معصوم من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها، لا يزل عن الفتيا، ولا يخطئ في الجواب، ولا يسهو ولا ينسى، ولا يلهو بشيء من أمر الدنيا  (1) .
يقول: وله العصمة من جميع الذنوب، وبذلك يتميز عن المأمومين الذين هم غير المعصومين، لأنه لو لم يكن معصوما، لم يؤمن عليه أن يدخل فيما يدخل الناس فيه من موبقات الذنوب المهلكات والشهوات واللذات  (2) . عن الباقر أنه قال: نحن خزان علم الله، ونحن تراجمة أمر الله، نحن قوم معصومون أمر الله تعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا  (3) .
يعتقدون أن الأئمة الإثني عشر معصومون يجب اتباعهم  (4) .
يقول صاحب (عقائد الإمامية): ونعتقد أن الإمام كالنبي، يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل ما ظهر منها وما بطن، كما يجب أن يكون معصوما من السهو الخطأ والنسيان؛ لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه، حالهم في ذلك حال النبي.
والدليل الذي اقتضانا أن نعتقد بعصمة الأنبياء بلا فرق:
ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد  (5)

انظر أخي إلى هذا التأله الصريح للأئمة، فالذي لا يضل ولا ينسى هو الله سبحانه وتعالى، وقد نسب النسيان إلى آدم عليه السلام: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ، وإلى موسى عليه السلام: وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف: 63].
وإلى نبينا صلى الله عليه وسلم عندما خرج مسرعا بعد الصلاة ثم قال: (تذكرت شيئا من تبر) والتذكر لا يكون إلا من النسيان، ونسي صلى الله عليه وسلم في صلاته وسجد سجود السهو، وعلم المسلمين ذلك  (6) .
يقول الخميني الخليفة المنتظر – لا سمح الله – نحن نعتقد أن المنصب الذي منحه الأئمة الفقهاء لا يزال محفوظاً؛ لأن الأئمة الذين لا نتصور فيهم السهو والغفلة، ونعتقد منهم الإحاطة بكل ما فيه مصلحة المسلمين  (7) ..
وقد ترتب على القول بالعصمة تلقيهم الشرع من الله تعالى مباشرة.
يقول صاحب عقائد الإمامية: أما علمه فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله؛ وإذا استجد شيء فلابد أن يعرفه عن طريق الإلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله فيه، فإن توجه إلى شيء وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي لا يخضع في ذلك إلى البراهين العقلية ولا إلى تلقينات المعلمين  (8) .
وقد دفع الشيعة القول بعصمة الأئمة التماس أسبابها، فراحوا يخلعون عليهم سمات القدسية في أصل الخلقة وينسبون إليهم من الصفات ما يضحك منه الصبية، فقد جعلوا الناس من طينة، والأئمة من طينة أخرى.
يقول الكليني في الكافي، عن العدة عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلقنا من عليين وخلق أرواحنا من فوق ذلك، وخلق أرواح شيعتنا من عليين وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم وقلوبهم تحن إلينا  (9) ..
ويقول الكافي أيضا: عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
إن الله خلقنا من نور عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقا بشراً نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا نصيب، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا، وأبدانهم من طينة دونهم مكنونة أسفل من تلك الطينة، ولم يجعل الله في مثل الذي خلقهم لأحد نصيب إلا الأنبياء، فلذلك صرنا نحن وهم الناس، وسائر الناس همج للنار وإلى النار  (10) .
هذه نظرتهم إلى الأئمة من أصل خلقتهم، فلا عجب أن يدعوا العصمة لهم من الذنوب، صغيرها وكبيرها قال أبو حامد المقدسي في رسالته (الرد على الرافضة):
العصمة من أهم الأمور الدينية عند الشيعة، بل هي شرط في الإمامة عندهم، حتى صارت وصفا لازما، واعتقدوا العصمة في الأئمة بناء على أنهم خلفاء المعصوم، وأفضل من الأنبياء بناء على أنهم نواب أفضل الأنبياء  (11) .
فقد رتبوا على عقيدة عصمة الأئمة وجوب طاعة الخلائق جميعا لهم لأنهم حجة الله على خلقه.
يروي الكليني عن الإمام جعفر الصادق: نحن خزان علم الله، نحن تراجمة أمر الله، نحن قوم معصومون، أمر الله تعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا، ونحن حجة الله البالغة على من دون السماء وفوق الأرض  (12). وتصدى كثير من العلماء للرد على هذا الاعتقاد الفاسد، لأنه يقدح بالضرورة فيما دون الأئمة الإثني عشر من الخلفاء والصحابة جيل الصفوة وعافية الدين... يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (والكلام في أن هؤلاء الأئمة فرض الله الإيمان بهم، وتلقي الدين منهم دون غيرهم، ثم في عصمتهم عن الخطأ، فإن كلام من هذين القولين مما لا يقوله إلا مفرط في الجهل، أو مفرط في اتباع الهوى، أو في كليهما، فمن عرف دين الإسلام وعرف حال هؤلاء؛ كان عالما بالاضطرار من دين محمد صلى الله عليه وسلم بطلان هذا القول لكن الجهل لا حد له  (13) .
ويقول أيضا: وأما قوله وأن الأئمة معصومون كالأنبياء في ذلك، فهذه خاصة الرافضة الإمامية التي لم يشركهم فيه أحد – لا الزيدية الشيعة ولا سائر طوائف المسلمين إلا من هو شر منهم كالإسماعيلية الذين يقولون بعصمة بني عبيد المنتسبين إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر  (14) .
هكذا ابتدع الإمامية بدعة العصمة، حتى يلقوا على باطلهم سيماء القدسية والطاعة العمياء، وترك مناقشة ما يلقى إليهم من تعاليم صبغوها بصبغة قدسية.
وأيضا: إلقاء ظلال العصمة تجعل ولاية الفقيه بمنأى عن النقد، وتعطي نوعا من الاستسلام التام لهؤلاء ومن ثم يضمنون الطاعة العمياء لهم.
وبدهي لو كان علي  رضي الله عنه والأئمة معصومين لكان استغفارهم من ذنوبهم كذبا وعبثا، والأئمة الأحد عشر كانوا معترفين بأنهم غير معصومين، وما منهم إلا من حفظ الناس من أدعيته وتضرعاته ما يستغفر فيه الله من ذنوبه ولو كانوا معصومين لما كانت لهم ذنوب  (15) .
وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جواز وقوع المعصية من الإمام.
فقد روى مسلم عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم يصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم.
قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة. لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، إلا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية، ولا ينزعن يدا من طاعة))  (16) .
لقد بان لكل ذي عقل سليم أن ما يتمسك به الإمامية ريح لا يثبت، ووهم وخيال عاشوا فيه فضلوا وأضلوا الناس بغير علم.
ولقد صدق شيخ الإسلام ابن تيمية في وصفه لهؤلاء الذين يتعلقون بالوهم والخيال، يثبتون في دين الله تعالى ما لا يرضاه عاقل، ويدعون للأئمة العصمة وهو شيء فوق الخيال، يقول رحمه الله:
وهذا الذي تدعيه الرافضة إما مفقود عندهم، وإما معدوم عند العقلاء، وعلى التقديرين فلا منفعة لأحد به، لا في دين ولا في دنيا.. فمن علق به دينه بالمجهولات التي لا يعلم ثبوتها كان ضالا في دينه؛ لأن ما علق به دينه لم يعلم صحته، ولم يحصل له به منفعة، فهل يفعل مذل هذا إلا جاهل؟  (17) .
لعل الحقائق قد اتضحت، وبان الدليل أن مسألة العصمة للأئمة بدعة روج لها الشيعة والإمامية خاصة وفي سبيل إثبات هذا الإرجاف في دين الله عز وجل صادموا نصوص القرآن، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم.
فهل تبقى حجة لأذناب التشيع، ومروجي ادعاء حب آل البيت؟ وهل آن للناس أن تنفتح عقولها وعيونها؛ حتى تعرف هؤلاء القوم على حقيقتهم من غير لجاج ولا خداع؟!  (18) 
حجية الأئمة على القرآن


من البدع الشنيعة التي ابتدعها الشيعة في دين الله عز وجل: قولهم بعدم حجية القرآن إلا بالإمام، ومعنى ذلك أن النص القرآني لا يكون حجة إلا بالرجوع إلى الإمام.
يقول الكليني: القرآن لا يكون حجة إلا بقيِّم، وإن عليا كان قيم القرآن وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة على الناس بعد رسول الله  (1) .
الشيعة تفسر هذه النصوص بأن عليا كان القرآن الناطق، ويسمون القرآن بالقرآن الصامت، ويروون عن علي عليه السلام: هذا كتاب الله الصامت وأنا كتاب الله الناطق  (2) .
يقولون: إن الإمام هو القرآن نفسه، ويزعمون أنه لم يفسر القرآن إلا رجل واحد هو علي  (3) .
انظر إلى التناقض في قول هؤلاء عندما يروون: فإذا لبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن إنه شافع مشفع من جعله إمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه قاده إلى النار  (4) .
أي القولين نصدق؟ وكيف نقرأ القرآن والإمام الحجة غائب؟
إذا كان حجية القرآن في علي فقط، ثم انتقلت إلى باقي الأئمة حتى الإمام الغائب منذ ما يزيد على أحد عشر قرنا.
فمعنى ذلك: أن الاحتجاج بالقرآن متوقف على رجوعه، وبناء على ما سبق رتب الإمامية أن الأئمة وحدهم هم الذين اختصوا بمعرفة القرآن، لا يشاركهم فيه أحد، ويدعون أن علم معرفة القرآن عند علي فقط والأئمة من بعده.
ويروون عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أنزل علي القرآن وهو الذي من خالفه ضل، ومن يبتغي علمه عند غير علي هلك  (5) . وفي أصول الكافي عن أبي عبد الله قال: إن الناس يكفيهم القرآن لو وجدوا له مفسراً، وإن الرسول صلى الله عليه وسلم فسره لرجل واحد، وفسر للأئمة شأن ذلك الرجل وهو علي (6) .
وفي تفسير فرات: إنما على الناس أن يقرأوا القرآن كما أنزل، فإذا احتاجوا إلى تفسيره فالاهتداء بنا وإلينا. ويقول أحد الآيات وهو حسين البرجرودي: اعمل أن القرآن مخزون عند أهل البيت، وهو ما قضت به ضرورة المذهب.
ويروون عن أبي عبد الله: إني لأعلم ما في السموات، وما في الأرضين، وأعلم ما في الجنة، وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون، ثم مكث هنيهة، فرأى أن ذلك كبر على من سمعه فقال: علمت ذلك من كتاب الله تعالى يقول: ((فيه تبيان كل شيء))  (7) .
وسئل علي رضي الله عنه: هل عندكم شيء مما ليس في القرآن أو ما ليس عند الناس؟ فنفى ذلك نفياً قاطعاً؟
قال الطبري: إن مما أنزل الله من القرآن ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك تفصيل، وهو ظاهر التنزيل، ولا يعلمه الرسول إلا بوحي الله، ومنه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار، وذلك مما هو من أمور استأثر الله بعلمها كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ومنه ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان العربي الذي نزل به القرآن  (8) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا ابن عباس نقل من التفسير ما شاء الله بالأسانيد الثابتة، ليس في شيء منها عن علي، ويروي ابن عباس عن غير واحد من الصحابة، يروي عن أبي هريرة، وعبد الرحمن بن عوف، وعن زيد بن ثابت، وعن أبي، وأسامة بن زيد، وغير واحد من المهاجرين والأنصار، وروايته عن علي قليلة جدا، وكذلك كتب التفاسير  (9) .
فقد بان مما سبق أن احتكار الأئمة لتفسير القرآن، وعلمه دعوى باطلة، روج لها الشيعة، وهذا ما نفاه علي عليه السلام ولم يرضه الأئمة الأطهار، غير أن هؤلاء الدجالين خفاف العقول، اجترءوا أمرا عظيماً، واقترفوا فرية عظمى ألصقوها بالأئمة، حتى يلووا أعناق الناس قبلهم على طريقة أغمض عينيك واتبعني، وللأسف وجد من أغمض عقله وقلبه وبصره، واتبع هذا الزيف والخداع!!
وصدق الله تعالى: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46].  
اعتقادهم أن الأئمة تنسخ القرآن


بناء على أن الإمام هو القيم وهو القرآن الناطق، وأنهم خزنة العلم، وأنه بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكمل التشريع، بل إن بقية الشريعة أودعها النبي لعلي، وأخرج علي منها ما يحتاجه عصره، ثم أودع من بقي لمن بعده وهكذا إلى أن بقيت عند الإمام الغائب  (1) .
وبناء على ذلك لم ينقطع الوحي ويعتقدون أن: حديث كل واحد من الأئمة الطاهرين قول الله عز وجل ولا اختلاف في قولهم كما لا اختلاف في قوله تعالى  (2) .
وقالوا: يجوز لمن سمع حديثا عن أبي عبد الله – يعنون جعفر الصادق – أن يرويه عن أبيه أو عن أحد أجداده، بل يجوز أن يقول قال الله تعالى  (3) .
فكان للإمام عندهم تخصيص القرآن أو تقيده أو نسخه.
يقول أحد آياتهم في هذا العصر: إن الحكمة في التدريج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة، وكلنه – سلام الله عليه – أودعها عند أوصيائه كل وصي يعهد إلى الآخر ينشرها في الوقت المناسب لها حسب الحكمة من عام يخصص، أو مطلق يقيد، أو مجمل يبين، إلى أمثال ذلك فقد يذكر النبي صلى الله عليه وسلم عاماً ويذكره بعد برهة من حياته، وقد لا يذكره أصلا بل يودعه عنده وصيه  (4) .
يقول الكليني في الكافي: (باب التفويض إلى رسول الله والأئمة عليهم السلام أمر الدين).
ويقول: فما فوض إلى رسول الله وآله فوض إلينا  (5) .
ويقول: قال أبو عبد الله: لا والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الأئمة يقول الله عز وجل: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ [النساء: 105] وهي جارية على الأوصياء  (6) .
لقد اتضح مما سبق أن الإمامية يعتقدون أن الأئمة مفوضون من قبل الله تعالى أن يحدثوا أحكاما حسب الأحوال، بل ويجوز أن ينقل الناس عنهم كلامهم على أنه كلام الله تعالى، وأن حكم الله لا يزال جاريا.
وللأئمة الأوصياء أن يقولوا كلاما ينسخ كلام الله تعالى، وإلى آخر ما هنالك من الترهات والسخافات التي ملأوا بها عقول سفهائهم.
فهل هذه عقيدة قوم ينتسبون إلى الإسلام، وينادون بالتقريب بين المفاهيم الإسلامية. هل هذه عقيدة قوم يمكن أن يجتمع عليها المسلمون؟  (7) 
 أقوال الأئمة المعصومين –بزعمهم -في مسألة الإمامة والتدليل عليها بروايات كتب الشيعة:


أولاً: الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام:
في كتاب (أصول الكافي) كتاب (الحجة)، باب بعنوان: إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام، يروي عن الإمام السادس جعفر الصادق أنه قال: " إن الحجة لا تقوم لله عز وجل على خلقه إلا بإمام حتى يعرف "  (1) .
وقد وردت عدة روايات بهذا المضمون بألفاظ متشابهة في هذا الباب: "الدنيا لا يمكن أن تبقى بغير إمام". وورد باب آخر متصل بالباب السابق بعنوان: "باب أن الأرض لا تخلو من حجة"، وفيه وردت عدة روايات بنفس المضمون وبسند كامل، نذكر منها روايتين:"عن أبي حمزة: قلت لأبي عبد الله: تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت"  (2) .
ثانيتهما: "عن أبي جعفر قال: لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله". 
ثانياً: معرفة الأئمة والتسليم بهم شرط الإيمان:
في (أصول الكافي) باب بعنوان: "معرفة الإمام والرد عليه"، وردت فيه الرواية التالية، عن أحدهما أنه قال: "لا يكون العبد مؤمناً حتى يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه"  (3) .
كما وردت الرواية التالية بسند كامل في نفس الباب: عن ذريح قال: سألت أبا عبد الله عن الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان أمير المؤمنين ا إماماً، ثم كان الحسن إماماً، ثم كان الحسين إماماً، ثم كان علي بن الحسين إماماً، ثم كان محمد بن علي إماماً، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسول الله"  (4) .
ثالثاً: حكم الإيمان بالإمامة والأئمة وتبليغها صدرعن طريق الأنبياء كلهم والكتب السماوية كلها: 
يروى في (أصول الكافي) عن الإمام جعفر الصادق أنه قال: "ولايتنا ولاية الله لم يبعث نبي قط إلا بها". وفي نفس الصفحة يروي عن الإمام السابع أبي الحسن موسى بن جعفر الصادق أنه قال: "ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولم يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ووصية علي رضي الله عنه"  (5) .
رابعاً: الأئمة هم المقصودون بالحكم الذي نزل في القرآن بالإيمان بالله ورسله والنور الذي أنزله الله:
وفي (أصول الكافي) في باب: "إن الأئمة نور الله عز وجل" وردت الرواية التالية: "عن أبي خالد الكابلي: سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [التغابن:8]، فقال: يا أبا خالد! النور والله الأئمة"  (6) . وكلما جاء في آية من آيات القرآن ذكر للنور الذي أنزله الله، والذي يقصد به نور الهداية، أي: القرآن الكريم، وهو المقترن بالأمر الإلهي، أي: الإيمان بالله والرسول تقوم الروايات الشيعية - وهذا ما روي عن الإمام جعفر الصادق والإمام موسى الكاظم - بالقول بأن المقصود في الآيات من نور الله ليس القرآن، بل الأئمة الاثنا عشر، أئمة الشيعة، والحكم جاء بالإيمان جنباً إلى جنب مع الإيمان بالله ورسوله.
خامساً: طاعة الأئمة فرض: 
جاء في (أصول الكافي)، كتاب (الحجة)، في باب بعنوان: "باب فرض طاعة الأئمة" هذه الرواية عن أبي الصباح قال: "أشهد أني سمعت أبا عبد الله يقول: أشهد أن عليّاً إمام فرض الله طاعته، وأن الحسن إمام فرض الله طاعته، وأن الحسين إمام فرض الله طاعته، وأن علي بن الحسين إمام فرض الله طاعته، وأن محمد بن علي إمام فرض الله طاعته)  (7) .
كما يروي أيضا عن الإمام جعفر الصادق في نفس الباب في (أصول الكافي) أنه قال: "نحن الذين فرض الله طاعتنا، لا يسع الناس إلا معرفتنا، ولا يعذر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمناً، ومن أنكرنا كان كافراً، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالاً، حتى يرجع إلى الهدى الذي افترضه الله عليه من طاعته الواجبة"  (8) .وهناك رواية أخرى بهذا المضمون عن الإمام محمد الباقر والد الإمام جعفر الصادق، قال الباقر بعد أن أوضح إمامة الأئمة ووجوب طاعتهم: "هذا دين الله ودين ملائكته"  (9) .
سادساً: طاعة الأئمة واجبة كطاعة الرسل:
عن أبي الحسن العطار قال: سمعت أبا عبد الله يقول: " أشرك بين الأوصياء والرسل في الطاعة"  (10) . ويقول العلامة القزويني شارح (أصول الكافي) في شرحه لهذه الرواية: يمكن أن تكون صيغة (أشرك) صيغة أمر، كما يمكن أن تكون صيغة مجهولة للمفرد الغائب، والنتيجة في الحالتين واحدة...  (11) .
سابعاً: للأئمة حرية الاختيار في التحليل والتحريم:
في (أصول الكافي) كتاب (الحجة)، في باب مولد النبي صلى الله عليه وسلم، يروي عن محمد بن سنان أنه طلب من أبي جعفر الثاني، محمد بن علي التقي تفسير سبب وجود الاختلاف بين الشيعة في مسألة الحلال والحرام فقال:"يا محمد! إن الله تبارك وتعالى لم يزل منفرداً بوحدانيته، ثم خلق محمداً، وعليّاً، وفاطمة، فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الأشياء، فأشهدهم خلقها، وأجرى طاعتهم عليها، وفوض أمورها إليهم، فهم يحلون ما يشاءون، ويحرمون ما يشاءون، ولن يشاءوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى" (12) .
ومن الجدير بالذكر هنا أن العلامة القزويني قد صرح في شرحه لهذا الحديث أن المقصود من محمد وعلي وفاطمة، هم الثلاثة الذين ورد ذكرهم، وجميع الأئمة الذين يولدون من نسلهم  (13) . وعلى كل حال، فإن ملخص رد الإمام أبي جعفر الثاني محمد بن علي التقي، وهو الإمام التاسع، هو أن للأئمة حرية الاختيار في تحليل ما يرونه حلالاً وتحريم ما يرونه حراماً، ونتيجة لحرية الاختيار هذه فإن إماماً من الأئمة يحلل شيئاً ما أو عملاً ما بينما الإمام الآخر يحرمه، ونتيجة لهذا ظهرت الاختلافات بين الشيعة فيما يتعلق بالتحليل والتحريم.
ثامناً: الأئمة معصومون كالأنبياء عليهم السلام:
وفي (أصول الكافي) في (باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته) وردت خطبة طويلة للإمام الثائر علي بن موسى الرضا، وقد صرح بعصمة الأئمة عدة مرات، وهو يوضح في خطبته هذه فضائل وخصائص الأئمة، جاء في موضع منها قوله:"الإمام المطهر من الذنوب، والمبرأ من العيوب". ثم يقول بعد ذلك عن صفة الإمام: "فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطأ والزلل والعثار، يخصه الله بذلك، ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه"  (14) .
تاسعاً: حديث عجيب وغريب للإمام جعفر الصادق عن حمل ومولد الأئمة المعصومين: 
في (أصول الكافي) باب بعنوان: (مواليد الأئمة عليهم السلام)، وهو يحتوي على روايات عجيبة غريبة عن مولد الأئمة، وأغرب رواية تستحق أن تذكر هنا هي أول رواية، وهي طويلة، ولهذا سنكتفي بذكر ملخصها، ويمكن لمن يريد الوقوف على النص مراجعته في الأصل.
يقول أبو بصير الصديق الملازم للإمام جعفر الصادق وكاتم أسراره: في اليوم الذي ولد فيه الإمام موسى الكاظم، الإمام السابع، نجل الإمام المذكور، قال الإمام الممدوح: تكون ولادة كل إمام ووصي هكذا، في الليلة التي يكتب فيها الله لحمله أن يستقر، ففي تلك الليلة يرسل الله ملكاً من عنده بكوب من شراب لذيذ نفيس، يحمله إلى الوالد، ويسقيه له، ويقول له: توجه الآن وجامع زوجتك، فقد استقر حمل الإمام الذي يولد في رحم الأم. 
بهذه المناسبة يفصل الإمام جعفر الصادق الحديث فيقول: (لقد حدث هذا مع جد جدي الإمام الحسين، وهكذا ولد جدي الإمام زين العابدين، ثم حدث معه نفس الشيء، فكان مولد والدي، وهكذا ولدت أنا أيضاً في تلك الليلة التي استقر فيها حمل وليدي الجديد، موسى الكاظم في رحم زوجتي. 
في تلك الليلة حدث معي نفس الشيء  فقد جاءني من عند الله ملك يحمل كوباً من الشراب اللذيذ النفيس، وطلب مني أن أجامع زوجتي، فجامعتها، فكان حملها لابني موسى هذا). وفي هذه الرواية أيضاً أن الإمام والوصي حين يخرج من بطن أمه يأتي هكذا، تكون يده على الأرض، ورأسه مرفوعاً إلى السماء  (15) . ونقدم الآن آخر رواية في هذا الباب.
عاشراً: الخصائص العشر التي تميز الأئمة عن بقية البشر:
الراوي هنا زرارة، يقول عن الإمام الباقر: "للإمام عشر علامات، يولد مطهراً مختوناً، وإذا وقع على الأرض وقع على راحتيه، رافعاً صوته بالشهادتين، ولا يجنب، وتنام عيناه ولا ينام قلبه، ولا يتثاءب، ولا يتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة المسك، والأرض مأمورة بستره وابتلاعه، وإذا لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت وفقاً، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبراً"  (16) .
الحادي عشر: حمل الأئمة لا يكون في رحم الأم، بل يكون في جنبها ويولد من فخذها: 
في (أصول الكافي) ورد القول السابق كواحد من الخصائص التي تميز الأئمة عن غيرهم من البشر، لكن العلامة المجلسي في (حق اليقين): يروي عن الإمام الحادي عشر، الحسن العسكري، فيقول: "حملنا نحن - أوصياء الأنبياء، أي الأئمة - لا يكون في رحم البطن، بل يكون في الجانب، ونحن لا نأتي من خارج الرحم، بل نأتي من أفخاذ الأمهات، لأننا نحن الأئمة نور الله تعالى، لهذا فهو يضعنا بعيداً عن القذارة والنجاسة"  (17) . ولعل ما يقصده العلامة المجلسي من بيانه لرواية الإمام الحسن العسكري في (أصول الكافي) هي الخصوصية الأولى من خصائص الأئمة، أي: يولد الإمام مطهراً.
الثاني عشر: درجة الإمامة أعلى من درجة النبوة:
ويقول العلامة باقر المجلسي، السابق الذكر في كتابه: (حياة القلوب): إن "الإمامة أعلى من رتبة النبوة" (18) .
الثالث عشر: المؤمنون "الشيعة" بإمامة الأئمة المعصومين, لهم الجنة حتى لو كانوا فجرة فاسقين، والمسلمون الآخرون لهم النار حتى لو كانوا من البررة المتقين:
ورد في (أصول الكافي)، باب: (فيمن دان الله عز وجل بغير إمام من الله جل جلاله)، الرواية التالية: عن الإمام الباقر أنه قال: "إن الله لا يستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية، وإن الله ليستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة" (19) .
وفي نفس الباب رواية عن أحد مريدي الشيعة المخلصين للإمام جعفر الصادق، ويدعى عبد الله بن أبي يعفور، قدم إلى الإمام المذكور وقال: "إني أخالط الناس، فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلاناً وفلاناً، لهم أمانة وصدق ووفاء، وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء والصدق". 
وتذكر الرواية أن عبد الله بن أبي يعفور قال: ما إن سمع الإمام كلامي حتى جلس غاضباً، وقال لي: "لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله"  (20).
الرابع عشر: درجة الأئمة تتساوى مع درجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أفضل وأعلى من جميع المخلوقات والأنبياء الآخرين عليهم السلام:
في (أصول الكافي) كتاب (الحجة)، ورد حديث طويل للإمام جعفر الصادق عن فضل ودرجة ومرتبة الإمام علي المرتضى ومن بعده من الأئمة، جاء في بدايته ما يلي: (ما جاء به علي آخذ به، وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد، ولمحمد الفضل على جميع خلق الله عز وجل، المتعقب عليه في شيء  من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله، والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله، كان أمير المؤمنين باب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من سلك غيره يهلك، وكذلك جرى لأئمة الهدى واحداً بعد واحد). 
ومما يروونه عن أمير المؤمنين: (الملائكة وجميع الأنبياء سلموا لي كما سلموا لمحمد، وأنا من أرسل الناس إلى الجنة وإلى النار).
ورد في الرواية السابقة ما يلي: وكان أمير المؤمنين كثيراً ما يقول: "أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا صاحب (العصا والميسم)، ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا لمحمد"  (21) .  (22) 
إبطال ما ادعته الشيعة من عصمة أئمتهم:


أما اعتقادهم خوف وقوع الخطأ من الإمام لو لم يكن معصوماً، فإنه من المعلوم عند الناس أن المقصود من تنصيب الإمام هو تنفيذ الأحكام ودرء المفاسد، وحفظ الأمن والنظر في مصالح العامة وغير ذلك، وليس من شرط بقائه في الحكم أن يكون معصوماً. ولم يطالبه الشرع بإصابة عين الحق حتما في كل قضية، وإنما المطلوب منه أن يتحرى العدل بقدر الإمكان، ولا مانع بعد ذلك أن يخطئ ويصيب كبقية الناس.
وادعاؤهم أنه لا يجوز عليه الخطأ يكذبه العقل والواقع.
وكذلك زعمهم أنه لا بد من إمام معصوم للناس، فإنه لا يكفي إمام واحد فإن البلدان متباعدة، ووجود إمام واحد في كل عصر لا يكفي للجميع، فوجب إذاً أن يكون في كل بلد إمام معصوم يباشر الحكم بنفسه وإلا هلك الناس، ولا يجوز له أن ينيب أحداً مكانه لجواز الخطأ عليه، وفي هذا من العنت ما لا خفاء فيه.
ولو طلب من هؤلاء الشيعة الذين يدّعون عصمة أئمتهم أن يأتوا بدليل واحد من القرآن أو السنة النبوية أو عن الصحابة، أو عن إجماع الأمة لما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، إذ القرآن الكريم لم يصرح بعصمة أحد، بل أثبت أن المعصية من شأن الإنسان، فإنه قد صدرت من آدم الذي هو أبو البشر، وأخبر عن موسى بأنه قتل، وعن يونس أنه ذهب مغاضباً.
وفيه عتاب من الله تعالى لبعض أنبيائه ورسله بسبب تصرفات صدرت منهم.
وورد في السنة النبوية ما يشير إلى ذلك في وقائع صدرت من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ [التوبة:43]، وما ورد في عتابه عن أخذهم الفداء من أسارى معركة بدر، وغير ذلك مما هو معروف في الكتاب والسنة وأقوال علماء الإسلام.
ومن العجيب أنه قد صرح كل الأئمة بعدم عصمتهم في كثير من المناسبات، ثم يروي الشيعة بعض ذلك في كتبهم، ثم لا يأخذون بها.
روى الكليني في باب التسليم على النساء، عن علي  رضي الله عنه أنه كان يكره التسليم على الشابة منهن, ويقول: "أتخوف أن يعجبني صوتها، فيدخل علي أكثر مما أطلب من الأجر"  (1) .
وكان يقول لأصحابه: "لا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل فإني لست آمن أن أخطئ "  (2) .
ورووا كذلك أن الحسين بن عليّ بن أبي طالب كان يبدي الكراهية من صلح أخيه الحسن مع معاوية، ويقول: "لو جز أنفي كان أحب إلي مما فعله أخي"  (3) .
ومن المعلوم أنه إذا خطأ أحد المعصومين الآخر ثبت خطأ أحدهما بالضرورة، فأين العصمة بعد ذلك؟
ثم إن دعوى عصمة أحد من الناس - إلا ما ورد فيه الخلاف في عصمة الأنبياء- دعوى تعارض الطبيعة البشرية المركبة من الشهوات، كما أنه لا يمدح الإنسان لأنه معصوم، بل يمدح لأنه يجاهد نفسه على فعل الخير كما أخبر الله بذلك في أكثر من موضع من كتابه الكريم.
ولهذا رتب الله الجزاء على حسب قيام الشخص بما كلفه الله به، وأعطاه القدرة والإرادة ليكون بعد ذلك طائعاً أو عاصياً، فاعلاً أو تاركاً، ولو عصم الله من المعاصي أحداً -غير الأنبياء- لما كان للتكليف معنى، بل حتى الأنبياء كلفهم الله تعالى ولم يرفع الله عن أحد التكليف وامتثال أمره ونهيه، ما دام الشخص في كامل عقله وصحته، ولو لم يكن الإنسان محلاً للطاعة والعصيان لما كان للتكليف معنى. 
 مظاهر الغلو في أئمتهم:


ومن مظاهر الغلو في الأئمة:
- الأئمة يعلمون الغيب، وفاقوا في ذلك موسى عليه السلام: 
في باب بعنوان: (إن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وإنه لا يخفى عليهم شيء )، جاءت الرواية الأولى تقول: إن الإمام جعفراً الصادق قال في مجلس يضم خواصه، لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما، ولأنبأتهما ما ليس في أيديهما، لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة، وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وراثة (1) .
- سيشهد الأئمة على أهل زمانهم يوم القيامة:
في باب: (إن الأئمة شهداء لله عز وجل على خلقه) رواية عن الإمام جعفر الصادق حين سئل عن الآية التالية: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا [ النساء:41]. 
قال الإمام جعفر الصادق: (نزلت في أمة محمد خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم، ومحمد شاهد علينا)  (2) .
والرواية الأخيرة في هذا الباب تقول: قال أمير المؤمنين: (إن الله تبارك وتعالى طهرنا، وعصمنا، وجعلنا شهداء على خلقه، وحجة في أرضه)  (3) .
- جميع الكتب التي نزلت على الأنبياء السابقين كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها موجودة لدى الأئمة، يقرؤونها بلغاتها الأساسية: 
وفي (أصول الكافي) باب بعنوان: (إن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل، وإنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها)، وهو يحتوي على عدة روايات بهذا المضمون، وتذكر أحداثاً وردت أيضاً بنفس المضمون في الأبواب السابقة، وتذكر إحدى الروايات أن الإمام جعفراً الصادق قال: (وإن عندنا علم التوراة والإنجيل والزبور، وتبيان ما في الألواح)  (4) .
وفي الباب الثاني في (أصول الكافي) يروى عن الإمام جعفر أنه سئل عن قوله: (إن لدينا الجفر الأبيض)، فقال: (زبور داود عليه السلام، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم)  (5) .
- يمتلك الأئمة وسائل عجيبة وغريبة للعلوم، بالإضافة إلى القرآن والحديث:
في باب بعنوان: (باب فيه ذكر الصحيفة، والجفر، والجامعة، ومصحف فاطمة) وردت الرواية الأولى، وهي طويلة جدّاً، ونورد ملخصها:(يقول أبو بصير، وهو طبقاً لروايات الشيعة من خواص ومن حاملي أسرار الإمام جعفر الصادق: حضرت إلى جعفر الصادق ذات يوم، وقلت له: إنني أود أن أكشف أمراً خاصاً، فهل هناك من أجنبي هنا؟ فرفع الإمام الحجاب الفاصل بين مجلسنا والمجلس الآخر فلم نشاهد أحداً، ثم قال: سل ما شئت، فسألت سؤالاً عن علم المرتضى والأئمة، ففصل الإمام الحديث عن هذا الأمر). 
ومما جاء في نهاية الرواية: (وإن عندنا الجفر، قلت: وما يدريهم ما الجفر؟ قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، ثم قال: وإن عندنا لمصحف فاطمة قلت: وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟ قال: فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد)  (6) . تحذير هام:
من الملاحظ هنا أن الإجابة التي نقلها راوي الرواية أبو بصير عن الإمام جعفر الصادق ذكرت القرآن مرتين هكذا: (قرآنكم)، كما قيل عن مصحف فاطمة: "إنه أكثر من قرآنكم ثلاث مرات، ولا يوجد فيه حرف من قرآنكم". 
وهناك الآلاف من هذه الافتراءات التي افترى فيها أبو بصير وغيره على أئمة أهل البيت، وهي متناثرة في (أصول الكافي)، وغيره من كتب الشيعة، ولا يمكن لأي مؤمن أن يساوره أي شك في إيمان آل البيت حتى يضعوا قرآناً غير القرآن الكريم الذي أنزله الله على رسوله. لقد سمعنا من البوذيين والنصارى وهم يناظروننا ويقولون في (قرآنكم) كذا أو كذا، وجاء في (قرآنكم) هذا وذاك.
ونحن على يقين أن الإمام جعفراً الصادق لم يذكر أبداً هذا الأمر عن القرآن الكريم، وتلك الروايات هي في الأصل من اختلاق هؤلاء الرواة، الذين ألفوا المذهب الشيعي، ونسبوا كل هذه الخرافات إلى الإمام جعفر الصادق والإمام الباقر وكبار أهل البيت، وراوي الرواية السابقة أبو بصير هو واحد من أولئك الناس الذين لعبوا دوراً كبيراً في هذا الافتراء الكاذب على آل البيت. 
ومن الجدير بالذكر هنا أن أبا بصير، وزرارة، وغيرهم من رواة هذه الخرافات -وهم في الأصل مؤلفو المذهب- قد سكنوا منطقة الكوفة، بينما كان الإمام الباقر والإمام جعفر الصادق في المدينة، وكان هؤلاء الناس يذهبون أحياناً من الكوفة إلى المدينة، ثم يعودون إلى الكوفة، لينسبوا ما نسبوه إلى الأئمة داخل مجالسهم الخاصة في الكوفة، وهكذا صارت تلك الروايات هي أساس المذهب الشيعي... 
- أعمال العباد تعرض على الأئمة:
في (أصول الكافي) باب بعنوان: (باب عرض الأعمال على النبي والأئمة)، وفيه رواية تقول: إن عبد الله بن أبان الزيات، وهو من خاصة الشيعة، طلب من الإمام الرضا  رضي الله عنه الدعاء له قائلاً: "ادع الله لي ولأهل بيتي، فقال: أولست أفعل؟ والله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة". 
وتقول الرواية إن عبد الله بن أبان استعظم هذا الأمر، فقال الإمام الرضا: ألم تقرأ هذه الآية القرآنية: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ  [ التوبة:105]،  فالمقصود بـ (المؤمنون) في هذه الآية هو (علي بن أبي طالب)  (7) .
وكتب العلامة القزويني في هذا الشرح: (إن ما قاله الإمام الرضا من تفسير كلمة: (المؤمنون) هو علي  رضي الله عنه فقط، ذلك لأن سلسلة الإمامة مستمرة، وإن كان المقصود ليس علياً فقط، بل المراد جميع الأئمة الذين يولدون من نسله)  (8) .
- الملائكة يتوافدون على الأئمة:
في (أصول الكافي) باب بعنوان: (إن الأئمة معدن العلم، وشجرة النبوة ومختلف الملائكة). وقد وردت فيه رواية عن الإمام جعفر الصادق، أنه قال: "ونحن شجرة النبوة، بيت الرحمة، ومفتاح الحكمة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة"  (9) .
- معراج الأئمة كل ليلة جمعة، يصلون إلى العرش، وهناك ينالون العلم الجديد: 
يروى عن الإمام جعفر الصادق في (أصول الكافي) أنه قال: "إن لنا في ليالي الجمعة لشأن من الشأن. ويؤذن لأرواح الأوصياء الموتى، وروح الوصي الذي بين أظهركم تعرج بها إلى السماء، حتى توافي عرش ربها، فتطوف به أسبوعاً فتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها، فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سروراً، ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل الجم الغفير"  (10) .
وقد وردت عدة روايات بعد هذه الرواية بنفس المضمون. 
- نال الأئمة جميع العلوم التي وهبها الله للملائكة والأنبياء والرسل، ونالوا علوماً لم يهبها الله للأنبياء ولا الملائكة:
في باب: (إن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام)، ورد هذا الحديث في أوله: عن أبي عبد الله  قال: "إن الله تبارك وتعالى علمني علماً أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه، وعلماً استأثر الله به، فإذا بدا لله بشيء  منه أعلمنا ذلك، وعرض على الأئمة الذين كانوا من قبلنا"  (11) .
- يتنزل على الأئمة من عند الله كتاب في ليلة القدر كل سنة تنزل به الملائكة والروح: 
ورد في باب البداء، في (أصول الكافي) رواية عن الإمام جعفر الصادق أنه قال في تفسيره لآية: يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39]. (وهل يمحو إلا ما كان ثابتاً، وهل يثبت إلا ما لم يكن)  (12) .
ويقول شارح (أصول الكافي) العلامة القزويني: (المقصود بنزول كتاب مفصل في كل سنة هو الكتاب الذي تفسر فيه أحكام الحوادث التي يحتاج إليها إمام ذلك الزمان حتى العام التالي، وهذا الكتاب تتنزل به الملائكة والروح على إمام الزمان ليلة القدر)  (13) . ويتضح أن المقصود بـ(الروح) لدى الشيعة ليس الروح الأمين جبريل، بل (الروح) لديهم عبارة عن مخلوق، هو عندهم أعظم شأناً من جبريل الأمين وجميع الملائكة.
وقد ذكر القزويني في كتابه (الصافي) ذلك الأمر بصراحة، وهناك باب آخر من أصول (الكافي) بعنوان: باب في شأن: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر:1]:(ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها تفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة)  (14) . والمفهوم من هذه الرواية هو نفسه ما يفهم من العبارات السابقة لكتاب القزويني (الصافي)، أي: ينزل كتاب من عند الله على الإمام في ليلة القدر كل سنة، يوضح جميع الأحداث والمعاملات التي ستحدث طوال السنة، وحتى ليلة القدر القادمة.
- الأئمة يعرفون ساعة موتهم، وموتهم داخل في دائرة اختيارهم:
في (أصول الكافي) باب بعنوان: (إن الأئمة يعلمون متى يموتون وإنهم لا يموتون إلا باختيار منهم)  (15) .
وهذا المعنى يفهم من الروايات التي ترد عن الأئمة في الباب المذكور، والرواية الأخيرة في هذا الباب لها مكانتها لدى الشيعة، ومن هنا ننقلها هنا:"عن أبي جعفر قال: أنزل الله عز وجل النصر على الحسين  رضي الله عنه حتى كان بين السماء والأرض، ثم خير بين النصر ولقاء الله، فاختار لقاء الله عز وجل" (16) . ولنا أن نفكر في السلوك الذي يسلكه الشيعة في مآتمهم التي يقيمونها بمناسبة ذكرى شهادة الحسين في ضوء تلك الرواية.
- كان لدى الأئمة معجزات الأنبياء السابقين أيضاً:
في باب بعنوان: (باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء) وردت الرواية الأولى التي ننقل ملخصها، وهي عن الإمام الباقر، وتتعلق بعصا موسى عليه السلام، وهي معجزة موسى الخاصة التي ذكرها القرآن الكريم أكثر من مرة. 
يُحكى عن الإمام الباقر أنه قال: "إن هذه العصا هي في الأصل عصا آدم عليه السلام، أخذت تنتقل حتى وصلت إلى موسى عليه السلام، وهي الآن لدينا، وسوف تنتقل إلى آخر الأئمة - المهدي - ليقوم عن طريقها بما قام به موسى عليه السلام في زمانه"  (17) .
ويروي فيما بعد عن الإمام الباقر أن أمير المؤمنين علياً المرتضى، خرج ذات ليلة بعد العشاء يقول: "خرج عليكم الإمام، عليه قميص آدم، وفي يده خاتم سليمان، وعصا موسى"  (18) .
- الأئمة يمتلكون الدنيا والآخرة، يهبون من يشاءون ويعطون لمن يشاءون:
في (أصول الكافي) كتاب (الحجة)، باب بعنوان: (باب إن الأرض كلها للإمام عليه السلام )، يروى عن أبي بصير أن الإمام جعفراً الصادق قال رداً على سؤال: " أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء"  (19) .
- الإمامة مركبة من النبوة والألوهية:
ما نقلناه من كتب الشيعة ولأهل التشيع عن الأئمة والإمامة يكفي لنعرف ولنفهم أن الأئمة -من وجهة نظر المذهب الشيعي- لهم ما للأنبياء من صفات وخصائص، وكمالات ومعجزات، ودرجتهم أعلى من درجة جميع الأنبياء السابقين، حتى الأنبياء أولوالعزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، فهم يتساوون تماماً مع خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. 
وأكثر من هذا، فهم يحملون الصفات الإلهية، وهم يطلعون على عالم الغيب والشهادة لا يخفى عليهم شيء، لا يمكن أن نتصور أن يصدر عنهم أي سهو أو نسيان أو غفلة، يحكمون الكائنات ذرة ذرة، أي لهم سلطة: (كن فيكون)، وهم يملكون الدنيا والآخرة، يهبون من يشاءون ويحرمون من يشاءون... والبحث في عقائد الشيعة يجعلنا ندرك مدى التقارب والتشابه بينهما وبين المسيحية الحالية المحرفة.
موقف الأئمة من الغلو فيهم:


إن القوم لم يجبلوا إلا على الكذب، ولم يخلقوا إلا مع الكذب كأنهم والكذب توأمان، فلقد كذبوا وما أكثره وأشنعه بأن أئمتهم يملكون الأوصاف الإلهية المختصة بذات الله وجلاله، وأنهم يشاركونه في أموره وتقديراته - سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً-.
فهذا هو كلينيهم - وهو كالبخاري عند السنة - يكذب على علي بن أبي طالب  رضي الله عنه أنه قال: لقد أعطيت خصالاً لم يعطهن أحد قبلي - وحتى الأنبياء -، علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يعزب عني ما غاب عني" (الأصول من (الكافي) 19/ 197).
والثابت في كتاب الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم:  وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [ لقمان: 34].
ومن أوصاف الله عز وجل أنه  لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ  [ سبأ:3].
وأنه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول:  لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ  [ النمل: 65].
وأما القوم فلم يكتفوا على أن يثبتوا الصفات الربانية المختصة بمقامه وشأنه -جل وعلا- لعلي  رضي الله عنه مخالفين كتاب الله وتعاليم رسوله صلى الله عليه وسلم، بل أثبتوها لأئمتهم جميعاً، فلقد بوب الكليني باباً مستقلاً: إن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وإنه لا يخفى عليهم الشيء.
ثم نقل عن جعفر الصادق - وهو يكذب عليه - أنه قال: إني أعلم ما في السماوات والأرض وأعلم ما في الجنة وما في النار وأعلم ما كان وما يكون.
كما كذبوا على أبيه محمد الباقر أنه قال: لا يكون والله عالماً جاهلاً أبداً، عالما بشيء، جاهلاً بشيء، ثم قال: الله أجل وأعز وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه، ثم قال: لا يحجب ذلك عنه" (الأصول من (الكافي) 1/ 262).
وكذبوا على أبي الحسن أنه كان جالساً وعنده إسحاق بن عمار، فدخل عليه رجل من الشيعة، فقال له: يا فلان! جدد التوبة وأحدث العبادة، فإنه لم يبق من عمرك إلا شهر، قال إسحاق: فقلت في نفسي: واعجباه كأنه يخبرنا أنه يعلم آجال الشيعة أو قال: آجالنا، قال: فالتفت إلي مغضباً - لأنه عرف ما اختلج في صدره - وقال: يا إسحاق وما تنكر من ذلك … يا إسحاق أما أنه يتشتت أهل بيتك تشتتاً قبيحاً، ويفلس عيالك إفلاساً شديداً" (رجال الكشي ص348) تحت ترجمة إسحاق بن عمار ط كربلاء.
هذا، وإله الحق يقول: وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ  [ الأنعام: 59].
وقد أقر بذلك جعفر الصادق وأنكر عنه وعن غيره من أهل البيت الغيب كما رواه القوم أنفسهم عن سدير أنه قال:
كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزار وداؤد بن كثير في مجلس أبي عبد الله عليه السلام إذ خرج علينا وهو مغضب، فلما أخذ مجلسه قال: يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة، فهربت مني فما علمت في أي دار هي؟" (كتاب (الحجة) من (الكافي)" 1/ 257).
ومثله في رجال الكشي حيث سئل عنه أن أبا الخطاب - أحد تلامذته - يقول: إنك تعلم الغيب وأنت قلت له هذا؟ فقال جعفر: وأما قوله: إني كنت أعلم الغيب فوالله الذي لا إله إلا هو ما أعلم الغيب، ولا آجرني الله في أمواتي ولا بارك لي في أحيائي إن كنت قلت له، قال: (أي الراوي) وقدامه جويرية سوداء تدرج قال (أي جعفر): لقد كان مني إلى أم هذه بخطة القلم فأتتني هذه فلو كنت أعلم الغيب ما كانت تأتيني، ولقد قاسمت مع عبد الله حائطاً بيني وبينه، فأصابه السهل والشرب وأصابني الجبل، فلو كنت أعلم الغيب لأصابني السهل والشرب وأصابه الجبل". (رجال الكشي ص248).
وكذبوا على محمد الباقر حيث روى أبو بصير أنه قال:
قلت لأبي جعفر عليه السلام: أنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرؤا الأكمه والأبرص؟ قال: نعم بإذن الله، ثم قال لي: ادن مني يا أبا محمد! فدنوت منه، فمسح على وجهي وعلى عيني فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت وكل شيء  في البلد، ثم قال لي: أتحب أن تكون هكذا أو بك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصاً؟ قلت: أعود كما كنت، فمسح على عيني، فعدت كما كنت" (كتاب (الحجة) من (الكافي) 1/ 470).
ومن أكاذيبهم على أئمتهم أن عندهم جميع الكتب التي أنزلت وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها". (الأصول من (الكافي) ج1 ص227).
و "إن الأئمة يعلمون متى يموتون، وإنهم يموتون باختيار منهم". (الأصول من (الكافي) 1/ 258).
و "إن الأئمة لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وما عليه". (الأصول من (الكافي) 1/ 264).
و "إن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم، وتطأ بسطهم، وتأتيهم بالأخبار". (الأصول من (الكافي) كتاب (الحجة) 1/ 393).
و "عندهم علم لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل". (الأصول من (الكافي)" 1/ 402).
و "إن الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء  فيه روح". (قرب الإسناد" للحميري ص146 ط مكتبة نينوى طهران).  (1) 
 التعريف بالتقية ومكانتها عند الرافضة الاثني عشرية:


التقية في اللغة يراد بها الحذر. يقال: توقَّيت الشيء أي حذرته.
والتقية في مفهوم الشيعة معناها: أن يظهر الشخص خلاف ما يبطن.
أي أن معناها: النفاق والكذب والمراوغة والبراعة في خداع الناس، لا التقية التي أباحها الله للمضطر المكره  (1) .
وقد ذمهم في هذا الموقف بعض علمائهم الذين يحبون الإنصاف، فهذا الدكتور موسى الموسوي يقول:
(لقد أراد بعض علمائنا –رحمهم الله- أن يدافعوا عن التقية، ولكن التقية التي يتحدث عنها علماء الشيعة وأمْلَتْها عليها بعض زعاماتها هي ليست بهذا المعنى إطلاقا، إنها تعني أن تقول شيئاً وتضمر شيئاً آخر، أو تقوم بعمل عبادي أمام سائر الفرق وأنت لا تعتقد به، ثم تؤديه بالصورة التي تعتقد به في بيتك"  (2) .
ونجد مصداق هذا في أصح الكتب عندهم حيث يروي الكليني عن أبي عبد الله أنه قال: (خالطوهم بالبرانية، وخالفوهم بالجوانية)  (3) .
وللتقية عند الشيعة مكانة مرموقة، ومنزلة عظيمة فقد اعتبروها -على حسب المفهوم السابق عندهم- أصلاً من أصول دينهم لا يسع أحداً الخروج عنها، وقد بحثوها في كتبهم كثيراً، وبينوا أحكامها وما ينال الشخص من الثواب الذي لا يعد ولا يحصى ولا يصدق لمن عمل بها، وعامل الناس بموجبها فخدعهم وموه عليهم، وكم تأثر الناس وانخدعوا بحيل هؤلاء الذين جعلوا التقية مطية لهم.
ولبيان منزلة التقية عند الشيعة نورد الأمثلة التالية:
- التقية أساس الدين، من لا يقول بها فلا دين له.
روى الكليني عن محمد بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القيام للولاء فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: "التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له"  (4) .
وفيما يرويه عن أبي عبد الله أنه قال لأبي عمر الأعجمي: يا أبا عمر، بل وصل اعتناؤهم بالتقية إلى حد تأويل الآيات عليها، مثل قوله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ  [ فصلت: 34] قال أبو عبد الله - كما زعم الكليني -: (الحسنة: التقية: والسيئة: الإذاعة)  (5) .
اعتقدوا أن التقية عز للدين، ونشره ذل له. كما روى الكليني عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله: "يا سليمان، إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله"   (6) .
ولا شك أن هذا قلب للحقائق، فإن الله عز وجل طلب من الناس جميعاً نشر العلم وبيانه. وقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ  [ المائدة: 67]، وقال الله: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [ الحجر:94].
وقد امتثل الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ربه فلم يكتم من العلم شيئاً، بل وطلب إلى أمته أن ينشروا العلم بكل وسيلة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((بلغوا عني ولو آية))  (7) ، وقال: ((نضر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمع، فرب مبلغ أوعى من سامع))  (8) .
وقد أثنى الله في كتابه الكريم على الصادقين الشجعان الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فقال عز وجل:الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ  [ الأحزاب:39] وقال تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا[الأحزاب:23-24].
كما ذم الله تعالى المنافقين المخادعين للناس فقال تعالى: إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [ المنافقون:1].
وقال تعالى: وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ [البقرة:14].
وليس من هدي الإسلام استحلال الكذب على طريقة الشيعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:((عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً))  (9) .
- جعل الشيعة ترك التقية مثل ترك الصلاة تماماً. قال القمي: (التقية واجبة، من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة)  (10) . وهذا من أغرب الأقوال، فإن التقية رخصة جعلها الله في حالة الضرورة القصوى، بشرط أن لا يشرح بالكفر صدراً, فكيف يعاقب من تركها، بل قال البغوي: (والتقية لا تكون إلا مع خوف القتل وسلامة النية، قال تعالى: إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ  [ النحل:106]، ثم هذا رخصة! فلو صبر حتى قتل فله أجر عظيم  (11) 
- حدد الشيعة لجواز ترك التقية بخروج القائم من آل محمد (المهدي المنتظر).
قال القمي: (التقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج على دين الله تعالى، وعن دين الإمامية، وخالف الله ورسوله والأئمة)  (12) .
والحقيقة أن من تركها لا يخرج إلا عن دين الإمامية فقط وعن خرافاتها.
- حرفوا معاني الآيات إلى ما يوافق هواهم، وكذبوا على آل البيت.
قال القمي: "وقد سئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  [ الحجرات:13]  قال: أعلمكم بالتقية"  (13) ، أي على هذا التفسير أكرمكم هو أكذبكم على الناس.
- زعم الشيعة أن المعيار الصحيح لمعرفة الشيعي من غيره هو الاعتقاد بالتقية، وينسبون إلى الأئمة المعصومين- في زعمهم- أنهم هم الذين قالوا هذا الكلام.
فقد رووا عن الحسين بن علي بن أبي طالب الإمام الثالث أنه قال: "لولا التقية ما عرف ولينا من عدونا" (14) .
ومعنى هذا أن معرفة خداع الناس، والمبالغة فيه هو الذي يميز الشيعة عن غيرهم.
- ساوى الشيعة بين التقية وبين الذنوب التي لا يغفرها الله كالشرك.
فرووا عن عليّ بن الحسين الإمام الرابع أنه قال: "يغفر الله للمؤمن كل ذنب ويطهره منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين، ترك التقية، وترك حقوق الإخوان"  (15) .
ولكن الله تعالى قد قال: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء  [النساء:48]  
وهذه المواقف للشيعة تجعل من الصعوبة بمكان التفاهم المخلص بينهم وبين المخالفين لهم -خصوصاً أهل السنة- وذلك أن الشيعي إذا رأى أنه في موقف الضعف لجأ إلى التقية، وفي هذه الحال له من الأجر الذي قدّره الشيعة ما يعادل مصافحته لعلي رضي الله عنه, أو الصلاة خلف نبي من الأنبياء  (16) ,
 كما افتروا على الله وعلى رسوله.
وأقرب مثال على عدم حصول التفاهم تلك المحاولات التي قامت للتقريب بين الشيعة وأهل السنة، ثم خابت الآمال وتيقن أهل السنة أنه لا وفاء ولا إخلاص ولا صدق عند أولئك الذين يتعبدون الله بالتقية.  
 أسباب قول الشيعة بالتقية:


اختلفت كلمة الشيعة في الأسباب الحاملة لهم على التمسك بالتقية واعتبارها أساساً في الدين، وفيما يلي نوجز أهم ما قيل فيها:
قالت طائفة: إن التقية تجب للحفاظ على النفس أو العرض أو المال أو الإخوان.
وقالت طائفة: إن التقية تجب لأنها فضيلة، والفضائل يجب التحلي بها، وسواء كانت التقية للحفاظ على النفس أو لغير ذلك فهي واجبة في نفسها، وصاحبها أعرف بحاله، بينما روى الكليني عن أبي جعفر أنه قال: "التقية في كل شيء  يضطر إليه ابن آدم، فقد أحلّه الله له"  (1) .
والحق أنهم أوجبوا التقية لظروف أحاطت بهم، ورأوا أن لا خلاص لهم إلا بالاتكاء على دعوى التقية.
ومن ذلك:
أ- أنهم وقفوا على أقوال متضاربة عن الأئمة المعصومين عندهم يختلفون في الشيء  الواحد، وتتناقض فيه أقوالهم دون أن يجدوا مبرراً لذلك التناقض؛ فخرجوا من ذلك بدعوى أن ذلك الكلام صدر من الأئمة على سبيل التقية.
وهذه الأقوال أكثرها من أكاذيب رواتهم، ليست من الأئمة الذين عرفوا بالشجاعة والصراحة، كما صرح بذلك أحد علماء الشيعة المنصفين  (2) .
ب- ومنها ما وجدوه من كلام الأئمة في مدح الصحابة الذين تبرأ منهم الشيعة ويعتبرونهم كفاراً، فزعموا أن ذلك المدح إنما كان تقية.
ومهما كان، فإن التقية التي يراها الشيعة لا يجوز اعتقادها في الإسلام لأنها قائمة على الكذب والخداع.
وما رووه عن الأئمة وأنهم كانوا يلجؤون إليها كذب، بل كذَّبوا أنفسهم بأنفسهم حيث يذكرون روايات كثيرة لأناس سألوا بعض الأئمة المعصومين -حسب زعمهم- عن مسائل فأجابوا فيها بجواب، ثم سألوهم بعد مدة فأجابوا فيها بجواب آخر دون أن يوجد أي داع للتقية لصدور تلك الإجابات المختلفة من إمام واحد عن مسألة واحدة بين خاصة الإمام وشيعته وأنصاره كما صرحت بهذا مصادرهم...
وهذا اعتراف منهم بأن الأئمة لا يلجؤون إلى التقية بسبب الخوف وإنما هو بسبب الجهل، ولا شك أن هذا طعن شنيع في أولئك الذين يدعون عصمتهم.
فانظر إلى ما أورده النوبختي عن عمر بن رباح، وما أورده عنه أيضاً الكشّي في رجاله أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن مسألة فأجاب فيها بجواب، ثم عاد إليه في عام آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها فأجاب فيها بخلاف الجواب الأول فقال لأبي جعفر: هذا خلاف ما أجبتني في هذه المسألة العام الماضي، فقال له: إن جوابنا ربما خرج على وجه التقية فشكك في أمره وإمامته.
فلقي رجلاً من أصحاب أبي جعفر يقال له محمد بن قيس فقال له: إني سألت أبا جعفر عن مسألة فأجابني فيها بجواب، ثم سألته عنها في عام آخر فأجابني فيها بخلاف جوابه الأول، فقلت له: لم فعلت ذلك؟ فقال: فعلته للتقية: وقد علم الله أني ما سألته عنها إلا وأنا صحيح العزم على التدين بما يفتيني به وقبوله والعمل به، فلا وجه لاتقائه إياي وهذه حالي.
فقال محمد بن قيس: فلعلّه حضرك من اتقاه؟ فقال: ما حضر مجلسه في واحدة من المسألتين غيري، لا، ولكن جوابيه جميعاً خرجا على وجه التبخيت ولم يحفظ ما أجاب به العام الماضي فيجيب بمثله، فرجع عن إمامته وقال: "لا يكون إماماً من يفتي بالباطل على شيء  بوجه من الوجوه ولا في حال من الأحوال، ولا يكون إماماً من يفتي تقية بغير ما يجب عند الله"  (3) .
وما أحسن ما أجاب به سليمان بن جرير الشيعي عن تخليط الشيعة في تمسكهم بالتقية ليجعلوها مخرجاً لأكاذيبهم على أئمتهم، حيث قال كما يرويه عنه النوبختي، وهو من كبار علماء الشيعة:
(إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معها من أئمتهم على كذب أبداً، وهما القول بالبداء، وإجازة التقية.
فأما البداء فإن أئمتهم لما أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل الأنبياء من رعيتها في العلم فيما كان ويكون، والإخبار بما يكون في غد، وقالوا لشيعتهم: إنه سيكون في غد وفي غابر الأيام كذا وكذا، فإن جاء ذلك الشيء  على ما قالوه، قالوا لهم: ألم نعلمكم أن هذا يكون. فنحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمته الأنبياء، وبيننا وبين الله عز وجل مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت، وإن لم يكن ذلك الشيء  الذي قالوا إنه يكون على ما قالوا، قالوا لشيعتهم: بدا لله في ذلك بكونه.
وأما التقية، فإنه لما كثرت على أئمتهم مسائل شيعتهم في الحلال والحرام وغير ذلك من صنوف أبواب الدين فأجابوا فيها، وحفظ عنهم شيعتهم جواب ما سألوهم وكتبوه ودوّنوه، ولم يحفظ أئمتهم تلك الأجوبة بتقادم العهد وتفاوت الأوقات، لأن مسائلهم لم ترد في يوم واحد، ولا شهر واحد بل في سنين متباعدة وأشهر متباينة وأوقات متفرقة.
فوقع في أيديهم في المسألة الواحدة عدة أجوبة مختلفة متضادة، وفي مسائل مختلفة أجوبة متفقة، فلما وقفوا على ذلك منهم ردوا إليهم هذا الاختلاف والتخليط في جواباتهم وسألوهم عنه، وأنكروا عليهم، فقالوا: من أين هذا الاختلاف وكيف جاز ذلك؟
قالت لهم أئمتهم: إنما أجبنا بهذا للتقية، ولنا أن نجيب بما أحببنا وكيف شئنا لأن ذلك إلينا، ونحن أعلم بما يصلحكم وما فيه بقاؤكم وكف عدوكم عنا وعنكم، فمتى يظهر من هؤلاء على كذب؟ ومتى يعرف لهم حق من باطل)  (4) .
ولا شك أن هذه الصراحة تامة وشهادة على الشيعة منهم، وهذا التخليط إنما هو إفك علمائهم لا من الأئمة الذين ينتسبون إليهم مثل جعفر الصادق وغيره، وقد حاول محمد صادق آل بحر العلوم المعلق على كتاب النوبختي إيجاد مبررات ورد لهذا القول، لكنها مبررات واعتذارات مثل بيت العنكبوت. 
أدلة الشيعة على جواز التقية والرد عليها:


تلمس الشيعة لمبدأ التقية بمفهوم لها نصوصاً حمَّلوها ما لم تحتمله من المعاني التي يعتقدون أنها تؤيد ما يذهبون إليه.
ومن تلك الأدلة التي تمسكوا بها ما ذكره بحر العلوم في تعليقه على فرق الشيعة للنوبختي بقوله: (التقية مما دل على وجوبه العقل إذا كانت لدفع الضرر الواجب، وقد دل عليه أيضاً القرآن العظيم)، ثم نقل عن الطبرسي بعض الآيات يحتج بها(648)  (1) :
قوله تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ  [ البقرة:195]. قوله تعالى: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ [ الصافات:88-89].
قوله تعالى: لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً  [ آل عمران:28].
قوله تعالى: إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ  [ النحل:106].
وفي هذا يقول محمد مهدي الحسيني الشيرازي عن الشيعة: وهم يرون التقية لقوله تعالى: إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً  [ آل عمران:28]   (2) .
والواقع أن استدلالهم بهذه الآيات على التقية التي يرونها استدلال خاطئ وهذه الآيات وآيات أخرى كثيرة ليس فيها دلالة للشيعة على التقية التي هي بمعنى الكذب واستحلاله، بل تشير إلى جواز التورية في ظاهر الكلام إذا لزمت الضرورة، كقول إبراهيم عليه السلام: إِنِّي سَقِيمٌ [ الصافات:89]. أي من عملكم وعبادتكم للأوثان، وليس هو من الكذب بل فيه تعريض لمقصد شرعي كما يذكر العلماء  (3) , وهو تكسير آلهتهم بعد ذهابهم عنها.
وأما الاستدلال بالآية: إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً  [ آل عمران:28]  فإن معناها الأمر بالاتقاء من الكفار.
قال البغوي: "ومعنى الآية أن الله نهى المؤمنين عن موالاة الكفار ومداهنتهم ومباطنتهم إلا أن يكون الكفار غالبين ظاهرين، أو يكون المؤمن في قوم كفار يخافهم فيداريهم باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان؛ دفعاً عن نفسه من غير أن يستحل دماً حراماً أو مالاً حراماً، أو يظهر الكفار على عورات المسلمين"  (4) .
وأما الآية إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ [ النحل:106]  أي إلا من كان حاله مشرفاً على الخطر، واضطر إلى القول بالكفر فله أن يتقول به من غير أن يعتقد ويعمل به، بل يقول ما فيه تورية ومعاريض مع طمأنينة قلبه بالإيمان، وبحيث لا يشرح صدور الكفار بالمدح الظاهر لهم ولديانتهم، وإنما يلجأ إلى المعاريض التي يكون فيها صادقاً، ولا تؤثر في دينه، كأن يقول لهم إنكم على معرفة، وعندكم تقدم ظاهر، قصوركم عالية وبساتينكم مثمرة، ويريد به أنهم يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، وهم عن الآخرة غافلون.
قال ابن جرير في معنى الآية، بعد أن ذكر أنها نزلت في عمار بن ياسر رضي الله عنه: "فتأويل الكلام إذن: من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره على الكفر، فنطق بكلمة الكفر بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان، موقن بحقيقته، صحيح على عزمه، غير مفسوح الصدر بالكفر، لكن من شرح بالكفر صدراً فاختاره وآثره على الإيمان، وباح به طائعاً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم"  (5) .
ومن الجدير بالذكر أن هذه التقية الشيعية الباطلة لم يقصروها على الناس فقط بل جوزوها حتى على الأنبياء، وهذا خطأ وخلاف الحق، فإن الأنبياء لا يسلكون التقية التي يريدها الشيعة، ولا تجوز أبداً، فالكذب لا يجوز عليهم، وكتمان الحق وإظهار الموافقة للكفار كذلك لا يجوز لهم، وإلا لما انتشرت دعوتهم، ولما ظهر الخلاف بينهم ويبن أقوامهم، ولما حصل عليهم من المتاعب والأخطار ما حصل, مما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم مما لم يكن ليقع أبداً لو استعمل الأنبياء التقية الشيعية المملوءة جبناً ونفاقاً، وحاشا أن يسلكوا ذلك.
وقد يقول بعض الشيعة في احتجاجهم بالسنة: إننا نجد أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يلين القول ويبتسم في وجوه بعض الفسقة والظلمة، وهذا كما يرى هؤلاء تقية.
والواقع أن هذه الأفعال التي صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت من باب المداراة، ومن باب حسن الخلق وتأليف القلوب، مع أنه حصل مثل هذه المواقف لأناس ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخاف من جانبهم شيئاً حتى يقال إنها تقية منه لهم، ثم لم تكن هذه المداراة في أمور الدين إذ لم يعرف عن أحد من الأنبياء أنه دارى أحداً في دينه، وإنما هو حسن الخلق ومقابلة الناس بالبشر مع تألفهم لأقوامهم، ولا ينافي هذا أن يقع في القلب كراهية ما هم عليه من فجور مع محبة الخير لهم وإرشادهم إليه, وبذل النصح لهم بصدق وإخلاص.
وفي مختصر التحفة الاثني عشرية فوائد في هذا المعنى، ارجع إليها إن أحببت الزيادة  (6) .
وفي الختام نود التنبيه إلى أن ما ينسبه الشيعة إلى علي  رضي الله عنه من قوله بالتقية –غير صحيح بروايات الشيعة أنفسهم وتناقضهم من حيث لا يعلمون. شأن كل باطل:
فقد رووا في كتبهم أن علياً كان يهدد عمر في مواقف كثيرة، بل ويصل أحياناً إلى الضرب والإهانة ورفع الصوت فيما يزعمون، وأن علياً لو شاء لخسف بعمر وبغيره، وهذا يدل على أن علياً ما كان بحاجة إلى التقية.
ثم رووا عن علي أيضاً أنه توقف عن بيعة أبي بكر زمناً (ستة أشهر) لو كان يرى وجوب التقية لبايعه وأبطن الخلاف.
وعلى هذا فإنهم حين ينسبون إلى الأئمة القول بالتقية، ثم يثبتون لهم صفات لا تليق إلا بالله يعتبر كلامهم متناقضاً.
فقد روى الكليني أن الأئمة لا يموتون إلا برغبتهم واختيارهم، وقد أجمع الشيعة على صحة هذا.
كما روى أيضاً أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون، وأنه لا يخفى عليهم شيء، ومن كانت هذه صفاته فإن التقية في حقه تعتبر جبناً وخوفاً لا داعي له، وكيف يلجؤون إلى التقية وهم يعلمون كل ما سيجري عليهم.
ثم يتناقض كلامهم في القضية الواحدة تبعاً لحال الإمام وظروفه، ولنفرض أنهم يصادفون متاعب من مخالفيهم فهل يجمل بهم الهرب منها بالتقية وخداع الناس؟ فأين فضيلة الصبر وامتثال أمر الله وتحمل المشاق في سبيل الله؟ لأن هذه هي وظيفة الأنبياء والمصلحين من الناس، وهي فضيلة لا يليق بهم تجنبها باستحلال الكذب.
وأخيراً فإنه يلزم الشيعة أن يصفوا الحسن بن علي  رضي الله عنه بأنه ليس له كرامة وفضل، لأنه لم يلتزم بالتقية مع معاوية، وأن المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل الناس لأنهم أتقاهم أي أكثرهم عملاً بالتقية حسب تفسير الشيعة الخاطئ(659)  (7) .
ولولا شدة التعصب وتزيين الشيطان لهم أعمالهم لرأوا أن هذه الخرافات التي جعلت أعداء الإسلام يسخرون منهم بسببها أنها من أهم ما ينبغي عليهم محاربتها، وأن عليهم أن يحرروا أفكارهم من هذه الشنائع التي هي إلى الوثنية أقرب- وكل ذلك من أهم ما ينبغي عليهم القضاء عليه إذا أرادوا تصحيح دينهم وتحرير عقولهم من هذه المبادئ البدائية:
يقول الدكتور الموسوي في رده على علماء الشيعة:
(إن على الشيعة أن تجعل نصب أعينها تلك القاعدة الأخلاقية التي فرضها الإسلام على المسلمين، وهي أن المسلم لا يخادع، ولا يداهن، ولا يعمل إلا الحق، ولا يقول إلا الحق ولو كان عليه، وأن العمل الحسن حسن في كل مكان، والعمل القبيح قبيح في كل مكان.
وليعلموا أيضاً أن ما نسبوه إلى الإمام الصادق من أنه قال: "التقيّة ديني ودين آبائي" إن هو إلا كذب وزور وبهتان على ذلك الإمام العظيم"  (8) .  (9) 
 من هو المهدي؟


يؤمن أهل السنة بالمهدي الذي صحت به الأحاديث، ولكن غير مهدي الشيعة الخرافي الذي وصلوا في إيمانهم به وانتظاره وترقبه إلى حد جعلهم محل سخرية العالم منهم، وأخباره عندهم أكثر من أن تذكر، وقد أفرده الطوسيّ بكتابه المسمى: (كتاب الغيبة).
إن القول بالمهدي وانتظاره من عقائد الشيعة البارزة والأساسية، ذلك المهدي الذي يزعمون أنه غاب عنهم لأسباب مؤقتة، وسيرجع وسيملأ الأرض عدلاً ورخاءً كما ملئت ظلماً وجوراً  (1) .
ولهذا فهم يقيمون على سردابه بسامرا الذي زعموا أنه مقيم فيه دابة ترابط دائماً ليركبها إذا خرج من سردابه، ويقف جماعة ينادون عليه بالخروج يا مولانا اخرج، يا مولانا اخرج، ويشهرون السلاح، وفي أثناء مرابطتهم لا يصلون خشية أن يخرج وهم في الصلاة فينشغلون بها عن خروجه وخدمته، بل يجمعون الخمسة الفروض.
وليس هذا فقط عند السرداب، بل أحياناً يكونون في أماكن بعيدة عن مشهده ويفعلون هذا إما في العشر الأواخر من شهر رمضان، وإما في غير ذلك, يتوجهون إلى المشرق وينادونه بأصوات عالية، يطلبون خروجه مع أنه لا مهدي هناك. وإنما هي خرافة نفذ منها ومن غيرها أعداء الإسلام إلى الطعن في الإسلام وتجهيل حامليه، وإلا فما الداعي لمثل رفع هذه الأصوات وهذه المرابطة المضنية؟
فإنه على فرض أن هذا المهدي موجود هناك، فإنه لا يستطيع أن يخرج إلا بإذن الله، ثم إذا أذن الله له فإنه يحميه وينصره وييسر له كل ما يحتاجه، وليس هو في حاجة إلى أولئك الغلاة الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
فعملهم على كل الاحتمالات باطل لا يؤيده عقل ولا نقل، وكيف سيملأ الله به الأرض عدلاً ورخاءً بعد خروجه ولا يحميه حتى تلك اللحظات عند خروجه؟ أليس هذا تناقضاً؟
لأنه قد تقرر في عقيدتهم حسبما يؤكده الكليني في (الكافي): أن الأرض لا تخلو من إمام حجة إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً، فحينئذ لا يوجد حجة ولا تقبل توبة من أحد  (2) . ومن الغريب أن يؤكد الكليني أيضاً أنه لا يجوز السؤال عن اسمه بأي حال، وأنه لا يسميه باسمه إلا كافر، ويكتفي عن ذكر اسمه بذكر لقبه القائم، حيث لقب بذلك لأنه يقوم بعد ما يموت حسب الرواية التي أوردها الطوسي عن أبي سعيد الخرساني عن أبي عبد الله  (3) .
وأنه يحج في سنة ماشياً على رجله، ثم لا يرى عليه أثر السفر  (4) .
وأن أقرب ما يكون الناس إلى الله حين ينتظرون الغائب، وأشد ما يكونون بغضاً عند الله حينما يفتقدونه ولم يظهر لهم  (5) .
بل وسمى الكليني أمة محمد صلى الله عليه وسلم أشباه الخنازير والأمة الملعونة لعدم إيمانهم بغيبة المهدي (6) , والتي سوف لا تتأخر كثيراً فقد سأل الأصبغ بن نباته أمير المؤمنين عن مدة الغيبة فقال: ستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين  (7) , فهو لا يتأخر بعد أن امتن الله به على خلقه، فإن الكليني يذكر أن موسى بن جعفر فسّر قول الله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ [ الملك:30]   (8) .
قال: إذا غاب عنكم إمامكم، فمن يأتيكم بإمام جديد  (9) .
وقد وقعت علامات كثيرة تبشر بقرب ظهوره، فإنه قبل ظهوره تقع الفتن بين الشيعة ويسمي بعضهم بعضاً كذابين، ويتفل بعضهم في وجوه بعض  (10) ، ثم أورد الكليني روايات وقصصاً كثيرة حول علم المهدي بالمغيبات وأساطير وخرافات كثيرة ذكرها عنه.
وأما الطوسي في كتابه المسمى كتاب (الغيبة) فقد حطب في أخبار المهدي بليل، ولذا فلا أدري ما الذي أذكره عنه في أخبار هذا المهدي غير أني سأشير إلى بعض ذلك فيما يلي:
أكد الطوسي أن المهدي الغائب شوهد مرات عديدة حول الكعبة وهو يدعو بهذا الدعاء: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم انتقم لي من أعدائك"  (11) .
وأنه يظهر في كل سنة لخواصه يوماً واحداً، فيحدثهم ويحدثونه، ويقلب لهم الحصى ذهباً  (12) .
وهو لا يحب أن يساكن أحداً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقد ذكر الطوسي عنه أنه قال –كما أوصاه أبوه-: (لا أجاور قوماً غضب الله عليهم ولعنهم، ولهم الخزي في الدنيا والآخرة، ولهم عذاب أليم)  (13) .
وقد أورد الطوسي روايات كثيرة تفيد علم المهدي بالمغيبات  (14) .
واقرأ هذا العنوان: "فصل، وأما ظهور المعجزات الدالة على صحة إمامته في زمان الغيبة فهي أكثر من أن تحصى، غير أنا نذكر طرفاً منها"  (15) 
, فإذا استطعت أن تقرأه فإنك ستجد ما يدهش العقل ويضيق الصدر من الأخبار التي لا يحتمل سماعها من له عقل وذوق.
واقرأ توقيعات المهدي لنوابه حال غيبته عنهم  (16) ، وما أورده من الفتاوى والأقوال الجاهلة في تلك التوقيعات المزورة على أيدي أولئك النواب والذين كثر عددهم إلى حد أنهم أصبحوا فريقين متضادين، وكلاء وسماسرة ممدوحين وعددهم عند الطوسي (13) رجلاً، ووكلاء وسماسرة مذمومين وعددهم (6)، له ولسائر الأئمة, ومنهم سفراء ممدوحين وعددهم (3)، وآخرين مذمومين وهم عدد كثير، قال الطوسي بعد أن ذكر عدداً من أسماء السفراء قال: فهؤلاء جماعة المحمودين وتركنا ذكر استقصائهم لأنهم معروفون مذكورون في الكتب, فأما المذمومون فجماعة، ثم ذكر عدداً كثيراً منهم  (17) .
وهناك الكثير من المزاعم والتهويلات حول شخصية هذا المهدي في كتب الشيعة، لعل فيما أشرنا إليه من ذلك ما يكفي لمعرفة مدى ضحالة هذه الأفكار، ونسيان أهلها لعقولهم، وتلاعب الشيطان بهم واستخفافهم بعقول الناس عند شغفهم بتثبيت آرائهم، وإظهار مذاهبهم، وركوبهم لذلك كل صعب وذلول غير مبالين بنتائج تهورهم وشناعة معتقداتهم.
أما هذا المهدي عندهم فهو الإمام الثاني عشر من أئمتهم حسب ترتيبهم لهم، واسمه محمد بن الحسن العسكري.
ومع كل اهتمام الشيعة بأخباره والتلهف على لقائه فلقد اضطرب كلامهم حوله وتناقضت فيه أقوالهم، ومع أنه –كما هو الصحيح عند أكثر العلماء- أنه شخصية خيالية لا وجود له إلا في أذهان الشيعة الذين يزعمون إمامته وينتظرون خروجه بعد غيبته الكبرى  (18) 
، ومن تلك التناقضات الشيعية ما تجده من:
1- اختلاف الشيعة في وجود محمد بن الحسن وولادته.
فقد اختلفت كلمتهم في وجود هذا الشخص، فبعضهم ذهب إلى أن الحسن العسكري مات ولم يعرف له ولد أصلاً، وقال هؤلاء بأن الحسن العسكري حين توفي ظن بعضهم أن بجاريته حملاً فوكلوا بها من يراقبها حتى تبين أن لا حمل بها.
واستدلوا أيضاً بأن الحسن العسكري حينما مات أخذ أخوه جعفر تركته، ولو كان للحسن ولد لما حصل على ذلك.
وذهب آخرون إلى إثبات ولادة محمد بن الحسن، بل وحددها محمد صادق آل بحر العلوم المعلق على فرق الشيعة للنوبختي بأنها كانت يوم الجمعة منتصف شعبان على أشهر الأقوال كما زعم سنة (255)هـ، بينما الكليني في (الكافي) يذكر أنه ولد سنة (256)هـ,  (19) 
، بينما هو يقرر أنه خفي الولادة والمنشأ  (20) .
وهؤلاء الذين أثبتوا ولادته تناقضت أقوالهم واضطربت أفكارهم فيه أيضاً، فبعضهم قال بأنه ولد بعد وفاة والده الحسن بثمانية أشهر، وكذَّبوا من زعم غير هذا كما نص عليه النوبختي.
وقال آخرون: إنه ولد قبل وفاة والده بسنين.
وقال بعضهم: بخمس سنوات.
كما اختلفوا كذلك في تحديد السنة التي اختفى فيها، فبعضهم يجعلها سنة 
(256)هـ، وآخرون (258)هـ، وغيرهم (255)هـ.
كما اختلفوا في اسم أمه على أقوال:
فقيل: اسمها نرجس.
وقيل: صقيل أو صيقل.
وقيل: اسمها حكيمة.
وقيل اسمها سوسن  (21) .
وأقاويل أخرى كثيرة مضطربة يطول نقلها، وهذا الاختلاف كله دليل على أن هذا الإمام لم يولد وإنما هو استحساناتهم وتخميناتهم، وهذه الاختلافات تدل أيضاً على مدى تخبطهم وعلى الجهل الذي يخيم عليهم إذ كيف تخفى ولادة محمد بن الحسن العسكري وهم متأكدون –حسب شروطهم في الخلافة والإمامة ورواياتهم العديدة- أن الحسن العسكري هو الإمام الحادي عشر، ولابد أن يخلفه عقب منه هو أكبر أولاده، وهو الذي يتولى الأمر بعده، ويغسله ويصلي عليه كما يقررون ذلك.
ثم إن شخصية كهذه تملأ الأرض عدلاً ونوراً لا ينبغي بل ولا يصدق أن تكون ولادته محل خلاف أو خفاء.
ولك أن تستنتج من مواقفهم المتناقضة ما يزيدك يقيناً برداءة مذهبهم فيه، هذا مع ما لهم من حكايات وخرافات هي من نسيج الخيال الغير معقول رواها الطوسي في كتابه (الغيبة) عن حكيمة والخادم نسيم، كلها تدور حول ما حدث عند ولادة المهدي مباشرة.
فإنه حين سقط من بطن أمه كان يقرأ القرآن بصوت مسموع، وأنه كان متلقياً الأرض بمساجده،وأن والده أمره أن يتكلم فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم استفتح فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ثم صلى على أمير المؤمنين -علي بن أبي طالب- وعلى الأئمة إلى أن وقف على أبيه ثم تلا قول الله تعالى: وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ [القصص:5-6].
كما زعم الطوسي أن خادم الحسن العسكري حينما عطس بحضرة المهدي وكان عُمْر المهدي عشر ليال قال له المهدي: يرحمك الله، قال الخادم:ففرحت بذلك. فقال له: ألا أبشرك في العطاس؟ هو أمان من الموت ثلاثة أيام  (22) .
وجاء الطوسي بأخبار كثيرة وكلمات نسبها إلى المهدي وهو طفل رضيع لا يعرفها إلا فيلسوف، وأنه حينما ولد كانت الملائكة تهبط وتصعد وتسلم عليه وتتبرك به، وأن روح القدس طار به ليعلمه العلم مدة أربعين يوماً،؟ وأنه حينما ولد كان مكتوباً على ذراعه الأيمن جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [ الإسراء:81].
وزعموا كذلك في رواياتهم على لسان الحسن العسكري أن ابنه المهدي كان ينمو في السنة والواحدة مثل نمو سنتين من غيره  (23) .
كشأن سائر الأئمة، ومزاعم كثيرة ظاهرها يشهد عليها بالكذب والتهويل الأجوف لولا خوف الإطالة لكان في ذكرها ما يتعجب من العاقل على جرأة هؤلاء على التلفيق الذي لا يقبله عقل سليم ولا فطرة نقية، كما فعل الطوسي في كتاب (الغيبة) (ص258)، كلها مثل هذه المبالغات والتلفيقات دون أن يجد الشخص جواباً شافياً لما يدور في ذهنه من أسئلة مهمة.
لماذا اختفى المهدي في السرداب مع أنه لا داعي لهذا الخوف ما دامت الملائكة تحميه وتتبرك به وتنصره، فإن ملكاً واحداً يكفيه كل أهل الأرض؟
ثم لماذا يختفي الآن وقد ذهب كل من كان يخاف منهم، وجاء قوم يتلهفون على خروجه ونصرته، فلماذا إذاً تخلف عنهم بدون عذر مقبول، وهم يصيحون ليل نهار عجل الله خروجه؟
ثم لماذا لم يشب ولم ينم الحسن والحسين -سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم- مع عظم مكانتهما مثلما شب ابن الحسن العسكري بتلك العجلة؟ وما الداعي أيضاً لتلك العجلة في تنومه ومصيره أن يختفي في السرداب ثم لا يراه أحد بعد ذلك ولا ينتفع به أحد؟
قد تجد عند الطوسي  (24) , وغيره من علمائهم بعض الإجابات التي لفقوها في أسباب غيبته، ولكنها إجابات غير كافية ولا مقنع فيها لأحد، ومن أعجب الأمور أن ينكر الهاشميون وجود ولد الحسن العسكري على مرآى من الناس ومسمع، وذلك حينما ادعى شخص زمن المقتدر الخليفة العباسي أنه هو ابن الحسن العسكري، فجمع الخليفة جميع بني هاشم وعلى رأسهم نقيب الطالبيين أحمد بن عبد الصمد المعروف في كتب التاريخ -بابن الطوما- للبت في أمر هذا الرجل، فشهد الجميع على كذبه بدليل أن الحسن العسكري لم يعقب، فحبس المدعي وشُهّر وضرب.
ورغم أن أهل البيت أدرى بما فيه، لكن هؤلاء الشيعة أبوا إلا المكابرة مهما كانت النتائج، وادعوا وجود هذا المهدي, ولا بد أن دافعاً قوياً دفعهم إلى هذه المجازفة، فما هو السبب في هذا الإصرار على وجود هذه الشخصية؟ سنذكر الجواب إن شاء الله في آخر الكلام عن هذه الشخصية.  
مكان وجود المهدي:


اختلف الشيعة في المكان الذي اختفى فيه مهديهم محمد بن الحسن العسكري على أقوال متضاربة توحي لأهل كل مكان ذكروه بقرب المهدي منهم.
ومن تلك الأقوال، وهي كثيرة:
أنه مختف في سامراء، في سرداب دار أبيه، وهذا من أشهر أقوال الشيعة والمتداول بينهم، وفي كتبهم (1) .
أنه مختف في المدينة المنورة.
قال أبو هاشم الجعفري للحسن العسكري: "يا سيدي هل لك ولد؟ قال: نعم. قلت: فإن حدث حادث فأين أسأل عنه؟ فقال: بالمدينة"  (2) .
أنه مختف بمكة المكرمة  (3) .
وقد أورد الطوسي روايات كثيرة في هذا، وأورد الكليني حديثاً في هذا.
وبعضهم قال: هو بذات طوى  (4) .
وبعضهم قال: إنه في اليمن بواد يسمى شمروخ  (5) .
وبعضهم قال: إنه بالطائف حسب رواية الطوسي الطويلة عن علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي  (6) .
وكل هذه الخلافات دليل على بطلان تلك الدعوى، والباطل أهله يختلفون فيه حتماً، ولا يخفى التباعد بين هذه الأماكن، وهذا التباعد بينها دليل على أنها افتراضات مبنيّة على هوى وأغراض سياسية، إذ لا يمكن لأي شخص أن يجمع بينها ويصل إلى نتيجة مرضية مهما أوتي من المعرفة والذكاء، ولكن هكذا شريعة الهوى والسياسة, حيث لا تستند على أي أساس ثابت.وإذا كان المهدي قد اختار أن يختفي ويتوارى عن الأنظار فهل يجعل لذلك الاختفاء والهرب عن الناس حداً ومدة يعود بعدها إلى قيادة الشيعة، ومتى يتم ذلك؟ الجواب نذكره فيما يلي.
رجعة المهدي ومتى تتم؟


يؤمن سائر العقلاء أنه لا رجعة لأحد بعد موته ليعيش في الدنيا, ويؤمن المسلمون برجعة واحدة تكون في يوم القيامة حين يجمع الله الخلائق لفصل القضاء، كما هو معلوم من دين الإسلام بالضرورة، بخلاف ما عليه كثير من الشيعة من إمكان ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة.
فقد قرروا في عقائدهم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته عليّ والحسن والحسين وبقية الأئمة سيرجعون. وفي المقابل يرجع أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية، ويزيد وابن ذي الجوشن، وكل من آذى أهل البيت بزعمهم.
كل هؤلاء سيرجعون إلى الدنيا مرة أخرى قبل يوم القيامة عند رجوع المهدي إلى الظهور -كما قرره لهم عدو الله ابن سبأ- يرجعون ليتم عقابهم كما آذوا أهل البيت واعتدوا عليهم ومنعوهم حقوقهم، فينالهم العقاب الشديد ثم يموتون جميعاً، ثم يحيون يوم القيامة للجزاء الأخير مرة أخرى.
وقد بلغ بهم كرههم للصحابة أن زعم غلاتهم ومتعصبيهم, وهو الشريف المرتضي, أن أبا بكر وعمر يصلبان على شجرة في زمن المهدي وهي خضراء فتيبس فيضل بسبب ذلك جمع كثير من الناس، وهم يقولون: إن هذين البريئين قد ظلما ولذا صارت الشجرة الخضراء يابسة، وقيل: تكون تلك الشجرة يابسة قبل الصلب ثم تصير رطبة خضراء بعد الصلب فيهتدي كثير من الناس. قال الألوسي: "والعجيب أن هؤلاء الكاذبين مختلفون بينهم في هذا الكذب أيضاً"  (1) .
ولهم في هذه الرجعة أخبارغريبة وخرافات يمجها العقل السليم. وقد أحاطوها بتهويلات عظيمة حتى يخيل للقارئ أن رجوع المهدي هو يوم القيامة الذي أخبر الله عنه، وهل خيالات وخرافات لا يصدقها إلا من لم يمن الله عليه بمعرفة دين الإسلام.
وقد ذكر الطوسي أن المهدي يخرج يوم عاشوراء يوم السبت بين الركن والمقام. وهذه الرواية عن أبي جعفر، وذكر رواية عن أبي عبد الله أنه ينادي باسم المهدي ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء يوم قتل الحسين  (2) .
وفي بعضها أن جبريل ينادي يوم ستة وعشرين من شهر رمضان باسم القائم، ويقوم في يوم عاشوراء, اليوم الذي قتل فيه الحسين, بين الركن والمقام، فتسير إليه شيعته، ومنهم من يطير طيراناً، ومنهم من يمشي في السحاب، وهم أفضل أصحابه، وتكون الملائكة حوله صافِّين ومعه جميع الكتب المقدسة التي أنزلها الله على الأنبياء من أولهم إلى آخرهم.
ثم يأمر بحصر المخالفين للشيعة فينكل بهم، ثم تعلو كلمة الشيعة ويمتد حكمهم إلى جميع الأرض وتكون الغلبة لهم...إلخ.
ويذكر الطوسي عن أبي الحسن الرضا أنه قال: (ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء..صوتا منها..ألا لعنة الله على الظالمين، والصوت الثاني: أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين، والصوت الثالث: يرون بدنا بارزاً نحو عين الشمس، هذا أمير المؤمنين، قد كرّ في هلاك الظالمين  (3) ، وأن أول من تنشق عنه الأرض في الرجعة هو الحسين بن علي رضي الله عنه).
وأما عن الغلظة التي سيسير عليها فقد زعموا تنفيساً عن أحقادهم ضد العرب- كما دلّت عليه رواياتهم- أنه بعد رجعة المهدي أول ما يبدأ به أنه يقتل قريشاً ويصلبهم أحياءً وأمواتاً، أي بعد أن يحيي الله من مات منهم فيجازيهم أشد الجزاء بسبب ما فعلوا نحو أهل البيت فيضع السيف فيهم لا يستتيب أحداً منهم، ويستمر في هذا القتل مدة ثمانية أشهر لا يضع السيف عن عاتقه.
وزعم الطوسيّ في روايته عن أبي عبد الله أن المهدي يقطع أيدي بني شيبة ويعلقها في الكعبة  (4) ، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي سلمهم مفتاحها.
كما زعموا أن يقتل سبعين قبيلة من قبائل العرب  (5) .
كما افترى علماء الشيعة على الله تعالى وردوا شهادته في كتابه الكريم في حق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي برأها الله من كل سوء...فزعموا أن المهدي يقيم عليها الحد، فيجلدها الحد  (6) ، لعن الله من اعتقد هذا الاعتقاد وأخزاه الله في الدنيا والآخرة، وهذه الزندقة ذكرها الصافي في تفسيره  (7) .
وبعد ذلك قالوا: إنه سيستأنف طريقة جديدة كما استأنف رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، قال الطوسي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا قام القائم جاء بأمر غير الذي كان"  (8) .
وقد فسروا هذا الاستئناف بأنه يسير على حكم سليمان بن داود, كما يذكر الطوسي  (9) ، بل ويهدم ما كان قبله ويستأنف الإسلام من جديد  (10) .
ومعنى هذا أنه يكفر بالإسلام ويبدأ من جديد -على حسب هذه النصوص- هذا هوا الظاهر. ووصل سوء الأدب بأولئك أن اعتقدوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم في الرجعة الثانية لعلي  رضي الله عنه يكون جندياً يقاتل بين يدي علي بن أبي طالب، ويبايع كذلك المهدي هو وسائر الأنبياء, كما يروي العياشي عن جعفر أنه قال: لم يبعث الله نبياً ولا رسولاً إلا ردهم جميعاً إلى الدنيا حتى يقاتلون بين يدي علي بن أبي طالب  (11) .
وأن دابة الأرض المذكورة في القرآن هي عليّ بن أبي طالب  (12) .
ونترك خرافات كثيرة يمجها العقل، وتستثقل ذكرها النفس، إن دلت على شيء  فإنما تدل على مدى الحقد والكراهية التي كان عليها كتَّاب مثل هذه الأفكار وشدة كيدهم للإسلام ولزعماء المسلمين من الصحابة الكرام فمن بعدهم الذين قضوا على اليهودية والوثنية المجوسية، وأنزلوهم من عروشهم وساووهم بعامة المسلمين.
مما أغضب هؤلاء الذين لفقوا مثل هذه الأخبار والترهات في ذم قريش وحكام المسلمين أجمعين، وذم كثير من أهل البيت وزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا كله بخلاف ما هو معلوم من دين الإسلام، بل وجميع الأديان السماوية مجمعة على أن الإنسان إذا انتهى عمره في الدنيا ومات فإنه لا رجعة له إلا للقاء ربه يوم القيامة للحساب والجزاء.
وهذا هو ما صرح به الله عز وجل في القرآن الكريم؛ حيث قال رداً على من تمنى الرجعة إلى الدنيا: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [ المؤمنون:99-100]، وهذا هو اعتقاد جميع المسلمين، ولم يقل بخلاف هذا أحد لا سلف الأمة ولا أحد من آل البيت الذي تزعم الشيعة أنهم تبع لهم، والقرآن صريح وواضح في إبطال هذه البدعة، والخرافة العقدية التافهة.
وقولهم: إن المهدي هو الذي يحاسب الناس وينزل بهم العقاب بسبب ما قدّموه في حق آل البيت، فإن الإسلام يصرح بأن الله عز وجل يتولى حساب جميع خلقه، ويثيب أو يعاقب.
أما البشر، فليس لهم ذلك لقوله تعالى: إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [ مريم:93].
وقول هؤلاء الشيعة إنما اقتبسوه من قول النصارى بأن المسيح هو الذي يتولى حساب الخلق, تشابهت قلوبهم.
وقول هؤلاء: إن الرسول يقاتل بين يدي عليّ بن أبي طالب، ويبايعه المهدي الذي هو من ولدهما, إهانة واستخفاف بحق الرسول صلى الله عليه وسلم، وإهانة أيضاً لعلي رضي الله عنه، إضافة إلى تفسيرهم دابة الأرض بأنها علي رضي الله عنه، ولقد صدق عليهم الحديث: ((إذا لم تستح فاصنع ما شئت))  (13) . وأما ما زعموه من عقوبة خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من صلبهما على شجرة وهي رطبة فتصبح يابسة، فهو افتراء ومخالفة للعقل والواقع، إذ كيف يعقل أن يجازيا بقتل الحسين وليس لهم بذلك صلة، ثم إن ذنبهما -إن كان أخذ الخلافة ذنب- لا يعقل أن يصل إلى هذا الحد من العقوبة.
ثم كيف يجازيهما الله أمام أقوام لم يشهدوا ذنبهما ولم يعرفوا له سبباً؟ إذ الأولى أن يتم جزاءهما أمام من شهد أمرهما في الوقت الذي آذوا فيه أهل البيت حتى تقر أعينهم بجزائهما، مع أن إثبات هذا العقاب يؤدي في النهاية إلى عكس ما يريد الشيعة، ويناقض أقوالهم، وذلك:
أن أولئك الناس لو أرجعهم الله إلى الدنيا للجزاء قبيل يوم القيامة لكان أمرهم في الآخرة إلى الجنة، إذ من الظلم أن يعذبوا مرة أخرى، فحصل لهم بتعذيبهم في رجعتهم إلى الدنيا تخفيف وراحة.
وهذا ينقض ما ذهب إليه الإمامية، فإنه على أصولهم أن عذاب جهنم لا بد وأن يكون مستمراً على من آذى آل البيت، ثم ما هو الداعي إلى هذه العجلة يخرجهم فيعذبهم ثم يموتون ويعذبون مرة أخرى؟ وأيضاً لماذا لم تكن هذه العجلة في وقت وقوع الجريمة لتكون أنكى؟ أما تركهم هذه المدة كلها ثم يعذبهم في زمن المهدي فهو برود مثل برود الشيعة في أكاذيبهم.
أن الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم الذين حكم الشيعة عليهم بالرجوع، لعظم ما ارتكبوه في حق آل البيت وجزاؤهم الشديد في الدنيا ثم يموتون-بزعمهم- ويبعثون يوم القيامة. ذنوبهم بإقرار الشيعة غصب الخلافة وبعض حقوق آل البيت -على زعم الشيعة-، وهذا الذنب -إذا جاز تسميته ذنباً- لا يصل إلى درجة الكفر بالله والشرك به, بل هو فسق, والفسق لا يصل إلى هذا الحد من العقاب, ولا يوجب الرجعة في الدنيا، ولو كان الأمر يقتضي الرجعة لكان إرجاع الكفرة والمشركين والذين ادعوا الألوهية مع الله- كفرعون ونمرود وغيرهما- أولى بالرجوع، والشيعة لم يقولوا بذلك، فوجب أن يكون -حسب مقياسهم- أن غصب الخلافة أو التعدي على آل البيت أعظم جرماً من الشرك ومن ادعاء الألوهية وقتل الأنبياء بغير حق، وهم لا يقولون بهذا؛ فظهر بطلان قولهم بوجوب إعادة ورجعة أولئك الخلفاء لعقابهم في الدنيا بسبب غصبهم الخلافة، أو أخذ أبي بكر لفدك بغير حق كما يدعون لجهلهم بنص النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
ثم إن قولهم برجوع النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وسائر الأئمة وإخراجهم من قبورهم لحضور هذا العقاب في الرجعة, فيه تعذيب لهم بالموت مرة أخرى، والموت أشد آلام الدنيا...فلم يجوز الله سبحانه وتعالى إيلام أحبائه عبثاً؟ إذ الموت لا بد أن يشمل كل كائن حيّ، وإذا أحيا الله هؤلاء فلا بد من تجرعهم الموت مرة أخرى -على حسب هذا المعتقد الخرافي-، فكيف يعذب أولياءه بالموت مرتين في الدنيا وغيرهم مرّة واحدة؟
إنه على زعم الشيعة بإعادة هؤلاء وإيقاع العذاب عليهم في الدنيا, فيه نفع لهؤلاء المبعوثين إلى الدنيا إذ يعلمون حينئذ أنهم أخطأوا فيتوبون حتما توبة نصوحاً، والتوبة مقبولة في الدنيا ولو بعد الرجعة، فكيف بعد ذلك يمكن تعذيبهم؟ والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. فوجب على معتقد الشيعة برجعتهم أن يقولوا بأنهم في الآخرة في الجنّة لصدق توبتهم في الدنيا في الحياة الثانية.
إلى غير ذلك من الردود التي تدحض مذهب الشيعة في القول بالرجعة، وأنه خلاف العقل والنقل والواقع، والله الهادي إلى سواء السبيل  (14) .
ومما ينبغي الإشارة له هنا أنه قد خرج عن القول بالمهدي على تلك الصورة المزعومة عند الشيعة بعض فرقهم كالزيدية، وقد أنكروا عودة المهدي وردّوها بروايات عن الأئمة أيضاً، وكفى الله المؤمنين القتال.
وقد سبقت الإشارة... إلى أن الشيعة ليسوا كلهم على مذهب واحد في المهدي المنتظر، وإنما اشتهر اسم محمد بن الحسن العسكري بالمهدي المنتظر، لأنها عقيدة الرافضة الإمامية في عصرنا الحاضر.  
متى يخرج المهدي؟


فقد وقَّت بعض الشيعة لخروج المهدي زمناً معيناً، وذلك بعد وفاة الحسن العسكري بزمن، إلا أن الذين وقّتوا خروجه بزمن حينما انتهى التقدير ورأوا أن المسألة ستتضح ويظهر فيها الكذب مددوا هذه الغيبة إلى وقت غير مسمى، واختلقوا لذلك أعذاراً كاذبة، فرواية وردت عن الأصبغ بن نباتة -كما ينقلها الكليني- تذكر أنه سيخرج بعد ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنوات، وهذه الروايات هي المتقدمة والقريبة من وفاة الحسن العسكري  (1) .
ورواية أخرى يذكرها الكليني عن أبي جعفر تذكر أنه سيخرج بعد سبعين سنة، ثم مددت هذه المدة أيضاً حين أفشي السر إلى أجل غير مسمى، وذلك حسب ما روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر الباقر: أن الله تبارك وتعالى قد كان وقّت هذا الأمر في السبعين، فلما أن قتل الحسين –صلوات الله عليه- اشتد غضب الله تعالى على أهل الأرض فأخّره إلى أربعين ومائة، فحدَّثناكم فأذعنتم الحديث فكشفتم قناع الستر، ولم يجعل له بعد ذلك وقتاً...إلخ  (2) .
والواقع أنه لن يخرج حتى تخرج هذه العقيدة من أذهانهم ومعتقداتهم التي صنعها علماؤهم لأغراض ومقاصد كثيرة، في أولها حرب الدولة الإسلامية وإعادة السيطرة الفارسية.
وقد أبان سر هذه المهزلة المهدية أحد الشيعة وهو علي بن يقطين حين سئل عن المهدي فأجاب: "إن أمرنا لم يحضر فعلَّلنا بالأماني، فلو قيل لنا: إن هذا الأمر لا يكون إلا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة –لقست القلوب، ولرجع عامة الناس عن الإسلام، ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تألفاً لقلوب الناس، وتقريباً للفرج"  (3) .
فانظر إلى هذه الشهادة عليهم، وقارن بينهم وبين السلف الذين ينتظرون المهدي الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم لترى ثبات السلف وعدم وجود تلك العجلة واللهثة التي توجد في الشيعة، لأن السلف مطمئنون واثقون بدينهم ونبيهم، ويعلمون أن العجلة لا تقدمه ولا تؤخره، ولأنهم كذلك ليست لهم أحقاد يريدون أن يشتفوا من المخالفين لهم عند ظهور المهدي.
سبب إصرار الشيعة على القول بوجود محمد بن الحسن العسكري:


عرفنا فيما تقدم عمق هذه الفكرة في أذهان الشيعة وتشبثهم بوجود ابن للحسن العسكري الذي جعلوا منه مهديهم المنتظر، ومكابرتهم وإصرارهم على القول بولادته، فما هو السر في هذا؟ والجواب حاصله: أن الشيعة قد وضعوا شروطاً وقواعد وأوصافاً للإمام, ألزموا أنفسهم بتصديقها وهي من صنع الخيال، وبالتالي فهي صعبة المنال ثم جعلوها جزءاً من العقيدة الشيعية، بحيث لو لم تتحقق لانتقض جزء كبير من تعاليمهم، ولأصبحوا في حرج.
وأكثر تلك الشروط هي تقول على الله ومجازفة وحكم على الغيب، فمنها على سبيل المثال لا الحصر:
أن الإمام لا يموت حتى يكون له خلف من ذريته هو الذي يتولى الإمامة من بعده حتماً لازماً وقد روى الطوسي عن عقبة بن جعفر قال: قلت لأبي الحسن: قد بلغت ما بلغت وليس لك ولد؟
فقال: يا عقبة بن جعفر، إن صاحب هذا الأمر لا يموت حتى يرى ولده من بعده  (1) , أن الإمامة لا تعود في أخوين بعد الحسن والحسين أبداً؛ بل في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.
ومعنى هذا أن الحسن العسكري - وهو الإمام الحادي عشر- لو مات دون عقب لانتقضت هذه القاعدة، وقد روى الطوسي عن أبي عيسى الجهني قال أبو عبد الله عليه السلام: لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين رضي الله عنهما، إنما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب  (2) ,
الإمام لا يغسله إلا إمام هو أكبر أولاده.
ولقد ذكر ابن بابويه القمي عن علي بن موسى بن جعفر كثيراً من الشروط التي اشتملت على خرافات وآراء ضالة ليست من الإسلام في شيء، كقولهم: "للإمام علامات: يكون أعلم الناس، وأحكم الناس، وأتقى الناس، وأحلم الناس، وأشجع الناس، وأسخى الناس، وأعبد الناس، ويولد مختوناً، ويكون مطهراً، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولا يكون له ظل.
وإذا وقع على الأرض من بطن أمه وقع على راحته رافعاً صوته بالشهادة ولا يحتلم، وتنام عينيه ولا ينام قلبه، ويكون محدثاً، ويستوي عليه درع رسول الله صلى الله عليه وسلم -لأنها محفوظة بزعمهم عند الأئمة يتوارثونها- ولا يرى له بول ولا غائط، لأن الله عز وجل قد وكل الأرض بابتلاع ما يخرج منه، ويكون له رائحة أطيب من رائحة المسك.
ويكون أولى الناس منهم بأنفسهم، وأشفق عليهم من آبائهم وأمهاتهم، ويكون أشد الناس تواضعاً لله عز وجل، ويكون آخذ الناس بما يأمرهم به، وأكف الناس عما ينهى عنه، ويكون دعاؤه مستجاباً حتى إنه لو دعى على صخرة لانشقت نصفين، ويكون عنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه محفوظ عند الأئمة والسيف ذو الفقار.
ويكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة، وتكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعاً، فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم ويكون عنده الجفر الأكبر والجفر الأصغر؛ إهاب ماعز وإهاب كبش فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش، وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحف فاطمة"  (3) .
ويروي الكليني عن أبي جعفر قال: "للإمام عشر علامات: يولد مطهرا مختوناً، وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعاً صوته بالشهادتين، ولا يجنب، وتنام عينيه ولا ينام قلبه، ولا يتثاءب، ولا يتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة المسك، والأرض موكلة بستره وابتلاعه، فإذا لبس درع رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عليه وفقاً، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبراً، وهو محدث إلى أن تنقضي أيامه"  (4) .
وبغض النظر عن دراسة هذه الخيالات والخرافات التي يمجها العقل ويرفضها الفكر ويكذبها الواقع، إذ لا يوجد رجل تتوفر فيه هذه الشروط التي لم تتوفر حتى في الأنبياء والرسل عليهم الصلاة السلام مجتمعة – بغض النظر عن ذلك كله, فإن الذي يهمنا هنا هو معرفة السر الذي أصرَّ بموجبه الشيعة على القول بوجود ابن للحسن العسكري يخلف والده في إمامتهم.
وقد اتضح مما تقدم أن الذي حمل الشيعة على ذلك الإصرار هي تلك الشروط التي تنص على أن الإمام لا يموت حتى يوجد له عقب من أولاده هو الذي يتولى تجهيزه ودفنه، والقيام بأمر الشيعة بعده حتماً...وكان موت الحسن من دون ولد يهدم تلك الشروط التي وضعوها.
ومن هنا قرّروا أن يوجدوا للحسن ولداً تخلصاً من هذا المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه، وليكن بعد ذلك ما يكون، وهم على ثقة بأن لكل صوت صدى، بل هم واثقون من أن استجابة الأكثر من الناس للخرافات والخزعبلات أقوى من استجابتهم للحق، وأقرب إلى نفوس الكثير من بني آدم.
وإضافة إلى ما تقدم في سبب دعواهم وجود المهدي، فإنه ينبغي ملاحظة أنه قد مرت بالشيعة ظروف سياسية واجتماعية ودينية ذاقوا فيها مرارة الحرمان من عدم إقامة دولة لهم تنظر إليهم بالعين التي يريدونها من تقديمهم واعتبار آرائهم، وغير ذلك مما كانوا فيه من العزة والتطاول على الناس، واعتبار عنصرهم أفضل العناصر.
وحينما غلبتهم الدولة الإسلامية وبلغ السيل الزبى بإخضاع الدولة الأموية لهم, فكر رؤساؤهم في ذلك الوقت في أمر يجتمع عليه عامتهم؛ لئلا يذوبوا في غيرهم، وييئسوا من استعادة أمرهم، فبدأوا في حبك المخططات السرية والعلنية، وتوجيه أنظار جميع الشيعة إلى الالتفاف حول أمل إذا تحقق عادت به سيادتهم كما يتصورون. وهو انتظار المهدي الغائب  (5) , الذي سيزيل عند رجوعه جميع من ناوأهم، ويقضي على قريش بخصوصهم بكل شراسة حتى يقول الناس: لو كان هذا من قريش لما فعل بهم هكذا, حسب ما يرويه النعماني  (6) ، وحسبما يروونه عنه في كتبهم.
وهذه الشراسة والشدة على العرب بخصوصهم ومنهم قريش, تدل دلالة واضحة على أن هذا المهدي ليس له صلة بالعرب، فهو عدو شرس لهم, ليس بينه وبينهم أية عاطفة أو صلة.
وفعلاً هذا المهدي ليس من قريش، بل هو مهدي فارسي متعصب ليزدجرد وللأسرة الساسانية التي قضى عليها الإسلام، يتضح ذلك في هذه الرواية التي يرويها الطوسي عن أبي عبد الله أنه قال: "اتقوا العرب فإن لهم خبر سوء، أما إنه لا يخرج مع القائم منهم أحد"  (7) 
وبهذا يتضح أن هذا المهدي مصنوع بمعرفة الشيعة وعلى طريقتهم، حقود شديد، يمثل الغلظة بأجلى صورها.  
هل الإمام الثاني عشر شخصية حقيقية؟


إنه مما يجعل من قضية رجعة الأئمة إلى الحياة قضية تستدعي الأناة والمراجعة, هو ذلك الكلام الكثير الذي يجري حول ما إذا كان الإمام محمد الثاني عشر شخصية حقيقية أم أنه شخصية وهمية، ذلك أن الإمام الثاني عشر هو أول الأئمة رجوعاً إلى الدنيا، يخرج من السرداب الذي اختفى فيه في مدينة سامرا؛ ليحكم المسلمين، وينشر العدل في أرجاء الأرض، ويمهد لآبائه وأجداده الأحد عشر؛ لكي يرجعوا أو يبعثوا من جديد، يتولى كل واحد منهم بالتسلسل حكم المسلمين... فإذا ما كان هذا الإمام شخصية وهمية انهارت قضية الرجعة من أولها إلى آخرها.
إن الحقيقة الراجحة عند جمهرة المؤرخين المسلمين هي أن الإمام الحسن العسكري - الإمام الحادي عشر- قد مات عن غير ولد له، إذ إن للعلويين سجل مواليد يقوم عليه نقيب، بحيث لا يولد لهم مولود إلا سجل فيه، وهذا السجل لم يسجل فيه للحسن العسكري ولد، ويشيع بين كثير من العلويين المعاصرين أن الحسن العسكري مات عقيماً، فإذا صحت هذه الأخبار يكون المعنى أن شخصية الإمام الثاني عشر شخصية غير حقيقية، وإنما اخترعها من اخترعوا غيرها من الموضوعات الشيعية التي ينكرها كثير من كبار عقلاء علماء الشيعة، فإذا ما كان الأمر على هذا النحو من الحقيقة انهارت عقيدة الرجعة من أولها إلى آخرها. 
أكاذيب الرافضة على المهدي:


ومن أكاذيبهم على أهل البيت أنهم نسبوا إليهم الأقوال والروايات التي تنبئ بخروج القائم من أولاد الحسن العسكري الذي لم يولد له مطلقاً في آخر الزمان، وإحيائه أعداء أهل البيت وقتله إياهم حسب زعمهم.
كما أورد الكليني - محدث القوم وبخاريهم - عن سلام بن المستنير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدث إذا قام القائم عرض الإيمان على كل ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة وإلا ضرب عنقه، أو يؤدي الجزية كما يؤديها اليوم أهل الذمة، ويشد على وسطه الهميان ويخرجهم من الأمصار إلى السواد" (الروضة من (الكافي)(8/ 227).
ولا هذا فحسب، بل أورد الصافي مفسر القوم رواية عن جعفر أيضاً أنه قال:
إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائهم" (تفسير الصافي, سورة البقرة (1/ 172).
هذا ولا يكتفي على قتل ذراريهم، بل يحيي آباءهم ويقتلهم كما روى المفيد كذباً على جعفر بن الباقر أنه قال:
إذا قام القائم من آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم فأقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم أقام خمسمائة فضرب أعناقهم، ثم خمسمائة أخرى حتى يفعل ذلك ست مرات" (الإرشاد للمفيد ص364).
ولقد أورد العياشي أنه يقتل أيضاً يزيد بن معاوية وأصحابه كما يقول:
قال أبو عبد الله عليه السلام: إن أول من يكر إلى الدنيا الحسين بن علي عليه السلام وأصحابه ويزيد بن معاوية وأصحابه، فيقتلهم حذو القذة بالقذة". "تفسير العياشي" (2/ 280) تحت قوله تعالى: ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ  [الإسراء:6]، أيضاً "البرهان" (2/ 408)، أيضاً "الصافي" (1/ 959).
ولم يقتنع القوم بهذه الأكاذيب، ولم يشف غليلهم حتى بلغوا إلى أقصاه، فافتروا على محمد الباقر أنه قال:
أما لو قام قائمنا ردت الحميراء (أي أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها) حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد صلى الله عليه وسلم فاطمة عليها السلام منها، قيل: ولم يجلدها ؟ قال: لفريتها على أم إبراهيم، قيل: فكيف أخره الله للقائم عليه السلام؟ قال: إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة، وبعث القائم عليه السلام نقمة" (تفسير الصافي, سورة الأنبياء 2/ 108).
كما أنهم حكوا روايات كثيرة باطلة، ونسبوها إلى أئمتهم نذكر منها واحداً أن أبا جعفر الباقر قال:
كأني بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره والمؤمنون بين يديه، وهو يفرق الجنود في البلاد ….. وأول من يبايعه جبرائيل" (روضة الواعظين 2/ 364، 365، "الإرشاد" ص364).  
التعريف بولاية الفقيه


جاء تعريف ولاية الفقيه عند بعض علماء الشيعة بأنها: (قيام الفقيه الجامع لشروط الفتوى والقضاء مقام الحاكم الشرعي، وولي الأمر، والإمام المنتظر في زمان غيبته: من إجراء السياسات، وسائر ما له من أمور، عدا الأمر بالجهاد الابتدائي، وهو فتح بلاد الكفر بالسلاح، مع خلاف في سعة الولاية وضيقها)  (1) ؛ فالفقيه هو النائب عن الإمام المنتظر في أمور عديدة: من قضاء، ودفع الخمس، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد، على خلاف بينهم في ذلك؛ حيث مرت هذه الولاية عبر سنوات ومراحل عند الشيعة  
تمهيد:


لقد مرت نظرية ولاية الفقيه بعدة مراحل في الفكر الشيعي. ومن أهم هذه المراحل:
 السفراء في عصر الغيبة الصغرى:


كانت بدايات ظهور نظرية ولاية الفقيه في عصر الغيبة الصغرى متمثلة في أشخاص السفراء الأربعة الذين كانوا – كما يزعمون – نواباً للإمام المهدي؛ فهم الواسطة بينه وبين الناس في ما يريد تبليغهم إياه. وهؤلاء السفراء الأربعة هم بإيجاز: 
1- عثمان بن سعيد العمري، وكانت سفارته من سنة 260هـ حتى سنة 265هـ تقريباً  (1) . وقد قام بدوره سفيراً للإمام المنتظر – كما تزعم الشيعة – في سرية تامة، فقد كان (يتجر بالسمن تغطية على الأمر)  (2) ويأخذ الأموال التي تدفع له باسم الخمس وحق أهل البيت فيضعها (في جراب السمن وزقاقه تقية وخوفاً)  (3) .
ومن العجيب أن الشيعة تزعم أنها لا تقبل إلا قول معصوم وترفض الإجماع بدون معصوم، وهي هنا تقبل – في أهم ما تعتقده – دعوى رجل واحد غير معصوم. وقد ادعى مثل دعواه آخرون، كل واحد يزعم أنه الباب للغائب، وكل واحد يخرج توقيعاً يزعم أنه خرج من المنتظر الغائب، ويتضمن لعن الآخر وتكذيبه  (4) . وقد ذكر الطوسي وغيره أسماءهم تحت عنوان: (ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية، لعنهم الله)  (5) .
2- محمد بن عثمان بن سعيد العمري، وكانت مدة سفارته من سنة 265هـ وحتى سنة 305هـ. فقد تولى البابية (نحواً من خمسين سنة  (6) يحمل الناس إليه أموالهم، ويخرج إليهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن – عليه السلام – إليهم بالمهمات في أمر الدين والدنيا، وفيما يسألونه من المسائل بالأجوبة العجيبية)  (7) .
3- الحسين بن روح النوبختي، وكانت مدة سفارته من سنة 305هـ وحتى سنة 326هـ. وقد كان البابية والنواب عن الإمام المنتظر يفرضون لأنفسهم القداسة ووجوب الطاعة، وإلا كان خطر اللعن والغضب منهم، ويشهد لذلك: أنه عندما تردد أحدهم في تسليم أمواله إلى الحسين بن روح، غضب منه الباب محمد بن عثمان، وقال له: ما الذي جرأك على الرجوع، ولم تمتثل ما قلته لك؟ فقال له: (لم أجسر على ما رسمته لي). إلا أن الباب أجابه وهو غاضب: (قم عافاك الله كما أقول لك)، فقال الرجل: (فلم يكن عندي غير المبادرة. فصرت إلى أبي القاسم بن روح وهو في دار ضيقة فعرفته ما جرى، فسر به وشكر الله – عز وجل – ودفعت إليه الدنانير وما زلت أحمل إليه ما يحصل في يدي بعد ذلك من الدنانير)  (8).
4- علي بن محمد السمري، وكانت مدة سفارته من سنة 326هـ وحتى سنة 329هـ  (9) ، وبه انتهت مرحلة السفراء؛ حيث سئل عند موته أن يوصي، فقال: (لله أمر هو بالغه)  (10) .
وقد كان هناك نزاع بين الشيعة فيمن يكون هو الباب عند الإمام النتظر؛ حتى يظفر بالأموال الكثيرة من السذج من الناس! وممن اعترف بذلك: محمد بن علي الشلمغاني؛ فقد ادعى النيابة عن المهدي، ونافس ابن روح عليها، فلم يستطع أن يظفر بها؛ ففضحهم، فقال: (ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه. لقد كنا نتهارش على هذا الأمر كما تتهارش الكلاب على الجيف)  (11).
وعقب أحمد الكسروي (وهو شيعي الأصل)، فقال: (لقد صدق في ما قال، فإن التخاصم لم يكن إلا لأجل الأموال! كان الرجل يجمع الأموال ويطمع فيها فيدعي البابية لكيلا يسلمه على آخر)  (12) .
وبإعلان السفير الرابع: علي بن محمد السمري عن انتهاء الغيبة الصغرى بدأت مرحلة أخرى من مراحل النيابة والولاية عن الإمام الغائب، وهي مرحلة الغيبة الكبرى التي تطورت فيها ولاية الفقيه.
فتح باب الاجتهاد:


بموت السفير الرابع سنة 329هـ بدأت الغيبة الكبرى لإمامهم المنتظر. وبإعلان الغيبة الكبرى؛ أصبحت المسؤولية التي وضعت للإمام من تنفيذ أوامر الله – كما يزعمون – متوقفة؛ لاختفائه وانقطاع السفراء بينه وبين الناس؛ فكان محرماً على الشيعة تجاوز الإمام، والتعدي على اختصاصاته. ومن ذلك ما يعرف عند الشيعة بالولايات السبع وهي:
1- الولاية على أموال القصر والصغار ممن لا ولي لهم.
2- الولاية على أخذ الخمس، والزكاة، والأوقاف العامة وصرفها في مواردها.
3- الولاية على إجراء الحدود الخارجة عن منصب القضاء.
4- الولاية على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ما يتوقف على ضرب أو جرح أو قتل أحياناً.
5- الولاية على الحكومة والسياسة وتنظيم البلاد، وحفظ الثغور والدفاع ضد الأعداء، وكل ما يرتبط بالمجتمع والمصالح العامة التي يتوقف عليها.
6- الولاية على الأموال والنفوس مطلقاً.
7- الولاية على التشريع بأن يكون له حق وضع القوانين وتشريعها بحسب ما يراه من المصالح  (1) .
فهذه الولايات السبع كان يتوقف فعلها على وجود الإمام الغائب المنتظر؛ وهو ما أحدث حالة ركود وجمود عند الشيعة بسبب تعطل هذه الأحكام. وذلك ما جعل بعض علماء الشيعة يلجؤون إلى فتح باب الاجتهاد في بعض المسائل الجديدة على الساحة الشيعية. ومن ضمن ما استندوا إليه رواية تنسب إلى إمامهم المنتظر أنه قال: (أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم)  (2) . لكن اجتهادهم كان محدوداً في بدايته بسبب وجود معارضة من قبل العديد من علماء الشيعة؛ حيث يعدون هذا الاجتهاد تدخلاً في خصوصيات الأئمة؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن التشريعات الجديدة إنما هي خاصة بالأئمة وحدهم. فجاء الاجتهاد أيضاً على مراحل. لعل من أبرزها:
1- كان من أوائل من فتح باب الاجتهاد: الحسن بن عقيل العماني. ويعد أول من هذب الفقه واستعمل النظر، وفتق البحث عن الأصول والفروع من بداية الغيبة الكبرى  (3) . ويعد كتابه: (المتمسك بحبل آل الرسول صلى الله عليه وسلم) من أوائل الكتب التي اتجهت إلى استنباط الفروع والأحكام من الأصول الموجودة في الأحاديث لديهم  (4) .
في حين يرى بعض من الشيعة أن من أقدم من تجاوز متون الأحاديث إلى الاستنباط منها للحاجة إلى ذلك، هو الطوسي في كتابه: (المبسوط والخلاف في الفقه)  (5) .
2- بعد ذلك، أعلن بعض علماء الشيعة جواز تولي الفقيه لإقامة الحدود والقضاء من قبل سلاطين الجور، وأن هذا التنصيب وهذه الولاية إنما هي من الإمام المنتظر.
ويؤكد ذلك أحمد الكاتب، فيقول عن بعض علماء الشيعة: (كانت آراؤهم هذه في باب الحدود متميزة عن آرائهم في الأبواب الأخرى التي كانوا يلتزمون فيها بنظرية التقية والانتظار. وكانت وسيلة كبرى ساعدتهم على الخروج من سائر المرافق الأخرى، وكانت فرضية النيابة الحقيقية التي اقترح بعض العلماء افتراضها عند إجبار الحاكم الظالم للفقيه أو لغيره على إقامة الحدود قاعدة أساسية لتطوير نظرية النيابة العامة وولاية الفقيه فيما بعد)  (6) .
وكان شيخهم المفيد من أوائل من ذكر أن الفقيه العادل من الشيعة إذا نصبه السلطان الجائر، فله أن يقبل هذا المنصب؛ لأنه في الحقيقة من صاحب الزمان الإمام المنتظر؛ حيث أكد ذلك بقوله: (فأما إقامة الحدود فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله – تعالى – وهم أئمة الهدى من آل محمد – عليهم السلام – ومن نصبوه لذلك من الأمراء والحكام، وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان، ومن تأمر على الناس من أهل الحق بتمكين ظالم له وكان أميراً من قبله في ظاهر الحال؛ فإنما هو أمير في الحقيقة من قبل صاحب الأمر الذي سوغه ذلك وأذن له فيه دون المتغلب من أهل الضلال)  (7) .
3- ثم تطور الفكر الشيعي وتوسع؛ فجاء من علمائهم من يجيز إقامة الفقيه للحدود من غير إجبار لأحد، ومن أشهر من قال بذلك: ابن مطهر الحلي، واحتج لذلك بأن للفقهاء الحكم بين الناس، فكان إليهم إقامة الحدود، ولأن تعطيل الحدود فيه مفاسد عدة  (8) .
4- بعد ذلك تجاوزت الولاية مسألة إقامة الحدود إلى ما هو أوسع من ذلك:
كالنيابة عن الإمام في دفع الزكاة والخمس، وصلاة الجمعة، فنجد شيخهم المفيد يوجب دفع الزكاة للفقهاء، فيقول: (فإذا عدم السفراء بينه وبين رعيته وجب حملها إلى الفقهاء المأمونين من أهل ولايته؛ لأن الفقيه أعرف بموضعها ممن لا فقه له في ديانته)  (9) .
وقد كانت طريقة دفع الخمس عند الشيعة على عدة مراحل:
- الخطوة الأولى: تتمثل بوجوب الخمس في عصر الغيبة مع القول بدفنه، أو الاحتفاط به حتى ظهور المهدي، أو الإيصاء به من واحد إلى واحد حتى موعد الظهور.
- والخطوة الثانية هي: القول بتسليم الخمس إلى الفقهاء للاحتفاظ به حتى وقت ظهور الإمام.
- ثم بعد ذلك قالوا بجواز قيامهم بتوزيعه بأنفسهم على المحتاجين  (10) .
أما صلاة الجمعة، فقد حرم عدد من علماء الشيعة إقامتها بدون حضور الإمام المنتظر  (11) . ثم في القرن السابع والثامن الهجريين قالوا بجواز إقامة الفقهاء للجمعة؛ باعتبارهم نواباً عامين لإمامهم المهدي  (12) . 
دور (الكركي والنراقي) في تطوير ولاية الفقيه:


لقد تطورت فكرة ولاية الفقيه تطوراً واضحاً عند الكركي والنراقي. ويتضح ذلك بعرض موجز لما قدمه كل منهما في تطوير هذه النظرية.
1- الكركي:
لقد تهيأت الظروف للكركي لنشر المذهب الشيعي وآرائه الفقهية، وذلك بعد أن استدعته الدولة الصفوية التي أعلنت المذهب الإمامي مذهباً رسمياً، واحتاجت لمن يدعو لهذا المذهب وينشر أفكاره؛ فاستعانت به. ويظهر ذلك عندما دعاه طهماسب ابن الشاه إسماعيل الصفوي للمشاركة معه في الحكم ووجوب طاعته. وأصدر قراراً بذلك، قال فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم: حيث إنه يبدو ويتضح من الحديث الصحيح النسبة إلى الإمام الصادق – عليه السلام – الذي يقول فيه: انظروا إلى من كان قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا؛ فارضوا به حكماً؛ فإني قد جعلته عليكم حاكماً؛ فإذا حكم بحكم فمن لم يقبله منه؛ فإنما بحكم الله استخف، وعلينا رد، وهو راد على الله وهو على حد الشرك بالله  (1) . واضح أن مخالفة حكم المجتهدين الحافظين لشرع سيد المرسلين هو والشرك في درجة واحدة؛ لذلك فإن كل من يخالف حكم خاتم المجتهدين، ووارث علوم سيد المرسلين نائب الأئمة المعصومين لازال اسمه العلي علياً عالياً، ولا يتابعه؛ فإنه لا محالة ملعون مردود وعن مهبط الملائكة مطرود، وسيؤاخذ بالتأديبات البليغة والتدبيرات العظيمة)  (2) .
فبدأ المحقق الكركي في تطبيق النيابة العامة عن الإمام المنتظر بعد هذا القرار الذي أصدره الشاه طهماسب بوجوب طاعته، والحذر من مخالفته. فأكد الكركي على ذلك في العديد من مؤلفاته. ومما جاء عنه في التأكيد على أن لنائب الإمام الحق في إصدار الأحكام، ووجوب العمل بها؛ لأنه نائب من قبل إمامهم المنتظر، وكل ما يقوله حق يجب أتباعه، مما جاء في ذلك قوله: (اتفق أصحابنا – رضوان الله عليهم – على أن الفقيه العدل الإمامي الجامع لشرائط الفتوى، المعبر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية، نائب من قبل أئمة الهدى – صلوات الله وسلامه عليهم – في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل... فيجب التحاكم إليه والانقياد على حكمه)  (3) .
وبهذا يكون الكركي قد أسس لشرعية سياسية بتدخل العلماء في السلطة والسياسة، بل كسر الحاجز الذي كان بين الفقيه والحاكم في الفقه الإمامي؛ وذلك بتطبيقه ولاية الفقيه، ولو بشكل محدود عملياً. وهذا ينفي فكرة: أن الخميني هو أول مفكر شيعي يوفق في تطبيق نظرية ولاية الفقيه عملياً  (4) . في حين يرى بعض الباحثين أن: قيام دعوة واضحة وصريحة لتسلم الفقيه المجتهد زمام السلطة الكلية للدولة نيابة عن الإمام الغائب لم تحدث إلا على يد الخميني  (5) .
2- النراقي:
للنراقي السبق في بث التفكير لدى فقهاء الشيعة عن كيفية وطريقة إقامة دولة إسلامية يتزعمها ويقوم بها الفقيه الجامع للشروط؛ فقد ساهم في ذلك عندما حمل الفقيه في بحثه مسؤولية الولاية التي كانت للمعصوم، وعده نائبه. واستشهد لذلك بالأدلة العقلية والنقلية التي تثبت نظريته في ولاية الفقيه. ويمكن القول: إن التنظير الذي قام به المحقق النراقي لولاية الفقيه، وما تبعه من بحوث ومناقشات حول هذه المسألة: قد مهد للخميني أن يتقدم في نقله كبرى، وهي السعي الجاد لإقامة حكومة إسلامية يتزعمها الفقيه العادل فضلاً عن التنظير لها والاستدلال عليها  (6) . ونجد أن النراقي يعد أول من أفرد مسألة ولاية الفقيه تحت عنوا مستقل؛ وهو ما جعل من جاء بعده يهتم بالمسألة وبحثها؛ فقد استطاع تحقيق نقلة نوعية في صياغة نظام الحكم عصر الغيبة المتمثل بولاية الفقيه؛ فتعتبر محاولته خطوة متقدمة لتأسيس مشروع منهجي للبحث في نظام الدولة في الفقه الجعفري  (7) .
وقد ذكر النراقي وظيفة والفقهاء في أمور الناس، وما لهم فيها من الولاية، وحددها بأمرين:
الأول: كل ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم والأئمة فهو للفقيه أيضاً؛ إلا ما دل الدليل عليه من إجماع أو نص أو غيرهما.
الثاني: كل فعل متعلق بأمور العباد في دينهم أو دنياهم لابد من الإتيان به ولا مفر منه إما عقلاً أو عادة، فهو وظيفة الفقيه، وله التصرف فيه والإتيان به  (8) .
فنجد أن النراقي قد أعطى صلاحيات للفقهاء فشابههم جداً بولاية المعصوم عندهم. وجعلهم حكاماً في زمن الغيبة والنواب عن الأئمة  (9) ؛ فالنراقي قد طور نظرية (ولاية الفقيه) من كونها مرتبطة بإجازة الملوك كما عند الكركي إلى تصدي الفقهاء بأنفسهم للحكم، وتجاوز ما يسمى بـ(نظرية الانتظار) والتخلي عنها  (10) .
هذه بإيجاز أهم مراحل ما يسمى بـ(ولاية الفقيه)؛ حيث كانت بداياتها متمثلة في السفراء الأربعة ودورهم كنواب لإمامهم المنتظر، ثم بعد ذلك سعى العديد من علماء الشيعة لكسر الجمود الحاصل عند الشيعة بعد انقطاع السفراء وبداية ما يسمى بـ(الغيبة الكبرى)، ثم فتح باب الاجتهاد بشكل محدود واستنباط الأحكام الشرعية من الأدلة المعتبرة عندهم، فانتقلوا إلى الاجتهاد فيما يتعلق بجواز إقامة الحدود والقضاء من قبل سلاطين الجور. وبعد ذلك أجازوا إقامة الفقيه للحدود وغيرها حتى من غير موافقة سلاطين الجور. ولم يقتصروا على إقامة الحدود، بل تجاوزوا ذلك إلى تولي القضاء ودفع الخمس والزكاة. ثم نحت ولاية الفقيه منحى آخر، تمثل في ظهور المحقق الكركي الذي بدأت على يديه ولاية الفقيه تتوسع أكثر حتى شملت الشؤون السياسية، ثم تطورت ولاية الفقيه أكثر على يد المحقق النراقي؛ بحيث أجاز إقامة دولة تكون تحت رعاية الفقيه وحكمه؛ بحكم أنه نائب عن الإمام عن كل شيء. ثم جاء الخميني بعد ذلك وأفرد كتاباً خاصاً بولاية الفقيه وأهميتها وضرورتها لدى الشيعة، وظهرت آثار تلك النظرية واضحة في دستور إيران.  
ولاية الفقيه عند الخميني


ولاية الفقيه عند الخميني هو امتداد الفكر الشيعي وتطوره حول هذه القضية، غير أن موضوع ولاية الفقيه كان أكثر ظهوراً عند الخميني؛ نظراً لقيامه بتطبيق هذه النظرية تطبيقاً عملياً، تمثل باعتماد جمهورية إيران الحالية في دستورها على ولاية الفقيه، فكان – كما هو معروف – أول نائب للإمام يحكم إيران، ويرجع إليه في كل أمور وشؤون الدولة هي: الخميني  (1) .
ويذكر بعض الباحثين  (2) سبباً آخر لاهتمام الخميني بولاية الفقيه، وهو: تأثره الكبير بالفلسفة ودعاتها، خاصة السهروردي الذي زعم أن الزمان لا يجوز أن يخلو من ولي متأله، هو مناط السلطتين: الروحية والدنيوية، وهو الإنسان الكامل على الحقيقة، بل هو أفضل من الأنبياء والمرسلين؛ لأن عنده الحجج والبيانات  (3) . وهذه الفلسفة الممزوجة بدعوى التأله برزت بشكل كبير عند الخميني في أمرين:
الأول: إسباغ اليقين المطلق على اجتهاداته الذاتية؛ باعتبار أنها ناتجة من معرفة إلهامية حضورية، لا تقبل المناقشة وإعادة التأويل والتفسير، ولا تخضع لمقاييس العقل. وهو ما ينتهي إلى منع الآخرين من الرأي والاجتهاد والمعارضة؛ لأنها حقيقة مطلقة لا مزيد عليها.
الثاني: أن الفلسفة الإشراقية بأصولها الفارسية القديمة تحتوي على قدر كبير من الوهم والخرافة، وتعتمد على علاقة اجتماعية معرفية تقوم على إلغاء هوية عموم الناس وفناء إيراداتهم في مقابل المطلق (الولي المتأله)؛ ليتحولوا في النهاية إلى قصر لا يحسنون من دينهم ودنياهم شيئاً إلا أن يستسلموا فينقادوا طائعين للإدارة المطلقة  (4) .  (5) 
وقداستحدث الدستور الذي ابتدعه الخميني نظرية "ولاية الفقيه"، والتي تزعم بأن الفقيه الذي يرمز له بشخصه يتمتع بولاية عامة وسلطة مطلقة على شئون البشر باعتباره (الوصي) على شئون البلاد والعباد في غيبة الإمام المنتظر. 
والمادتان الأولى والثانية من الدستور الذي وضعه الخميني تنصان على أن: تكون ولاية الأمر والأمة في غيبة الإمام المهدي - عجل الله فرجه - (هكذا)، للفقيه العادل وهذا النص في الدستور الذي ابتدعه الخميني يعد من المبتدعات في المذهب الإمامي على كثرة ما فيه من مبتدعات.
فالقدماء والمحدثون من أئمة المذهب أمثال الكليني والصدوق والمفيد والطبرسي ومرتضى الأنصاري والنائيني لم يتجاوزوا بالفقيه العادل مرتبة (الولاية الخاصة) حيث لا يوجد دليل قطعي مستفاد يدل على وجوب طاعة الفقيه طاعة مطلقة في الأحكام العامة والخاصة، كما أن إثبات الولاية العامة للفقيه ينتهي لا محالة إلى التسوية بينه وبين الإمام المعصوم الذي يقولون به، ومن ثم فمنح الإمام لنفسه الولاية العامة يرفعه إلى مقام الأئمة المعصومين الذين يزعمهم المذهب ويقول بوجودهم.
وعليه فالدستور الذي يرمز إليه بدستور الحكومة الإسلامية يستمد مواده وأفكاره من ذاتية واضعه باعتباره فيما ادعاه لنفسه حجة مطلقة ونائبا للإمام الغائب في الفصل بين الأشياء. والعلماء والباحثون يجدون أنفسهم أمام دعوى للقانون أو النظام يقيم الحكومة الإسلامية على أساس (ثيوقراطي) يستند إلى حق إلهي مفروض يسوي بين الدين والمذهب خاصة فيما ورد في المادة الثانية عشرة. 
ومعظم مواد الدستور الإيراني، والذي راجع مواده الخميني مادة مادة، تستند إلى رأي منفرد بذاته هو رأي (الحاكم المتأله) الذي يدعي لآرائه واجتهاداته العصمة واليقين، حيث يقوم الزعم بأن السلطة الروحية للإمام الخميني ومن ثم من يخلفه تعتبر خارج النطاق الإنساني، فقد نص الدستور في المادة السابعة والخمسين على أن - السلطات الحاكمة في جمهورية إيران الإسلامية هي عبارة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية التي تمارس تحت إشراف ولاية الأمر وإمامة الأمة -.
إن هذا الاعتقاد كما هو واضح يسد منافذ الاجتهاد ويصادر حرية الرأي والاستنباط أمام أهل العلم من مجتهدي الأمة. وهذا الاعتقاد في الإمام لا يمكن أن يصدر عن اعتقاد إسلامي صحيح أو مبدأ يعترف به فقهاء المذاهب الإسلامية، ولكنه يرتد إلى أصول فارسية تدور حول ما يسمى (التوقير) أو الطاعة المطلقة والانقياد التام للسلطة السياسية الدينية التي يمثلها تراث فارس السياسي والديني (لكسرى) قبل الإسلام. 
ومن دراسة الوقائع المستفادة من قراءة تاريخ الحركات السياسية الهدامة التي ظهرت في بلاد فارس يتبين أنها كانت تعتمد جميعا على دعوى (الولاية الروحية) التي تجعل من قيامها بالإنابة عن المهدي أساساً لبرامجها وخططها للسيطرة على السلطة متخذة من زعم يقول: (إن الولاية فيض دائم أو نبوة مستمرة) لكي تفرض على أنصارها وأتباعها الاستسلام المطلق والطواعية العمياء، وتبلغ التبعية الصارمة لمدعي الولاية الروحية صوراً لا يقبلها دين ولا يقرها عقل، لأنها تبعية قائمة في جوهرها على (التوقير الوثني)، ولذا فإن الواقع الذي تعيشه مجتمعات يسيطر عليها مثل هذا الاعتقاد يمثل حالة من حالات (الفوضوية) المعبرة عن (نزعة طوبائية) تتنكر للواقع وضروراته، ومن ثم تتنكر للإسلام وكل تاريخه وتستبيح في هذه العقيدة أو في ظل هذه الفوضوية هتك الحرمات واغتيال الإنسان والتجاوز على مقدرات الأفراد ومصادرة حقوق الأمة. 
إن نظرية ولاية الفقيه المطلقة التي قال بها الخميني تنحصر إزاءها إرادة الإنسان وحريته في الاجتهاد والتفكير، وإن الوقائع التي تنكشف كل يوم والتي تنقلها الإذاعات الأجنبية ووكالات الأنباء إنما تشير في محصلتها النهائية إلى حقيقة صارخة ومؤلمة، تلك هي اغتيال الإنسان واغتيال وجوده باسم الإسلام والثورية. والإسلام لا يقر ولا يرضى هذا اللون من القهر السياسي حتى مع خصومه. 
إن مما يجب أن تنتبه له الأجيال المسلمة في العالم أجمع، أن الأطماع الفارسية التي تعبر عن نفسها بالعدوان والسيطرة والهيمنة ومحاولة ضرب (السيادة العربية) على أرض الأمصار الإسلامية إنما تهدف إلى تمزيق الأمة الإسلامية، ووأد الصحوة التي كانت تباشيرها تؤذن باتجاه مجتمعات عديدة نحو الإسلام عقيدة وشريعة وخطاب عدل وإنصاف، وإن مما يجب أن تنتبه له الأجيال المسلمة أن عقيدة (الولاية الروحية) قد استغلت مثلما كان يحدث عبر أطوار عديدة من التاريخ الوثني لفارس والتاريخ السياسي للإمامية. 
وكانت عقيدة الولاية الروحية تجسد دائماً وأبداً الأطماع الفارسية ضد جيرانها، وخاصة عندما كان يتاح لهذه الأطماع شخصية فارسية (متميزة بحب الدم والعدوان) تلبس الصفات الروحية المتوهمة أداة لها ووسيلة ضد جيرانها.
فدراسة حركات الزنادقة والشعوبية والأبي مسلمية والمقنعية والخرمية والصفوية، تقوم دليلاً على أن هذه الحركات ليست من الإسلام في شيء، متخذة من ادعاء النسب العلوي أداة للتغرير بالسذج والبسطاء لتحقيق مآرب الحقد والأطماع العنصرية وإحياء النزعات الشعوبية التي يفيض بها تاريخ فارس القديم والحديث على السواء.  (6) 
 عقيدة الرافضة الاثني عشرية في القرآن:


عقيدة الشيعة في القرآن، لا بد لمن يتناولها بالعرض أو النقد من أن يرجع إلى أمهات كتب القوم ومراجعهم الأصلية في الحديث والتفسير حتى يكون منصفاً في الحكم، وعادلاً في الاستنتاج، لأنه عليها مدار عقائدهم ومعول خلافاتهم مع الآخرين. 
وفي ضوء البحث العلمي والنقد الموضوعي يلزم الباحث المنصف أن ينقل ما يكون ثابتاً عن أئمتهم، في كتب الحديث أو التفسير، وخاصة الكتب القديمة التي روت هذه الروايات بالسند، أو وافق على صحتها أئمة القوم المعصومين على ما يقول به المذهب. ونحن نلزم أنفسنا في هذه القضية أن لا نورد شيئاً إلا ويكون صادراً من واحد من الأئمة الاثني عشر، ومن كتب الشيعة في عصر الأئمة قاطبة عن بكرة أبيهم، ولا أستثني منهم واحداً؛ كانوا يعتقدون أن القرآن محرف ومغير فيه، زيد فيه ونقص منه كثير. 
وإذا ما بدأنا من كتاب (الكافي) للكليني، الذي قيل فيه من قبل علماء المذهب: هو أجل الكتب الأربعة الأصول المعتمد عليها، لم يكتب مثله في المنقول عن آل الرسول، لثقة الإسلام محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي المتوفى سنة (328)هـ  (1) .
(هو عندهم أجل الكتب الإسلامية، وأعظم المصنفات الإمامية، والذي لم يعمل للإمامية مثله، قال المولى أمين الاسترآبادي في محكى فوائده: سمعنا عن مشايخنا وعلمائنا أنه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه)  (2) .
وأيضاً (الكافي).. أشرفها وأوثقها، وأتمها وأجمعها لاشتماله في الأصول من بينها، وخلوه من الفضول وشينها)  (3) .
وذكر الخوانساري أن المحدث النيسابوري قال في مؤلف (الكافي): (ثقة الإسلام، قدوة الأعلام، والبدر التمام، جامع السنن والآثار في حضور سفراء الإمام عليه أفضل السلام، الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي، محيي طريقة أهل البيت على رأس المائة الثالثة، المؤلف لجامع (الكافي) في مدة عشرين سنة، المتوفى قبل الغيبة الكبرى،  رضي الله عنه في الآخرة والأولى، وكتابه مستغن عن الإطراء، لأنه كان بمحضر من نوابه عليه السلام، وقد سأله بعض الشيعة من النائية تأليف كتاب (الكافي) لكونه بحضرة من يفاوضه ويذاكره ممن يثق بعلمه، فألف وصنف وشنف، وحكى أنه عرض عليه فقال: كاف لشيعتنا)  (4) .
فما الذي يقوله الكليني في (الكافي)؟
يروى عن علي بن الحكم عن هشام بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية"  (5) . والمعروف والثابت بالنقل والتواتر والحفظ أن القرآن ستة آلاف ومائتان وثلاث وستون آية، ومعنى كلام الكليني في (الكافي) أن ثلثي القرآن راح على أدراج الرياح، والموجود هو الثلث، ولقد صرح بذلك جعفر بن الباقر كما ذكر الكليني في كافيه أيضاً تحت باب (ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام):
عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عبد الله الحجال عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: جعلت فداك! إني أسألك عن مسألة، ههنا أحد يسمع كلامي؟ قال: يا أبا محمد! سل عما بدا لك. قال: جعلت فداك! إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم علياً عليه السلام باباً يفتح له منه ألف باب؟ قال: فقال: يا أبا محمد! علم رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً عليه السلام ألف باب يفتح من كل باب ألف باب, قال: قلت: هذا والله العلم قال: فنكت ساعة على الأرض ثم قال: إنه لعلم وما هو بذاك  (6) . قال: ثم قال: يا أبا محمد! وإن عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟ قال: قلت: جعلت فداك، وما الجامعة؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإملائه من فلق فيه وخط علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام، وكل شيء  يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش. وضرب بيده إلي فقال: تأذن لي يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك! إنما أنا لك فاصنع ما شئت، قال: فغمزني بيده وقال: حتى أرش هذا - كأنه مغضب - قال: قلت: هذا والله العلم قال: إنه لعلم وليس بذاك! ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا الجفر، وما يدريهم ما الجفر؟ قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، قال: قلت: إن هذا هو العلم، قال إنه لعلم وليس بذاك! ثم سكت ساعة ثم قال: وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد، قال: قلت: هذا والله العلم؛ قال إنه لعلم، وما هو بذاك! ثم سكت ساعة ثم قال: إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، قال: قلت: جعلت فداك! هذا والله هو العلم، قال: إنه لعلم وليس بذاك! قال: قلت: جعلت فداك! فأي شيء  العلم؟ قال: ما يحدث بالليل والنهار، الأمر من بعد الأمر، والشيء  بعد الشيء، إلى يوم القيامة)  (7) .
فأي قسم هو الذي حذف؟
يبينه الكليني أيضاً من إمامه المعصوم محمد الباقر - الإمام الخامس عند القوم - حيث يروي: (عن أبي علي العشري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل القرآن أربعة أرباع،ربع فينا وربع في عدونا وربع سنن وربع فرائض وأحكام)  (8) .
ومثله روى عن علي  رضي الله عنه حيث أورد الرواية: (عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعاً عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي يحيى، عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: "نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام"  (9) .  (10) 
علماء الإمامية متواطئون على القول بالتحريف:


القائلون بالتحريف من الإمامية صنفان:
الأول: علماء مقصودهم هدم الدين: يعلمون أن الدين كله قائم على أساس حفظ القرآن من الزيادة والنقصان: فبثبوته تثبت أصول الدين جميعاً، وبانهياره تنهار هذه الأصول جميعاً.
هل أدركت الآن السر الذي من أجله ابتدأت حجة الله تعالى على خلقه بتحرير هذه القضية الكبرى قبل أي شيء  آخر: ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ [البقرة:2], ثم ثنّت بإثباتها: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ[البقرة:23].
ولأن أولئك العلماء يشعرون أن أكبر غصة في حلوقهم هي حين يطالبون بالنص الصريح من القرآن على ما أضافوه من أصول إلى الدين ولكي يستريحوا من هذه الغصة، قالوا بنقصه وتحريفه. ولذلك هم يؤكدون على نقصانه دون الزيادة فيه! 
الثاني: عوام استزلهم أولئك العلماء بعد أن رسـّخوا لديهم الاعتقاد بخيانة الأصحاب نقلة الكتاب. فلما استجازوا الطعن في الناقل استسهلوا انتقال الطعن إلى المنقول. وهو المقصود.  (6) 
 وهناك إجماع من المسلمين والمشتغلين بالعلوم الإسلامية من غير المسلمين على أن الكتاب السماوي الوحيد الذي سلم من التحريف والتبديل والزيادة والحذف هو القرآن الكريم، ونحن المسلمين نلتزم بهذا الاعتقاد، ونقتنع به اقتناع عقل وعقيدة، فالله سبحانه قد أخذ على نفسه عهداً بالمحافظة عليه في قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [ الحجر:9]. غير أن المتابع لفكر جمهرة علماء الشيعة يرى غير ذلك، ويقرأ شيئاً عجباً في كتبهم، والذين لم يقولوا بتحريفه من هؤلاء قالوا بإمكان حدوث ذلك. 
إن آية الله الخميني في سياق الحديث عن حكمة عدم النص في القرآن الكريم على أن الإمامة وظيفة إلهية, وفي مسيرة حملته على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ..: "لو كانت مسألة الإمامة قد تم تثبيتها في القرآن، فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة، كانوا سيتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة، ويحذفون تلك الآيات من صفحاته، ويسقطون القرآن من أنظار العالمين إلى الأبد"  (1) .
وفي موضع آخر من كتاب (كشف الأسرار) في أمر يتصل أيضاً بالإمامة، يصوغ آية الله الخميني فكرته في أسلوب يوحي إيحاءً مباشراً بأن القرآن من صنع محمد، وما دام الأمر كذلك ومحمد بشر، فإنه من الممكن أن يتعرض القرآن للتحريف. 
يقول آية الله الخميني ما نصه: "إن النبي أحجم عن التطرق إلى الإمامة في القرآن، لخشية أن يصاب القرآن من بعده بالتحريف، أو تشتد الخلافات بين المسلمين فيؤثر ذلك على الإسلام"  (2) .
إن آية الله الخميني يقول بترجيح تحريف القرآن بسبب النص على أن الإمامة وظيفة إلهية كالنبوة، ويوحي في موقع آخر بأن القرآن من صنع النبي، وهما بادرتان لهما خطرهما؛ لأنهما صادرتان من أكبر مرجع ديني شيعي في هذين العقدين من الزمان، ويبقى أن نتساءل بعد ذلك: هل لما قاله آية الله الخميني جذور في أصول المذهب؟ 
إن الدراسة والمتابعة تشيران إلى الإجابة بالإيجاب، ذلك أن الكليني يذكر في كتابه (الكافي)، وقد سلف أن ذكرنا أن هذا الكتاب عند الشيعة بمنزلة البخاري عند أهل السنة؛ أن جابراً الجعفي قال: "سمعت أبا جعفر عليه السلام - يعني الإمام الباقر - يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب، والصحابة من بعده"  (3) .
ومن الأخبار المعتمدة عن جابر الجعفي هذا أنه كان كذاباً، وحين تحدث الإمام أبو حنيفة النعمان - وهو الإمام الأعظم، وأحد تلاميذ الإمام جعفر، وصاحب الحوار المشهور في شأن القياس مع الإمام محمد الباقر - حين تحدث عن الصدق والكذب عند الرواة قال: ما رأيت فيمن رأيت أفضل من عطاء، ولا أكذب من جابر الجعفي. 
إن منطق الأخبار يكذب جابراً، وبالتالي يكذب رواية الكليني عنه فيما عزاه إلى سيدنا محمد الباقر، بدليل أن علياً كرم الله وجهه لم يكن يعمل في مدة خلافته وهو بالكوفة إلا بمصحف سيدنا عثمان الذي هو بين أيدينا الآن، ولو كان عند سيدنا علي غيره - وهو خليفة حاكم - لعمل به، ولأمر المسلمين بالعمل به وتعميمه، ولو كان عنده مصحف غيره وكتمه عن المسلمين لكان خائناً لله ولرسوله وللمؤمنين، وحاشا أن يكون سيدنا علي كذلك. هذا هو رد أهل السنة على فرية جابر في حديثه إلى الكليني، وفي كذب كليهما على سيدنا محمد الباقر. هذا ما كان من أمر كذب الكليني على سيدنا محمد الباقر. 
بقي أن نذكر كذبة أكبر وأخطر اقترفها الكليني في حق سيدنا جعفر، وسيدتنا الطاهرة البتول فاطمة الزهراء بنت سيد الخلق والبشر، يزعم الكليني أن سيدنا جعفراً الصادق قال لأبي بصير: "وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، قال: وما مصحف فاطمة؟ قال الإمام: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله! ما فيه من قرآنكم حرف واحد"  (4) .
ويلح بعض علماء الشيعة إلحاحًا شديدًا - على ما تصوره - على تحريف القرآن الكريم. إن واحداً من كبار علماء النجف في نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر، هو الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي ألف كتاباً سنة (1292)هـ؛ أسماه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب (رب الأرباب)، ملأه بالأكاذيب حول زيادات زعم أنها أُضيفت إلى القرآن، وآيات حُذفت منه، ولما واجهه علماء الشيعة بالنقد والاعتراض عاد فألف كتاباً آخر يرد فيه على اعتراضاتهم وأسماه (رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب). وقد ضم الكتاب بعض الزيادات من تلفيق المؤلف، فصنع سورة أسماها "سورة ولاية علي" ونسبها إلى الله سبحانه يقول فيها: يا أيها الذين آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم إلى الصراط المستقيم.. إلخ.
إننا لا نحب الإطالة في هذا الموضوع إجلالاً لكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكن الأمر الذي لا شك فيه هو أن فريقاً من الشيعة يعتقد التحريف في القرآن الكريم بالزيادة والنقصان، كقولهم: إن آية (وجعلنا علياً صهرك) قد أسقطت من سورة الشرح، مع أن السورة مكية، ولم يكن علي قد أصهر إلى الرسول بعد.
كما أن البعض يزعم أن هنالك قرآنين لا قرآناً واحداً، وهي مزاعم ينكرها كثير من عقلاء الشيعة وعلمائهم، وفي مقدمة هؤلاء جميعاً العلامة الدكتور الموسوي الذي يقول: "إن كل ما قيل وذكر في الكتب الشيعية عن مصحف الإمام علي ليس أكثر من إضفاء هالة من الغلو على شخصية الإمام علي، حسب زعم الذين كانوا وراء وضع هذه الأساطير، وإثبات أن الإمام علياً أحق بخلافة الرسول من غيره، ولكنهم في الحقيقة أساءوا إلى الإمام، فأعلنوا أنه يخفي أحكاماً إلهية فيها حدوده وحلاله وحرامه وكل ما تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة".
ويمضي الدكتور الموسوي قائلاً: "إن بعض علماء الشيعة تحدث في كتبه عن مصحف فاطمة مضافاً إلى مصحف علي"، ويعقب الدكتور الموسوي بأن موقفه من هذا الرأي هو الموقف نفسه من مصحف علي (5) .  (7) 
أقسام المنكرين للتحريف من الإمامية:


والمنكرون لوجود هذه العقيدة لديهم من الإمامية: 
إما أنهم لم يطلعوا على حقيقة مذهبهم فنحيلهم إلى مصادرهم ليطلعوا عليها بأنفسهم، أو إلى بعض من كتب تفصيلاً في هذا الشأن. ولا بأس أن أقيد بعض الدلائل التي تكفي طالب الحق. 
وإما أنهم يعلمون علم اليقين لكنهم يكابرون! وهؤلاء لا نحيلهم إلى شيء  لأنهم ليسوا بحاجة إلى شيء! ولا ينفع معهم الإكثار من إيراد الأدلـة لأنهـم يعلمون ولكن.. (يتقون) فهم لا يهتدون!  
علماء الشيعة المصرحون بأن القرآن محرف وناقص:


(1) علي بن إبراهيم القمي:
قال في مقدمة تفسيره عن القرآن (ج1/36 ط دار السرور – بيروت) أما ما هو حرف مكان حرف فقوله تعالى: (لئلا يكون للناس على  (1) الله حجة إلا الذين ظلموا منهم) يعني ولا للذين ظلموا منهم وقوله: يَا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلاَّ مَن ظَلَمَ [النمل: 10-11] يعني ولا من ظلم وقوله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا [النساء: 92] يعني ولا خطأ وقوله: لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ [التوبة: 110] يعني حتى تنقطع قلوبهم.
قال في تفسيره أيضاً (ج1/36 ط دار السرور - بيروت):
وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو قوله: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ [آل عمران: 110] فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية: (خير أمة) يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي عليهم السلام؟ فقيل له: وكيف نزلت يا ابن رسول الله؟ فقال: إنما نزلت: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ألا ترى مدح الله لهم في آخر الآية لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ومثله آية قرئت على أبي عبد الله عليه السلام: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان: 74] فقال أبو عبد الله عليه السلام: لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم للمتقين إماما. فقيل له: يا ابن رسول الله كيف نزلت؟ فقال: إنما نزلت: (الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما) وقوله: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ[الرعد: 10] فقال أبو عبد الله: كيف يحفظ الشيء من أمر الله وكيف يكون المعقب من بين يديه فقيل له: وكيف ذلك يا ابن رسول الله؟ فقال: إنما نزلت (له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظون بأمر الله) ومثله كثير.
وقال أيضاً في تفسيره (ج1/37 دار السرور. بيروت):
وأما ما هو محرف فهو قوله: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي فإن لم تفعل فما بلغت رسالته) وقوله: (إن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم) وقوله: (وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب ينقلبون) وقوله: (ولو ترى الذين ظملوا آل محمد حقهم في غمرات الموت).
(2) نعمة الله الجزائري واعترافه بالتحريف:
قال الجزائري في كتابه (الأنوار النعمانية) (2/357، 358):
(إن تسليم تواترها "القراءات السبع" عن الوحي الآلهي وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريفي في القرآن كلاما ومادة وإعرابا، مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها. نعم قد خالف فيها المرتضى والصدوق والشيخ الطبرسي وحكموا بأن ما بين دفتي المصحف هو القرآن المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف ولا تبديل).
(والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها).
ويمضي نعمة الله الجزائري فيقرر أن أيادي الصحابة امتدت إلى القرآن وحرفته وحذفت منه الآيات التي تدل على فضل الأئمة فيقول: 1/97: (ولا تعجب من كثرة الأخبار الموضوعة) فإنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم قد غيروا وبدلوا في الدين ما هو أعظم من هذا كتغييرهم القرآن وتحريف كلماته وحذف ما فيه من مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساويهم كما سيأت بيانه في نور القرآن).
ويعزف الجزائري على النغمة المشهورة عند الشيعة بأن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلى علي رضوان الله عليه وأن القرآن الصحيح عند المهدي وأن الصحابة ما صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم إلا لتغيير دينه وتحريف القرآن فيقول (2/360، 361، 362):
(قد استفاض في الأخبار أن القرآن كما أنزل لم يؤلفه إلا أمير المؤمنين عليه السلام بوصية من النبي صلى الله عليه وسلم، فبقي بعد موته ستة أشهر مشتغلا بجمعه، فلما جمعه كما أنزل أتي به إلى المتخلفين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: هذا كتاب الله كما أنزل فقال له عمر بن الخطاب: لا حاجة بنا إليك ولا إلى قرآنك، عندنا قرآن كتبه عثمان، فقال لهم علي: لن تروه بعد اليوم ولا يراه أحد حتى يظهر ولدي المهدي عليه السلام. وفي ذلك القرآن زيادات كثيرة وهو خال من التحريف، وذلك أن عثمان قد كان من كتاب الوحي لمصلحة رآها صلى الله عليه وسلم وهي أن لا يكذبوه في أمر القرآن بأن يقولوا إنه مفترى أو إنه لم ينزل به الروح الأمين كما قاله أسلافهم، بل قالوه أيضا وكذلك جعل معاوية من الكتاب قبل موته بستة أشهر لمثل هذه المصلحة أيضا وعثمان وأضرابه ما كانوا يحضرون إلا في المسجد مع جماعة الناس فما يكتبون إلا ما نزل به جبرائيل عليه السلام. أما الذي كان يأتي به داخل بيته صلى الله عليه وسلم فلم يكن يكتبه إلا أمير المؤمنين عليه السلام لأن له المحرمية دخولا وخروجا فكان ينفرد بكتابة مثل هذا وهذا القرآن الموجود الآن في أيدي الناس هو خط عثمان، وسموه الإمام وأحرقوا ما سواه أو أخفوه، وبعثوا به زمن تخلفه إلى الأقطار والأمصار ومن ثم ترى قواعد خطه تخالف قواعد العربية).
وقد أرسل عمر بن الخطاب زمن تخلفه إلى علي عليه السلام بأن يبعث له القرآن الأصلي الذي هو ألفه وكان عليه السلام يعلم أنه طلبه لأجل أن يحرقه كقرآن ابن مسعود أو يخفيه عنده حتى يقول الناس: إن القرآن هو هذا الكتاب الذي كتبه عثمان لا غير فلم يبعث به إليه وهو الآن موجود عند مولانا المهدي عليه السلام مع الكتب السماوية ومواريث الأنبياء ولما جلس أمير المؤمنين عليه السلام على سرير الخلافة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاء هذا لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه كما لم يقدر على النهي عن صلاة الضحى، وكما لم يقدر على إجراء المتعتين متعة الحج ومتعة النساء. وقد بقي القرآن الذي كتبه عثمان حتى وقع إلى أيدي القراء فتصرفوا فيه بالمد والإدغام والتقاء الساكنين مثل ما تصرف فيه عثمان وأصحابه وقد تصرفوا في بعض الآيات تصرفا نفرت الطباع منه وحكم العقل بأنه ما نزل هكذا.
وقال أيضاً في ج2/363:
فإن قلت كيف جاز القراءة في هذا القرآن مع ما لحقه من التغيير، قلت قد روي في الآخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأ؛كامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام فيقري ويعمل بأحكامه.
(3) الفيض الكاشاني (المتوفى 1091هـ):
وممن صرح بالتحريف من علمائهم: مفسرهم الكبير الفيض الكاشاني صاحب تفسير (الصافي).
قال في مقدمة تفسيره معللا تسمية كتابه بهذا الاسم (وبالحري أن يسمى هذا التفسير بالصافي لصفائه عن كدورات آراء العامة والممل والمحير)  (2) .
وقد مهد لكتابه هذا باثنتي عشرة مقدمة، خصص المقدمة السادسة لإثبات تحريف القرآن. وعنون لهذه المقدمة بقوله (المقدمة السادسة في نبذ مما جاء في جمع القرآن، وتحريفه وزيادته ونقصه، وتأويل ذلك) (3) .
وبعد أن ذكر الروايات التي استدل بها على تحريف القرآن، والتي نقلها من أوثق المصادر المعتمدة عندهم، خرج بالنتيجة التالية فقال: (والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي عليه السلام، في كثير من المواضع، ومنها لفظة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها، ومنها غير ذلك، وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله، وعند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)  (4) .
ثم ذكر بعد هذا أن القول بالتحريف اعتقاد كبار مشايخ الإمامية قال: (وأما اعتقاد مشايخنا رضي الله عنهم في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن، لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي، ولم يتعرض لقدح فيها، ومع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه، وكذلك أستاذه علي بن إبراهيم القمي – رضي الله عنه – فإن تفسيره مملوء منه، وله غلو فيه، وكذلك الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي رضي الله عنه فإنه أيضا نسج على منوالهما في كتاب الاحتجاج)  (5) .
(4) أبو منصور أحمد بن منصور الطبرسي (المتوفى سنة 620هـ):
روى الطبرسي في الاحتجاج عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه قال: (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علي عليه السلام القرآن، وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم، فوثب عمر وقال: يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه، فأخذه عليه السلام وانصرف، ثم أحضروا زيد بن ثابت – وكان قارئا للقرآن – فقال له عمر: إن عليا جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار، وقد رأينا أن نؤلف القرآن، ونسقط منه ما كان فضيحة وهتكا للمهاجرين والأنصار. فأجابه زيد إلى ذلك.. فلما استخلف عمر سأل عليا أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم)  (6) .
ويزعم الطبرسي أن الله تعالى عندما ذكر قصص الجرائم في القرآن صرح بأسماء مرتكبيها، لكن الصحابة حذفوا هذه الأسماء، فبقيت القصص مكناة. يقول: (إن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن، ليست من فعله تعالى، وإنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين، واعتاضوا الدنيا من الدين)  (7) .
ولم يكتف الطبرسي بتحريف ألفاظ القرآن، بل أخذ يؤول معانيه تبعا لهوى نفسه، فزعم أن في القرآن الكريم رموزا فيها فضائح المنافقين، وهذه الرموز لا يعلم معانيها إلا الأئمة من آل البيت، ولو علمها الصحابة لأسقطوها مع ما أسقطوا منه  (8) .
هذه هي عقيدة الطبرسي في القرآن، وما أظهره لا يعد شيئا مما أخفاه في نفسه، وذلك تمسكا بمبدأ (التقية) يقول: (ولو شرحت لك كلما أسقط وحرف وبدل، مما يجري هذا المجرى لطال، وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء، ومثالب الأعداء)  (9) .
ويقول في موضع آخر محذرا الشيعة من الإفصاح عن التقية (وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين، ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل، والكفر، والملل المنحرفة عن قبلتنا، وإبطال هذا العلم الظاهر، الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصطلاح على الائتمار لهم والرضا بهم، ولأن أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عددا من أهل الحق)  (10) .
(5) محمد باقر المجلسي:
والمجلسي يرى أن أخبار التحريف متواترة ولا سبيل إلى إنكارها وروايات التحريف تسقط أخبار الإمامة المتواترة على حد زعمهم فيقول في كتابه (مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول) الجزء الثاني عشر (ص: 525) في معرض شرحه الحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية قال عن هذا الحديث  (11) : (موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح. ولا يخفي أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الأمامة فكيف يثبتونها بالخبر؟) أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟
وأيضاً يستبعد المجلسي أن تكون الآيات الزائدة تفسيراً  (12) .
وأيضاً بوب في كتابه بحار الأنوار بابا بعنوان (باب التحريف في الآيات التي هي خلاف ما أنزل الله) (13) .
(6) محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد.
أما المفيد – الذي يعد من مؤسسي المذهب – فقد نقل إجماعهم على التحري ومخالفتهم لسائر الفرق الإسلامية في هذه العقيدة.
قال في (أوائل المقالات): (واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف، واتفقوا على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى، وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس، واتفقوا أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأجمعت المعتزلة، والخوارج، والزيدية والمرجئة، وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه)  (14) .
وقال أيضاً: أن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه الظالمين فيه من الحذف والنقصان  (15) .
وقال أيضا  (16) حين سئل في كتابه (المسائل السروية)  (17) ما قولك في القرآن. أهو ما بين الدفتين الذي في أيدي الناس أم هل ضاع مما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم منه شيء أم لا؟ وهل هو جمعه أمير المؤمنين _ع) أما ما جمعه عثمان على ما يذكره المخالفون.
وأجاب: إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله وليس فيه شيء من كلام البشر وهو جمهور المنزل والباقي مما أنزله الله تعالى قرآنا عند المستحفظ للشريعة المستودع للأحكام ولم يضع منه شيء وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جمع لأسباب دعته إلى ذلك منها: قصوره عن معرفة بعضه. ومنها: ما شك فيه ومنها ما عمد بنفسه ومنها: ما تعمد إخراجه. وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله إلى آخره وألفه بحسب ما وجب من تأليفه فقدم المكي على المدني والمنسوخ على الناسخ ووضع كل شيء منه في حقه ولذلك قال جعفر بن محمد الصادق: أما والله لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا، إلى أن قال: غير أن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم قد أمروا بقراءة ما بين الدفتين وأن لا نتعداه بلا زيادة ولا نقصان منه إلى أن يقوم القائم (ع) فيقرئ الناس القرآن على ما أنزل الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام ونهونا عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف تزيد على الثابت في المصحف لأنها لم تأت على التواتر وإنما جاء بالآحاد، وقد يغلط الواحد فيما ينقله ولأنه متى قرأ الإنسان بما يخالف ما بين الدفتين غرر بنفسه من أهل الخلاف وأغرى به الجبارين وعرض نفسه للهلاك فمنعونا (ع) من قراءة القرآن بخلاف ما يثبت بين الدفتين.  (18) 
قولهم بأن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم متواترة ومستفيضة


كبار علماء الشيعة يقولون إن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم متواترة ومستفيضة
1- قال - شيخهم - المفيد:
(إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان)  (1) .
2- أبو الحسن العاملي:
(أعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات)  (2) .
3- نعمة الله الجزائري:
(إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة، الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما، ومادة، وإعرابا، مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها)  (3) .
4- محمد باقر المجلسي:
في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن ابن عبد الله عليه السلام قال: إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية.
قال عن هذا الحديث:
(موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح. ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صرحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الاخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر؟)  (4) أي كيف يثبتون الإممة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟
5- سلطان محمد الخراساني:
قال: (اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك)  (5) .
6- عدنان البحراني:
قال: (الأخبار التي لا تحصى "أي أخبار التحريف" كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر)  (6) .
اعتقادهم بأن القول بتحريف ونقصان القرآن من ضروريات مذهب الشيعة


كبار علماء الشيعة يقولون بأن القول بتحريف ونقصان القرآن من ضروريات مذهب الشيعة
ومن هؤلاء العلماء:
1- أبو الحسن العاملي: إذ قال: (وعندي في وضوح صحة هذا القول "تحريف القرآن وتغييره" بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وإنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة)  (1) .
2- العلامة الحجة السيد عدنان البحراني: إذ قال: (وكونه: أي القول بالتحريف "من ضروريات مذهبهم" أي الشيعة)  (2) .
قولهم بأنَّهم مجمعون على أنَّ القرآن محرف


كبار علماء الشيعة يقولون بأن الشيعة مجمعون على أن القرآن محرف:
ومن هؤلاء العلماء:
1- العلامة الحجه سيد عدنان البحراني: (بعد أن ذكر الروايات التي تفيد التحريف في نظره قال: الأخبار التي لا تحصى كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر ولا في نقلها كثير فائدة بعد شيوع القول بالتحريف والتغيير بين الفريقين وكونه من المسلمات عند الصحابة والتابعين بل وإجماع الفرقة المحقة وكونه من ضروريات مذهبهم وبه تضافرت أخبارهم)  (1) .
2- الشيخ يحيى تلميذ الكركي: إذ قال: (مع أجماع أهل القبله من الخاص والعام أن هذا القرآن الذي في أيدي الناس ليس القرآن كله وأنه قد ذهب من القرآن ما ليس في أيدي الناس)  (2) .
3- محمد بن النعمان (المفيد) قال: اتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة واتفقوا على إطلاق البداء في وصف الله تعالى واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم 
 لماذا قال الشيعة إن القرآن محرف وناقص؟

أولاً: عدم ذكر الإمامية في القرآن الكريم:.
ثانياً: اعتقادهم التحريف في القرآن ليتخلصوا من تناقضهم:.
ثالثاً: من الأسباب التي جعلتهم يطعنون بالقرآن عدم ذكر أسماء أئمتهم وفضائلهم.   
أولاً: عدم ذكر الإمامية في القرآن الكريم:


أن الشيعة يعتقدون أن مسألة الإمامة داخلة في المعتقدات الأساسية يكفر منكرها، فتتعلق بالإيمانيات كالأيمان بالله وبالرسول صلى الله عليه وسلم وللإمامة عند الشيعة مفهوم خاص ينفردون به عن سائر المسلمين فيعتقدون (أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة، ويؤيده بالمعجزة التي هي كنص من الله عليه... فكذلك يختار للإمامة من يشاء ويأمر نبيه بالنص عليه وأن ينصبه إماما للناس من بعده..)  (1) .
أما الفرق بين الرسول والإمام عندهم فقد روى صاحب الكافي أنه سئل إمامهم الرضا (ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟ فكتب أو قال: الفرق بين الرسول والنبي والإمام: أن الرسول الذي ينزل عليه جبرائيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (ع)، والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص  (2) . وهذا النص يفيد أن الوحي الإلهي متحقق حصوله للثلاثة على اختلاف في الطريقة والوسيلة التي يصل بها (الوحي) لكن كانت رواية الكافي هذه تقول: إن الإمام يسمع الكلام ولا يرى الشخص (أي الملك) مع أن هناك عدة روايات عندهم تؤكد تحقق رؤية الإمام للملائكة حتى أن (عالمهم) المجلسي عقد في البحار بابا بعنوان (باب أن الملائكة تأتيهم وتطأ فرشهم وأنهم يرونهم)  (3) ، وذكر فيه ستة وعشرين حديثا منه ما ذكره عن الصادق قال: (إن الملائكة لتنزل علينا في رحالنا وتتقلب على فرشنا، وتحضر موائدنا وتأتينا في وقت كل صلاة لتصليها معنا، وما من يوم يأتي.. إلا وأخبار أهل الأرض عندنا وما يحدث فيها..)  (4) .
وعن الصادق (إن منا لمن ينكت في أذنه، وإن منا لمن يؤتى في منامه وإن منا لمن يسمع صوت السلسلة تقع على الطشت – كذا – وإن منا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرائيل وميكائيل)  (5) .
فترى في هذه الروايات أن الفرق الذي ذكره الكليني عن الرضا بين الإمام والرسول والنبي – إن كان يعتبر فرقاً – قد تلاشي حتى قال المجلسي نفسه (إن استنباط الفرق بين النبي والإمام من تلك الأخبار لا يخلو من إشكال وكذا الجمع بينهما مشكل جدا)  (6) . ثم قال: (ولا نعرف جهة لعدم اتصافهم بالنبوة إلا رعاية خاتم الأنبياء ولا يصل عقولنا فرق بين النبوة والإمامة)  
ثانياً: اعتقادهم التحريف في القرآن ليتخلصوا من تناقضهم:


اعتقد الشيعة التحريف في القرآن ليتخلصوا من التناقض الذي بين القرآن وكتب الشيعة من حيث منزلة الصحابة رضي الله عنهم:
وذلك أن القرآن الكريم يذكر فضل أصحاب رسول الله الكريم حيث يشهد القرآن على مقامهم السامي وشأنهم العالي، ومرتبتهم الراقية، ودرجاتهم الرفيعة، إذ ذكر الله عز وجل المهاجرين والأنصار مادحا أخلاقهم الكريمة، وسيرتهم الطيبة، وبشرهم بالجنة التي تجري تحتها الأنهار، ووعدهم وبخاصة خلفاء رسول الله الراشدين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا – رضي الله عنهم – بالتمكين في الأرض، والخلافة الربانية في عباده، ونشر الدين الإسلامي الصحيح الحنيف على أيديهم المباركة، الميمونة، في أقطار الأرض وأطرافها ورفع راية الإسلام والمسلمين، وإعلاء كلمته، وتشريفه بعضهم بذكره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنزال السكينة على رسوله وعلى أبي بكر في كلامه، الخالد، المخلد إلى الأبد، كما قال الله عز وجل في القرآن المجيد الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، وأعطاه ضمان حفظه إلى يوم الدين، قال فيه مادحا المهاجرين والأنصار، وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وغيرهم: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 100].
وقال: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال: 74].
وقال: لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [الحديد: 10].
وقال: فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[الأعراف: 157].
وقال في أصحابه رضي الله عنهم الذين كانوا معه في الحديبية وبايعوه على الموت: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: 10].
وقال مبشرا لهم بالجنة: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: 18].
وقال الله في صحابته البررة: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ -إلى قوله- وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: 29].
وقال: لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 8-9].
وقال: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات: 7-8].
وقال في الخلفاء الراشدين: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [النور: 55].
وقال في صاحبه: إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40].
والله سبحانه وتعالى لم يمدحهم إلا لأنهم صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتبعوا النور الذي أنزل إليه، وصاروا له وزراء مخلصين، وأنصاراً محبين، وأعواناً صادقين. فارقوا الأوطان، وهجروا الوالدان، يذبون عن شريعته، وينافحون من أجل تبليغ سنته. هانت عليهم في سبيل الله أرواحهم، ورخصت عندهم من أجله أموالهم. ظهرت منهم علامات الخير في السيما والسمت والهدى والصدق. وصفهم الله عز وجل في كتابه فقال سبحانه: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: 28-29].
خرجوا مشرقين مغربين، يفتحون المعمورة بلداً بلداً، خرجوا وأخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأنظمة الوحلية إلى عدالة الرسالة السماوية خرجوا وحطموا كل طاغوت لا يؤمن بالله واليوم الآخر وقف في وجه المد الإسلامي وحال بينه وبين الناس من أن يسمعوا كلمة الحق، رهبان بالليل، فرسان بالنهار تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [السجدة: 16]. يمشون على الأرض بقلوب معلقة بالسماء. الله ربهم، والإسلام دينهم، ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيهم، والقرآن دستور حياتهم، والفكاك من النار، ودخول الجنة أسمى أمانيهم، امتدت فتوحاتهم آلاف الأميال، عبر الصحاري المقفرة والبحار المهلكة، والجبال الوعرة في زمن كانت وسائل المواصلات فيه: الجمال، والبغال، والحمير، وفي كل مكان يمرون به تدور بينهم وبين أعداء الله معارك تشيب لهولها الولدان، ويسطر تاريخها بدماء الشهداء، وليس ذلك فحسب، بل فتحوا القلوب المغلقة، بالنور الذي كانوا يحملونه، فما يخرجون من بلد بعد فتحها إلا وأبناء ذلك البلد يخرجون معهم ليجاهدوا في سبيل الله مع إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان، وجمع بينهم الإسلام بأقوى الرواسط، حتى فتحوا الأرض، وارتفع صوت الحق مدوياً في كل مكان: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله  (1) .
وأما ما في كتب الشيعة فهو يناقض كلام الله تماماً فكتب الشيعة مليئة بسب وتكفير ولعن لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ولعن لأمهات المؤمنين اللاتي هن أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم.
( أ ) تكفير الصحابة.
يرون عن أبي جعفر كذبا أنه قال:
1- كان الناس أهل الردة بعد النبي إلا ثلاثة – وذكره كبير مؤرخي الشيعة الكشي في رجاله  (2) .
2- وروى الكشي أيضا عن حموديه قال: قال أيوب بن نوح عن محمد بن الفضل وصفوان عن أبي خالد القماط عن حمران قال: قلت لأبي جعفر (ع) ما اقلنا لو اجتمعنا على شاة ما افنيناها؟ قال. فقال: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ قال. فقلت بلى. قال: المهاجرون والأنصار ذهبوا... إلا ثلاثة  (3) .
3- (يروون عن علي أنه عرض القرآن على المهاجرين والأنصار، ولما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح المهاجرين والأنصار فردوه على علي وقالوا لا حاجة لنا فيه)  (4) .
4- قالوا: إن الرسول ابتلى بأصحاب قد ارتدوا من بعده عن الدين إلا القليل  (5) .
(ب) تأويلهم للآيات الواردة في الكفار والمنافقين بخيرا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم خليفتاه ووزيراه وصهراه وحبيباه أبو بكر وعمر، ويثلثون أحياناً بصاحب الجود والحياء ومن وضع ماله في سبيل الله وجهز جيش العسرة وغيره صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنتيه، عثمان رضي الله عنه وغيرهم من صحابة رسول الله الأخيار ومن تبعهم بإحسان  (6) .
وقيل أن نذكر تلك الروايات ننبه القارئ أن ما كتبه أوائل الشيعة في عصر الكليني وما بعده كان بلغة الرمز والإشارة أي كانوا يرمزون للخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان برموز معينة مثل: الفصيل أي أبا بكر، ورمع أي عمر ونعثل أي عثمان ولهم رموز أخرى مثل (فلان وفلان وفلان) أي أبا بكر وعمر وعثمان ولهم رموز أخرى مثل (الأول والثاني والثالث) أي أبا بكر وعمر وعثمان ولهم رموز أيضا مثل حبتر ودلام أي أبا بكر وعمر أو عمر وأبا بكر، ولهم رموز أيضاً صنما قريش أبا بكر وعمر/ وأيضا فرعون وهامان أو عجل الأمة والسامري أي أبا بكر وعمر.
أما ما كتبه شيوخ الشيعة في ظل الدولة الصفوية فكان فيه التكفير لأفضل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم صريحا ومكشوفاً.
أما الروايات فهي:
1- روى الكليني في الكافي عن أبي عبد الله في قوله تعالى: .. رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ [فصلت: 29]. قال: هما، ثم قال: وكان فلان شيطاناً  (7) .
قال المجلسي في شرحه للكافي في بيان مراد صاحب الكافي بـ(هما) قال: هما أي أبو بكر وعمر والمراد بفلان عمر أي الجن المذكور في الآية عمر وإنما سمي به لأنه كان شيطاناً إما لأنه كان شرك شيطان لكونه ولد زناً أو لأنه في المكر والخديعة كالشيطان وعلى الأخير يحتمل العكس بأن يكون المراد بفلان أبا بكر  (8) .
2- ويروون عن أبي عبد الله أنه قال في قوله: وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [البقرة: 168] قال: (وخطوات الشيطان والله ولاية فلان وفلان)  (9) . أي أبو بكر وعمر.
3- ويروون عن أبي جعفر في قوله وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف: 51]. قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل ابن هشام) فأنزل الله وما كنت متخذ المضلين عضداً))  (10) .
4- ويروون على أبي عبد الله أنه قال في قول الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا.. [النساء: 137] قال: نزلت في فلان وفلان (أبو بكر وعمر) آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وآله في أول الأمر ثم كفروا حين عرضت عليهم الولاية حيث قال من كنت مولاه فعلي مولاه ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام حيث قالوا له بأمر الله وأمر رسوله فبايعوه ثم كفروا حين مضى رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقروا بالبيعة ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق منه من الإيمان شيء  (11) .
5- وعن حريز عمن ذكره عن أبي جعفر في قول الله: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ... [إبراهيم: 22]. قال هو الثاني وليس في القرآن وَقَالَ الشَّيْطَانُ إلا وهو الثاني  (12) . يعنون بالثاني عمر رضي الله عنه – وعن زرارة عن أبي جعفر في قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ [الأنشقاق: 19]. قال يا زرارة أو لم تركب هذه الأمة بعد نبيها طبقاً عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان  (13) – يعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم – قال عالمهم الفيض الكاشاني: (ركوب طبقاتهم كناية عن نصبهم إياهم للخلافة واحداً بعد واحد).
6- وعند قوله سبحانه: فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ يروي العياشي عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول دخل على أناس من البصرة فسألوني عن طلحة والزبير فقلت لهم كانا إمامين من أئمة الكفر.
7- ويفسرون الجبت والطاغوت الوارد في قوله سبحانه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ... [النساء: 51]، يفسرونهما بصاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه وصهريه وخليفتيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما  (14) .
8- وعند قوله سبحانه لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ [الحجر: 44] روى العياشي عن أبي بصير عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: (يؤتي بجهنم لها سبعة أبواب، بابها الأول للظالم وهو زريق، وبابها الثاني لحبتر، والباب الثالث للثالث، والرابع لمعاوية، والباب الخامس لعبد الملك، والباب السادس لعسكر بن هوسر، والباب السابع لأبي سلامة فهم أبواب لمن اتبعهم)  (15) .
قال المجلسي في تفسير هذا النص: (زريق كناية عن الأول لأن العرب يتشأم برزقة العين، والحبتر هو الثعلب ولعله إنما كني عنه لحيلته ومكره وفي غيره من الأخبار وقع بالعكس وهو أظهر إذا الحبتر بالأول أنسب ويمكن أن يكون هنا أيضاً المراد ذلك، وإنما قدم الثاني لأنه أشقى وأفظ وأغلظ، وعسكر بن هوسر كناية عن بعض خلفاء بني أمية أو بني العباس، وكذا أبو سلامة كناية عن أبي جعفر الدوانيقي ويحتمل أن يكون عسكر، كناية عن عائشة وسائر أهل الجمل إذ كان اسم جمل عائشة عسكرا وروى أنه كان شيطاناً)  (16) .
9- وفي قوله تعالى: ... إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ [النساء: 108] عن أبي جعفر أنه قال فيها:
فلان وفلان وفلان – أي أبا بكر وعمر – وأبو عبيدة بن الجراح  (17) – وفي رواية أخرى: عن أبي الحسن يقول هما وأبو عبيدة بن الجراح  (18) . – هما أي أبو بكر وعمر – وفي رواية ثالثة الأول والثاني وأبو عبيدة بن الجراح  (19) . (الأول والثاني أي أبو بكر وعمر).
10- ويفسرون الفحشاء والمنكر، في قوله: وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ [النحل: 90] بولاية أبي بكر وعمر وعثمان، فيروون عن أبي جعفر – عليه السلام – أنه قال: وينهي عن الفحشاء، الأول. والمنكر: الثاني. والبغي: الثالث  (20) .
11- جاء في بحار الأنوار: (قلت "الراوى يقول لإمامهم" ومن أعداء الله أصلحك الله؟ قال: الأوثان الأربعة، قال: قلت: من هم؟ قال: أبو الفصيل، ورمع، ونعثل، ومعاوية ومن دان دينهم، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله)  (21) .
قال شيخهم المجلسي في بيانه لهذه المصطلحات: (أبو الفصيل أبو بكر، لأن الفصيل والبكر متقاربان في المعني، ورمع مقلوب عمر، ونعثل هو عثمان)  (22) .
12- وفي قوله سبحانه: ... أَوْ كَظُلُمَاتٍ قالوا: فلان وفلان فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ يعني نعثل مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ طلحة والزبير ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ [النور: 40] معاوية..)  (23) .
قال المجلسي: المراد بفلان وفلان أبو بكر وعمر، ونعثل هو عثمان  (24) .
13- ومن مصطلحات أيضا للرمز للشيخين ما جاء في تأويلهم سورة الليل وفيها وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَاهو قيام القائم وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا حبتر ودلام غشيا عليه الحق  (25) .
قال شيخ الدولة الصفوية – في زمنه – (المجلسي) حبتر ودلام: أبو بكر وعمر  (26) .
14- وهذا دعاء خاص للعن أبي بكر وعمر يسمى دعاء صنمي قريش.
(اللهم صل على محمد وآل محمد والعن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وإفكيها وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وجحدا إنعامك وعصيا رسولك وقلبا دينك وحرفا كتابك وأحبا أعداءك وجحدا آلاءك وعطلا أحكامك وأبطلا فرائضك وألحدا في آياتك وعاديا أولياءك وواليا أعداءك وخربا بلادك وأفسدا عبادك. اللهم العنهما وأتباعهما وأولياءهما وأشياعهما ومحبيهما وأنصارهما فقد أخربا بيت النبوة وردما بابه ونقضا سقفه وألحقا سماءه بأرضه وعاليه بسافله وظاهره ببطانه واستأصلا أهله، وأبادا أنصاره وقتلا أطفاله وأخليا منبره من وصيه ووارث علمه وجحدا إمامته وأشركا بربهما فعظم ذنبهما وخلدهما في سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر، اللهم العنهم بعدد كل منكر أتوه وحق أخفوه ومنبر علوه ومؤمن أرجوه ومنافق ولوه وولي آذوه وطريد آووه وصادق طردوه وكافر نصروه وإمام قهروه، وفرض غيروه، وأثر أنكروه وشر آثروه ودم أراقوه وخبر بدلوه، وكفر نصبوه، وإرث غصبوه وفيء اقتطعوه وسحت أكلوه وخمس استحلوه وباطل أسسوه وجور بسطوه ونفاق أسروه وغدر أضمروه وظلم نشروه، ووعد أخلفوه، وأمان خانوه، وعهد ننقضوه، وحلال حرموه، وحرام أحلوه، وبطن فتقوه وجنين أسقطوه، وضلع دقوه وصك فوقوه وشمل بددوه وعزيز أذلوه وذليل أعزوه وحق منعوه وكذب دلسوه وحكم قلبوه وإمام خالفوه، اللهم العنهما بكل آية حرفوها، وفريضة تركوها، وسنة غيروها ورسوم منعوها وأحكام عطلوهاوبيعة نكثوها ودعوى أبطلوها وبينة أنكروها وحيلة أحدثوها وخيانة أوردوها وعقبة ارتقوها ودباب دحرجوها وأزيان لزموها وشهادات كتموها ووصية ضيعوها، اللهم العنهما في مكنون السر وظاهر العلانية لعناً كثيراً أبداً دائماً دائباً سرمداً لا انقطاع لأمده ولا نفاد لعدده لعناً يعود أوله ولا يروح آخره لهم ولأعوانهم وأنصارهم ومحبيهم ومواليهم والمسلمين لهم وإليهم والناهضين بأحتجاجهم والمقتدين بكلامهم والمصدقين بأحكامهم (قل أربع مرات) اللهم عذبهم عذاباً يستغيث منه أهل النار، آمين رب العالمين)  (27) .
وهذا الدعاء قد جاء أيضاً في كتاب (تحفة عوام مقبول)  (28) ، وأيضاً في كتاب المصباح للكفعمي  (29)وأيضاً في كتاب بحار الأنوار للمجلسي (82/260) كتاب الصلاة باب آخر في القنوتات الطويلة. ط دار إحياء التراث العربي – بيروت.
15- آية الله الخميني:
يقول في كتابه كشف الأسرار: (إننا هنا لا شأن لنا بالشيخين وما قاما به من مخالفات للقرآن ومن تلاعب بأحكام الإله، وما حللاه وحرماه من عندهم وما مارساه من ظلم ضد فاطمة ابنة النبي وضد أولاده ولكننا نشير إلى جهلهما بأحكام الإله والدين)  (30) .
ويقول بعد اتهامه للشيخين بالجهل (وإن مثل هؤلاء الأفراد الجهال الحمقى والأفاقون والجائرون غير جديرين بأن يكونوا في موقع الإمامة وأن يكونوا ضمن أولى الأمر)  (31) .
ويقول أيضاً: (الواقع أنهم أعطوا الرسول حق قدره.. الرسول الذي كد وجد وحمل المصائب من أجل إرشادهم وهدايتهم، وأغمض عينيه وفي أذنيه كلمات ابن الخطاب القائمة على الفرية، والنابعة من أعمال الكفر والزندقة)  (32) .
16- وقد أفرد صاحب كتاب الصراط المستقيم فصلين خاصين في الطعن على عائشة وحفصة رضي الله عنهما وأرضاهما، سمى الفصل الأول: (فصل في أم الشرور عائشة) ويعني بها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
أما الفصل الآخر فقد خصصه للطعن في حفصة رضي الله عنها وعن أبيها وجعل عنوانه (فصل في أختها حفصة)  (33) .
17- يقول نعمة الله الجزائري:
عمر بن الخطاب في دبره داء لا يشفى إلا بماء الرجال، فهو مما يؤتي في دبره.
وقال نعمة الله الجزائري روى العياشي حديثا بمعنى ما قاله على عمر بن الخطاب ولكنه لم يذكر الحديث (34) .
وكان يقصد هذا الحديث:
عن محمد بن إسماعيل عن رجل سماه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل رجل على أبي عبد الله فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين فقام على قدميه فقال: مه هذا اسم لا يصلح إلا لأمير المؤمنين عليه السلام الله سماه به، ولم يسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحا وإن لم يكن به ابتلي به وهو قول الله في كتابه إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا [النساء: 117]. قال قلت: فماذا يدعي به قائمكم؟ قال: يقال له، السلام عليك يا بقية الله السلام عليكم يا ابن رسول الله  (35) .
18- يقول نعمة الله الجزائري كان عثمان بن عفان مما يتخنث ويلعب به  (36) .  (37) 
ثالثاً: من الأسباب التي جعلتهم يطعنون بالقرآن عدم ذكر أسماء أئمتهم وفضائلهم


من الأسباب التي جعلتهم يطعنون بالقرآن عدم ذكر أسماء الأئمة وفضائلهم ومعجزاتهم وفضائل زيارة قبورهم في القرآن الكريم، أجبر علماء الشيعة على اتهام الصحابة بحذف فضائل الأئمة ومعجزاتهم من القرآن الكريم.
( أ ) بعض فضائل الأئمة وصفاتهم عند الشيعة:
حديث الشيعة عن فضائل أئمتهم وصفاتهم حديث كثير وخطير وسنذكر فيما يلي أهم الأبواب في كل من الكافي، والبحار التي حوت أحاديثهم عن فضائل الأئمة.
وهذه الأبواب خلاصة موجزة لأحاديثهم تبين حجم الغلو واتساعه فهي ليست روايات شاذة في كتبهم بل هي أبواب تحمل عناوين أشبه ما يكون بقواعد وأصول أساسية في معتقدهم وهي تمكن للقارئ من أخذ فكرة متكاملة عن منزلة الأئمة عندهم  (1) .
والأبواب هي:
(1) باب (أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام) وفيه ثلاثة عشر حديثاً  (2) .
(2) باب (تفضيلهم "ع" على الأنبياء وعلى جميع الخلق وأخذ ميثاقهم عنهم وعن الملائكة وعن سائر الخلق وأن أولي العزم إنما صاروا أولي العزم بحبهم صلوات الله عليهم) وفيه 88 حديثاً  (3) .
(3) باب (أن دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم "ع") وفيه 16 حديثاً  (4) .
(4) باب (أنهم يقدرون على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وجميع معجزات الأنبياء) وفيه 4 أحاديث  (5) .
(5) باب (أنهم لا يحجب عنهم علم السماء والأرض والجنة والنار وأنه عرض عليهم ملكوت السموات والأرض ويعلمون علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة) وفيه 22 حديثاً  (6) . وهذا الباب جاء في الكافي بعنوان باب (أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يحفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم) فيه ستة أحاديث  (7) .
(6) باب (أنهم يعرفون الناس بحقيقة الإيمان وبحقيقة النفاق وعندهم كتاب فيه أسماء أهل الجنة وأسماء شيعتهم وأعدائهم وأنه لا يزيلهم خبر مخبر عما يعلمون من أحوالهم) وفيه أربعون حديثاً  (8) ، وفي الكافي باب (أن الأئمة لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وعليه) وفيه حديثان  (9) .
(7) باب (أن الأئمة إذا شاؤوا أن يعلموا علموا) وفيه ثلاثة أحاديث  (10) .
(8) باب (أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم) وفيه خمسة أحاديث  (11) .
(9) باب (أنهم لا يحجب عنهم شيء من أحوال شيعتهم وما تحتاج إليه الأمة من جميع العلوم وأنهم يعلمون ما يصيبهم من البلايا ويصبرون عليها ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا وأنهم يعلمون ما في الضمائر وعلم المنايا والبلايا وفصل الخطاب والمواليد) وفيه ثلاثة وأربعون حديثاً  (12) .
(10) باب (أن عندهم الاسم الأعظم وبه يظهر منهم الغرائب) وفيه عشرة أحاديث  (13) .
(11) باب (أنهم يظهرون بعد موتهم ويظهر منهم الغرائب وتأتيهم أرواح الأنبياء (ع) وتظهر لهم الأموات من أوليائهم وأعدائهم) وفيه 13 حديثاً  (14) .
(12) باب (أنهم أمان لأهل الأرض من العذاب) وفيه 6 أحاديث  (15) .
(13) باب (أن الله تعالى يرفع للإمام عمودا ينظر فيه إلى أعمال العباد) وفيه 16 حديثاً  (16) .
(14) باب (أنهم عليهم السلام يعلمون جميع الألسن واللغات ويتكلمون بها) وفيه 7 أحاديث  (17) .
(15) باب (أنهم يعلمون منطق الطيور والبهائم) وفيه 26 حديثا  (18) .
(16) باب (أن الجن خدامهم ويظهرون لهم ويسألونهم عن معالم دينهم) وفيه 16 حديثاً  (19) .  
 التحريف الذي يدعيه الشيعة في القرآن في لفظه وليس في تفسيره


التحريف والنقص الذي يدعيه الشيعة في القرآن في لفظ القرآن وآياته وسوره وتفسيره وليس في التفسير فقط كما يدعي بعض الشيعة.
والدليل على ذلك:
1- ادعاؤهم وجود قرآن صحيح عند المهدي المنتظر يعني إن هذا القرآن الموجود الآن ليس بصحيح لأنه لو كان قرآن المهدي مثل هذا القرآن الموجود الآن فما فائدة ادعاء الشيعة وجود قرآن عند المهدي.
2- الرواية الموجودة في الكافي والتي فيها أن القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشرة ألف آية لكن الموجود حالياً ستة آلاف ومائتان تقريباً وهذا يعني أن ثلثي آيات القرآن ناقصة ويدعي النقص من شرح هذا الحديث ومنهم العلامة المجلسي في مرآة العقول  (1) وأيضاً العلامة محمد صالح المازندراني في شرحه لهذا الحديث في كتابه شرح جامع الكافي  (2) .
3- ادعاء علماء الشيعة نقص سور بأكملها من القرآن مثل سورة الولاية وسورة النورين كما قال العلامة المجلسي في كتابه تذكرة الأئمة  (3) . وأيضاً العلامة حبيب الله الهاشمي في كتابه البراعه في شرحهم نهج البلاغة  (4) وأيضاً النوري الطبرسي في كتابه فصل الخطاب  (5) وغيرهم.
4- اعتراف بعض كبار علماء الشيعة أن التحريف بالقرآن ليس في التفسير فقط بل في ألفاظ القرآن مثل المجلسي  (6) وحبيب الله الهاشمي  (7) .  (8) 
 إبطال عقيدة التحريف طبقاً للمنهج القرآني


العقائد التي شذ بها الإمامية الاثنا عشرية عن المسلمين نوعان:
نوع لا وجود له - (كالإمامة) و(العصمة) -اخترعوه وأثبتوه. وهذا لا دليل لهم على وجوده من القرآن سوى المتشابهات.
ونوع ثابت - كحفظ القرآن - نفَوه وأنكروه. وهذا لا دليل لهم على نفيه سوى الشبهات.
والثابت قطعاً لا ينقض بشبهة، بل لا ينقض أصلاً، بل كل ما عارض الثابت أصلاً فهو شبهة باطلة قطعاً.
وهذا دليلنا وحجتنا القطعية اليقينية على بطلان عقيدة التحريف طبقاً للمنهج القرآني.
ولو جازت الزيادة والنقصان في حرف من القرآن لجاز ذلك في كلمة، وهذا يستلزم جوازه في أكثر من ذلك، وهنا يمسي القرآن كمصدر موثوق للهداية غير ذي معنى؛ لأنه إذا سرى الشك إلى مصدر الهداية تعدى ذلك إلى الهداية نفسها، وعند ذاك يسري الشك إلى أي أصل من أصول الدين الذي تقوم عليه الهداية، ويتمكن أي إنسان من التملص منه بإثارة الشبهات حوله، وكذلك يتمكن من إضافة أي أصل إلى الدين بالطريقة نفسها، ولكن بصورة معكوسة: فينفي الموجود بحجة أنه زائد مضاف، ويثبت المفقود بحجة أنه ناقص محذوف، كما قالوا عن نصوص (الإمامة).
مجمل القول أن الاعتقاد بجواز طروء التحريف على القرآن يؤدي إلى تعطيل الدين وتخريبه، فنحتاج إلى نبي جديد يأتي بكتاب جديد يهيمن على هذا الكتاب ويشهد له أو عليه، وهذا مخالف لأصل ختم النبوة؛ فالله تعالى حفظ الكتاب لأنه ختم النبوة، وختم النبوة لأنه حفظ الكتاب، فلا حاجة لبعثة نبي جديد.
فلو جاز وقوع التحريف في الكتاب لكنا محتاجين دوماً لبعثة نبي جديد يثبت لنا، ويدلنا قطعاً على مواضع التحريف فيه، وإلا فمن يقوم بهذا الدور؟
هل الروايات؟ كلا.. فإن التحريف إذا تطرق إلى الكتاب كان تطرقه إلى الروايات أولى، فكيف يعالـج هذا بهذا؟
أم العقول؟ والعقول مختلفة فعقل من هو الحكم؟ اللهم إلا إذا كان صاحب العقل نبياً يأتيه الوحي من السماء، وهذا مستحيل أيضاً لختم النبوة. 
لهذا وغيره أجمع المسلمون على حفظ القرآن، وبطلان القول بتحريفه، وتكفير من يقول بهذا القول.
الأدلة على حفظ القرآن أظهر من أن تذكر:
لا أرى حاجة للتدليل على أصل كل الأصول في دين الإسلام، ألا وهو حفظ القرآن، وتهافت القول بتحريفه، ويكفي في ذلك أن أصحاب دعوى التحريف أنفسهم لا يجرؤون على التصريح بها علناً بصورة لا يتمكنون بعدها من نفي هذه التهمة عنهم، فنراهم يصرحون بها في حال وينكرونها في حال، فمثلاً يذكرونها في كتاب، وينكرونها في آخر، أو في موضع آخر من الكتاب نفسه! ويصرحون بها في المجالس الخاصة، وينكرونها في وسائل الإعلام أو أمام الملأ، مع أنهم يجاهرون بإبراز غيرها من السوءات العقيدية كتجريح الصحابة، وهذا يعني أنهم لو علموا أن لهم حجة - ولو بوجه بعيد - لما اختفوا بها هذا الاختفاء.
إن كل مسلم يقرأ في أول آية من كتاب الله بعد مقدمته (سورة الفاتحة) قوله تعالى: ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ [ البقرة:1-2 ], ثم أقام الله تعالى الدليل القاطع على نفي الريب عن كتابه الهادي بقوله: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [ البقرة:23]، وأي ريب ينفى عنه إذا جاز عليه التحريف بالزيادة والنقصان؟! ولذلك يقول تعالى: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:41-42].
وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:37]. 
وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الأنعام:115]. 
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا [الكهف:27]. 
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9].
القرآن هو الشاهد والمشهود:
لقد ثبت لنا نحن المسلمين أن القرآن محفوظ من التحريف بالنص القرآني الصريح المكرر المثبت بالحجج القرآنية العقلية الذاتية، أي: من داخل القرآن نفسه، بمعنى أن القرآن يشهد لنفسه بنفسه ويدل على نفسه بنفسه فلا يحتاج إلى شاهد أو دليل من خارجه، وفي هذا يقول تعالى: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا [النساء:82]. ويقول: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ  [البقرة:23].
فالله تعالى يحتج لصحة القرآن بحجة عقلية مصدرها القرآن نفسه!
فالقرآن هو الدليل وهو المدلول عليه، وهو الشاهد وهو المشهود عليه، وهو الحجة وهو المحتج له به! والدليل على حفظ القرآن نقلاً وعقلاً هو القرآن نفسه!
وهذا -في رأيي- أقوى من دليل التواتر، فإن التواتر إذا كان يورث الإيمان، فهذا يمنح الاطمئنان: قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي  [البقرة:260]. 
فلن تجد شيئاً يبعث اليقين ويورث الإيمان ويمنح الاطمئنان إلى صحة القرآن.. كالقرآن.
السر في لزوم الإمامية للقول بتحريف القرآن:
يدرك الإمامية جيداً عجزهم عن إثبات أصولهم بواسطة القرآن! ولا يستطيعون تمرير هذه الأصول بسهولة في وجوده كاملاً!! فالقرآن صرح بجلاء تام بذكر مسائل دون (الإمامة) و(العصمة) بكثير، كالوضوء والطهارة من الحدث الأصغر والأكبر! فكان قولهم بطروء النقص على القرآن، لتكون هذه (الأصول) مما حذفت نصوصها!
والشيء  نفسه دفعهم إلى القول بأن الأصول تثبت بالعقل لا بالنقل، كل ذلك لعلمهم يقيناً بعدم وجود ما يثبت أصولهم من النقل القطعي ثبوتاً ودلالة! إذن وجود القرآن كاملاً يحرجهم كثيراً حين يجدون أنفسهم مطالبين أمام الجميع بما يثبت أصولهم من النصوص القرآنية الصريحة. 
فأصول الإمامية لم تقم على صريح القرآن، ولا فروعهم على صحيح السنة. 
وهذا يتبين من تأمل المفارقة الأخرى الآتية: لو افترضنا جدلاً أن الله تعالى رفع الكتاب والسنة من الأرض فإن النتيجة الحتمية أن ديننا سيختفي ويزول، بينما دين الإمامية سوف يبقى ويستمر!! لأنهم إنما أسسوه على أوهام سموها (عقليات) وأباطيل سموها (روايات) ألصقوها بمتشابه الآيات المعطلة عن الفعل من الأساس دون ردها إلى (الإمام) أي إلى هذه الروايات في حقيقة الأمر، لاسيما مع وجود المراقد، وهذا كله: (العقليات والروايات والمراقد) لا يزول بزوال الكتاب والسنة! بل ينتعش.. وينتفش!! فسبحان من جعل أصول الحق قائمة على حفظ القرآن وبقائه، وجعل أصول الباطل لا تقوم إلا على تحريف القرآن وإبعاده!  
 الرجعة:


التعريف بالرجعة والغاية منها عند الشيعة:
  إن هذا الموضوع - موضوع الرجعة - هو من المعتقدات الأساسية في المذهب الشيعي. ومفاده أن الأئمة الاثني عشر سيعودون إلى الدنيا في آخر الزمان، الواحد بعد الآخر؛ لكي يحكموا الدنيا تعويضاً لهم عن حرمانهم من حقهم في الحكم الذي حرموا إياه إبان حياتهم، ويكون أول إمام يرجع إلى الدنيا هو الإمام الثاني عشر "محمد بن الحسن العسكري" الذي يمهد الأمر لآبائه وأجداده؛ فيتولون الحكم من بعده واحداً بعد الآخر حسب التسلسل الزمني لهم، فيحكم الواحد منهم فترة من الزمن، ثم يموت مرة أخرى ليتولى بعده الحكم من يليه في الترتيب، وهكذا حتى الإمام الحادي عشر "الحسن العسكري"، وتقوم القيامة بعد ذلك.
ولقد نسبت روايات كثيرة في هذا الأمر إلى كل من الإمامين الجليلين: محمد الباقر وولده جعفر الصادق، منها على سبيل المثال: قال أبو عبد الله - يعني: سيدنا جعفراً -: "ينادى باسم القائم - أي: الإمام محمد الثاني عشر- في ليلة ثلاث وعشرين، ويقوم يوم عاشوراء، لكأني به في اليوم العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، جبريل عن يمينه ينادي: البيعة لله، فتسير إليه الشيعة من أطراف الأرض تطوى لهم طياً حتى يبايعوه، وقد جاء في الأثر: إنه يسير من مكة حتى يأتي الكوفة، فينزل على نجفنا، ثم يفرق الجنود منها في الأمصار".
وروى الحجال عن ثعلبة عن أبي بكر الحضرمي عن سيدنا محمد الباقر قال: "كأني بالقائم عليه السلام على نجف الكوفة، وقد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرق الجنود في البلاد".
وروى عبد الكريم الجعفى قال: "قلت لأبي عبد الله - يعني: سيدنا جعفراً -: كم يملك القائم عليه السلام؟ قال: سبع سنين، تطول حتى تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم، فتكون سنو ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه".
وروى عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله - يعني: سيدنا جعفراً الصادق - عليه السلام قال: "إذا قام القائم من آل محمد أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثم خمسمائة أخرى، حتى يفعل ذلك ست مرات. قلت - يعني ابن المغيرة -: ويبلغ عدد هؤلاء هذا؟ قال جعفر الصادق: نعم، منهم ومن مواليهم" (1) .
إن الشيء  الذي يدعو إلى التوقف طويلاً والتأمل كثيراً، هو أن هذه الروايات منسوبة إلى إمامين عظيمين جليلين من أئمة بيت النبوة، لم يعرف عنهما شيء  من هذا العنف في التفكير أو التعبير، هما: محمد الباقر وولده جعفر الصادق، الأمر الذي أثار ثائرة بعض علماء الشيعة أنفسهم، وفي مقدمتهم الدكتور موسى الموسوي في كتابه (الشيعة والتصحيح) ...
يقول العلامة الدكتور الموسوي: إن مؤلفي هذه الكتب لم يكتفوا من القول برجعة أئمة الشيعة فحسب، بل أضافوا عليها أفكاراً أخرى، وكلها مستوحاة من تلك الروايات الموضوعة، وقالوا: إن الرجعة لا تشمل أئمة الشيعة وحدهم، بل تشمل غيرهم، وذكر أسماء نفر غير قليل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، زعم الشيعة أنهم من أعداء الأئمة، وأنهم منعوهم من الوصول إلى حقهم في الحكم، كل هذا حتى يتسنى للأئمة الانتقام منهم في هذه الدنيا. ويستطرد الدكتور الموسوي قائلاً: ولو أن الذين كانوا وراء فكرة الرجعة مخلصين لأئمة الشيعة لما صوروهم بهذا المظهر الراغب في الحكم، حتى إن الله سيعيدهم إلى هذه الدنيا الفانية مرة أخرى ليحكموا فيها بعض الوقت، وهم أئمة لهم جنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للمتقين، والإمام عليٌّ نفسه يقول: "والله! إن دنياكم هذه لأهون عندي من ورقة في فم جرادة تقضمها".
ويمضي العلامة الموسوي في النكير على فكرة الرجعة قائلاً: وهذه البدعة تختلف عن البدع الأخرى التي أضيفت إلى الأفكار الشيعية، حيث لم يترتب عليها تنظيم سياسي عملي أو اجتماعي أو اقتصادي، اللهم إلا شيء  واحد قد يكون هو السبب في اختلاق فكرة الرجعة، وهو استكمال العداء، وتمزيق الصف الإسلامي بمثل هذه الخزعبلات التي دونت وقيلت في انتقام الأئمة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم )  (2) .  (3) 
وذكر عباس القمي في (منتهى الآمال) بالفارسية ما ترجمته بالعربية: قال الصادق عليه السلام "ليس منا من لا يؤمن برجعتنا ولا يقر بحل المتعة".
ونقل محمد الباقر المجلسي بالفارسية ما ترجمته بالعربية: روى ابن بابويه في علل الشرائع عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال: "إذا ظهر المهدي فإنه سيحيي عائشة ويقيم عليها الحد"
ونقل مقبول أحمد الشيعي في ترجمته للقرآن بالأردوية ما ترجمته بالعربية: روي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام في تفسير القمي وتفسير العياشي أن المراد في هذه الآية من "الآخرة" الرجعة ومعنى الرجعة أنه سيأتي رسول الله والأئمة عليهم السلام وخاصة من المؤمنين وخاصة من الكفار قبل قيام الساعة إلى الدنيا، لكي يعلى الخير والإيمان، ويقضى على الكفر والعصيان.
وذكر الملا محمد الباقر المجلسي في (حق اليقين) كلاما طويلا بالفارسية حاصله أنه إذا ظهر المهدي عليه السلام (قبيل القيامة) فإنه سينشق جدار قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويخرج أبا بكر وعمر من قبريهما فيحييهما ثم يصلبهما (والعياذ بالله).
ثم يذكر عن المهدي أيضا بالفارسية ما ترجمته بالعربية: ثم يأمر الناس أن يجتمعوا فالظلم والكفر الذي ظهر من بداية العالم إلى نهايته فإثم ذلك الظلم والكفر كله يكتب عليهما (أي أبي بكر وعمر) وما أهريق دم لآل محمد في أي زمان بل كل دم أهريق بغير حق وكل جماع حرام قد حصل وكل مال ربا أو مال حرام قد أكل وكل إثم وظلم وقع حتى ظهور المهدي فإن كل ذلك سيكون معدودا في أعمالهما.
ونقل المجلسي بعده أيضا (وروى النعماني عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال: لما يظهر المهدي فأول من يبايعه محمد عليه الصلاة والسلام ثم علي عليه السلام ويساعده الله بالملائكة، وروى الشيخ الطوسي والنعماني عن الإمام الرضا عليه السلام أنه: من علامات ظهور المهدي أن يظهر عاريا أمام الشمس وينادي مناد هذا هو أمير المؤمنين رجع ليهلك الظالمين.
وهذا من أعظم أكاذيب الشيعة مخالف لما عليه الدين الإسلامي والإسلام وجميع الأديان السماوية مجمعة على أن الإنسان يعمل في هذه الدنيا ثم يموت ثم يحشر أمام الله يوم القيامة وهناك سيحاسبه الله عن أعماله ولكن الشيعة يريدون افتراء وكذبا أن ينصبوا المهدي في مقام المحاسب للخلق، هذه الروايات مع كونها باطلة فإنها إهانة عظيمة للرسول صلى الله عليه وسلم وسيدنا علي بن أبي طالب  رضي الله عنه حيث جعلوهما يبايعان المهدي الذي سيكون من ولدهما، ثم كون المهدي يظهر عاريا ليس عليه ثياب؟ وأما عن الشيخين الجليلين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وما أظهر لهما من البغضاء والشحناء لا يحتاج إلى تعليق فإنه خلاف النقل والعقل فكيف يعقل أن يحمل شخص أوزار الذين قبله، "فإنه لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".  (4) 
أولاً: تعريف البداء:


البداء: معناه الظهور بعد الخفاء، كما في قوله تعالى: وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [ الزمر:47] أي ظهر.
ومعناه أيضاً: حدوث رأي جديد لم يكن من قبل، كما في قوله تعالى: ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ [ يوسف:35].
وله معان أخرى كلها لا تخرج عن مفهوم تجدد العلم بتجدد الأحداث.
وهذه المعاني تستلزم سبق الجهل وحدوث العلم تبعاً لحدوث المستجدات لقصور العقول عن إدراك المغيبات
وإذا أطلقت هذه المعاني على الإنسان فلا محذور فيها لتحققها فيه، وأما إذا أطلقت على الله عز وجل فلا شك أنها كفر تخرج صاحبها من الملة، ذلك أن الله تعالى عالم الغيب والشهادة، يعلم السر وأخفى، ويعلم ما ظهر وما سيظهر على حد سواء، ومحال عليه عز وجل حدوث الجهل بالشيء  فتبدو له البداءات فيه.
وهذه العقيدة معلومة من الدين بالضرورة أنها باطلة لدى كافة المسلمين، ولا يتصور اتصاف الله بها إلا من لا معرفة له بربه، واستحوذ عليه الجهل والغباء. فما هو موقف الشيعة من هذه القضية؟.
الواقع أن كل كتب الشيعة تؤكد وجود اعتقاد هذه الفكرة عن الله، بل ووصل بهم الغلو إلى حد أنهم يعتبرونها من لوازم الإيمان، كما سيأتي ذكر النصوص عنهم، إلا أن الأشعري يذكر عنهم أنهم اختلفوا في القول بها إلى ثلاث مقالات:
فرقة منها يقولون: إن الله تبدو له البداوات، وإنه يريد أن يفعل الشيء  في وقت من الأوقات، ثم لا يحدثه بسبب ما يحدث له من البداء، وفسروا النسخ الحاصل في بعض الأحكام على أنه نتيجة لما بدا لله فيها... تعالى الله عن قولهم.
وفرقة أخرى: فرّقوا بين أن يكون الأمر قد اطلع عليه العباد أم لا، فما اطلعوا عليه لا يجوز فيه البداء، وما لم يطلعوا عليه -بل لا يزال في علم الله- فجائز عليه البداء فيه.
وذهب قسم منهم إلى أنه: لا يجوز على الله البداء بأي حال.
هذا ما قرره الأشعري  (1) ، ولكن كما قدمنا فإنه بالرجوع إلى مصادر الشيعة الإمامية الرافضة تجد أنهم متمسكون بهذا المبدأ ويقرون أن الله تبدو عليه البداوات، ويذكرون فيه فضائل من يعتقد على الله البداء أكاذيب كثيرة منكرة دون ذكر خلاف بينهم، وقد يصدق كلام الأشعري على بعض المعتدلين ممن مال إلى التشيع، ولم يغلوا فيه غلو الإمامية.
ثانياً: الأدلة على القول بالبداء:


تمسك الرافضة بعقيدة البداء تمسكاً شديداً، ولهذا فإن أدلته في كتبهم لا تكاد تحصر.
ومن ذلك ما ذكره الكليني في (الكافي)، حيث عقد باباً كاملاً في البداء سماه (باب البداء)، وأتى فيه بروايات كثيرة توضح بجلاء مقدار تعلقهم بعقيدة البداء، منها:
عن زرارة بن أعين عن أحدهما عليهما السلام قال: "ما عبد الله بشيء  مثل البداء".
والحقيقة ما عبد الله بشيء  مثل التوحيد له عز وجل والانقياد التام، وأما البداء فهو عقيدة يهودية، من قال بها فقد وصف ربه بالنقص والجهل والتخبط في الاعتقاد.
وفي رواية ابن عمير عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام: "ما عُظِّم الله بمثل البداء"  (1) .
وعن أبي عبد الله أنه قال: "لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه"  (2) .
وعن مرزام بن حكيم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله بخمس: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة"  (3) .
وهذه لا يظهر أنها خمس؛ فالسجود والعبودية والطاعة كلمات تغني كل واحد منها عن الأخرى.
وعن الريّان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: "ما بعث الله نبياً إلا بتحريم الخمر، وأن يقر لله بالبداء"  (4) .
وهذا غير متيقن فإن شرائع الأنبياء تختلف في الفروع، ولم تتفق دعوة الأنبياء على التأكيد إلا في الدعوة إلى توحيد الله وعبادته.
ومن تمجيدهم لمن يقول بالبداء ما رواه الكليني عن جعفر أنه قال: "يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمة واحدة، عليه سيما الأنبياء، وهيبة الملوك"  (5) .
وعن أبي عبد الله قال: "إن عبد المطلب أول من قال بالبداء، ويبعث يوم القيامة أمة واحدة، عليه بهاء الملوك وسيما الأنبياء"  (6) .
والمعروف – حسبما يذكر علماء الفرق- أن أول من قال بالبداء في الإسلام وأظهره هو المختار بن أبي عبيد، وأن عبد المطلب لم يدخل الإسلام.
ويبدو القول بالبداء واضحاً فيما نقل الكليني عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: يا ثابت، إن الله وقَّت هذا الأمر - أي خروج المهدي - في السبعين، فلما قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالى على أهل الأرض فأخّره إلى أربعين ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث، فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا، يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [ الرعد:39].
قال أبو حمزة: فحدثت بذلك أبا عبد الله عليه السلام فقال: قد كان ذلك  (7) .
ومفهوم هذا النص أن الله تعالى حينما وقّت خروج المهدي في أربعين ما كان يعلم عن مصير الحسين، فلما قتل الحسين غضب الله تعالى على الناس فأخر خروج المهدي جزاءً لقتله وانتقاماً من الناس.
ومعلوم أن نسبة الجهل إلى الله تعالى كفر وردة ... فإن الله تعالى قد كتب على الحسين كل ما هو لاقيه قبل أن يخلق السموات والأرض، واشتداد غضب الله تعالى حين قتل الحسين وبتلك الصورة المفاجئة يدل على أنه لم لكن يعلم ذلك، وإلا لاشتد الغضب قبل قتله، ولأخّر ظهور المهدي قبل توقيته في السبعين.
وبعد أن ذكر الطوسيّ جملة من أخبار البداء قال:
فالوجه في هذه الأخبار أن نقول إن صحت: إنه لا يمتنع أن يكون الله تعالى قد وقّت هذا الأمر في الأوقات التي ذكرت، فلما تجدّد ما تجدّد تغيرت المصلحة واقتضت تأخيره إلى وقت آخر، وكذلك فيما بعد ويكون الوقت الأول، وكل وقت لا يجوز أن يؤخر مشروطاً بألا يتجدد ما تقتضي المصلحة تأخيره إلى أن يجيء الوقت الذي لا يغيره شيء  فيكون محتوماً  (8) .
وهذا هو إثبات الجهل بعينه لتوقف الأمور على ظهور المستجدات والمصلحة فيها  (9) 
 أول من قال بالبداء على الله تعالى


يبدو أن أول من ادعى البداء على الله تعالى هم اليهود، قالوا: إن الله تعالى خلق الخلق، ولم يكن يعلم هل يكون فيهم خير أو شر، وهل تكون أفعالهم حسنة أم قبيحة، فقد جاء في سفر التكوين في الإصحاح السادس من التوراة ما نصه:
(ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم، فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه جداً فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته لأني حزنت أني عملتهم)  (1) .
وهذا النص وأمثاله يفيد صراحة أن الله قد بدت له أمور لم يكن يعلمها، فحزن حزناً شديداً حين رأى معاصي البشر.
فالبداء عقيدة يهودية مدوّنة في كتبهم المحرفة، ونفس هذه الأفكار مدونة عند الشيعة، فالكليني -كما رأينا فيما سبق- يروي عن الأئمة فضائل كثيرة لاعتقاد هذا الكفر، حتى وإن ذكر بعض الروايات التي تفيد عدم حصول جهل الله بالأمور قبل ظهورها لكنها لم تكن صريحة مثل النصوص الأخرى التي سبق ذكرها عنهم.
ويذكر الكثير من العلماء أن أشد من تزعم القول بالبداء في الإسلام هو المختار بن أبي عبيد الثقفي تغطية لكذبه، قال البغدادي مبيناً سبب ادعاء المختار القول بالبداء على الله تعالى: 
(وأما سبب قوله بجواز البداء على الله عز وجل فهو أن إبراهيم بن الأشتر لما بلغه أن المختار قد تكهّن وادعى نزول الوحي عليه قعد عن نصرته واستولى لنفسه على بلاد الجزيرة، وعلم مصعب بن الزبير أن إبراهيم بن الأشتر لا ينصر المختار فطمع عند ذلك في قهر المختار، ولحق به عبيد الله بن الحر الجعفي ومحمد بن الأشعث الكندي وأكثر سادات الكوفة غيظاً منهم على المختار لاستيلائه على أموالهم وعبيدهم، وأطمعوا مصعباً في أخذ الكوفة قهراً.
فخرج مصعب من البصرة في سبعة آلاف رجل من عنده سوى من انضم إليه من سادات الكوفة، وجعل على مقدمته المهلّب بن أبي صفرة مع أتباعه من الأزد، وجعل أعنة الخيل إلى عبيد الله بن معمّر التيمي، وجعل الأحنف ابن قيس على خيل تميم...
فلما انتهى خبرهم إلى المختار أخرج صاحبه أحمد بن شميط إلى قتل مصعب في ثلاثة آلاف رجل من نخبة عسكره، وأخبرهم بأن الظفر يكون لهم، وزعم أن الوحي قد نزل عليه بذلك، فالتقى الجيشان بالمدائن، وانهزم أصحاب المختار وقتل أميرهم ابن شميط وأكثر قوّاد المختار، ورجع فلولهم إلى المختار وقالوا له: ألم تعدنا بالنصر على عدونا وقد انهزمنا؟
فقال: إن الله تعالى كان قد وعدني بذلك، لكنه بدا له، واستدل على ذلك بقوله عزّ وجلّ: يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [ الرعد:39]. فهذا كان سبب قول الكيسانية بالبداء)  (2) .
ويقول الشهرستاني في تقريره لهذه القضية: "وإنما صار المختار إلى اختيار القول بالبداء لأنه كان يدعي علم ما يحدث من الأحوال، إما بوحي يوحى إليه، وإما برسالة من قبل الإمام، فكان إذا وعد أصحابه بكون شيء  وحدوث حادثة، فإن وافق كونه قوله جعله دليلاً على صدق دعواه، وإن لم يوافق قال: قد بدا لربكم. وكان لا يفرق بين النسخ والبداء. قال: إذا جاز النسخ في الأحكام جاز البداء في الأخبار" (3) .
ومعلوم عند كافة أهل العلم أن النسخ ليس معناه البداء على الله تعالى، وإنما النسخ رحمة من الله تعالى وتدرّج في الأحكام.
ولكن الشيعة أيضاً هم على هذا الرأي، وهو عدم التفريق بين النسخ والبداء، وفي هذا يقول الطوسي.
"وعلى هذا يتأول أيضاً ما روي من أخبارنا المتضمنة للبداء ويبيّن أن معناها النسخ على ما يريده جميع أهل العدل فيما يجوز فيه النسخ، أو تغير شروطها إن كان طريقها الخبر عن الكائنات"  (4) .
وعلى كل حال فإنه ما من مسلم سليم الفطرة، لم تدنس فطرته بشبهات المبطلين وأقاويل الضالين إلا وهو يعتقد أن الله تعالى لا يلحقه نقص في علمه المحيط بكل شيء، وأن ادّعاء البداء على الله معناه نسبة الجهل إليه جل وعلا، وهذا كفر صريح.
ولقد أصبح الشيعة باعتقادهم هذا -كما يقول العلماء- "عاراً على بني آدم وضحكة يسخر منهم كل عاقل بسبب ما اعتقدوه من مثل هذه الضلالات"  (5) .
وبالرجوع إلى القرآن الكريم وإلى السنة النبوية وإلى أقوال أهل العلم، وإلى فطرة كل شخص نجد أن كل ذلك يضحد ما ذهب إليه علماء الشيعة ويبطل القول بالبداء، وأن الذين يطلقون ذلك على الله ما عرفوه وما قدروه حق قدره...ففي القرآن الكريم آيات تكذب كل زعم يقول بالبداء على الله عز وجل، ومن ذلك:
قوله تعالى: وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [ الأنعام:59].
قوله تعالى: لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى [ طـه:52].
قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ  [ الحشر:22].
وفي السنة أحاديث كثيرة تدل على ما دلت عليه تلك الآيات، ومعلوم أن هذه الفكرة لم ترد على أذهان السلف الأوائل؛ بل إنهم كانوا يعتبرونها من وساوس الشيطان ويستعيذون بالله منها، فإن الله قد أحاط بكل شيء  علماً، والله لم يثبتها لنفسه والأنبياء لم يقرّوا لله بها -كما زعم الشيعة- وإنما أقر بها اليهود، وروجها عبد الله بن سبأ في الإسلام. وجدّدها المختار، وتلقفها عنهم الحاقدون على الإسلام الذين يطمعون في التلاعب بمفاهيم المسلمين وتشويه معتقداتهم، وليكون ذلك أيضاً غطاءً لما يريدونه من مخططات لهدم الإسلام.
ومما لا يتطرق إليه الشك أن الشيعة -وهم يستحلون الكذب على الله وعلى الناس- أنهم هم الذين اخترعوا تلك النصوص ونسبوها إلى بعض العلماء الأجلاء من آل البيت لتكتسب بذلك وجهاً عند عوام المسلمين فيتقبلوها، ليتم لأولئك ما أرادوه من نيات سيئة بيّتوها للإسلام والمسلمين.  
منزلة زيارة المراقد عند الشيعة:


قد يقول قائل: ما مناسبة الحديث عن زيارة المراقد وهي ليست من أصول الدين ولا أركان الإسلام؟
والجواب: إن زيارة المراقد عند الإمامية تضاهي ركن الحج إلى بيت الله الحرام! بل قد تفضله وتزيد عليه وجوباً وأجراً ومنزلة! ويعد تاركها خارجاً من ملة الإسلام! بل هي شعار وشعيرة لو تخلوا عنها، أو محيت القبور من وجه الأرض لما بقي لهم من وجود، أو علامة تدل على وجودهم! فارتباط الإمامية بالقبور ارتباط وثيق لا انفكاك لهم عنه. وعلاقتهم بها كعلاقة السمك بالماء.
فهي إذن أساس وضرورة لا يمكن الاستغناء عنها. ولك أن تتصور إماميا لا يصلي ولا يحضر المساجد لكنك لا تستطيع أن تتصوره بمعزل عن القبور والمشاهد! وكثير من الذين يحرصون على الزيارة لا يحرصون على الصلاة حرصهم عليها. وقد تجد كثيراً منهم لا يصلون أساساً!
منزلة كربلاء والنجف ومراقد (الأئمة) وفضيلة زيارتها عند الإمامية, وهذه لمحات سريعة عن منزلة كربلاء والنجف ومراقد الأئمة وفضيلة زيارتها: روى الكليني عن أبي عبد الله عليه السلام (أي جعفر الصادق) أنه قال: إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه السلام يوم عرفة واغتسل من الفرات ثم توجه إليه، له بكل خطوة حجة بمناسكها - ولا أعلمه إلا قال - وغزوة!  (1) 
ويروي أيضاً عن أبي عبد الله عليه السلام أن رجلاً جاءه ولم يزر قبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: بئس ما صنعت لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون  (2) !
وكربلاء والنجف أفضل عندهم من الكعبة! ويسمى النجف بـ(الأشرف). أي أشرف البقاع على وجه الأرض. فهو أشرف من الكعبة ومن المسجد النبوي وبيت المقدس! والصلاة عند علي أفضل من الصلاة في بيت الله الحرام! جاء في كتاب (منهاج الصالحين) للخوئي المرجع الأكبر للإمامية في زمانه:
مسألة (562): تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة عليهم السلام بل قيل: إنها أفضل من المساجد. وقد ورد أن الصلاة عند علي بمئتي ألف صلاة  (3) .
أما الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول عنها:
مسألة (561) الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - تعادل عشرة آلاف صلاة  (4) .
أي إن الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - دون الصلاة عند علي بعشرين مرتبة!!
ويعبر عن ذلك بصراحة محمد صادق الصدر قائلاً: وردت رواية بتفضيل كربلاء على البيت الحرام، ونحن نعلم أن علي عليه السلام خير من الحسين كما نطقت به الروايات فيكون قبره خيراً من قبره فيكون أفضل من الكعبة أيضاً  (5) !!!
أما المجلسي فيروي هذه الرواية الفاجرة الكافرة وينسبها زوراً إلى الإمام جعفر الصادق رحمه الله وهو منها بريء: إن الله أوحى إلى الكعبة لولا تربة كربلاء ما فضلتك ولولا من تضمه أرض كربلاء ما خلقتك ولا خلقت البيت الذي به افتخرت، فقري واستقري وكوني ذنباً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء, وإلا سخت بك وهويت بك في نار جهنم  (6) .
ويرددون في الكتب الاعتقادية هذا البيت:
وفي حديث كربلا والكعبة   لكربلا بان علو الرتبة  (7)

بل يسميها الميرزا حسن الحائري الملقب بآية الله دونما أدنى تردد أو تلعثم
بـ(مزار المسلمين وكعبة الموحدين)  (8) !!  (12) 
وأما الإظهار لهذا الحب فهو أن يزور قبر الحسين أو الرضا أو أحد من الأئمة، ويأخذ صكوك المغفرة والرضوان والجنة، فقد قالوا:
زيارة الحسين - أي قبره - عليه السلام تعدل مائة حجة مبرورة ومائة عمرة متقبلة" (الإرشاد للمفيد ص252 ط مكتبة بصيرتي - قم).
وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من زار الحسين بعد موته فله الجنة)) (الإرشاد) للمفيد ص252.
ومن لم يستطع زيارته فعليه أن يبكي على شهادته، ويأخذ الجنة كما رووا عن باقر بن زين العابدين أنه قال:
لا يخرج قطرة ماء بكاء على الحسين إلا ويغفر الله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر" (جلاء العيون) للمجلسي الفارسي (2/ 468).
و "وجب عليه الجنة" (جلاء العيون) (ص464) تحت العنوان باب البكاء على الحسين.
هذا ومن بكى على الرضا فله الجنة أيضاً كما نقلوا عن الرضا أنه قال: وما من مؤمن يزورني فيصيب وجهه قطرة من ماء إلا حرم الله تعالى جسده على النار" (عيون أخبار الرضا 2/ 227).
وأما من زار قبره يقولون فيه نقلاً عن ابنه محمد الملقب بالجواد - الإمام التاسع عندهم - أنه قال:
من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر - فإذا كان يوم القيامة وضع له منبر حذاء منبر النبي  صلى الله عليه وسلم  حتى يفرغ الله من حساب العباد" (عيون أخبار الرضا) (2/ 259).
وينقلون عن أبيه موسى بن جعفر - الإمام السابع عندهم - أنه قال:
من زار قبر ولدي علي كان له عند الله سبعون حجة مبرورة، قلت - أي الراوي - سبعون حجة؟ قال: نعم وسبعون ألف حجة - الله الله من كذب القوم، ما أشنعه وما أكثر - ثم قال: رب حجة لا تقبل، ومن زاره أو بات عنده كان كمن زار الله تعالى في عرشه – أستغفر الله على نقل هذه الخرافة – قلت: كمن زار الله في عرشه؟ قال: نعم" (عيون أخبار الرضا" 2/ 259).
ونقلوا عن علي الرضا أنه قال: سيأتي عليكم يوم تزورون فيه تربتي بطوس، ألا فمن زارني وهو على غسل خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" (عيون أخبار الرضا" 2/ 260) إن القوم قد بلغوا في الكذب ما لم يبلغه الأولون والآخرون وكل واحد من علمائهم وفقهائهم ومحدثيهم يتسابق إلى اختلاق الكذب واختراعه, ويريد أن يزداد ويكثر من الآخر حتى ينسى ماذا قال الأولون وماذا يقول به الآخرون، وإن الجميع ليعرف أن الشيعة لا يعطون لأحد المنزلة التي يجعلونها للحسين بن علي السبط، ولكن ابن بابويه حينما بدأ في ذكر الرضا أكثر في الكذب وبالغ إلى حد نسي مذهبه ومعتقده وغرق في خضم الكذب حتى فضل علي بن موسى الرضا على الحسين حيث ذكر في "الإرشاد" أن زيارة قبر الحسين تعدل مائة حجة، وحينما جاء إلى ذكر الرضا كتب أن زيارة الرضا تعدل عند الله ألف حجة  (انظر ص257 لعيون أخبار الرضا) وأكثر من ذلك أنه قال:
إن زيارة قبره أفضل من زيارة قبر الحسين كما روى عن علي بن مخرياء أنه قال: قلت لابن أبي جعفر يعني الرضا: جعلت فداك، زيارة الرضا عليه السلام أفضل أم زيارة الحسين؟ فقال: زيارة أبي عليه السلام أفضل" (عيون أخبار الرضا 2/ 261).
وأكثر من ذلك أنه قال: "بأن زيارة قبره أفضل من بيت الله العتيق" (عيون 2/261).
و "لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله له الجنة وحرم جسده على النار" (عيون أخبار الرضا 2/ 255).
هذا ومن زار أخته فاطمة بنت موسى فله الجنة أيضاً كما رووا عن سعد بن سعد أنه قال: 
سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهما السلام فقال: من زارها فله الجنة" (عيون أخبار الرضا 2/ 267 باب ثواب زيارة فاطمة عليها السلام بقم).
فهذا هو دين القوم وهذا هو مذهبهم المبني على المقابر والمشاهد، والزيارات والبكاء، والحب والولاء، لا العمل ولا الفروض ولا الواجبات، ولا الحدود ولا المنكرات ولا السيئات.  (13) 
ويعتقدون بأن من يزور قبور أئمتهم، أو يسهم في بنائها ينال ألواناً من الثواب لا نهاية لها ولا آخر، - إن هؤلاء الزوار مشمولون بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن الزائر يصيبه ثواب سبعين حجة غير حجة الإسلام، وتمحى خطاياه -.
إن آية الله الخميني يورد في كتاب (كشف الأسرار) هذه الرواية منسوبة إلى الإمام جعفر، وهذا نصها: ينقل الشيخ الطوسي عن أبي عامر قوله: "إنني ذهبت إلـى الصادق - يعني: الإمام جعفراً - وسألته: ما هو أجر من يزور أمير المؤمنين ويبني قبره؟ فرد على سؤالي قائلاً: يا أبا عامر! لقد روى أبي عن جده الحسين بن علي بأن الرسول قال لأبي: ((إنك ستنتقل إلى العراق وتدفن في أرضه. فقال: يا رسول الله، وما هو أجر من يزور قبورنا ويقيمها ويجدد العهد معها؟ فقال: يا أبا الحسن! إن الله جعل قبرك وقبور أولادك بقعة من بقاع الجنة وصحناً من صحونها, وإن الله أدخل في قلوب المختارين من خلقه حبكم، وجعلهم يتحملون الأذى والذل من أجلكم، ويقومون بإعادة بناء قبوركم، ويأتون لزيارتكم تقربا إلى الله وزلفى إلى رسوله، وهؤلاء مشمولون بشفاعتي. يا علي! إن من يبني قبوركم ويأتي إلى زيارتها يكون كمن شارك سليمان بن داود في بناء القدس، ومن يزور قبوركم يصيبه ثواب سبعين حجة غير حجة الإسلام، وتمحى خطاياه، ويصبح كمن ولدته أمه تواً. إنني أبشرك بذلك، وبشر أنت محبيك بهذه النعمة التي لم ترها عين، ولم تسمع بها أذن، ولم تطرأ على بال أحد, ألا إن هناك توافه من الناس يلومون زائري قبوركم كما يلومون المرأة الزانية؛ إن هؤلاء هم أشرار أمتي، والله لا يشملهم بشفاعتي))  (9) .
ومن زيارة قبور الأئمة وبنائها ينتقل آية الله الخميني إلى الحديث عن تربة كربلاء حيث قبر الإمام الحسين  رضي الله عنه، ويرى أن طلب الشفاء منها أمر لا حرمة فيه ولا حرج، ويرى أن لها خاصية ليست لأحد، حتى قبر النبي نفسه. 
يقول آية الله الخميني في كتابه (تحرير الوسيلة): إن هذه التربة، أي تربة كربلاء، تخرق الحجب السبعة، وترتفع على الأرضين السبع، وهذه الخاصية ليست لأحد، حتى قبر النبي  (10) .
والشيء  نفسه يذكره الخميني عن التربة الحيدرية أو أرض النجف. 
ومن العادات المعروفة أن الشيعة يقيمون مجالس للعزاء في شهر المحرم من كل عام، وأن آية الله الخميني لا يحب أن يترك هذه العادة، حتى جعل لها أصولاً دينية وغايات مذهبية، ولا بأس عنده في أن ينال من صحابة رسول الله في سياق حديثه عن هذا الموضوع.
يقول آية الله الخميني: إن مجالس العزاء تقام لدى الشيعة في كل مكان، ومع ما في هذه المجالس من نقص إلا أنها تروج تعاليم الدين وأخلاقياته، وتشيع الفضيلة ومكارم الأخلاق والدين الإلهي، والقانون السماوي المتمثل بالمذهب الشيعي المقدس، الذي يدين به أتباع علي عليه السلام. 
ويمضي آية الله الخميني في التحدث عن فضل مجالس العزاء، ولكنه في سياق حديثه لا يلبث أن يعرض بأهل السنة، ويطلق عليهم أصحاب المذاهب الباطلة التي وضعت لبناتها في سقيفة بني ساعدة قائلاً: ولولا ذلك - يعني: لولا مجالس العزاء - لكان الشيعة في عزلة تامة، ولولا هذه المؤسسات الدينية الكبرى - يعني: نفس المجالس - لما كان هناك الآن أي أثر للدين الحقيقي المتمثل في المذهب الشيعي، ولكانت المذاهب الباطلة التي وضعت لبناتها في سقيفة بني ساعدة وهدفها اجتثاث جذور الدين الحقيقي، تحتل الآن مواضع الحق.
وعندما رأى رب العالمين أن مغامري صدر الإسلام قد زعزعوا بنيان الدين دفع بعدد من أعوان الحسين بن علي الباقين لكي يعملوا على توعية الناس، ويقيموا مجالس العزاء  (11) . وأما عن الزيارة فيقرر آية الله الخميني أن ثواب الزيارة أو إقامة التعزية تعادل ثواب ألف نبي أو شهيد.  
نقض الزيارة الشيعية طبقاً للمنهج القرآني:


ما الدليل على هذه الدعوى؟ لا شك أن عملاً عبادياً له هذه المنزلة العظيمة والميزة الشريفة على باقي الأعمال لا بد أن يرد تشريعه والحث عليه والعقاب على تركه بالآيات القرآنية الصريحة الواضحة. ويؤكد عليه فيها أكثر من المساجد والحج وزيارة البيت الحرام. لكننا لا نجد نصاً واحداً في القرآن يذكر النجف وكربلاء وقُم وغيرها، أو يصرح بزيارة القبور، ويحث عليها، أو يذكر منسكا من مناسكها، وحكما من أحكامها وشعائرها!
مقارنة مع الحج في القرآن:
بينما تجد الحج إلى بيت الله، وفضله، ووجوبه، وذكر أحكامه ومناسكه وشعائره، والتنويه بالكعبة المعظمة ومكة المكرمة قد جاء في عشرات الآيات. 
منها: سميت سورة من القرآن بسورة (الحج) تضمنت آيات كثيرة عن الحج وأحكامه ومناسكه. هذه بعضها:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيق لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ  ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ[الحج:25-37]
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ [التين:1-3]
وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ [الطور:1-4]
لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ  [البلد:1-2]
إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا [النمل:91]
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ [قريش:3]
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا [إبراهيم:35]
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة:125]
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا [البقرة:127-128]
جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ [المائدة:97]
الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا  [المائدة:2]
وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ  [البقرة:196-203]
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة:189] 
وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ [البقرة:191]
وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ [التوبة:3]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا  [التوبة:28]
وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ  [الأنفال:34]
ِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:96-97]
إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة:158]
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ [الإسراء:1]
قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ  [البقرة:144]
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة:150]  (1) .
هذا بعض ما جاء في القرآن من التصريح بفضل الكعبة، ووجوب الحج إليها، وأحكامه ومناسكه!
أما كربلاء والنجف وقم ومشهد، فأشهد أن لا ذكر لها في آية واحدة من القرآن!
المساجد في القرآن:
وهذا بعض ما جاء في القرآن العظيم من ذكر المساجد، وأحكامها وفضيلة، الصلاة فيها:
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ  رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ  [النور:36،37]
وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ   [الأعراف:29]
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا  [الجن:18]
يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ   [الأعراف:31]
وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]
لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ  [التوبة:108]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ  [البقرة:114]
مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله  [التوبة:17]
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ  [التوبة:18]
وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ  [البقرة:187]
 وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ  الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ  وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ [الشعراء:217-219]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ   [الجمعة:9]
وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ  [يس:12]
أما الصلاة في كربلاء، ومرقد علي، ومشاهد الأئمة، فالله يشهد أن لا ذكر لها في آية واحدة من كتابه!
لا مراقد ولا قبور في القرآن
لقد خلا القرآن الكريم من ذكر كربلاء والنجف وقم ومشهد. وليس فيه إشارة إلى ذكر المراقد أو القبور وزيارتها وبنائها والمشي إليها وما إلى ذلك. وأنت إذا قارنت بين ما وضعوه لها من فضائل فاقت ما ورد في فضل الكعبة بيت الله الحرام -فضلاً عن المساجد الأخرى- وبين الصمت المطبق عنها في القرآن تبين لك قطعاً كذب تلك الروايات وبطلان تلك الفتاوى. وإلا أفكان الله -سبحانه-نسيا؟! أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ  [الشورى:21].
اتباع المتشابه:                                                                           
لو سألت عن كل هذا التعظيم للمشاهد والغلو في زيارتها إلى هذا الحد الخطير:
ما أساسه من القرآن؟ لما وجدت جواباً غير آية واحدة متشابهة! هي قوله تعالى: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا [الكهف:21].
ولا شك أن هذا النص غير صريح الدلالة. وما نحتاجه في مثل هذه الأمور العظيمة هو النص الصريح المتكرر كما هو شأن القرآن في مثلها.
كما أنه ليس في القرآن أمر بزيارة القبور، ولا نهي عن تركها. وليس فيه ذكر حكم واحد من أحكامها.
قارن ذلك بما جاء في القرآن عن المساجد!
وإذا جئنا إلى دلالة الآية نجدها ظاهرة في خلاف ما ذهبوا إليه:
يقول تعالى: وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا[الكهف:21]. فالأمر باتخاذ المسجد على قبور أصحاب الكهف صدر من الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْأي علية القوم وأمرائهم. وهؤلاء ليسوا مصدراً تشريعياً. وهم عادة ما يكونون طغاة متجبرين. ولهجة الطغيان والاستبداد واضحة في عبارتهم: لَنتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا فهو أمر مؤكد لا بد من تنفيذه دون اعتبار لرأي أو دليل. وهذا هو شأن العتاة المستبدين. وهؤلاء ليسوا قدوة لنا. وديننا ناسخ لكل دين.
فالقول بمشروعية اتخاذ المساجد على القبور وتعظيم المشاهد والأمر بزيارتها هذا الأمرَ الذي يجعلها أساسا من أساسيات الدين وضرورياته، ليس له من القرآن إلا آية واحدة متشابهة! فاتباعها شأن الزائغين الذين يخترعون أديانهم بآرائهم وأهوائهم. ثم يأتون إلى القرآن يبحثون فيه عما تشابه، تأييداً لما أثبتوه أولاً من خارج القرآن.
والصحيح أن نبحث في آرائنا وعقولنا عما يؤيد ما ثبت أولاً بالقرآن. وليس العكس.
الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة:


أخي القارئ إن ما يفعله الشيعة في المآتم والحسينيات مثل اللطم والنياحة والتطبير وغيرها لم تكن على عهد الأئمة باعتراف علماء الشيعة، وقد ذكر نجم الدين أبو القاسم الشيعي المعروف بالمحقق الحلي بأن الجلوس للتعزية لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة، وأن اتخاذه مخالف لسنة السلف  (1) 
، وهذا يعني أن المآتم والشعائر الحسينية من البدع التي يجب تركها، كما اعترف بهذا شيخهم آية الله العظمى جواد التبريزي عندما وجه له هذا السؤال:
ما هو رأيكم في الشعائر الحسينية وما هو الرد على القائلين بأنها طقوس لم تكن على عهد الأئمة الأطهار عليهم السلام فلا مشروعية لها؟
فأجاب: "كانت الشيعة على عهد الأئمة عليهم السلام تعيش التقية وعدم وجود الشعائر في وقتهم لعدم إمكانها لا يدل على عدم المشروعية في هذه الأزمنة، ولو كانت الشيعة في ذاك الوقت تعيش مثل هذه الأزمنة من حيث إمكانية إظهار الشعائر وإقامتها لفعلوا كما فعلنا، مثل نصب الأعلام السوداء على أبواب الحسينيات بل الدور إظهاراً للحزن"  (2) .
وبمثل هذا اعترف علامتهم آية الله العظمى علي الحسيني الفاني الأصفهاني  (3) حيث أورد هذه الشبهة:
"إنه لم تعهد هذه الأمور في زمن المعصومين عليهم السلام وهم أهل المصيبة وأولى بالتعزية على الحسين عليه السلام، ولم يرد في حديث أمر بها منهم، فهذه أمور ابتدعها الشيعة وسموها الشعائر المذهبية, والمأثور أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار, فأجاب الفاني الأصفهاني بقوله: " والجواب واضح جداً أن ليس كل جديد بدعة إذ البدعة المبغوضة عبارة عن تشريع حكم اقتراحي لم يكن في الدين، ولا من الدين، والروايات الواردة في ذم البدعة والمبتدع ناظرة إلى التشريع في الدين، بل هي واردة مورد حكم العقل بقبح التشريع من غير المشرع بعنوان أنه شرع إلهي ومستمد من الوحي السماوي، وإلا فأين محل الشبهات الحكمية التي وردت الروايات بالبراءة فيها وحكم العقل بقبح العقاب عليها؟ وبديهي أن الشعائر الحسينية ليست كذلك كيف والإبكاء مأمور به  (4) وهو فعل توليدي يحتاج إلى سبب وهو إما قولي: كذكر المصائب، وإنشاء المراثي، أو عملي: كما في عمل الشبيه
فللفقيه أن يحكم بجواز تلك الشعائر لما يترتب عليها من الإبكاء الراجح البتة كما أن التعزية عنوان قصدي ولا بد له من مبرر, ونرى أن مبررات العزاء في الملل المختلفة مختلقة وما تعارف عند الشيعة ليس مما نهى عنه الشرع أو حكم قبحه العقل وعلى المشكك أن يفهم المراد من البدعة ثم يطابقها على ما يشاء إن أمكن"  (5) .
قال حسن مغنية: " جاء العهد البويهي في القرن الرابع الهجري فتحرر هذا اليوم  (6) ، وتجلى كما ينبغي حزينا في بغداد والعراق كله وخرسان وما وراء النهر والدنيا كلها، إذ أخذت تتوشح البلاد بالسواد، ويخرج الناس بأتم ما تخرج الفجيعة الحية أهلها الثاكلين، وكذلك الحال في العهد الحمداني في حلب والموصل وما والاهم، أما في العهود الفاطمية فكانت المراسيم الحسينية في عاشوراء تخضع لمراسيم بغداد، وتقتصر على الأصول المبسطة التي تجري الآن في جميع الأقطار الإسلامية والعربية، وخاصة في العراق وإيران والهند وسوريا والحجاز فتقام المآتم والمناحات وتعقد لتسكب العبرات وأصبحت إقامة الشعائر الحسينية مظهراً من مظاهر خدمة الحق وإعلان الحقيقة"  (7) ،  (8) .
ثم يستعرض إمامهم وشهيدهم آية الله حسن الشيرازي الأدوار التي مرت بها هذه الشعائر فيشتكي من الظلم الذي منع الشيعة من إظهار هذه الشعائر فيقول: "غير أن الشيعة لم يقدروا على هذا التعبير الجريء عندما كانوا يرزحون في ظلمات بني أمية وبني العباس وإنما اختلفت عليهم الظروف القاسية والرخية اختلاف الفصول على مشاتل الورد فاختلفت تعبيراتهم باختلافها"  (9) .
ثم ذكر الشيرازي خمسة أدوار:
الدور الأول: وهو دور الأئمة. قال الشيرازي: "انحصر فيه تعبير الشيعة على تجمع نفر منهم في بيت أحدهم، إنشاد فرد منهم أبيات من الشعر، أو تلاوته أحاديث في رثاء أهل البيت، وبكاء الآخرين بكل تكتم وإخفاء وتقية الحكومات الظالمة أن تطيش بهم في جنون فتطير رؤوسهم"  (10) .
قلت وهذا كلام مردود وهو من كيس الشيرازي لأنه لم يذكر أي مصدر نقل منه هذا الكلام.
الدور الثاني: دور بني العباس. وقد اشتكى الشيرازي من هذا الدور إلا إنه عاد فقال: "فتوسعت مجالس التأبين على الإمام الشهيد وعلت برثائه المنابر ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع"  (11) .
قلت: وكلام الشيرازي هذا مردود أيضا بل قام هو بنسفه عندما قال: "… ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع" فما الفائدة إذن من استشهادك به؟‍‍‍‍‍‍.
ثم يذكر الشيرازي الدور الثالث فيقول:
"دور البويهيين والديالمة والفاطميين وخاصة أيام معز الدولة الديلمي، الذين رفعوا الإرهاب، وأطلقوا طاقات الشيعة، ومكنوهم من إخراج مجالس التأبين عن الدور إلى المجامع والشوارع والساحات العامة،وإعلان الحداد الرسمي العام يوم عاشوراء، إغلاق الأسواق، وتنظيم المواكب المتجولة في الشوارع والساحات"  (12) .
ثم يذكر الدور الرابع فيقول: "دور الصفويين وخاصة عهد العلامة المجلسي الذي شجع الشيعة على ممارسة شعائرهم بكل حرية فأضافوا إليها التمثيل الذي كان إبداعاً منهم لتجسيد المأساة"  (13) .
ثم يذكر الدور الخامس فيقول: "دور الفقهاء المتأخرين وعلى رأسهم الشيخ مرتضى الأنصاري وآية الله الدربندي حيث أكثرت الشيعة من مواكب السلاسل والتطبير"  (14) .
ثم عاد الشيرازي ليعترف بما اعترف به التبريزي والفاني الأصفهاني قال: "ولو أن الشيعة في عهود الأئمة عليهم السلام وجدوا الحرية الكاملة لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم وأكثر، غير أنهم لم يكونوا يجدون الحرية (الكافي)ة للتعبير الكامل عن مدى انفعالهم في كل العصور"  (15) .
فيقول الشيرازي "لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم" دليل على أن هذه الشعائر القائمة اليوم لم تكن قائمة في تلك العصور التي تكلم عنها.
إذن هذه الشعائر لم تكن على عهد الأئمة ولم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فهي من محدثات الأمور التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار))  (16) .
فعلى الشيعي المنصف أن يدرك هذا ويعيد النظر في حضوره ومواظبته على هذه المآتم.
وقبل أن ننهي هذا الفصل نوقف القارئ الكريم على إجابة محمد حسين فضل الله على من سأله عن تأسيس المأتم الحسيني.
قال حسين فضل الله: "المأتم الحسيني أسسه أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين كانوا يعقدونه في بيوتهم ويستدعون من يقرأ الأشعار التي تذكر مصيبة الحسين عليه السلام بطريقة عاطفية".
وقد سئل بمناسبة سابقة عن تأسيس المأتم الحسيني فأجاب: "لا يبعد أن تأسيس الحسينيات انطلق من فكرة احترام المسجد لأن الناس قد يحتاجون إلى الاستماع لعزاء الحسين عليه السلام أو للمواعظ والإرشادات وفيهم الجنب وفيهم الحائض, ومن جهة عدم جواز تنجيس المسجد فلربما جعلت الحسينيات إلى جانب المساجد لا لتكون بديلة عنها فهذا ما لم يفكر فيه أحد، ولكن من أجل حماية المساجد وإفساح المجال للاستماع للموعظة والذكرى الحسينية حتى يحضرها كل الناس حتى لو أدى ذلك إلى تنجيسها أو ما إلى ذلك ولا نعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات".
قلت: فلاحظ أنه أول الأمر زعم أن أئمة أهل البيت هم الذين أنشأوا المآتم الحسينية، ثم جاء بعد ذلك ليقول: إنها انطلقت من فكرة احترام المسجد، وأنه لا يعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات
الشيعة يستحدثون بدعة النياحة واللطم:


أخي المسلم إن ما يفعله الشيعة في الحسينيات تحت مسمى الشعائر الحسينية هي من البدع التي استحدثها ودعا إليها علماء الشيعة, فقد ألف داعيتهم عبد الحسين شرف الموسوي كتابا سماه (المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة) حاول فيه كعادته في مؤلفاته الدفاع عن البدع والخرافات التي يتعبد بها الشيعة، ومنها: المآتم كما يفهم من عنوان الكتاب، فقد حاول أن يثبت جواز إقامة المآتم من بكاء النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم  (1) .
نعم لقد ذرفت عينا النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هل فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما تفعله الشيعة في مآتمهم؟
... وهل جعل النبي صلى الله عليه وسلم من موت عمه حمزة  رضي الله عنه وغيره مناسبة سنوية يجمع فيها الناس ويتفنن باكيا أو متباكيا لكي يبكي الحاضرون كما يفعل علماء الشيعة وخطباؤهم في الحسينيات؟
... وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يوزع شراب العصير في ذكرى مقتل أو موت من ذكرهم هذا الشيعي؟‍‍‍.
... ولماذا استعمل عبد الحسين القياس، والقياس محرم في مذهبه؟
... يقول: "وقد استمرت سيرة الأئمة على الندب والعويل وأمروا أولياءهم بإقامة مآتم الحزن على الحسين جيلاً بعد جيل".
... وقال وهو يرد على من يعيب على الشيعة نياحهم وعويلهم:
... "ولو علم اللائم الأحمق بما في حزننا على أهل البيت، والنصرة لهم، والحرب الطاحنة لأعدائهم، لخشع أمام حزننا الطويل، ولأكبر الحكمة المقصودة من هذا النوح والعويل، ولاذ من الأسرار في استمرارنا على ذلك في كل جيل"  (2) .
... ويقسِّم الدكتور الشيعي هادي فضل الله موافق علماء الشيعة من اللطم وغيرها مما يقوم به الشيعة في حسينياتهم إلى قسمين:
. 1- المدرسة الإصلاحية: وتضم فريق المجددين الذي تزعمه محسن الأمين، ومن الأمور التي تركز المدرسة الإصلاحية على الابتعاد عنها وتحرم بعضها هي ضرر النفس بالضرب حتى الإدماء، واختلاق الأخبار، وذكرها، وإقامة الشبيه (أي تمثيل مسرحية لملحمة كربلاء)  (3) .
... 2- المدرسة المحافظة وتضم فريق المحافظين الذي تزعمه عبد الحسين صادق وهي تركز على أن كل شيء  لك مباح وإن أدى إلى الأذى. ما دام لا نص على حرمته وبالتالي فلاشيء  في نظرها محرم مما ذكرته المدرسة الإصلاحية"  (4) .
... ثم يتعرض هادي فضل الله إلى موقف عبد الحسين شرف الدين الموسوي من المدرستين فيقول: "لقد راح مفكرنا - أي عبد الحسين - يؤكد أن المآتم الحسينية بجميع مظاهرها ليست من الحرام في شيء  معتمداً على القاعدة الشرعية التي تنص على أن الأصل في الأشياء الإباحة لا الحرمة، فهو لم يحرم مظاهر المآتم الحسينية كما تفعل المدرسة الإصلاحية…"  (5) .
... وقال حسن مغنية: "وأما فيما يتعلق بإقامة الشعائر الحسينية في عاشوراء فهو أمر له مظاهره، فإذا جاء المحرم رأيت المساجد العاملية والنوادي الحسينية ومداخل القرى مجللة بالسواد، متسربلة بالحزن، عليها علامات الأسى واللوعة، وتراءت وجوه العاملين تعلوها الكآبة، وتتشح بالشجن، فالنفوس منقبضة، والوجوه متجهمة، والقلوب فزعة جزعة، قد تملكها الهلع من فاجعة كربلاء، فهنا وهناك عويل ونواح يكربان القلب، ويوجعان الصدر … "  (6) .
.. وقال أيضا: وفي صبيحة اليوم العاشر يكون قد وفد إلى النبطية عشرات الألوف من أبناء الطائفة وغيرها للاشتراك بإحياء الذكرى، ويبدأ الاحتفال بقراءة مصرع الحسين في حسينية النبطية التحتا في الساعة الثامنة صباحا، ينتهي في الساعة التاسعة والنصف تقريبا حيث يجري تمثيل المصرع، فيشترك في التمثيل أبناء النبطية كباراً وصغاراً نساء ورجالاً، بالإضافة إلى من نذره أهله لهذه الغاية من الأطفال، وتمثل في ساحة النبطية العامة واقعة الطف، حيث يشهدها حشد من المؤمنين يقدر بأكثر من خمسين ألفاً، يتم التمثيل في جو عابق بالحماس الديني، ثم يطوف بعد ذلك عدد من الشبان والأطفال في المدينة، وهم عراة الصدور يضربون رؤوسهم بالسيوف والخناجر، وظهورهم بالسلاسل، بشكل يبعث في النفوس الأسى …"  (7) .
... وقال الشيعي المعروف عند قومه الدكتور أحمد الوائلي  (8) عندما سئل عن ضرب الشيعة أنفسهم وجرح صدورهم في يوم عاشوراء؟ قال: "سبق للعلماء وأعطوا رأيهم في هذا الموضوع، وقالوا: إن هذا الضرب إن أضر بالنفس فهو محرم، وإذا لم يلحق بالنفس ضرراً فلم يحرم، فهو مجرد تعبير وجداني عن حبهم للحسين"  (9) .
... ويقول الكاتب الشيعي عبد الهادي عبد الحميد الصالح: "في حالة عدم إيذاء النفس فإن اللطم جائز، ويعتبر نوعا من التعبير عما يجيش داخل النفس، وهي حالة فطرية‍‍، تجاه الإنسان في مشاعره فقد تراه يصفق أو يقوم من مكانة فرحاً بشرط عدم الضرر البليغ بالنفس، وهناك بعض من الفتاوى التي صدرت من بعض العلماء التي حرمت أو على الأقل لا تحبذ عملية التطبير، وهي على كل حال كما أرى حالة من واقع البيئة الاجتماعية تدعوا فعلا إلى تصحيحها وهي قضية لا تعبر بالضرورة عن أصل العقيدة"  (10) .
. ويقول شيخهم مهدي محمد السويج في كتابه (مائة مسألة مهمة حول الشيعة) ما نصه: "ولهذا ترى اللاطمين في ذكرى مأساة الحسين عليه السلام إنما يعبرون عن العواطف الجياشة، والمودة الصادقة من جانب، كما يعبرون من جانب آخر بنفس لطمهم يعبرون عن السخط على الظالمين ابتداء من هناك وصولاً إلى هنا، وامتداداً حتى النهاية، ففي كل الأزمان يزيد وابن زياد، وفي كل زمان ضعفاء يعبرون عن ذلك باللطم ونحوه"  (11) .
... ويقول من وصفوه بالأستاذ المحقق طالب الخَرسان: بهذا وأمثاله قامت النائحات في جميع العواصم الإسلامية يندبن الحسين عليه السلام ومن قتل معه من بنيه وإخوته وأنصاره"  (12) .
ونقل شيخهم الدكتور عبد علي محمد حبيل عن شيخهم حسن الدمستاني أنه قال: "النياحة على الحسين واجبة وجوباً عينيا"  (13) .
... وقال علي الخامنئي: هناك أمور تقرب الناس إلى الله وتعزز تمسكهم بتعاليم الدين، ومن هذه الأمور مراسم العزاء التقليدية، وأن ما أوصانا الإمام  (14) بإقامة مواسم العزاء التقليدية هو المشاركة في المجالس الحسينية، ونعي الإمام الحسين، والبكاء عليه، واللطم على الصدور في مواكب العزاء، وهي من الأمور التي تعزز المشاعر الجياشة إزاء أهل البيت... أجل من المراسم اللطم على الرؤوس والصدور"  (15) .
... وقال مرجع الشيعة الراحل آية الله العظمى الخميني موجهاً كلامه إلى خطباء الشيعة: "تكليف السادة الخطباء أن يقرءوا المراثي، وتكليف الناس يقتضي أن يخرجوا في المواكب الرائعة، مواكب اللطم …. ولكن لتخرج المواكب ولتلطم الصدور، وليفعلوا ما كانوا يفعلونه سابقا …"  (16) .
. وقال أيضا: "إن مواكب اللطم هذه هي التي تمثل رمزاً لانتصارنا، لتقم المآتم والمجالس الحسينية في أنحاء البلاد، وليلق الخطباء مراثيهم، وليبك الناس …. ولتمارس مواكب اللطم والردات والشعارات الحسينية ما كانت تمارسه في السابق، واعلموا أن حياة هذا الشعب رهينة بهذه المراسم والمراثي والتجمعات والمواكب"  (17) .  
 فتاوى كبار علماء الشيعة تُجوّز العمل ببدعة النياحة واللطم وغيرها


... وإليك فتوى أحد كبارهم وهو من أسموه بالإمام المحقق رئيس الفقهاء العظام آية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني عندما سئل عن شعائرهم وطقوسهم التي يمارسونها في مآتمهم وحسينياتهم:
الأولى: خروج المواكب العزائية في عشرة عاشوراء ونحوها إلى الطرق والشوارع، مما لا شبهة في جوازه ورجحانه، وكونه من أظهر مصاديق ما يقام به عزاء المظلوم، وأيسر الوسائل لتبليغ الدعوة الحسينية إلى كل قريب وبعيد، لكن اللازم تنزيه هذا الشعار العظيم عما لا يليق بعباده مثله، من غناء أو استعمال آلات اللهو والتدافع في التقدّم والتأخر بين أهل محلتين، ونحو ذلك، ولو اتفق شيء  من ذلك، فذلك الحرام الواقع في البين هو المحرم، ولا تسري حرمته إلى الموكب العزائي، ويكون كالناظر إلى الأجنبية حال الصلاة في عدم بطلانها.
الثانية: لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار والاسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحد المذكور، بل وإن تأدى كل من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى، وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى
جواز ما كان ضرره مأموناً، وكان من مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم، ونحو ذلك، كما يعرفه المتدربون العارفون بكيفية الضرب، ولو كان عند الضرب مأموناً ضرره بحسب العادة، ولكن اتفق خروج الدم قدر ما يضر خروجه لم يكن ذلك موجباً لحرمته، ويكون كمن توضأ أو اغتسل أو صام آمناً من ضرره ثم تبيّن ضرره منه، لكن الأولى، بل الأحوط، أن لا يقتحمه غير العارفين المتدربين ولا سيما الشبان الذين لا يبالون بما يوردون على أنفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية. ثبتهم الله تعالى بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
الثالثة: الظاهر عدم الإشكال في جواز التشبيهات والتمثيلات التي جرت عادة الشيعة الإمامية باتخاذها لإقامة العزاء والبكاء والإبكاء منذ قرون، وإن تضمنت لبس الرجال ملابس النساء على الأقوى، فإنا وإن كنا مستشكلين سابقاً في جوازه، وقيّدنا جواز التمثيل في الفتوى الصادرة منه قبل أربع سنوات، لكنا لما راجعنا المسألة ثانياً اتضح عندنا أن المحرّم من تشبيه الرجل بالمرأة هو ما كان خروجاً من زي الرجال رأساً، وأخذاً بزي النساء دونما إذا تلبس بملابسها مقداراً من الزمان بلا تبديل لزيه، كما هو الحال في هذه التشبيهات، وقد استدركنا ذلك أخيراً في حواشينا على العروة الوثقى.
نعم يلزم تنزيهاً أيضاً عن المحرمات الشرعية، وإن كانت على فرض وقوعها لا تسري حرمتها إلى التشبيه.
الرابعة: الدمام المتعمل في هذه المواكب مما لم يتحقق لنا إلى الآن حقيقته، فإن كان مورد استعماله هو إقامة العزاء وعند طلب الاجتماع تنبيه الراكب على الركوب وفي الهوسات القريبة ونحو ذلك.
ولا يستعمل فيما يطلب فيه اللهو والسرور وكما هو المعروف عندنا في النجف الأشرف فالظاهر جوازه … والله أعلم"  (1) .
وقد وافقه على هذه الفتوى كما جاءت في المصدر المذكور كل من:
1- آية الله العظمى ميرزا عبد الهادي الشيرازي بقوله: ما ذكره قدس سره في هذه الورقة صحيح إن شاء الله تعالى.
2- آية الله العظمى محسن الحكيم الطباطبائي.
3- آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي قال: "ما أفاده شيخنا الأستاذ قدس سره في أجوبته هذه عن الأسئلة البصرية هو الصحيح ولا بأس بالعمل على طبقه… ".
4- آية الله العظمى الإمام محمود الشاهرودي.
5- آية الله الشيخ محمد حسن المظفر.
6- آية الله العظمى حسين الحمامي الموسوي.
7- آية الله محمد الحسين آل كاشف الغطاء.
8- آية الله العظمى محمد كاظم الشيرازي.
9- آية الله جمال الدين الكبايكاني.
10- آية الله كاظم المرعشي.
11- آية الله مهدي المرعشي.
12- آية الله علي مدد الموسوي الفايني.
13- آية الله الشيخ يحيى النوري.
قال الشيخ مرتضى عياد: "وقد كتب جماعة كبيرة من عظماء الفقهاء فيما سبق ما يخص بالموضوع، ولا يسع المجال لذكر كل ما كتبوه بهذا الصدد".
ثم ذكر مرتضى عياد فتاوى كثيرة لكثير من علمائهم تجيز العمل بهذه البدع التي استحدثوها في الدين، إليك فقرة من إحداها وهي لمن أسموه
بالعلامة الكبيرالزاهد الورع المحدث آية الله الشيخ خضر بن شلال العفكاوي منها: "… قد يستفاد من النصوص التي منها ما دل على جواز زيارته ولو مع الخوف على النفس وجواز اللطم عليه والجزع لمصابه بأي نحو كان، ولو علم أنه يموت من حينه".
نقل هذا مرتضى عياد في كتابه (مقتل الحسين) (ص153) المطبوع عام (1996م) طبعة مصورة على طبعة المطبعة العلوية في النجف, وقد اطلعت على طبعة دار الزهراء ببيروت عام (1991م) حيث نُقِلَت فتوى الشيخ المذكور مختصرة في الصفحة (154) ونصها: "الذي يستفاد من مجموع النصوص ومنها الأخبار الواردة في زيارة الحسين المظلوم ولو مع الخوف على النفس يجوز اللطم والجزع على الحسين كيفما كان حتى لو علم أنه يموت في نفس الوقت".
ويقول شيخهم آية الله مرتضى الفيروز آبادي: "إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية، وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين، ولم يسمع ولن يسمع،أن أحداً منهم قد أنكر ذلك ومنع، ولو فرض أن هناك من منع لشبهة حصلت له، أو لاعوجاج في السليقة، فهو نادر والنادر كالمعدوم"  (2) .
أما محمد حسين فضل الله فإليك ما صرح به في مسألة اللطم:
قال: "أما بالنسبة إلى ما يسمى الشعائر الحسينية فإننا نرى أنها
تمثل الأساليب التعبيرية عن الحزن، وعن الولاء، وأساليب التعبير تختلف بين زمن وزمن. فالبكاء أسلوب إنساني في التعبير عن الحزن"  (3) .
وقال فضل الله أيضا: "وعلى هذا الأساس فنحن نقول بأنه يمكن للإنسان أن يلطم بحسب ولائه، وبحسب محبته، لكن بشرط أن لا يكون اللطم مضراً بالجسد…  (4) .
وقال أيضا: "إن اللطم الهادىء هو الذي تلطم صدرك فيه وأنت تستحضر المأساة فكل ما يكون تعبيراً عن الحزن من دون أن يضر الإنسان في بدنه فهو جائز"  (5) .  (6) 
 عدم جواز التطبير وضرب السلاسل إذا أوجب هتك حرمة التشيع!!


إن الشيعة يتهربون من كل ما من شأنه أن يهتك ستار مذهبهم، حتى وإن كان جائزاً عندهم، وذلك لخداع مخالفيهم، وتلميع صورة التشيع أمامهم، وأكبر مثال على ذلك آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي في موقفه من التطبير وضرب السلاسل، قال محمد حسين فضل الله:"فحتى السيد الخوئي كان يفتي بحرمتها في كتاب (المسائل الشرعية) التي نشرتها الجماعة الإسلامية في أميركا وكندا، فلقد سئل عن التطبير وضرب السلاسل هل يجوز؟ فقال: إذا أوجب هتك حرمة المذهب فلا يجوز. قالوا: كيف ذاك؟ قال: إذا أوجب سخرية الناس بالآخرين"  (1) .
فلاحظ كيف أن تحريمها لمجرد هتكها حرمة المذهب!!!.
هذا وقد سبق لنا نقل موافقة الخوئي لفتوى شيخهم وآيتهم العظمى محمد حسين النائيني والذي أجاز كل ما يقترفونه في مآتمهم من لطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار إلى ضرب بالسلاسل على الأكتاف والظهور.. إلخ.
وعلى هذا ليس لأحد أن يطمئن إلى ما يقررونه، أو إلى ما ينكرونه، لأن عقيدة التقية والكتمان تبيح لهم التدليس على خصومهم، والكذب عليهم، فلو سأل أحد من أهل السنة الخوئي عن حكم اللطم والضرب بالسلاسل وغيرها من بدعهم لإجابة هذا الخوئي(التقوي)  (2) بأنه محرم عنده لأنه يهتك حرمة المذهب، لا أنه حرام كما يراه.
لقد كنت قديما أسأل أهل العلم منهم عن حكم اللطم وغيره فيجيبونني بأنه من فعل العوام، وأنه حرام. ثم أتعجب عندما أجد هؤلاء وهم يحاضرون في المآتم والحسينيات والناس تلطم وتضرب أجسادها بالسلاسل وهم لا ينكرون عليهم، فانعقد اليقين عندي أن القوم يتعمدون عدم الوضوح مع مخالفيهم، وأعجب من ذلك أنه عندما ينكشف أمرهم لا يخجلون..  (3) 
أولاً: حرمة النياحة:


.. أخي المسلم إن ما يفعله الشيعة في الحسينيات والمآتم تحت مسمى الشعائر الحسينية، مثل: اللطم والنياحة ولبس السواد والتطبير وغيرها، والتي أفتى علماؤهم وعظماؤهم بجوازها فإنها محرمة على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ألسنة أئمة أهل البيت الكرام في المصادر الشيعية القديمة والحديثة، واعترف بهذا التحريم شيوخ وأعلام المذهب الشيعي الاثني عشرية، فهذا شيخهم محمد بن الحسين بن بابويه القمي الملقب عند الشيعة بالصدوق. قال: "من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي لم يسبق إليها: (( النياحة من عمل الجاهلية ))  (1) ورواه محمد باقر المجلسي بلفظ: ((النياحة عمل الجاهلية)) (2) .
... فالنوح الذي استمرت عليه الشيعة جيلاً بعد جيل من عمل الجاهلية كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
... كما أن النوح من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله (صلى الله
عليه وسلم)، كما يرويه علماؤهم المجلسي والنوري والبروجردي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((صوتان ملعونان يبغضهما الله إعوال عند مصيبة وصوت عند نغمة يعني النوح والغناء))  (3) .
... فليحذر الشيعي المغرر به من حضور هذه المآتم فإن ما فيه من نوح وعويل هو من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
. ومن هذه الروايات التي تنهى عما يقترفه الشيعة في الحسينيات، ما جاء في كتاب أمير المؤمنين علي  رضي الله عنه إلى رفاعة بن شداد: "وإياك والنوح على الميت ببلد يكون لك به سلطان"  (4) .
... ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم من حديث: ((…وإني نهيتكم عن النوح وعن العويل))  (5) .
ومنها ما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( وإني نهيت عن النوح وعن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان))  (6) .
... وعن علي عليه السلام: )ثلاث من أعمال الجاهلية لا يزال فيها الناس حتى تقوم الساعة: الاستسقاء بالنجوم والطعن في الأنساب والنياحة على الموتى  (7) .
... ومنها ما رواه الكليني وغيره عن الصادق عليه السلام أنه قال: )لا يصلح الصياح على الميت ولا ينبغي ولكن الناس لا يعرفون  (8) .
... وما رواه الكليني أيضا عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا ينبغي الصياح على الميت ولا بشق الثياب"  (9) .
. وقد سئل الإمام موسى بن جعفر عن النوح على الميت فكرهه  (10) .
... وروى محمد باقر المجلسي عن علي  رضي الله عنه قال: (( لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني فغسلته، كفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحنطه، وقال لي: احمله يا علي، فحملته حتى جئت به إلى البقيع، فصلى عليه… فلما رآه منصبا بكى صلى الله عليه وآله وسلم فبكى المسلمون لبكائه حتى ارتفعت أصوات الرجال على أصوات النساء، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد النهي وقال:  تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وإنا بك لمصابون وإنا عليك لمحزونون…)) (11) .
... فلاحظ أخي المسلم كيف أن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنكر عليهم أشد الإنكار ارتفاع أصواتهم بالبكاء.
... كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها"  (12) .
... وروى الكليني عن فضل بن ميسرة قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه رجل فشكى إليه مصيبة أصيب بها. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما إنك إن تصبر تؤجر، وإلا تصبر يمضي عليك قدر الله الذي قدّر عليك وأنت مأزور"  (13) .
... وعن الصادق جعفر بن محمد قال: إنّ الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن، ويأتيه البلاء وهو صبور، وإنّ البلاء والجزع يستبقان إلى الكافر، فيأتيه البلاء وهو جزوع"  (14) .
. قال محمد بن مكي العاملي الملقب بالشهيد الأول: " والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع"  (15) .
... فالشيخ وهو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي الملقب بشيخ الطائفة قد حرم النوح، وادعى الإجماع، أي أنه وإلى عصر الطوسي، كان الشيعة مجمعين على تحريم النوح والعويل الذي نسمعه الآن في الحسينيات. فقارن بالله عليك بين هذا وبين فتاوى علمائهم التي مضى إيرادها.
... وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: "لكن عن الشيخ في المبسوط ابن حمزة بالتحريم مطلقاً" (16) .
وقال الشيرازي: "ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل"  (17) .
وقال نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن الملقب بالمحقق الحلي المتوفى سنة (676)هـ: "والشيخ استدل بالإجماع على كراهيته-الجلوس للتعزية- إذ لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالفة لسنة السلف"  (18) .
وقال محمد بن مكي العاملي: "والشيخ نقل الإجماع على كراهية الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة أيام، ورده ابن إدريس أنه اجتماع وتزاور، وانتصر المحقق: ولم ينقل من أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك, فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم، قلت: الأخبار المذكورة مشعرة به فلا معنى لاغترام حجة التزاور وشهادة الإثبات مقدمة…"  (19) .
وقال يوسف البحراني معلقاً على روايات تحريم النياحة بما نصه: "وأكثر الأصحاب الإعراض عن هذه الأخبار وتأويلها بل تأويل كلام الشيخ أيضاً بالحمل على النوح المشتمل على شيء  من المناهي كما هو ظاهر سياق الحديث الأول. قال في الذكرى بعد نقل القول بالتحريم عن الشيخ وابن حمزة: والظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل أو المشتمل على المحرم كما قيده في النهاية، ثم نقل جملة من أخبار النهي، وقال: وجوابه الحمل على ما ذكرناه جمعاً بين الأخبار، ولأنّ نياحة الجاهلية كانت كذلك غالباً، ولأنّ أخبارنا خاصة والخاص مقدّم. أقول: من المحتمل قريباً حمل الأخبار الأخيرة على التقية، فإنّ القول بالتحريم قد نقله في المعتبر عن كثير من أصحاب الحديث من الجمهور"  (20) 
وتقييد الشيخ له في النهاية إن صح ما نقله البحراني عنه مردود بإقرار الشيخ نفسه بإجماع طائفته على تحريمه.
فماذا تنتظر بعد هذا أيها الشيعي المنصف؟!!  
ثانياً: حرمة اللطم:


من الأدلة التي تدين الشيعة على هذه البدعة الشنيعة قول الإمام الباقر: "أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل، ولطم الوجه والصدر، وجز الشعر من النواصي، ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر، وأخذ في غير طريقه"  (1) 
ومنها قول الصادق رحمه الله تعالى: "من ضرب يده على فخذه عند المصيبة حبط أجره"  (2) 
. أقول: فما بالك بمن يلطم وجهه وصدره، ألا يحبط ذلك الأجر من باب أولى لمخالفته لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟!
ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب))  (3) .
وقد ذكر الدكتور محمد التيجاني السماوي الشيعي أنه سأل الإمام محمد باقر الصدر عن هذا الحديث فأجابه بقوله: "الحديث صحيح لا شك فيه"  (4) .
ومنها ما جاء عن يحيى بن خالد: ((أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما يحبط الأجر في المصيبة؟ قال: تصفيق الرجل يمينه على شماله، والصبر عند الصدمة الأولى، من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)), وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ((أنا بريء ممن حلق وصلق أي حلق الشعر ورفع صوته))  (5) .
ومنها ما رواه جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المناهي أنه نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها ونهى عن تصفيق الوجه"  (6) .
وقال محمد بن مكي العاملي: "يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله"  (7) .
وقال الشيرازي: "وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور"  (8) 
. ويشير الدكتور الشيعي محمد التيجاني السماوي إلى بكاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على عمه أبي طالب وحمزة وزوجته خديجة فيقول: "ولكنه في كل الحالات يبكي بكاء الرحمة… ولكنه نهى أن يخرج الحزن بصاحبه إلى لطم الخدود وشق الجيوب فما بالك بضرب الأجسام بالحديد حتى تسيل الدماء؟"  (9).
ثم يذكر التيجاني أنّ أمير المؤمنين علياً لم يفعل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يفعله عوام الشيعة  (10) اليوم وكذلك لم يفعل الحسن والحسين والسجاد الذي قال فيه التيجاني: " إنه حضر محضراً لم يحضره أحد من الناس وشاهد بعينيه مأساة كربلاء التي قتل فيها أبوه وأعمامه وإخوته كلهم، ورأى من المصائب ما تزول به الجبال ولم يسجل التاريخ أنّ أحد الأئمة عليهم السلام فعل شيئاً من ذلك، أو أمر به أتباعه وشيعته  (11) .
وقال أيضاً: "أغلب أهل السنة والجماعة ينتقدون أفعال الشيعة التي يقومون بها بمناسبة عاشوراء من ضرب وتطبير بالسلاسل والحديد حتى تسيل الدماء… ورغم أنّ الشيعة في الهند والباكستان يفعلون ذلك وأكثر من غير ذلك، غير أنّ وسائل الإعلام المرئية كالتلفزيون لا تركز إلا على شيعة إيران لحاجة في نفس يعقوب, يعرفها كل متتبع للأحداث، وكل مهتم بشؤون الإسلام والمسلمين"  (12) .
ويضيف التيجاني السماوي المتعصب قائلا: والحق يُقال: إنّ ما يفعله بعض الشيعة من تلك الأعمال ليست هي من الدين في شيء، ولو اجتهد المجتهدون، وأفتى بذلك المفتون، ليجعلوا فيها أجراً كبيراً وثواباً عظيماً، وإنما هي عادات وتقاليد وعواطف تطغى على أصحابها، فتخرج بها عن المألوف وتصبح بعد ذلك من الفولكلور الشعبي الذي يتوارثه الأبناء عن الآباء في تقليد أعمى وبدون شعور، بل يشعر بعض العوام بأنّ إسالة الدم بالضرب هي قربة لله تعالى، ويعتقد البعض منهم بأن الذي لا يفعل ذلك لا يحب الحسين"  (13) .
وقال أيضاً: "لم أقتنع بتلك المناظر التي تشمئز منها النفوس وينفر منها العقل السليم، وذلك عندما يعرّى الرجل جسمه ويأخذ بيده حديداً ويضرب نفسه في حركات جنونية صائحاً بأعلى صوته حسين حسين، والغريب في الأمر والذي يبعث على الشك أنك ترى هؤلاء الذين خرجوا عن أطوارهم وظننت أنّ الحزن أخذ منهم كل مأخذ فإذا بهم بعد لحظات وجيزة من انتهاء العزاء تراهم يضحكون ويأكلون الحلوى ويشربون ويتفكهون وينتهي كل شيء  بمجرد انتهاء الموكب، والأغرب أنّ معظم هؤلاء غير ملتزمين بالدين، ولذلك سمحت لنفسي بانتقادهم مباشرة عدة مرات وقلت لهم: إنّ ما يفعلونه هو فلكلور شعبي وتقليد أعمى"  (14) .
هذا ما أقر به هذا المتعصب المحترق الذي تخصص في الطعن في معتقدات أهل السنة والجماعة وقريب منه قول شيخهم حسن مغنية: "والواقع أنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف وإسالة الدماء ليست من الإسلام في شيء، ولم يرد فيها نص صريح ولكنها عاطفة نبيلة تجيش في نفوس المؤمنين لما أريق من الدماء الزكية على مذابح فاجعة كربلاء"  (15) .... ولا ندري كيف نوفق بين قول حسن مغنية: إنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف.. ليست من الإسلام في شيء  ولم يرد فيها نص صريح" وبين قوله: "ولكنها عواطف نبيلة… " ألا يدرك حسن مغنية أنّ هذه الأمور من المنكرات والبدع الشنيعة؟  (16) 
ثالثاً: لبس السواد في عاشوراء:


ويقوم الشيعة بلبس السواد في عاشوراء مع ما رووه من أنه لباس أهل النار، فقد سئل الإمام عن الصلاة في القلنسوة السوداء؟ فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار"  (1) .
ورووا عن أمير المؤمنين علي فيما علم أصحابه أنه قال: )لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون  (2) .
ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره السواد إلا في ثلاثة العمامة والخف والكساء  (3) .
وعن جبرئيل عليه السلام أنه هبط على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قباء أسود ومنطقة فيها خنجر، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما هذا الزي؟ فقال: زي ولد عمك العباس يا محمد، ويل لولدك من ولد عمك العباس. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس فقال: يا عم ويل لولدي من ولدك. فقال: يا رسول الله أفأجب نفسي؟ قال: جرى القلم بما فيه))  (4) .
قال شيخهم الحاج محمد رضا الحسيني الحائري: "المشهور بين أصحابنا الإمامية شهرة عظيمة، بل المدعى عليه الإجماع كما في الخلاف، كراهة لبس الثياب السود في الصلاة، بل مطلقا، إلاَّ في الخف والعمامة والكساء، وفي المعتبر الاقتصار على استثناء العمامة والخف ونسب ذلك إلى الأصحاب، وفي المنتهى نسبته إلى علمائنا، وعليه اقتصر في الشرائع والقواعد والإرشاد وفي الدروس، وعن اقتصار المفيد وسلار وابن حمزة الاقتصار على العمامة فقط، وعن الذكرى عدم الاستثناء في كلام كثير من الأصحاب، وفي كشف اللثام أن الكساء لم يستثنه أحد من الأصحاب إلا ابن سعيد"  (5) .
ويختتم الحائري كلامه بقوله: "هذه هي الروايات التي استدل بها الأصحاب لكراهة لبس الثياب السود والصلاة فيها مضافا إلى ما عرفت من دعوى الشهرة الإجماع في المسألة"  (6) .
قلت: إذا كانت هذه الروايات رواياتهم، والإجماع إجماعهم، فلماذا يقوم شيعة اليوم بلبس السواد في الأيام العشر الأولى من محرم؟.لماذا لا يحترم الشيعة رواياتهم وإجماع علمائهم؟  (7) 
 النساء والحسينيات:


إن التحذيرات الواردة في الروايات السابقة تشمل الرجال والنساء على حد سواء، ولمزيد من الفائدة نذكر الروايات التي تطرقت إلى النساء بشكل خاص لكي تعيها وتتدبرها النساء الشيعيات اللاتي يذهبن إلى المآتم والحسينيات حتى لا يقعن في المحظور.
قال الحسين  رضي الله عنه لأخته زينب عندما لطمت وجهها وأهوت إلى جيبها فشقته وخرت مغشياً عليها:
)يا أُخَيَّة اتقي الله وتعزي بعزاء الله واعلمي أن أهل الأرض يموتون، وأن أهل السماء لا يبقون، وأن كل شيء  هالك إلا وجه الله تعالى، الذي خلق الخلق بقدرته فيعودون، وهو فرد وحده، أبي خير مني وأمي خير مني وأخي خير مني ولي ولكل مسلم برسول الله أسوة، فعزاها بهذا ونحوه ثم قال لها:
"يا أختاه إني أقسمت عليك فأبري قسمي، إذا أنا قتلت فلا تشقي عليَّ جيبا، ولا تخمشي عليَّ وجهاً، ولا تدعي عليَّ بالويل والثبور  (1) .
وفي رواية قال: "يا أختاه يا أم كلثوم يا فاطمة يا رباب انظرن إذا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن وجها"  (2) .
وفي رواية: )يا أختي إني أقسمت عليك فأبري قسمي لا تشقي عليَّ جيبا ولا تخمشي عليَّ وجها ولا تدعي عليَّ بالويل إذا أنا هلكت  (3) .
وروى الصدوق وغيره عن عمر بن أبي المقدام قال: سمعت أبا الحسن وأبا جعفر عليهما السلام يقولان في قول الله عز وجل:  وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ  [الممتحنة:12] قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة عليها السلام:
إذا أنا مت فلا تخمشي عليَّ وجهاً ولا ترخي عليَّ شعراً ولا تنادي بالويل ولا تقيمي عليَّ نائحة. قال: ثم قال: هذا هو المعروف الذي قال الله عز وجل:  وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ[الممتحنة:12]  (4) .
وعن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:  وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ  [الممتحنة:12]قال: "المعروف أن لا يشققن جيباً ولا يلطمن وجهاً ولا يدعون ويلاً ولا يقمن عند قبر"  (5) .
وعن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن النائحة المستمعة"  (6) .
قلت: فما الفائدة إذن من الذهاب إلى الحسينيات بعد الوقوف على هذه الأحاديث الصريحة؟ الحذر الحذر.
وروى القطب الراوندي في (لب اللباب)  (7) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن أربعة: امرأة تخون زوجها في ماله أو في نفسها، والنائحة والعاصية، لزوجها والعاق".
وعندما سمع أمير المؤمنين علي  رضي الله عنه بكاء النساء على قتلى صفين وخرج إليه حرب بن شرحبيل الشامي وكان من وجوه قومه فقال علي عليه السلام: (أتغلبكن نساؤكم على ما أسمع؟! ألا تنهونهن عن هذا الرنين)  (8) .
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أنعم الله عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها، ومن أصيب بمصيبة فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد كفرها. وفي رواية فقد أحبطها"  (9) .
وعن جعفر بن محمد عن آبائه رضي الله عنهم في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (( يا علي من أطاع امرأته أكبه الله عز وجل على وجهه في النار قال علي رضي الله عنه: وما تلك الطاعة؟ قال: يأذن لها في الذهاب إلى الحمامات والعرسات والنياحات ولبس الثياب الرقاق))  (10) .
وروى الصدوق وغيره عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي  رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أربعة لا تزال في أمتي إلى يوم القيامة: الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة، وإن النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب))  (11) .
وعن أبي جعفر الثاني عن آبائه رضي الله عنهم قال: قال رسول لله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لما أسري بي إلى السماء رأيت امرأة على صورة كلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار فسئل صلى الله عليه وآله وسلم عنها فقال: إنها كانت قينة نواحة حاسدة )) (12) .
وعن جعفر بن محمد رضي الله عنهما أنه أوصى عندما احتضر فقال: لا يلطمن عليَّ خد، ولا يشقن عليَّ جيب، فما من امرأة تشق جيبها إلا صدع لها في جهنم صدع كلما زادت زيدت"  (13) .
وعن علي  رضي الله عنه قال: (أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيعة على النساء أن لا ينحن ولا يخمشن ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء)  (14) .  (15) 
: تعريف نكاح المتعة لغةً وشرعًا وحكمه:


أولاً: المتعة لغة اسم مصدر متّع وتدور مادته على معنى الانتفاع والالتذاذ ومنه قول الشاعر المشعث:
تمتع يا مشعث أن شيئاً سبقت به الممات هو المتاع

أي: انتفع وتلذذ.
 وردت كلمة " المتعة " ومشتقاتها في القرآن (71) مرة، في سور مختلفة  (1) ، ومعانيها وإن اختلفت راجعة إلى أصل واحد ودائرة حول الانتفاع ولا يستقيم معناها على اعتباره في " المتعة " موضوع البحث (2) .
 فالاستمتاع في اللغة الانتفاع، وكل ما انتفع به فهو متاع، يقال: استمتع الرجل بولده، ويقال فيمن مات في زمان شبابه: لم يتمتع بشبابه قال تعالى في سورة الأنعام: رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ  [ الأنعام:128] وقال تعالى في سورة الأحقاف: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا [ الأحقاف:20] يعني تعجلتم بها. وقال تعالى في سورة التوبة: فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ [ التوبة:69] يعني بحظكم ونصيبكم من الدنيا  (3) .
 وفي الحديث الشريف قال (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): (( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة)) (4) .
وأما شرعاً فإن لفظ المتعة يطلق على ثلاثة أشياء: 
1- متعة الحج  (5) .
2- متعة الطلاق  (6) .
3- متعة النساء.
وما يهمنا هو " متعة النساء " أو " نكاح المتعة "  وهو نكاح المرأة لأجل محدود ثم إخلاء سبيلها بانقضائه (7) .
فتعريف المتعة اصطلاحاً: بأن يقول الرجل لامرأة: متعيني نفسك بكذا من الدراهم مدة كذا، فتقول له: متعتك نفسي، أو يقول لها الرجل: أتمتع بك أي لابد في هذا العقد من لفظ التمتع.  (8) .
ثانياً: حكمه شرعا: 
  شرع النكاح في الإسلام، لمقاصد أساسية، قد نص القرآن الكريم عليها صراحة، ترجع كلها إلى تكوين الأسرة الفاضلة قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً  [ الروم:21] حيث أشارت الآية الكريمة إلى أن مناط السكن إنما هو " الزوجة " لا مطلق المرأة! وبذلك يمكن القول بأن " الزوجة الدائمة " هي التي جرت سنة الله تعالى بجعلها سكنا للرجل، وجعل بينها وبين زوجها مودة ورحمة، بحكم العلاقة الزوجية الصحيحة الدائمة في أسرة تنجب البنين والحفدة على ما ينص عليه قوله تعالى: وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً  [ النحل:72]، وحينما يربط الله تعالى الزواج بغريزة الجنس لم يكن ليقصد مجرد قضاء الشهوة، أي لمجرد سفح الماء، بل قصد أن يكون على النحو الذي يحقق تلك " المقاصد " من تكوين الأسرة التي شرع أحكامها التفصيلية القرآن الكريم من الخطبة، فالزواج، فالطلاق، إذا لم يتفق الزوجان، ثم الرضاعة، والحضانة، والنفقة....إلخ
فالزواج إذاً تبعات وتكاليف جسام لإنشاء أسرة، يحفز عليه غريزة الجنس، تحقيقا للمقاصد العليا الإنسانية التي أشرنا إليها.
وعلى هذا، فإن مجرد قضاء الشهوة  و" الاستمتاع " مجرداً عن الإنجاب وبناء الأسرة، يخالف مقصد الشارع من أصل تشريع النكاح، لذلك أطلق عليه القرآن الكريم " السفاح " وحذر من اتباع هذا السبيل بقوله تعالى وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ [ النساء:24]، ومعنى الآية الكريمة صريح، إذ مؤداه، أن تتزوجوا النساء بالمهور، قاصدين ما شرع الله النكاح لأجله، من الإحصان، وتحصيل النسل، دون مجرد سفح الماء، وقضاء الشهوة، كما يفعل الزناة! يرشدك إلى هذا أيضا، ما رواه معقل بن يسار قال: ((جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب، إلا أنها لا تلد، فأتزوجها ؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، فقال: تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم))  (9) . إذ ليس المقصد مجرد الاستمتاع بالحسن والجمال، كل ذلك دال دلالة واضحة، لا لبس فيه ولا إبهام على ما ذكرنا من " المقاصد " الاجتماعية الرفيعة التي لا يمكن أن تتحقق إلا عن طريق الزواج الصحيح الدائم الذي شرعه الله تعالى أصلاً  (10) . (11) 
المتعة وصيغتها وشروطها:


يجب عند الشيعة أن يذكر في صيغة المتعة الأجر والمدة وعدم الميراث ووجوب العدة وهي خمسة وأربعون يوماً. وقيل: حيضة. وله أن يشترط عدم طلب الولد: 
عن زُرارة عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: لا تكون المتعة إلا بأمرين: أجل مسمى وأجر مسمى  (1) .
عن أبي بصير قال: لا بدّ من أن تقول فيه هذه الشروط: أتزوجك!! متعة كذا وكذا يوماً بكذا وكذا درهماً  (2)  
عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتعة ؟ قال: مهر معلوم إلى أجل معلوم  (3) .
فالمتعة عند الشيعة مدة معلومة بأجر معلوم يبطل تلقائياً بعد انتهاء الفترة، وأما صيغة المتعة فهي: عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كيف أقول لها إذا خلوت بها ؟ قال: تقول: أتزوجك متعة على كتاب اللهّ وسنة نبيه ؟! لا وارثَةَ ولا موروثةً كذا وكذا يوماً، وإن شئت كذا وكذا سنة، بكذا وكذا درهماً، وتسمي من الأجر ما تراضيتما عليه قليلاً  كان أو كثيراً, فإذا قالت: نعم، فقد رضيت وهي امرأتك!! وأنت أولى الناس بها  (4) .
وعن ثعلبة قال: تقول: أتزوجك!! متعة على كتاب الله وسنة نبيه نكاحاً غير سفاح وعلى أن لا ترثيني ولا أرثك، كذا وكذا يوماً بكذا وكذا درهماً، وعلى أن عليك العدة  (5) .
وعن هشام بن سالم قال: قلت: كيف يتزوج المتعة ؟ قال: يقول: أتزوجك كذا وكذا يوماً بكذا وكذا درهماً، فإذا مضت تلك الأيام كانا طلاقها في شرطها ولا عدة لها عليك  (6) .
وإذا نسي ذكر الأجل انعقد دائماً عند الشيعة: 
عن عبد اللّه بن بكير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن سمّى الأجل فهو متعة، وإن لم يُسمّ الأجل فهو نكاح باتّ  (7) .
عن أبان بن تغلب في حديث صيغة المتعة أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام: فإني أستحيي (!!!!) أن أذكر شرط الأيام. قال: هو أضرّ عليك. قلت: وكيف ؟ قال: لأنك إن لم تشترط كان تزويج (!!) مقامٍ ولزمتك النفقة في العدة وكانت وارثاً، ولم تقدر على أن تطلقها إلا طلاق السنة  (8) .
عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: أتزوج المرأة متعة مرة مبهمة ؟ قال: فقال: ذاك أشدّ عليك، ترثها وترثك، ولا يجوز لك أن تطلقها إلا على طهر وشاهدين. قلت: أصلحك الله فكيف أتزوجها ؟ قال: أياماً معدودة بشيء مسمى مقدار ما تراضيتم به، فإذا مضت أيامها كان طلاقها في شرطها ولا نفقة ولا عدة لها عليك  (9) .  
المتعة من أركان الإيمان عند الشيعة:


الشيعة إذا استحسنت شيئاً، ممَا يوافق هواها اجتهدت في وضع أُسُسٍ له وجعله من الدين ولو أدى ذلك إلى تلفيق الكلام على لسان أهل البيت رضي الله عنهم. فيذكرون أن جعفراً الصادق قال: ليس منا من لم يؤمن بكرتنا  (1) ولم يستحل متعتنا  (2) .
وإذا كانت المتعة من أركان الدين الشيعي فلماذا يترفع عنها أكابرهم في العصر الحاضر ؟
وقد جرت بيني وبين بعض الشيعة مناقشة حول المتعة وقد أخذ يسرد لي الروايات الموضوعة على لسان أهل البيت رضوان الله عليهم. فقلت له - ملزماً له: إنني أعتقد صحة هذه الروايات وهلم نقتدي بأولئك الأئمة. فقال: كيف ؟ قلت له: تزوجني أختك أو ابنتك لمدة عشرة أيام، كل يوم عشرة دنانير. فغضب مني وقال: أنت ناصبي خبيث. فقلت له: سبحان الله والأئمة المعصومون أحلّوها وأنتم معشر الشيعة لا ترضونها لأنفسكم!!...
لا بد من الترغيب ووضع الثواب، ليتمكنوا من خداع السذج، وليشبعوا الذين سُعار الجنس يسيطر على عقولهم، والشيعة لا يفتقرون إلى وضع المرويات في هذا الشأن، فدينهم مبني على هذا الأساس.
فيزعمون أن الله تعالى أحلّ لهم المتعة عوضاً عن المسكرات: 
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال: إن الله رأف بكم فجعل المتعة عوضاً لكم من الأشربة  (3) . وعن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى حرم على شيعتنا المسكر من كل شراب وعوّضهم من ذلك المتعة  (4) .
فالشيعة اشترطت على ربهم إنْ هو حرَّمَ عليهم ما يُذهب عقولهم، فلا بد بالمقابل أن يُحلّ لهم ما يشبع شهواتهم. ولا يمكننا أن نتصور أن ربّهم من الضعف إلى هذه الدرجة، ولكن كما يقولون: أهل مكة أدرى بشعابها!!
ويفترون على اللّه تعالى الكذب فيقولون: إن المتعة رحمة من الله جل جلاله خصّ الشيعة بها دون سائر الناس. عن أبي عبد الله عليه السلام في قول اللّه عز وجل: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا  [ فاطر:2]  قال: والمتعة من ذلك  (5) . ويتطاولون على النبي صلى الله عليه وسلم ويجعلون هذا الزنا الصريح خلّة من خلال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  عن بكر بن محمد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المتعة ؟
فقال: إني لأكره للرجل المسلم أن يخرج من الدنيا وقد بقيت عليه خلّة من خلال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لم يقضها  (6) .
وقد وضعت الشيعة مرويات كثيرة في فضل من اقترف جريمة الزنا، فزعمت أن الحق تبارك وتعالى قد غفر للمتمتعات وذلك ليلة الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لما أُسري به إلى السماء، قال: لحقني جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إن اللّه تبارك وتعالى يقول: إني قد غفرت للمتمتعين، من أمتك من النساء  (7) .
وفي رواية أخرى أن الله تعالى يغفر للمتمتع بقدر الماء الذي مرّ على رأس المتمتع.
عن صالح بن عقبة عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: للمتمتع ثواب ؟ 
قال: إن كان يريد بذلك وجه اللّه تعالى وخلافاً على من أنكرها لم يكلمها كلمة إلا كتب اللّه له بها حسنة، ولم يمد يده إليها إلا كتب اللّه له حسنة، فإذا دنا منها غفر اللّه له بذلك ذنباً، فإذا اغتسل غفر اللّه له بقدر ما صبّ من الماء على شعره. 
قلت: بعدد الشعر ؟!
قال: بعدد الشعر  (8) .
فالراوي استنكر أن يغفر الله تعالى للزاني هذه المغفرة الواسعة رغم نهي المولى تبارك وتعالى عن الزنا، ولكن الإمام المعصوم (!!! ) استنكر استفهامه، فأجابه: بنعم. 
وعلى هذا الأساس فإن بعض نساء الشيعة في الماضي رغبت في اقتراف هذه الخطيئة لا حباً في نيل الثواب المتدفق على الشيعة بسوء أعمالهم، ولكن من أجل أن تعاند عمر رضي الله عنه، ولا يعجب القارئ الكريم من هذا التصرف الذي ينمّ عن عقلية جاهلية ورواسب سبئية، فالشيعة منذ القديم وحتى عصرنا الحاضر لم تختلف عقليتهم ولم ترتفع عن هذا المستوى.
عن بشر بن حمزة عن رجل من قريش!! قال: بعثت إليّ ابنة عمّ لي كان لها مال كثير: قد عرفت كثرة من يخطبني من الرجال فلم أزوجهم نفسي، وما بعثت إليك رغبة في الرجال، غير أنه بلغني أنه أحلها اللّه في كتابه وسنّها رسول اللُّه (صلى الله عليه وسلم وسلم) في سنته!!! فحرّمها زفر، فأحببت أن أطيع اللّه عز وجل فوق عرشه وأطيع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم!! وأعصي زفر فتزوجني متعة!!!، فقلت لها: حتى أدخل على أبي جعفر عليه السلام فأستشيره.
قال: فدخلت عليه فأخبرته.
فقال: افعل صلّى اللّه عليكما من زوج!!  (9) .
فهذه المرأة أرادت أن تبرر انحرافها بأنها تخالف عمر رضي اللّه عنه، وما يضرّ عمر  رضي الله عنه إن أرادت هي أو غيرها من نساء الشيعة أن تقترف جريمة الزنا، فالحق تبارك وتعالى هو الذي يحاسب الخلق لا عمر رضي الله عنه. وهذه الرواية تعطينا صورة لأهل التشيع بأنهم يخالفون ما ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم في روايتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم ما حرّمه الله تعالى ورسوله الكريم (صلوات الله وسلامه عليه).
والأئمة المعصومون!! يأمرون أتباعهم بضرورة التمتع ولو مرة واحدة، لأنهم يرونها واجبة لا يمكن للشيعة التخلي عنها, لأنها من علامات الإيمان.
عن هشام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إني لأحب للرجل أن لا يخرج من الدنيا حتى يتمتع ولو مرة، وأن يصلي الجمعة في جماعة  (10) .
وعن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يستحب للرجل أن يتزوج المتعة وما أحبّ للرجل منكم أن يخرج من الدنيا حتى يتزوج المتعة ولو مرّة  (11) .
وعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: تمتعت ؟
قلت: لا. 
قال: لا تخرج من الدنيا حتى تحيي السنة  (12) !!!
وعن إسماعيل بن الفضل الهاشّمي قال: 
قال لي أبو عبد الله عليه السلام: تمتعت منذ خرجت من أهلك ؟ 
قلت: لكثرة ما معي من الطروقة أغناني الله عنها. 
قال: وإن كنت مستغنيَاً فإني أحب أن تحيي سنة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)  (13) !!!.
ويبالغون في الكذب فيزعمون: أن الرجل إذا اغتسل بعد ارتكابه فاحشة الزنا في المتعة خلق الله تعالى من كل قطرة تقطر منه - سبعين ملكاً يدعون له بالمغفرة ويستغفرون له إلى يوم القيامهّ. عن محمد بن علي الهمداني عن رجل سماه (!!! ) عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
ما من رجل تمتع ثم اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه سبعين ملكاً يستغفرون له إلى يوم القيامة ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة  (14) .
وكذلك فإن الأئمة المزعومين يُرَغّبون أتباعهم في اقتراف ذلك، وإذا لم يكن عنده أجر ذلك ساعده الإِمام المعصوم (!! ) ماديّاً حتى يستطيع ممارسة الرذيلة, عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: يا أبا محمد تمتعت منذ خرجت من أهلك ؟ قلت: لا ؟ 
قال: ولم ؟ 
قلت: ما معي من النفقة يقصر عن ذلك. 
قال: فأمر لي بدينار. 
قال: أقسمت عليك إن صرت إلى منزلك حتى تفعل  (15) .
دينار واحد أجرة المتمتع بها فقط، ولا نستغرب أن تكون أجرة الزانيات بهذا القدر، لأن الشيعة تحاول بقدر الإِمكان إزالة العقبات التي تعترض هذا الطريق!! ومن ضمن اعتقادات الشيعة في المتعة أنه لا كفارة لمن حلف بالله تعالى ألاّ يقترف هذه الجريمة، ويزعمون أنه من ترفع عنها فهو عاص لله تعالى ووضعت الشيعة في ذلك الكثير من الروايات المكذوبة على لسان أهل البيت رضوان الله عليهم، ونضع بين يدي القارئ الكريم بعض تلك المرويات المكذوبة: 
عن علي السَّائي قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: 
إني كنت أتزوج المتعة!!! فكرهتها وتشاءمت منها، فأعطيت الله عهداً بين الركن والمقام وجعلت عليّ في ذلك نذراً أو صياماً أن لا أتزوجها. قال: ثم إن ذلك شقّ عليّ وندمت على يميني ولم يكن بيدي من القوة ما أتزوج به في العلانية. 
قال: فقال لي: عاهدت اللّه أن لا تطيعه ؟! واللّه لئن لم تطعه لتعصينّه  (16) .
ونحن بدورنا نسأل هذا الرافضي ما سبب كراهته وتشائمه من المتعة الواجبة في دين الشيعة ؟ ثم إنه لم يطق أن يصبر على ذلك لأن الشذوذ متمكن منه، وأراد أن يلتمس له مخرجاً، فشكا حاله إلى إِمامه المعصوم!! واستنكر الإمام المعصوم!! يمين هذا الرافضي وأمره بارتكاب المتعة ولا شيء عليه في ذلك!!
وعن جميل بن صالح قال: إن بعض أصحابنا!! قال لأبي عبد الله عليه السلام: إنه يدخلني من المتعة شيء فقد حلفت أن لا أتزوج متعة أبداً. فقال أبوعبد الله عليه السلام: إنك إذا لم تطع الله فقد عصيته  (17) .
حتى خرافة سرداب مهديّهم الموهوم فإنه يأمر أتباعه بضرورة المتعة، وإن أقسم على تركها أغلظ الأيمان: عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه كتب إلى صاحب الزمان عليه السلام يسأله عن الرجل ممن يقول بالحقّ  (18) ويرى المتعة ويقول بالرجعة إلا أنّ له أهلاً  (19) موافقة له في جميع أموره، وقد عاهدها أن لا يتزوج عليها، ولا يتمتع ولا يتسّرى!! وقد فعل هذا منذ تسع عشرة سنة، ووفىّ بقوله فربما غاب عن منزله الأشهر فلا يتمتع ولا تتحرك نفسه أيضاً لذلك، ويرى أن وقوف من معه من أخ وولد غلام ووكيل وحاشية مما يقلّله في أعينهم، ويحب المقام على ما هو عليه محبة لأهله وميلاً إليها وصيانة لها ولنفسه لا لتحريم المتعة، بل يدين الله بها فهل عليه في ترك ذلك مأثم أم لا ؟
الجواب: يُستحب له أن يطيع اللّه تعالى بالمتعة ليزول عنه الحلف في المعصية ولو مرّة واحدة
ولاً: لا عدد معين في المتعة:


عند الشيعة يجوز التمتع بأكثر من أربع عاهرات. وإن كان عنده أربع زوجات زواج دائم، وذلك لأنهن خليلات مستأجرات فيجوز له أن يجمع ألفاً منهن أو أكثر إذا أراد، وإليك الروايات الدّالة على ذلك: 
1 - عن بكر بن محمد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتعة أهي من الأربع ؟ 
فقال: لا  (1) .
2 - عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكرت له المتعة أهي من الأربع ؟ 
فقال: تزوج منهن ألفاً فإنهن مستأجرات  (2) .
3 - عن زرارة قال: قلت: ما يحل من المتعة ؟
قال: كما شئت  (3) .
4 - عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في المتعة: 
ليست من الأربع لأنها لا تطلق ولا ترث وإنما هي مستأجرة  (4) .
5 - عن عمر بن أذينة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: 
كم يحل من المتعة ؟ 
قال: فقال: هن بمنزلة الإِماء  (5) .
6 - عن أبي بصير قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن المتعة أهي من الأربع ؟ 
فقال: لا. ولا من السبعين  (6) .
7 - محمد بن علي بن الحسين عن الفضيل بن يسار أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة ؟ 
فقال: هي كبعض إمائك  (7) .  
ثانياً: أجرة المتمتِّع بها:


رغبة من الدين الشيعي في التيسير على معتنقيه في إتيان ما شرعه لهم في هذا البغي، جعلوا أجرة المتمتَّع بها على قدر استطاعته فيجزئ فيه الدرهم والكف من الطعام أو حتى شربة ماء. 
عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن متعة النساء ؟ 
قال: حلال!! وإنه يُجزئ فيه الدرهم فما فوقه  (1) .
وعن الأحول قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أدنى ما يتزوج به المتعة ؟! قال: كفّ من بُرّ  (2) .
وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: عن أدنى مهر المتعة ما هو ؟! قال: كف من طعام دقيق أو سويق تمر  (3) .
وعن يونس.. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أدنى ما تحل به المتعة كف طعام  (4) .
فما أسهل ارتكاب جريمة الزنا عند الشيعة إذا كان ثمن جسد المرأة عندهم بمثل الذي ذكرناه. 
ويجعلون الزنا الصريح زواجاً صداقه شربة ماء فيذكرون: عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاءت امرأة إلى عمر فقالت: إني زنيت فطهّرني. فأمر بها أن ترجم. فأخبر بذلك أمير المؤمنين عليه السلام فقال: كيف زنيت ؟ قالت: مررت بالبادية فأصابني عطش فاستسقيت أعرابيَاً. فأبى أن يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي. فلما أجهدني العطش وخفت على نفسي سقاني فأمكنته من نفسي. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: تزويج ورب الكعبة  (5) .
فانظر أخي القارئ كيف يفترون على الإمام علي رضي الله عنه. 
إن هذه المسألة لو عرضت على صغار طلبة العلم لأفتى بأن هذا زنا يقام عليها الحدّ. فهل إمامهم المعصوم يُحلّ الحرام ؟! نحن نكرم علي بن أبي طالب عن هذا الانحدار والانحطاط الفكري، ولكن الشيعة لا يهمّهم إلا وضع المرويات التي تؤيد شذوذهم وانحرافهم. 
جواز الامتناع عن دفع الأجرة الكاملة للمتمتع بها في حالة رفضها ممارسة الجنس لمدة معينة, أو تبين له أنها متزوجة.
من المبادئ الغريبة في المتعة في الدين الشيعي، أنه يجوز للرجل أن يرفض دفع الأجرة مقدماً، بل أنه يحتاط لنفسه، فربما رفضت البغي مواصلة ممارسة الرذيلة معه، فحينئذ يجوز له أن لا يدفع أجرة الأيام التي تخلفت عدا أيام الحيض مثَلاً، إذا اتفق الشيعي مع امرأة على أن يستأجر جسدها لمدة شهر واحد بمبلغ محدد وقدره ستون درهماً مثلاً، ودفع من الأجرة أربعين وبقي عشرون، ثم حدث أن تأخرت عنه مدة خمسة أيام، وانقضت الفترة، وطالبته بتسديد الباقي، ففي هذه الحالة لا يحق لها سوى عشرة دراهم فقط، لأنها لم تواظب على العمل سوى خمسة وعشرين يوماً، وبما أن أجرة اليوم الواحد درهمان، فإنها لا تستحق سوى خمسين درهماً لا ستون. 
ولا يستغرب القارئ الكريم من هذا المبدأ في الدين الشيعي، فكتب الرافضة، مليئة من هذه النوعية الشاذة. 
فهذا أحد الشيعة يريد أن يتمتع، ولكنه خائف من المرأة التي سوف يقضي معها في ممارسة الجنس أن لا تواظب على ذلك، واحتار في ذلك، إن هو دفع الأجرة كاملة مقدماً فربما لا تقضي الفترة كاملة، وبعد ذلك يتحسر على فعلته، ففكر في تجزئة المبلغ، واستشار إمامه المعصوم!! في حالته، فأذن له بتجزئته: 
عن عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أتزوج المرأة شهراً فتريد منّي المهر كاملاً، وأتخوف أن تخلفني؟  قال: يجوز أن تحبس ما قدرت عليه، فإن هي أخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك (6) .
وأيضأ عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: 
قلت له: أتزوج المرأة شهراً فأحبِسُ عنها شيئاً ؟ 
فقال: نعم، خذ منها بقدر ما تخلفك إن كان نصف شهر فالنصف، وإن كان ثلثاً فالثلث  (7) .
وعن إسحاق بن عّمار قال: 
قلت لأبي الحسن عليه السلام: يتزوج المرأة متعة!! تشترط له أن تأتيه كل يوم حتى توفيه شرطه، أو يشترط أياماً معلومة تأتيه، فتغدر به فلا تأتيه على ما شرطه عليها، فهل يصلح له أن يحاسبها على ما لم تأته من الأيام فيحبس عنها بحساب ذلك ؟ 
قال: نعم. ينظر إلى ما قطعت من الشرط فيحبس عنها من مهرها!! مقدار ما لم تف ماله خلا أيام الطمث فإنها لها, ولا يكون لها إلاّ أحلّ له فرجها  (8) .
وعن عمر بن حنظلة قال: 
قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أتزوج المرأة شهراً بشيء مسمى فتأتي بعض الشهر ولا تفي ببعض ؟ 
قال: يحبس عنها من صداقها مقدار ما احتبست عنك إلا أيام حيضها فإنها لها  (9) .
وفي حالة إن علم أن لها زوجاً مقيماً معها بعد الدخول بها، وقد أعطاها بعض أجرتها، وأخر الباقي، فما الحكم في ذلك من واقع الدين الشيعي ؟ الحكم بأنه لا يعطيها ما تبقى من أجرة جسدها، لأنها على حد زعم الشيعة عصت اللّه تعالى. 
عن حفص بن البَخْتري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: 
إذا بقي عليه شيء  من المهر، وعلم أن لها زوجاً، فما أخذته فلها بما استحلّ من فرجها، ويحبس، عليها ما بقي عنده  (10) .
وعن علي بن أحمد بن أشيم قال: كتب إليه الريان بن شبيب - يعني أبا الحسن عليه السلام: 
الرجل يتزوج المرأة متعة، بمهر معلوم إلى أجل معلوم، وأعطاها بعض مهرها، وأخّرته بالباقي، ثم دخل بها، وعلم بعد دخوله بها، قبل أن يوفيها باقي مهرها، أنها زوّجته نفسها ولها زوج مقيم معها، أيجوز له حبس باقي مهرها أم لا يجوز ؟ فكتب: لا يعطيها شيئاً لأنها عصت اللّه عز وجل  (11) .
وهل يوجد دليل أوضح من هذا، على أن المتعة عند الشيعة ما هي إلا زنا صريح، والمتعة ما هي إلا الوجه الآخر للزنا، وهما وجهان لعملة واحدة.  
ثالثاً: جواز التمتع بالمرأة الواحدة مراراً كثيرة:


عند الشيعة يجوز للرجل أن يتمتع بالمرأة الواحدة عدة مرات، وإن بلغت الألف، وإن ترادف عليها مئات الرجال. ولا ضير في ذلك، فإنها بغي مباحة للجميع. ولا بأس بالرجوع إليها كلما كان مسعوراً، ويرغب في ممارسة الرذيلة، وهل دين الشيعة إلا شيوعية الجنس!
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: 
قلت له: الرجل يتزوج المتعة، وينقضي شرطها، ثم يتزوجها رجل آخر حتى بانت منه، ثم يتزوجها الأول حتى بانت منه ثلاثاً، وتزوجت ثلاثة أزواج, يحلّ للأول أن يتزوجها ؟ 
قال: نعم، كما شاء, ليس هذه مثل الحُرة، هذه مستأجرة وهي بمنزلة الإِماء  (1) .
وعن أبان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام: في الرجل يتمتع من المرأة المرّات. 
قال: لا بأس يتمتع منها ما شاء  (2) .
وعن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: 
سألته عن رجل تزوج امرأة متعة، كم مرة يرددها ويعيد التزويج ؟ 
قال: ما أحبّ  (3) .
فالتمتع بالزانيات لا حدّ له، وإن ترادف عليها آلاف الرجال، وكيف يزعمون أنها زوجة ويمكنه إعادتها بعد الرابعة بل المائة ؟ 
رابعاً: من أراد التجديد فليزد
إذا أراد المتمتع أن يستأنف الدخول بالمتمتَّع بها بعد انتهاء المدة، فيجب عليه أن يزيد من أجرتها وليس له عليها عدة, وذلك لأن المدة قد انتهت فتطوى صفحة من إجارة جسد المرأة وتبدأ أخرى. 
عن أبي بصير قال: لا بأس أن تزيدك وتزيدها إذا انقطع الأجل فيما بينكما، تقول لها: استحللتك!! بأجل آخر. برضا منها، ولا يحل ذلك لغيرك حتى تنقضي عدتها  (4) .
وعن ابن أبي عفير، عمن رواه!! قال: إذا تزوج الرجل المرأة متعة كان عليها عدة لغيره، فإذا أراد هو أن يتزوجها لم يكن عليها عدة، يتزوجها إذا شاء  (5) .
وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: فإذا جاء الأجل يعني في المتعة كانت فرقة بغير طلاق، فإن شاء أن يزيد فلا بد أن يصدقها شيئا قلّ أو كثر  (6) .
وعن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام في كتابه إليه: 
وأما ما ذكرت أنهم يترادفون المرأة الواحدة  (7) فأعوذ باللّه أن يكون ذلك من دين اللّه ودين رسوله. إنما دينه أن يحلّ ما أحلّ اللّه، ويحرم ما حرّم الله، وإن مما أحلّ الله المتعة من النساء في كتابه!! والمتعة من الحج، أحلهما الله ولم يحرمهما!! فإذا أراد الرجل المسلم أن يتمتع من المرأة!! فعل ما شاء الله وعلى كتابه وسنة نبيه نكاحاً ؟! غير سفاح ما تراضيا على ما أحبّا من الأجر، كما قال الله عز وجل!!: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ  [النساء: 24]  (8) إنْ هما أحبّا مدّا في الأجل على ذلك الأجر أو ما أحبا في آخر يوم من أجلها قبل أن ينقضي الأجل مثل غروب الشمس مدّا فيه وزادا في الأجل ما أحبّا, فإن مضى آخر يوم منه لم يصلح إلا بأمر مستقبل، وليس بينهما عدّة إلا لرجل سواه, فإنْ أرادت سواه, اعتدت خمسة وأربعين يوماً، وليس بينهما ميراث، ثم إن شاءت تمتعت من آخر, فهذا حلال لها!! إلى يوم القيامة إن شاءت تمتعت منه أبداً، وإن شاءت من عشرين بعد أن تعتد من كل من فارقته خمسة وأربعين يوماً، كل هذا لها حلال على حدود اللّه التي بينها على لسان رسوله، ومن يتعدّ حدود اللّه فقد ظلم نفسه  (9) .  
رابعاً: لا ميراث في المتعة


في الدين الشيعي لا ترث الزانية من الزاني وفي اصطلاح الشيعة المتمتَّع بها من المتمتع: 
عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه!! عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث المتعة قال: إن حدث به ما حدث لم يكن لها ميراث  (1) .
وعن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة متعة! ولم يشترط الميراث ؟ قال: ليس بينهما ميراث اشترط أو لم يشترط  (2) .
وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ولا ميراث بينهما في المتعة إذا مات واحد منهما في ذلك الأجل  (3) .  
خامسا: التمتع بالأبكار:


الشيعة تجوّز التمتع بالبكر دون الحاجة إلى أخذ موافقة وليّها أو إذن أبيها: عن زياد بن أبي الحلال قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا بأس أن يتمتع بالبكر ما لم يُفْض إليها كراهية العيب على أهلها (1) .
بمقتضى هذه الرواية بجواز التمتع بالبكر ولكن دون فضّ بكارتها أو بمعنى آخر له الحق في إتيانها من الدبر، وذلك لولع القوم بهذا الشذوذ، وقد وردت روايات كثيرة بهذا الشأن عند الشيعة إن هي اشترطت عليه أو خشيت الفضيحة وجلب العار لأهلها. 
عن محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابه!! عن أبي عبد الله عليه السلام في البكر يتزوجها الرجل متعة ؟!! قال: لا بأس ما لم يفتضّها  (2) .
وفي رواية أخرى عن أبي سعيد القماط عمن رواه!! قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جارية بكر بين أبويها تدعوني إلى نفسها سراً من أبويها أفأفعل ذلك ؟ قال: نعم, واتق موضع الفرج. قال: قلت: فإن رضيت بذلك ؟ قال: وإن رضيت فإنه عار على الأبكار  (3) سبحان اللّه عار عليهن في أن يؤتين من القبل وليس بعار في أن يؤتين من الدبر!!
ولا تخلو مسألة من المسائل عند الشيعة من التناقض، بينما يبيحون التمتع بالأبكار توجد روايات تكره التمتع بهن: عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج البكر متعة؟ قال: يكره للعيب على أهلها  (4) .
بينما في رواية أخرى: عن محمد بن عذامز عمن ذكره!! عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن التمتع بالأبكار ؟ فقال: هل جعل ذلك إلا لهن فليستترن وليستعففن  (5) .
وفي رواية أخرى تنهى عن ذلك: عن أبي بكر الحضرمي قال: 
قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا بكر إيّاكم والأبكار أن تزوجوهن متعة  (6) . وفي رواية أخرى عن عبد الملك بن عمرو قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة ؟ فقال: إن أمرها شديد فاتقوا الأبكار  (7).  
سادساً: جواز التمتع بالمتزوجات


لا يوجد في دين من الأديان ولا في مذهب من المذاهب نص يبيح للرجل أن يتزوج امرأة متزوجة إلا في مذهب مزدك وماركس وذلك لشيوعية الجنس وإباحيته عندهما. لأن ذلك من الرذائل التي لا ينبغي للإِنسان إتيانها. وقد تعجب أخي القارئ إن ذكرت لك أن الدين الشيعي يبيح ذلك وينصح أتباعه بإتيانه, ولكن يزول ذلك إن وقفت على مروياتهم في هذا الشأن, فكتبهم مليئة بهذه النماذج. ورغبة منّا في إيضاح ذلك من منطلق علمي نورد بعض مروياتهم وإليك بعضها عن يونس بن عبد الرحمن عن الرضا عليه السلام قال: 
قلت له: المرأة تتزوج متعة فينقضي شرطها، وتتزوج رجَلاً آخر قبل أن تنقضي عدتها ؟ 
قال: وما عليك، إنما إثم ذلك عليها  (1) .
وعن فضل مولى محمد بن راشد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: 
قلت: إني تزوجت امرأة متعة!! فوقع في نفسي أن لها زوجاً ففتشت عن ذلك فوجدت لها زوجاً, قال: ولم فتشت  (2) ؟.
فإمام الشيعة المعصوم ؟! استنكر تفتيش الشيعي عن بعل المتمتع بها لأن ذلك جائز في الدين الشيعي, وما دام الأمر كذلك, فالبحث والسؤال منهي عنه لأنه في طاعة, كما تزعم الشيعة ألا ساء ما يَزرون!
وعن مهران بن محمد عن بعض أصحابه ؟! عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قيل له: إن فلانَاً تزوج امرأة متعة ؟! فقيل له: إن لها زوجاً فسألها. 
فقال أبو عبد الله عليه السلام: ولم سألها  (3) ؟.
وعن محمد بن عبد الله الأشعري قال: 
قلت! للرضا عليه السلام: الرجل يتزوج بالمرأة فيقع في قلبه أن لها زوجاً ؟ 
فقال: وما عليه ؟ أرأيت لو سألها البينة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج
سابعاً: التمتع بالزانيات


عن زرارة قال: سأله  (1) عمّار وأنا عنده, عن الرجل يتزوج الفاجرة متعة ؟
قال: لا بأس. وإن كان التزويج الآخر، فليحصن بابه  (2) .
وعن علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: نساء أهل المدينة  (3) ؟
قال: فواسق. 
قلت: أفأتزوج منهن  (4) ؟
قال: نعم  (5) .
وعن إسحاق بن جرير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور أيحل أن أتزوجها متعة ؟!
قال: فقال: رفعت راية  (6) ؟
قلت: لا. لو رفعت راية أخذها السلطان  (7) .
قال: نعم تزوجها متعة!! 
قال: ثم أصغى إلى بعض مواليه، فأسرّ إليه شيئاً. فلقيت مولاه. 
فقلت له: ما قال لك ؟ 
فقال: إنما قال لي: ولو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شيء, إنما يخرجها من حرام إلى حلال  (8) !!
وعن الحسن بن ظريف قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام  (9) : قد تركت التمتع ثلاثين سنة  (10) ثم نشطت لذلك  (11) وكان في الحي امرأة وُصِفت لي بالجمال، فمال قلبي إليها، وكانت عاهراً  (12) لا تمنع يد لامس فكرهتها  (13) ثم قلت: قد قال الأئمة عليهم السلام: تمتع بالفاجرة فإنك تخرجها من حرام إلى حلال. فكتبت إلى أبي محمد عليه السلام أشاوره في المتعة!! وقلت أيجوز بعد هذه السنين أن أتمتع  (14) ؟ فكتب: إنما تُحيي سنة وتميت بدعة فلا بأس  (15) !!
فهذه أخي القارئ نماذج من مرويات الشيعة حول التمتع بالعاهرات، ولا ندري ما الفرق بين المتعة وبين الزنا وهما في الحقيقة وجهان لعملة واحدة، هي إشباع الرغبات الجنسية دون ضابط أو رابط. ودين الشيعة مليء بالمتناقضات، فتارة يرون جواز التمتع بالعاهرات، وتارة أخرى يُحرم عليهم ذلك, وأن فاعلها زان، فيذكرون أن محمد بن إسماعيل قال: 
سأل رجل!! أبا الحسن الرضا عليه السلام وأنا أسمع عن رجل يتزوج المرأة متعة!! ويشترط عليها أن لا يطلب ولدها  (16) إلى أن قال: فقال: لا ينبغي لك أن تتزوج إلا بمؤمنة أو مسلمة  (17) فإن الله عز وجل يقول: الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ[ النــور:3]  (18) .  
ثامناً: جواز الاستمتاع بالدبر دون الفرج في المتعة:


من شدة ولع الشيعة بنكاح الدبر أجازوا فعل ذلك في المتعة، إن اشترطت عليه. وهذا شذوذ من نساء الشيعة وحماقة تضاف إلى حماقات الشيعة وسخافاتهم.
عن عمار بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: 
قلت: رجل جاء إلى امرأة فسألها أن تزوجه نفسها  (1) .
فقالت: أزوجك نفسي على أن تلتمس مني ما شئت من نظر والتماس، وتنال مني ما ينال الرجل من أهله إلا أن لا تدخل فرجك في فرجي وتتلذذ بما شئت فإني أخاف الفضيحة. 
قال: ليس له إلا ما اشترطت  (2) .
ما شاء اللّه كيف تخشى الفضيحة وقد باعت جسدها لمسعور ؟ وكيف تخشى الفضيحة وهي تمكن رجلاً غريباً من الاستمتاع بها مقابل دريهمات معدودة ؟ وما هو مقياس الحياء عند نساء الشيعة ؟ أفتونا يا حاخامات قم والنجف وذلك لأن مقياس الشرف والعفة مختلف فيه، بانتظار إجابتكم، راجين لكم دوام العفة والطهر ولنسائكم. 
فالمتعة عند الشيعة ما هي إلا وجه آخر لعملة الزنا والإباحية الجنسية, وفي ذلك يقول د. محمد الأحمدي أبو النور: هكذا لا ولي ولا شهود، بل حرية للمرأة في أن تلبي داعي الجنس مع من تشاء وبما تشاء، وفي المدة التي ترتضيها، لتجدد المدة مرة أخرى، أو لتبحث عن صيد جديد وأجر آخر لمدة أخرى في سوق المتعة ؟!
ولا نفقة! بل أجر كالجُعْل والهدية التي يقدمها الرجل لخليلته وصديقته نظير متعته، والعلاقة مادية صرفة, فلو أخلت ببعض المدة أخذ منها بعض الأجر. ولا طلاق ولا ميراث.. إذن لا زوجية ؟!
ولا حد لمن يريد أن يستمتع بهن في مدة واحدة - ولا حرمة بين المرأة وعمتها أو خالتها إذا أراد أن يجمع بينهما!
ولا نسب يلتحق إجباراً.. ولا علاقات إنسانية، ولا التزامات أسرية، ولا نظر إلى تكوين لبنة قوية من وراء هذه العلاقة لمجتمع قوي، بل إباحية وشيوعية للمتعة ما كان يحلم بها ( مزدك ) لأنها تريد أن تتزيا بزي الشرع والقانون  (3) .  
المطلب الخامس: مرويات مكذوبة في التمتع:


فمن أكاذيبهم الشنيعة الخبيثة عليه صلى الله عليه وسلم ما ينسبونه إليه زورا وبهتانا أنه قال:
((من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع)) ("تفسير منهج الصادقين" للملا فتح الله الكاشاني - فارسي 2/ 489).
وأقبح منه وأشنع ما افتروا عليه بأنه قال عليه الصلاة والسلام:
((من تمتع مرة واحدة عتق ثلثه من النار ومن تمتع مرتين عتق ثلثاه من النار ومن تمتع ثلاث مرات عتق كله من النار)) (تفسير منهج الصادقين 2/492 نقلاً من "حضرة من خصه الله باللطف الأبدي، خاتم مجتهدي الإمامية بالتوفيق السرمدي، الغريق في بحار رحمة الله الملك الشيخ علي بن عبد العالي روّح الله روحه" في رسالته التي كتبها في باب المتعة).
فانظر إلى القوم ما أقبحهم وأكذب بهم، وما ألعنهم وأبعد بهم من الشريعة الإسلامية الغراء، وتعاليمها النقية البيضاء، وما أجرأهم على الملذات والشهوات التي أصبغوا عليها صبغة الدين والشريعة، وما أشجعهم على الافتراء على رسول الله الصادق الأمين، الناهي عن المنكرات، والمحترز المجتنب عن السيئات؟
والقوم لا يريدون من وراء ذلك إلا أن يجعلوا دين الله الخالد لعبة يلعب بها الفساق والفجار، ويسخر به الساخرون والمستهزؤن نقمة عليه, التي ورثوها من اليهودية البغضاء التي أسست هذه العقائد وهذا المذهب - انظر لتحقيق وتثبيت ذلك في كتابنا (الشيعة والسنة)-، وإلا فهل من المعقول أن ديناً من الأديان يحرر متبعيه من الحدود والقيود, ومن الفرائض والواجبات, والتضحيات والمشقات، ويجعل نجاتهم من عذاب الله وفوزهم بنيل الجنة في طاعة الشهوات والملذات؟ -وهذا ليس من المبالغات والمجاذفات بل من الحقائق الثابتة التي لا غبار عليها -.
والشيعة أعداء أهل البيت وسيد أهل البيت وإمامهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتفوا بهذا الكذب ولم يقتنعوا به، بل زادوا وبالغوا حتى بلغوا حد الإساءة والإهانة حيث قالوا - نستغفر الله ونتوب إليه من نقل هذا الكفر-:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من تمتع مرة أمن من سخط الجبار ومن تمتع مرتين حشر مع الأبرار ومن تمتع ثلاث مرات زاحمني في الجنان)) ("تفسير منهج الصادقين" 2/ 493).
ولا هذا فحسب بل صرحوا بأسماء أهل البيت وشخصياتهم الذين جعلوهم غرضاً لأسنتهم المشرعة،ولسهامهم المطلقة، وسيوفهم المشهرة، وما أقبح التعبير وما أفظع الكذب والبهتان، فيفترون على نبي الله الطاهر المطهر صلوات الله وسلامه عليه أنه قال:
((من تمتع مرة كان درجته كدرجة الحسين عليه السلام - الإمام الثالث المعصوم حسب زعمهم - ومن تمتع مرتين كان درجته كدرجة الحسن عليه السلام - الإمام الثاني المعصوم المزعوم - ومن تمتع ثلاث مرات كان درجته كدرجة علي بن أبي طالب عليه السلام الإمام المعصوم الأول لديهم، ختن رسول الله وابن عمه - ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي)) ("تفسير منهج الصادقين" 2/ 493). (وما معنى لقول قائل: أهل النجف خاصة، وكل بلاد الشيعة يرون المتعة عيباً وإن كانت حلالاً" و"الشيعة في كل مكان ترى المتعة عيباً وإن كانت حلالاً وليس كل حلال يفعل" (أعيان الشيعة للسيد محسن أمين ص159). مع أقوال الأئمة التي ذكرت من وجوب المتعة والثواب عليهما، فمن الصادق، هذا أو أئمته؟ ولا ينبئك مثل خبير.  
فانظر إلى الأكاذيب التي نسجت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والافتراءات التي تقولت عليه، وإلى عمارة الإسلام كيف هدمت، وإلى الشريعة أنها كيف عطلت، وإلى أهل بيت النبوة أنهم كيف أهينوا وجعلوا مساوين لأهل الأهواء والهوس، وكيف عدلوا بالفسقة والفجرة؟
أو بعد ذلك يدعي القوم بأنهم محبون لأهل البيت وموالون لهم؟
هذا وللقوم شنائع في هذه المسألة وقبائح، وافتراءات وبهتانات على أهل البيت وسادتهم نورد منها طرفاً.
منها ما اخترعوه ونسبوه إلى محمد الباقر - الإمام الخامس عندهم - أنه قال:
إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به إلى السماء قال: لحقني جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد! إن الله تبارك وتعالى يقول: إني قد غفرت للمتمتعين من أمتك من النساء" (من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق - وهو الكذوب- 3/463).
وذكر الطوسي مفترياً على أبي الحسن - الإمام العاشر عند الشيعة - أنه قال له علي السائي: جعلت فداك، إني كنت أتزوج المتعة فكرهتها وتشاءمت بها فأعطيت الله عهداً بين الركن والمقام وجعلت على ذلك نذراً وصياماً أن لا أتزوجها ثم إن ذلك شق علي وندمت على يميني، ولكن بيدي من القوة ما أتزوج في العلانية، فقال لي:
عاهدت الله أن لا تطيعه! والله لئن لم تطعه لتعصينه" (تهذيب الأحكام للطوسي - أحد الصحاح الأربعة - 7/ 251. والفروع من (الكافي) 5/450).
وأيضاً رووا عن أبي عبد الله جعفر الصادق - وهم يكذبون عليه - أنه قال:
المتعة نزل بها القرآن وجرت بها السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم  (الاستبصار للطوسي 3/ 142 باب تحليل المتعة).
كما كذبوا على علي بن أبي طالب  رضي الله عنه أنه قال: "لولا ما سبقني به ابن الخطاب يعني عمر ما زنى إلا شقي". (البرهان في تفسير القرآن للبحراني 1/360، وتفسير العياشي 1/233, وتفسير الصافي 1/347 , و(الكافي) للكليني 5/ 448 , ومجمع البيان للطبرسي ص32 واللفظ للأول).
وحكوا في ذلك قصة طريفة تنبئ عما تخفيه الصدور، والراوي هو محدث القوم الكبير محمد بن يعقوب الكليني عن رجل من قريش أنه قال: بعثت إلي ابنة عمة لي كان لها مال كثير قد عرفت كثرة من يخطبني من الرجال فلم أزوجهم نفسي، وما بعثت إليك رغبة في الرجال غير أنه بلغني أنه أحلها الله عز وجل في كتابه وبينها الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته فحرمها زفر - يعني عمر كما صرح به في الهامش - فأحببت أن أطيع الله عز وجل فوق عرشه، وأطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعصي زفر، فتزوجني متعة، فقلت لها: حتى أدخل على أبي جعفر عليه السلام فأستشيره، فدخلت عليه فخبرته، فقال: افعل، صلى الله عليكما من زوج" ("الفروع من (الكافي)" للكليني باب النوادر 5/ 465).
وشددوا في التحريض على هذه القبيحة حتى نسبوا إلى جعفر بن محمد الباقر أنه قال:
ليس منا من لم يؤمن بكرتنا - رجعتنا - ويستحل متعتنا" (كتاب الصافي) للكاشاني 1/ 347، أيضاً "من لا يحضره الفقيه" 3/ 458).  
موقف الصحابة رضي اللّه عنهم من نكاح المتعة والرد على من أنكر التحريم:


1- عن عمر  رضي الله عنه أنه قال: ( متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما، متعة الحج ومتعة النساء)  (1) ...
2 - الحسن بن محمد بن علي وأخوه عبد الله عن أبيهما. أن علياً  رضي الله عنه قال لابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر  (2) .
3 - عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: رخَّص رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم عام أوطاس  (3) في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها  (4) .
4 - عن الرَّبيع بن سَبْرة الجُهني عن أبيه سبرة أنه قال: ((أذن لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمتعة، فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر كأنها بكرة عيْطاء ، فعرضنا عليها أنفسنا، فقالت: ما تُعطي ؟ فقلت: ردائي، وقال صاحبي: ردائي، وكان رداء صاحبي أجود من ردائي وكنت أشَبَّ منه، فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها، وإذا نظرت إليَّ أعجبتها، ثم قالت: أنت ورداؤك يكفيني. فمكثت معها ثلاثاً، ثم إنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال:  مَنْ كان عنده شيء  من هذه النساء التي يتمتع فليخل سبيلها ))  (5) .
5 - عن الربيع بن سَبْرة الجُهني أنَّ أباه حدّثه أنه كان مع رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم فقال: (( أيها الناس إني قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإنَّ اللّه قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء  فليُخَلِّ سبيلَه ولا تأخذوا ممّا آتيتموهن شيئَاً ))  (6) .
6 - عن عبد الملك بن الربيع بن سَبْرة الجُهني عن أبيه عن جده قال: أمرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها  (7) .
7 - عن الربيع بن سَبْرة الجُهني عن أبيه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وقال: (( ألا إنّها حرامٌ من يومكم هذا إلى يوم القيامة، ومن كان أعطى شيئاً فلا يأخذه ))  (8) .
8 - عن عبد الرحمن بن نُعيم الأَعْرَجي قال: سأل رجلٌ ابن عمر وأنا عنده عن المتعة - متعة النساء فغضب وقال: واللّه ما كنا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم زنائين ولا مسافحين))  (9) .
9 - عن موسى بن أيوب عن عمه علي عن علي ابن أبي طالب  رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المتعة. فقال: ( إنها كانت لمن لم يجد فلما أنزل اللّه تعالى النكاح والطلاق والميراث بين المرأة وزوجها نسخت)  (10) .
10 - عن الربيع بن سبرة عن أبيه قال: خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من المدينة في حجة الوداع، حتى إذا كنا بعسْفان، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (( إن العمرة قد دخلت في الحج، فقال له سراقة: يا رسول الله علِّمنا تعليم قوم كأنما ولدوا اليوم، عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ فقال: بل للأبد. فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة، ثم أمرنا بمتعة النساء. فرجعنا إليه فقلنا: أن قد أبينَ إلاّ إلى أجل مسمى. قال: فافعلوا. 
قال: فخرجت أنا وصاحب لي، عليّ برد وعليه بُرد، فدخلنا على امرأة، فعرضنا عليها أنفسنا، فجعلت تنظر إلى برد صاحبي فتراه أجود من بُردي، وتنظر إليّ فتراني أشبّ منه. فقالت: بُرد مكان بُرد، واختارتني فتزوجتها ببردي، فبتّ معها تلك الليلة. فلما أصبحت غدوت إلى المسجد، فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على المنبر يقول: من كان تزوج امرأة إلى أجل فليعطها ما سمى لها، ولا يسترجع مما أعطاها شيئاً، ويفارقها، فإن اللّه عز وجل قد حرّمها عليكم إلى يوم القيامة ))  (11) .
وكان التابعون يسمون المتعة الزنا الصريح، فقد ذكر سعيد بن منصور في (سننه ) (أن عروة بن الزبير كان ينهى عن نكاح المتعة ويقول: هي الزنا الصريح)  (12) .
وأخرج ابن أبي شيبة عن هشام بن الغار قال: (سمعت مكحولاً يقول في الرجل تزوج المرأة إلى أجل، قال: ذلك الزنا)  (13) .
وأيضاً في ( المصنف 7/502- 503) عن معمر عن الزهري عن القاسم بن محمد قال: إني لأرى تحريمها في القرآن. قال: فقلت: أين ؟ فقرأ عليّ هذه الآية: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ  إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المؤمنون: 5-6]  (14) .
ويذكر لنا الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد  14/199), وابن خلّكان في (وفيات الأعيان  5/199)، موقف القاضي الفقيه يحيى بن أكثم من المأمون عندما نادى بتحليل المتعة: عن محمد بن منصور واللفظ لأبي العَيْناء قال: 
كنّا مع المأمون في طريق الشام، فأمر فنودي بتحليل المتعة. 
فقال يحيى بن أكثم لي ولأبي العَيْناء: بَكّرا غداً إليه فإن رأيتما للقول وجهاً فقولا وإلا فاسكتا إلى أن أدخل.. فدخلا عليه في حال غيظه فسكتا. 
فجاء يحيى بن أكثم فجلس وجلسنا. فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيراً ؟ فقال: هو غم يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام قال: وما حدث فيه ؟ قال: النداء بتحليل الزنا. قال: الزنا ؟! قال: نعم المتعة زنا. قال: ومن أين قلت هذا ؟ قال: من كتاب الله عز وجل وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: قدْ أفْلَحَ المُؤْمِنُونَ... إلى قوله: فمَن ابْتغى وَراء ذلِكَ فَأولئِكَ هُمُ العَادُون[المؤمنون:1-7 ] يا أمير المؤمنين زوجة المتعة ملك يمين ؟ قال: لا. قال: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث وتلحق الولد ولها شرائطها ؟ قال: لا. قال: قد صار متجاوز هذين من العادين. 
وهذا الزهري يا أمير المؤمنين روى عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما محمد بن علي عن علي بن أبي طالب  رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان أمر بها. 
فالتفت إلينا المأمون فقال: أمحفوظٌ هذا من حديث الزهري ؟ 
فقلنا: نعم يا أمير المؤمنين.. رواه جماعة منهم مالك رضي الله عنه. فقال: أستغفر الله نادوا بتحريم المتعة فنادوا بها...  
 موقف آل البيت من نكاح المتعة:


وبعد أن أوضحنا موقف الصحابة رضي اللّه عنهم من نكاح المتعة ألا وهو التحريم تبعاً لتحريم النبي صلى الله عليه وسلم، نجد أن موقف بيت النبوّة من هذا النكاح موافق لموقف الصحابة، وقد وردت عنهم عدة روايات في هذا الشأن نوردها للقراء الكرام من المراجع الشيعية لئلا يقال: إن هذا إفك مبين. 
فيذكر الطوسي في كتابيه ( التهذيب  2/ 186) و ( الاستبصار 3/142) والحر العاملي في (وسائل الشيعة 14/ 441): 
عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: 
حرّم رسول الله صلى اللّه عليه وسلم يوم خيبر لحوم الحُمُرِ الأهلية ونكاح المتعة. والعجيب أن الحر العاملي عقب على هذه الرواية قائلاً: 
حمله الشيخ ( يقصد الطوسي ) وغيره على التقية، يعني في الرواية، لأن إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإِمامية. اهـ. 
ونحن لا نسلّم بأنها وردت مورد تقية, وذلك لوجود عدة روايات عن أهل البيت رضوان الله عليهم تحرّم ذلك. 
ثم إن الشيعة حسب قول بعض علمائهم لم تستطع تمييز الأخبار الصادرة تقيّة والأخبار المتيقن صدورها عنهم، وفي ذلك يقول يوسف البحراني في كتابه ( الحدائق1/5 - 6 ): فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل لامتزاج أخباره بأخبار التقيّة، كما اعترف بذلك محمد بن يعقوب الكليني في جامعه ( (الكافي) ). 
وعن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتعة. 
فقال: ما أنت وذاك قد أغناك اللّه عنها  (1) .
فالإِمام المعصوم!! زجر السائل عن المتعة، خاصة وأنه متزوِج زواجاً دائماً، فالمتعة في هذه الحالة لا تجوز. والشيعة تزعم أن جعفراً الصادق  رضي الله عنه قال: 
إني لأكره للرجل المسلم أن يخرج من الدنيا وقد بقيت عليه خلّة من خلال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لم يقضها  (2) . قال ذلك عندما سئل عن المتعة!! فكيف يمكن أن نوفق بين الروايتين أو قول المعصومين ؟!، إمام ينهى عن ذلك وآخر يأمر بإتيانه ؟!
ثم إن الصادق الذي. ينسبون له القول بحلّية المتعة نجده يُوَبّخ أصحابه بارتكابهم هذه الفاحشة فيقول: 
أما يستحي أحدكم أن يرى في موضع العورة، فيحمل ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه  (3) .
وعدّ النساء اللواتي يفعلن ذلك بأنّهنّ فواجر: عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: 
ما تفعلها عندنا إلا الفواجر  (4) .
وَعَدّ اقتراف المتعة بأنها تدنيس النفس: عن عبد الله بن سنان قال: 
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة. فقال: لا تُدَنس نفسك بها  (5) .
ولم يكتف الصادق بالزجر والتوبيخ لأصحابه في ارتكابهم الفاحشة، بل إنه صرّح بتحريمها: عن عمّار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لي ولسليمان بن خالد: قد حرّمت عليكما المتعة  (6) .
فكيف يمكن للصادق أن يحرّم المتعة على أتباعه ؟ وهو القائل كما تزعم الشيعة: ما من رجل تمتع، ثم اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه سبعين ملكاً يستغفرون له إلى يوم القيامة، ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة  (7) .
وأيضاً: يستحب للرجل أن يتزوج المتعة، وما أحبَ للرجل منكّم أن يخرج من الدنيا - حتى يتزوج المتعة ولو مرة  (8) .
ولقد أقرّ الصادق أن المتعة زنا: قيل لأبي عبد الله عليه السلام: لِمَ جُعِل في الزنا أربعةٌ من الشهود وفي القتل شاهدان ؟ 
قال: إن اللّه أحلّ لكم المتعة، وعلم أنها سَتُنكر عليكم، فجعل الأربعة الشهود احتياطاً لكم، ولولا ذلك لأتي عليكم، وقلما يجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد  (9) .
فهذا إقرار صريح من الصادق بأن المتعة زنا، ولو لم يكن كذلك فلماذا لو اجتمع أربعة شهود وشهدوا بأن فلاناً تمتع يقام عليه حدّ الزنا ؟ وما دام ذلك حلالاً فلا ضَيْر لو اجتمع ألف شاهد وشاهد على ذلك وهو حلال. 
وتذكر الشيعة أن أبا جعفر أعرض عن السائل الذي ناقشه في المتعة حينما ذكر نساءَه وبنات عمه. 
عن زُرارة قال: جاء عبد الله بن عمير الَّليثي إلى أبي جعفر عليه السلام فقال: 
 ما تقول في متعة النساء ؟ 
فقال: أحلّها الله في كتابه وعلى سُنّة نبيه، فهي حلال إلى يوم القيامة. 
فقال: يا أبا جعفر مثلك يقول هذا، وقد حرّمها عمر ونهى عنها  (10) .
فقال: وإن كان فعل. 
فقال: إنّي أعيذك باللّه من ذلك أن تحلّ شيئاً حرّمه عمر. 
فقال: فأنت على قول صاحبك، وأنا على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهلمّ أُلاعنك أنّ الحقّ ما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأنّ الباطل ما قال صاحبك. 
قال  (11) : فأقبل عبد الله بن عمير فقال: يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن  (12) ؟
قال  (13) : فأعرض عنه أبو جعفر عليه السلام حين ذكر نساءَه وبنات عمه  (14) .
وإذا كانت المتعة حلالاً فلماذا لا يرتضيها الإِمام التاسع عندهم: محمد بن علي بن موسى لأهله ؟ أيحلّها لأتباعه ولا يجوّزها لأهل بيته ؟ وهل يوجد دليل - وهم مُقرّون به - أبلغ من هذا على كراهة أهل الييت للمتعة ؟ 
ونجد أيضاً إمامهم الثامن علي بن موسى الرضا يتذمر من أتباعه بإلحاحهم عليه بالإذن في نكاح المتعة، وكان سبب عدم إِذنه لهم خشيته من نساء الشيعة أن يكفرن ويلعن من أباح المتعة لانشغال رجالهن بالمتعة عنهن. 
عن محمد بن الحسن بن شمون قال: كتب أبوالحسن عليه السلام إلى بعض مواليه: لا تلحوا علي المتعة، إنما عليكم إقامه السنة فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم، فيكفرن ويتبرّين ويدعين على الآمر بذلك ويلعنَّنا.
فالروايات السابقة - وهي من روايات الشيعة - تبين لنا بوضوح أن أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم لا يرتضون هذا النكاح الفاسد وأنهم ينهون عنه ولا يجوّزونه, وأما مخالفة الشيعة لأهل البيت في هذه المسألة فلا قيمة لها، لأنهم يعشقون هذه المخالفة، والذي يستقرئ التاريخ يجد أن الشيعة عبر عصورها لم تُخلص الولاء لآل البيت كما تدعيه، بل إنهم وبال عليهم.  
عشر: إعارة الفروج تحت ستار المتعة:


إعارة الفروج أو نستطيع تسميتها بشيوعية وإباحية الجنس وهذا المبدأ ثابت في مراجعهم المعول عليها لديهم.. ولا داعي في الاسترسال ولنستعرض بعض الروايات الدالة على شيوعية الجنس عندهم تحت ستار المتعة: 
عن سيف بن عميرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بأن يتمتع بأمة المرأة بغير إذنها، فأما أمة الرجل فلا يتمتع بها إلا بأمره  (1) .
وعن ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: لا يتمتع بالأمة إلا بإذن أهلها  (2) 
وعن عيسى بن أبي منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بأن يتزوج الأمة متعة بإذن مولاها  (3) .
عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال: 
سألته عمن يتمتع بالأمة بإذن أهلها ؟ قال: نعم. إن اللّه عز وجل يقول: فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ[النساء:25]  (4) .
وهذا وهم وخيال من الإِمام المعصوم! - إنْ صحّت الرواية - بل هو جهل فاضح بحقيقة الإِسلام. كيف يمكن أن يأمر اللّه تعالى بالزنا وقد حرمه في كتابه الكريم، وهذه الآية الكريمة في الزواج الشرعي لا في العهر والفجور تحت ستارالمتعة ؟! والمتعة عند الشيعة لا تحتاج إلى الإذن والولي، فكيف يفسر هذا الإمام بأن هذه الآية تخص المتعة ؟
ومسألة إعارة الفروج ليست مقتصرة على المتعة، بل إنها معتادة يعملون بها وقت ما يشاؤون، وقد ورد في كتبهم العديد من الروايات نذكر بعضها على سبيل المثال: 
1 - عن الحسن العطار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن عارية الفرج ؟ 
فقال: لا بأس به. 
قلت: فإن كان منه الولد ؟ 
قال: لصاحب الجارية إلا أن يشترط عليه  (5) .
ونحن نتساءل ما الفرق بين هذا وبين نكاح الاستبضاع السائد في الجاهلية ؟ وهل أصبح هذا الشيعي إلا كالتيس المستعار!
2 - عن عبد الكريم عن أبي جعفر عليه السلام قال: 
قلت: الرجل يحل لأخيه فرج جاريته ؟ 
قال: نعم, حل له ما أحل له منها  (6) .
وكيف يحل له وطء جاريته وهي ملك يمينه ؟ أبلغ الشذوذ والسعار الجنسي عند الشيعة إلى هذا الحد ؟ يحلون ويحرمون وفق أهوائهم! وإمامهم المعصوم!!! لا يفقه من دينه إلا تحليل الفروج وإشاعة الفاحشة بين الناس ؟! ونحن نعلم علم اليقين أن أهل البيت رضوان الله عليهم بريئون من هذا براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ونحن لا نناقش الرجال وإنما نناقش الأفكار!
3 - عن محمد بن مسلم قال: 
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له المملوكة فيحلها لغيره ؟ 
قال: لا بأس  (7) .
4 - عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام: في الرجل يحل فرج جاريته لأخيه ؟ 
قال: لا بأس في ذلك. 
قلت: فإنه أولدها ؟ 
قال: يضم إليه ولده ويرد الجارية على مولاها  (8) .
أأصبحت الإِماء كأي شيء  يستعار ثم يُرد ؟ ما بال القوم لا يعقلون! بأي كتاب أم بأية سنة استحلوا ذلك ؟!
5 - عن إسحاق بن عمار قال: 
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غلام وثب على جارية فأحبلها فاحتجنا إلى لبنها ؟ 
فقال: إن أحللت لهما ما صنعا فطيب لبنها  (9) .
6 - عن أبي العباس قال: كَنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له رجل: أصلحك اللّه ما تقول في عارية الفرج ؟ 
قال: حرام. 
ثم مكث قليلاً ثم قال: لا بأس بأنْ يحل الرجل جاريته لأخيه  (10) .
ولا ندري إجابته الأخيرة صدرت بعد ذهاب السائل أم استدرك المعصوم!! وأجابه ما يعتقده صحيحاً، لأن الشيعة تزعم أن أئمتهم المعصومين يستعملون التقية في إجاباتهم للسائلين!!. 
7 - عن زرارة قلت لأبي جعفر عليه السلام: 
الرجل يحل جاريته لأخيه ؟ 
فقال: لا بأس. 
قلت: فإن جاءت بولد ؟ 
قال: يضم إليه ويرد الجارية على صاحبها. 
قلت: إنه لم يأذن له في ذلك ؟ 
فقال: إنه قد أذن له وهو لا يدري أن يكون ذلك  (11) .
ربما أذن له أن ينكحها من الدُّبر ولم يأذن له من القُبُل، لذلك فإنه فوجئ بالحمل، والرواية التالية تبين أن الشيعة لهم أن يشترطوا أن لا ينكحها من القبل وأن لا يفتض بكارتها وإنه إن فعل فيغرم عُشر قيمتها: عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن بعض أصحابنا روى عنك أنك قلت: إذا أحلّ الرجل لأخيه المؤمن  جاريته فهي له حلال!!!؟ 
قال: نعم يا فضيل. 
قلت: ما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة وهي بكر أحلّ ما دون الفرج  (12) أله أن يفتضّها ؟
قال: ليس له إلا ما أحل له منها، ولو أحل له قبلة منها لم يحل له سوى ذلك. 
قلت: أرأيت إن أحل له دون الفرج فغلبت الشهوة فأفضاها ؟
قال: لا ينبغي له ذلك.
قلت: فإن فعل يكون زانياً ؟
قال: لا ولكن خائناً ويغرم لصاحبها عشر قيمتها  (13) .
أيكون الزنا من القبل فقط، ومن الدبر حلالاً لا شيء  فيه ؟  (14) 
 ونقل أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في الاستبصار عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: الرجل يحل لأخيه فرج جاريته؟ قال: "نعم لا بأس به له ما أحل له منها".
ونقل الطوسي في الاستبصار أيضا عن محمد بن مضارب قال: قال لي أبو عبدالله عليه السلام: "يا محمد خذ هذه الجارية تخدمك وتصيب منها, فإذا خرجت فارددها إلينا".
وورد في بعض روايات الشيعة عن أحد أئمتهم كلمة:"لا أحب ذلك" أي استعارة الفرج فكتب محمد بن الحسن الطوسي صاحب (الاستبصار) معلقا عليها: "فليس فيه ما يقتضي تحريم ما ذكرناه, لأنه ورد مورد الكراهية، وقد صرح عليه السلام بذلك في قوله: لا أحب ذلك، فالوجه في كراهية ذلك أن هذا مما ليس يوافقنا عليه أحد من العامة ومما يشنعون به علينا، فالتنزه عن هذا سبيله أفضل وإن لم يكن حراما، ويجوز أن يكون إنما كره ذلك إذا لم يشترط حرية الولد, فإذا اشترط ذلك فقد زالت الكراهية".
وهذا نوع آخر من الزنا يستحله الشيعة وينسبونه إلى أئمة أهل البيت كذبا وزورا, وإن يتبعون إلا أهواءهم, مع أن الزنا بجميع صوره حرام في الشريعة الإسلامية كما هو معلوم لدى الجميع. 
مرويات الرافضة المكذوبة في إتيان النساء من الدبر:


ومن أكاذيبهم على أهل البيت أنهم نقلوا عنهم جواز لواطة النساء، فروى الكليني عن الرضا أنه سأله صفوان بن يحيى 
"إن رجلاً من مواليك أمرني أن أسألك، قال: وما هي؟ قلت: الرجل يأتي امرأته في دبرها؟
قال: ذلك له، قال: قلت له: فأنت تفعل؟ قال: إنا لا نفعل ذلك" (الفروع من (الكافي)" للكليني 5/40، وأيضاً "الاستبصار" 3/ 243، 244).
ورووا عن جعفر أنه سأله رجل عن الرجل:
"يأتي المرأة في ذلك الموضع، وفي البيت جماعة، فقال لي ورفع صوته: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كلفه مملوكه ما لا يطيق فليبعه)) -يعني قال هذا خداعاً للناس- ثم نظر في وجوه أهل البيت، ثم أصغى إلي، فقال: لا بأس به" (الاستبصار) لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي (3/ 343 كتاب النكاح).
ورووا أيضاً عن حفيده أبي الحسن الرضا - الإمام الثامن المعصوم عندهم - بعبارة أصرح وأشنع من هذه حيث روى عنه الطوسي أنه سأله رجل عن إتيان الرجل المرأة من خلفها في دبرها، فقال: أحلتها آية من كتاب الله قول لوط عليه السلام:  هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ  [هود: 78]: وقد علم أنهم يريدون الفرج" (الاستبصار 3/ 243)، وأيضاً (تهذيب الأحكام للطوسي 7/ 415).
كما رووا عن جعفر بهذه الصراحة عن عبيد الله بن أبي يعفور قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟ قال: لا بأس، إذا رضيت، قلت: فأين قول الله عز وجل:  فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ  [ البقرة: 222]؟ قال: هذا في طلب الولد" (تهذيب الأحكام للطوسي 7/ 414، باب آداب الخلوة أيضاً) (الاستبصار 3/ 243).
ويروون عن يونس بن عمار أنه قال:
إني ربما أتيت الجارية من خلفها يعني دبرها وتفززت، فجعلت إلى نفسي إن عدت إلى امرأتي هكذا فعلي صدقة درهم وقد ثقل ذلك علي، قال: ليس عليك شيء  وذلك لك" (الاستبصار 3/244).
هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((محاش نساء أمتي -جمع محشة وهي: الدبر- على رجال أمتي حرام))  (من لا يحضره الفقيه 3/468 كتاب النكاح باب النوادر).  (1) 
ذكر أبوجعفر محمد بن الحسن الطوسي في الاستبصار: عن عبدالله بن أبي يعفور قال: سألت أباعبدالله عليه السلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟ قال: لا بأس إذا رضيت، قلت: فأين قوله تعالى: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ  [ البقرة: 222]؟  فقال: هذا في طلب الولد، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله، إن الله تعالى يقول: نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ  [ البقرة: 223].
ونقل في الاستبصار أيضا عن موسى بن عبدالملك عن رجل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن إتيان الرجل المرأة من خلفها في دبرها فقال:" أحلتها آية من كتاب الله تعالى قول لوط عليه السلام: هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ  [هود: 78]: فقد علم أنهم لا يريدون الفرج".
وفي الاستبصار أيضا عن علي بن الحكم قال: سمعت صفوان يقول: قلت للرضا عليه السلام: "أن رجلا من مواليك أمرني أن أسألك عن مسألة فهابك واستحيا منك أن يسألك، قال: ما هي؟ قال: للرجل أن يأتي امرأته في دبرها؟ قال: نعم ذلك له".
وفي الاستبصار أيضا: عن يونس بن عمار قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام أو لأبي الحسن عليه السلام: أني ربما أتيت الجارية من خلفها يعني دبرها وهي تفزرت فجعلت على نفسي إن عدت إلى امرأة هكذا فعلي صدقة درهم وقد ثقل ذلك علي، قال: ليس عليك شيء  وذلك لك".
وفي الاستبصار أيضا: عن حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام أو أخبرني من سأله عن الرجل يأتي المرأة في ذلك الموضع، وفي البيت جماعة، فقال لي ورفع صوته: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كلف مملوكه ما لا يطيق فليبعه))، ثم نظر في وجوه أهل البيت ثم أصغى إلي فقال: لا بأس به.
وكتب صاحب (الاستبصار) في تعليقه على خبرين ورد فيهما المنع من اللواطة بالنساء فقال: "فالوجه في هذين الخبرين ضرب من الكراهية لأن الأفضل تجنب ذلك وإن لم يكن محظورا.. ويحتمل أيضا أن يكون الخبران وردا مورد التقية لأن أحدا من العامة لا يجيز ذلك".
ألا تحتمل الأخبار التي جاءت بالجواز أن تكون هي التي وردت مورد التقية, لأن الناس عموما يشتهون هذه الأمور, فالأئمة لأجلهم ولإرضائهم اختاروا التقية، إن التقية محتملة في كل شيء  وفي كل خبر.
وعلى كل فإن هذا الأمر ظاهر البطلان ومخالف لما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم،وهذا كله ما هو إلا اتباع للهوى.  (2) 
إثبات حرمة إتيان النساء من الدبر من القرآن والسنة:


قال الله عز وجل: نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ  [ البقرة: 223]، إن الله عز وجل أذن لإتيان مقام الحرث, وهو الفرج, ولم يأذن لمقام الفرث وهو الدبر.
وقال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ  [ البقرة: 222].
في هذه الآية منعنا الله عز وجل من إتيان النساء في الفرج عند الحيض مع أنه لم يدم إلا بضعة أيام، فكيف يكون إتيان الدبر جائز مع دوام وجود النجاسة فيه. وأيضا يبين في الآية أن الممنوع من الإتيان هو الفرج فقط وليس الدبر, لأن الحيضة متعلقة بالفرج فقط, أما الدبر فحاله كما هو كان قبل الحيضة, فلو كان جائزا إتيانه قبل الحيضة فلا مانع الآن أيضا, ثم إنه لو كان الأمر كذلك لكانت الآية حينئذ (فاعتزلوا الفروج في المحيض) وليس (فاعتزلوا النساء) كما هو الحال.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أتى كاهنا فصدقه بما يقول أو أتى امرأته حائضا أو أتى امرأته في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم))  (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ملعون من أتى امرأة في دبرها))  (2) .
اللهم جنبنا الفواحش والمعاصي والفتن ما ظهر منها وما بطن...آمين
 صلاة الجمعة:


 لا يوجد - حتى - نص متشابه يسوِّغ تركها وتعطيل حكمها, إنما عطلوا نصاً قرآنياً صريحاً بوجوب إقامتها، لا يمكن تأويله أو صرفه عن دلالته، ولا ناسخ له، ولا يوجد نص في القرآن كله عن أي صلاة أخرى يوازيه في صراحته وقوة دلالته. واتبعوا في تعطيله شبهات، يمكن اتباعها لتعطيل أي حكم شرعي!
يقول تعالى عن صلاة الجمعة بصراحة ووضوح: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9] ومن عظمتها عنده سبحانه أطلق عليها اسم (ذكر الله). فصلاة الجمعة خصوص ذكر الله. ومن أعرض عن (ذكر الله) فهو من الخاسرين. كما أخبر تعالى في سورة (المنافقون) التي تلي سورة (الجمعة) فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم [المنافقون: 9-10]
والمنافقون يمتازون بصفتين:  لاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ[التوبة: 54]. وأعظم الصلاة صلاة الجمعة (ذكر الله). وإليها الإشارة والتمييز بقوله تعالى:  وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ  [ العنكبوت: 45]. فالتثاقل عنها أو تركها سهواً ولهواً عادة المنافقين. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: ((من ترك ثلاث جمع تهاوناً طبع الله على قلبه))  (1) . وقال: ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين))  (2) .
فكيف بمن يعطلها ويتركها ويدعي أن هذا (النفاق) من الشرع!
بل وصل الأمر إلى حد تفسيق من يصليها. كما حصل عندنا مؤخراً عندما أفتى أحد المجتهدين بوجوب إقامتها، وتفسيق تاركها. فقوبل بفتوى تساويها في المقدار وتعاكسها في الاتجاه!
أما صلاة الجمعة في إيران اليوم فإنما هي على أساس الوجوب التخييري، وجود الإمام العادل عندهم!!
ولو سأل سائل عن دليل حرمة صلاة الجمعة، وتعطيل النص القرآني الصريح
الوارد في وجوب إقامتها؟ فالجواب هو:
إن (الإمام) غائب، والحاكم غير عادل. وعدالة الحاكم تتأتى إما من كونه (الإمام المعصوم) أو (نائبه).
وقال بعضهم: يحتمل أن يكون المنادي المشار إليه في الآية (إذا نودي) هو (الإمام)، وأن المقصود بهذا الإمام المحتمل هو (الإمام المعصوم)!
ولا شك أن هذه شبهة لا تخطر إلا على بال النوادر من البشر! وذلك بعد طول تفكر واعتصار للفكر. والدين لا يقوم على الوساوس والخطرات. ودعائمه لا تهدم بالشبهات. إن المنادي للصلاة هو المؤذن. وجاء التعبير بالبناء للمجهول (نودي) إشارة إلى عدم اعتبار من هو المنادي! بل إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [ الجمعة:9] مجرد نداء من أيٍ كان!
إن شرط (الإمام) ثم استحداث شرط (النائب) مؤخراً أو ما يسمى (بالحاكم العادل) غير موجود في كتاب الله، ولا جاء عن رسول الله، ولا عن علي، ولا غيره من أئمة الدين. إنما هو اجتهاد متأخر لبعض العلماء، دون استناد إلى دليل (ولم يعرف عن أحد من علماء القرن الثالث والرابع قولاً بمقاطعة صلاة الجمعة باعتبار فقدانها لشرط وجود الامام أو إذنه الخاص).
وظل الشيعة يصلون الجمعة إلى منتصف القرن الخامس الهجري. وتحديداً إلى عام (451)هـ أي بعد ذهاب آخر (إمام) بحوالي قرنين من الزمان! وكان أئمة الإسلام كالإمام جعفر بن محمد (رحمه الله)، وغيره من الأئمة يصلونها في مساجد المسلمين الجامعة. مع أن الحاكم - حسب التفسير الإمامي - لم يكن عادلاً! فما الفرق بين (الإمام الغائب) و(الإمام) المقهور غير المتصرف؟ وما الفرق بينه وبين (الإمام) إذا كان في إقليم آخر، وهو مقهور غير متصرف؟ إذ هو غائب - بكل ما في كلمة غائب من معنى- عن الأقاليم الأخرى. بل لا معنى لوجوده في أي مكان يحل فيه إذا كان ممنوعاً من التصرف مقهوراً-كما يقولون-
فهل كانت الجمعة أيام (الأئمة) ساقطة عن الناس؟ ولماذا تأخروا قرنين من الزمان حتى يعطلوها؟!!
إن هذه المدة المتطاولة ما هي إلا (فترة حضانة) لا بد منها لولادة الفكرة ونضوجها! وإلا فلو كانت من الدين أصلاً لظهرت في حينها تواً ولم تتأخر طيلة هذه المدة قطعاً. مثلها كمثل ولادة فكرة إعطاء خمس المكاسب إلى الفقيه، ليتسلمه نيابة عن (الإمام). إذ لم تظهر إلا بعد قرون! والعجيب أنهم جعلوا الفقيه ينوب عن (الإمام) في أخذ (الخمس)، ولم يجعلوه نائباً عنه في أداء صلاة الجمعة!! مع أن (الخمس) - حسب اعتقادهم - حق خالص لـ(الإمام) - وحق الإنسان لا يجوز التصرف فيه دون إذنه - وصلاة الجمعة حق خالص لله تعالى، لا دخل لأحد من الخلق فيه!
وفي كلتا الحالتين أجازوا لأنفسهم التصرف فيما لا يحل لهم التصرف فيه!
فمن ناحية أسقطوا حق الله سبحانه دون إذنه. وهو اعتداء عظيم وجرم كبير على حد الشرك بالله. كما قال تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ  [ الشورى: 21]. ومن ناحية أخرى تصرفوا في حق (الإمام) دون إذنه! ولا شك أن ذلك غير جائز، كما لا يجوز لأي إنسان أن يتصرف في مال الغير في غيبته بحجة المصلحة دون إذنه الصريح.
ولأجل هذا كانت الفتوى عند قدماء فقهاء الإمامية بعدم جواز التصرف في أموال (الخمس) من قبل الفقهاء! يقول الشيخ المفيد (ت 413)هـ: إن الخمس حق لغائب لم يرسم فيه قبل غيبته رسماً يجب الانتهاء إليه فوجب حفظه إلى وقت إيابه).
والسبب في تعاكس الحكمين هو أن (الخمس) أمر نفعي، وصلاة الجمعة أمر عبادي. طبقاً للقاعدة أو المنهج الذي ذكرناه عن الإمامية في أول الفصل، في تفسيرهم للنصوص المتعلقة بالمسائل العملية. فما كان متعلقاً بالمال وسَّعوه, وما كان متعلقاً بالعبادة ضيقوه. وكلا الأمرين سلكوا إليه سبيل الشبهة والظن وما تهوى الأنفس.  (3) 
 عقيدة الشيعة السرية في الطينة:


تعتقد الشيعة الاثنا عشرية بهذه العقيدة السرية لديهم، والتي يتواصى كبار أئمتهم بكتمانها عن عوامهم، لأنه لو علمها العامي منهم لأفسد عليهم البلاد والعباد.
ومختصر هذه العقيدة هو: أن الشيعي خُلق من طينة خاصة، أُخذت من طينة أرض طيبة طاهرة، قد أُجري عليها الماء العذب سبعة أيام مع لياليها، أما المسلم السني والذي يسمونه الناصبي، فقد خُلق من طين أسود ملعون منتن، في غاية الفساد والعفونة، ثم تم الخلط بين الطينتين بوجه عام، فما كان في الشيعي من المعاصي والجرائم فهو من تأثره بطينة السني، وما كان في السني من صلاح وتقوى فهو من تأثره بطينة الشيعي. 
فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وكبائر الشيعة توضع في صحائف أهل السنة، وحسنات أهل السنة توضع في صحائف الشيعة.
وقد ذكر هذه العقيدة الكثير من أئمتهم وشيوخهم، كنعمة الله الجزائري في كتابه (الأنوار النعمانية)، والمجلسي في كتابه (بحار الأنوار).
كما تولى تثبيت هذه العقيدة، وإرساءها، شيخُهم الكليني في كتابه (الكافي), والذي بوب لها بعنوان (باب طينة المؤمن والكافر) ذكر فيها سبعة أحاديث في عقيدة الطينة هذه.
وكذلك عقد المجلسي في كتابه (بحار الأنوار) باب بعنوان (الطينة والميثاق)، ذكر تحته سبعة وستين حديثاً ليؤصل هذه العقيدة عند عوام الشيعة.
ومن هذه الروايات ما يقوله إمامهم ما نصه: 
"يا إسحاق – وهو راوي الخبر - ليس تدرون من أين أتيتم؟ 
قلت: لا والله، جعلت فداك إلا أن تخبرني.
فقال: يا إسحاق إن الله عز وجل لما كان متفرداً بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شيء، فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها، ثم نضب الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين وهي طينتنا أهل البيت، ثم قبض قبضة من أسفل ذلك الطين وهي طينة شيعتنا، ثم اصطفانا لنفسه، فلو أن طينة شيعتنا تُركت كما تركت طينتنا، لما زنى أحد منهم، وسرق، ولا لاط، ولا شرب المسكر ولا اكتسب شيئاً مما ذكرت، ولكن الله عز وجل أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها, ثم نضب الماء عنها، ثم قبض قبضه، وهي طينة ملعونة من حمأ مسنون -أي طين أسود متغير منتن-، وهي طينة خبال، وهي طينة أعدائنا - يعني أهل السنة -، فلو أن الله عز وجل ترك طينتهم كما أخذها، لم تروهم في خلق الآدميين  (1) ، ولم يقرّوا بالشهادتين، ولم يصوموا ولم يصلوا، ولم يزكوا، ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحداً بحسن خلق، ولكن الله تبارك وتعالى جمع الطينتين، طينتكم وطينتهم، فخلطهما وعركهما عرك الأديم، ومزجهما بالمائين، فما رأيت من أخيك من شر اللفظ أو زنى، أو شيء  مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره، ليس من جوهريته وليس من إيمانه، إنما هو بمسحة الناصب - والناصب هنا هو السني- اجترح هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق، أو صوم، أو صلاة، أو حج بيت، أو صدقة، أو معروف، فليس من جوهريته، إنما تلك الأفاعيل من مسحة الإيمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الإيمان.
قلت: جُعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فمه؟
قال لي: يا إسحاق أيجمع الله الخير والشر في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الإيمان منهم فردها إلى شيعتنا، ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئات فردها على أعدائنا، وعاد كل شيء  إلى عنصره الأول.
قلت: جُعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا؟ وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم؟
قال: إي والله الذي لا إله إلا هو" انتهى من كتاب، ((بحار الأنوار)) للمجلسي، 5/ 247-248.  (2) 
و ذكر محمد بن يعقوب الكليني في (أصول الكافي) (باب طينة المؤمن والكافر) وأتى فيه بروايات نذكر بعضها, عن عبدالله بن كيسان: "عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك، أنا مولاك عبدالله بن كيسان، قال: أما النسب فأعرفه وأما أنت فلست أعرفك، قال: قلت له إني ولدت في الجبل ونشأت في أرض فارس, وإنني أخالط الناس في التجارات وغير ذلك, فلأخالط الرجل فأرى له حسن السمت وحسن الخلق وأمانة, ثم أفتشه فأفتشه عن عداوتكم، وأخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة أمانة ودعارة, ثم أفتشه فأفتشه عن ولايتكم، فكيف يكون ذلك؟ قال: فقال لي: أما علمت يا ابن كيسان أن الله جل وعز أخذ طينة من الجنة وطينة من النار فخلطها جميعا, ثم نزع هذه من هذه وهذه من هذه فما رأيت من أولئك من الأمانة وحسن الخلق وحسن السمت فمما مسهم من طينة الجنة وهم يعودون إلى ما خلقوا منه، وما رأيت من هؤلاء من قلة الأمانة وسوء الخلق والدعارة فمما مسهم من طينة النار، وهم يعودون إلى ما خلقوا منه".
وأيضا: عن إبراهيم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله جل وعز لما أراد أن يخلق آدم عليه السلام بعث جبريل عليه السلام في أول ساعة من يوم الجمعة فقبض بيمينه قبضة بلغت قبضته من السماء السابعة إلى السماء الدنيا، وأخذ من كل سماء تربة وقبض قبضة أخرى من الأرض السابعة العليا إلى الأرض السابعة القصوى، فأم الله عز وجل كلمته، فأمسك القبضة الأولى بيمينه والقبضة الأخرى بشماله ففلق الطين فلقتين، فذرأ من الأرض ذروا ومن السماوات ذروا، فقال للذي بيمينه: منك الرسل والأنبياء والأوصياء والصديقون والمؤمنون والسعداء ومن أريد كرامته، فوجب لهم ما قال كما قال، وقال للذي بشماله: منك الجبارون والمشركون والكافرون والطواغيت ومن أريد هوانه وشقوته فوجب لهم ما قال كما قال، ثم إن الطينتين خلطتا جميعا، وذلك قول الله عز وجل: إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ [الأنعام: 95] فالحب طينة المؤمنين التي ألقى الله عليها محبته، والنوى طينة الكافرين الذين نأوا عن كل خير، وإنما سمي النوى من أجل أنه نأى عن كل خير وتباعد منه، وقال الله عز وجل: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [الروم: 19] فالحي المؤمن الذي تخرج طينته من طينة الكافر، والميت الذي يخرج من الحي هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن، فالحي المؤمن، والميت الكافر، وذلك قول الله عز وجل: أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ [الأنعام: 122] فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر، وكان حياته حين فرق الله عز وجل بكلمته فذلك كذلك، يخرج الله عز وجل المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور، ويخرج الكافرين من النور إلى الظلمة بعد دخوله النور،وذلك قول الله عز وجل: لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ [يـس: 70] أهـ.
ويظهر من هذه الروايات عقيدة الشيعة الفاسدة أن حسنات الكفار ومن ضمنهم عامة أهل السنة والجماعة (أي كل من عدا الشيعة) تعطى للشيعة الروافض، وأن سيئاتهم تحمل على الكفار (من ضمنهم أهل السنة حسب عقيدتهم) وهذا خلاف للعدل الرباني، وينكره العقل وتأباه الفطرة السليمة وقد قال تعالى:  وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [ الأنعام: 164] وقوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [ المدثر: 38] وقوله تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [ الزلزلة: 7-8] وقوله تعالى:  تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ  [البقرة: 281] الآية، وغيرها من آيات كثيرة جدا في هذا المعنى وأحاديث كثيرة أيضا صحيحة وصريحة في هذا المعنى ترد على هذه العقيدة الفاسدة، فهي عقيدة باطلة مخالفة للنقل والعقل والعدل.  (3) 
المسائل الغريبة:


من أكاذيبهم الشنيعة الكثيرة على أهل البيت أنهم كذبوا على أبي عبد الله جعفر بن الباقر أنه قال: "إن سال من ذكرك شيء  من مذي أو ودي وأنت في الصلاة فلا تغسله، ولا تقطع الصلاة ولا تنقض له الوضوء وإن بلغ عقبيك، فإنما ذلك بمنزلة النخامة, وكل شيء  يخرج منك بعد الوضوء, فإنه من الحبائل أو من البواسير وليس بشيء " (الفروع من الكافي 3/ 39)، أيضاً (تهذيب الأحكام 1/ 21)، أيضاً (الاستبصار 1/ 94).
كما كذبوا على أبيه محمد الباقر بن علي زين العابدين أنه:
"سئل عن المذي يسيل حتى يصيب الفخذ؟ فقال: لا يقطع صلاته ولا يغسله من فخذه" (الفروع من الكافي 3/ 40, كتاب الطهارة).
ورووا عن عمر بن زيد أنه قال: اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة وتطيبت ولبست أثوابي، فمرت بي وصيفة ففخذت لها فأفضيت أنا وأمنت هي، فدخلني من ذلك ضيق فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك، فقال: ليس عليك وضوء ولا عليها غسل" (وسائل الشيعة للحر العاملي كتاب الطهارة 1/ 198).
ومن أكاذيبهم أن جعفر الصادق رأى حنان بن سدير وعليه نعل سوداء، فقال: مالك ولبس نعل سوداء؟ أما علمت أن فيها ثلاث خصال؟ قلت: وما هي جعلت فداك؟ قال: تضعف البصر وترخي الذكر وتورث الهم، وهي مع ذلك لباس الجبارين، عليك بلبس نعل صفراء، فيها ثلاث خصال، قال: قلت: وما هي؟ قال: تحد البصر وتشد الذكر وتنفي الهم" (كتاب الخصال لابن بابويه القمي باب الثلاثة 1/ 99).
ولسائل أن يسأل ما علاقة النعل بالتشديد والإرخاء؟
ورووا عن أبي الحسن الأول - الإمام السابع عند القوم - أنه قال: النظر إلى الوجه الحسن يجلي البصر.
ورووا عن أبيه جعفر أنه قال:
أربعة لا يشبعن من أربعة، الأرض من المطر، والعين من النظر، والأنثى من الذكر" ("كتاب الخصال" 1/ 221).
وأيضاً رووا عنه أنه قال: النشوة في عشرة أشياء …. في الأكل والشرب والنظر إلى المرأة الحسناء والجماع" ("كتاب الخصال" باب العشرة 2/ 443).
ورووا أيضاً أنه سئل "هل للرجل أن ينظر إلى امرأته وهى عريانة؟ قال: لا بأس بذلك، هل اللذة إلا بذلك" (الفروع من الكافي 2/ 214 ط الهند).
كما سئل أبو الحسن عن "الرجل يقبل فرج امرأته؟ قال: لا بأس" (الفروع من الكافي 2/ 214).
ولا ندري ما علاقة أئمة القوم بمثل هذه المسائل، وما الحكمة في بيانها؟ ثم وأي دين هذا الذي يأمر أتباعه بالنظر إلى الحسناوات، وتشديد الذكر، والترغيب في الأكل والشرب والجماع وغير ذلك من الخرافات التي يأبى الإنسان العادي أن يذكرها دون الأئمة والثقاة حسب زعم القوم؟.
هذا وقد رووا أيضاً عن جعفر أنه قال: النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل نظرك إلى عورة الحمار" (الفروع من الكافي كتاب الزي والتجمل 6/501 ط طهران).
وأما عورة المسلم فرووا عن أبي الحسن موسى الكاظم أنه قال:
العورة عورتان القبل والدبر، أما الدبر فمستور بالإليتين وأما القبل فاستره بيدك" ("الفروع من الكافي كتاب الزي والتجمل 6/ 501).
هذا وليس هذا فحسب، بل هناك فضائح أكثر من هذا حيث قالوا: إن أبا جعفر - محمد الباقر - عليه السلام كان يقول:
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بميزر، فقال: فدخل ذات يوم الحمام فتنور - أي جعل النورة على جسمه - فلما أن أطبقت النورة على بدنه ألقى الميزر، فقال له مولى له: بأبي أنت وأمي إنك توصينا بالميزر ولزومه وقد ألقيته عن نفسك؟ فقال: أما علمت أن النورة قد أطبقت العورة؟.
كما رووا عن عبيد الله الدابقي أنه قال: دخلت حماماً بالمدينة، فإذا شيخ كبير وهو قيم الحمام، فقلت: يا شيخ لمن هذا الحمام؟ فقال: لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، فقلت: كان يدخله؟ قال: نعم، فقلت: كيف كان يصنع؟ قال: كان يدخل فيبدأ فيطلي عانته وما يريه، ثم يلف على طرف إحليله ويدعوني، فأطلي سائر بدنه، فقلت له يوماً من الأيام: الذي تكره أن أراه قد رأيته، فقال: كلا، إن النورة سترته" (الفروع من الكافي كتاب الزي والتجمل 6/ 503).
ومن مسائلهم الغريبة، وأكاذيبهم العجيبة أنهم نقلوا عن محمد الباقر أنه قال في رجل زنى بأم امرأته أو ابنتها أو أختها: لا يحرم ذلك عليه امرأته" (الفروع من الكافي 5/ 416).
وأيضاً رووا عنه أنه قال:
إذا زنى رجل بامرأة أبيه أو جارية أبيه فإن ذلك لا يحرمها على زوجها، ولا تحرم الجارية على سيدها" (الفروع من الكافي ص419).
هذا ومثل هذا كثير.
ومن المسائل الشنيعة العجيبة الغريبة أنهم قالوا: إن صلاة الجنازة جائزة بغير وضوء كما كذبوا على جعفر أنه قال على جواب سائل سأله عن الجنازة "أصلي عليه بغير وضوء؟ فقال: نعم" (الفروع من الكافي 3/ 178)، أيضاً (من لا يحضره الفقيه 1/ 170).
وكتب المحشي تحته "أجمع علماؤنا على عدم شرط هذه الصلاة بالطهارة" ونقل عن "التذكرة" وليست الطهارة شرطاً بل يجوز للمحدث والحائض والجنب أن يصلوا على الجنازة مع وجود الماء والتراب والتمكن، ذهب إليه علماؤنا أجمع" (الفروع من الكافي - الهامش ص178 أيضاً).
ورووا عن جعفر محمد الباقر أنه قال: إن الحائض تصلي على الجنازة.
وذكروا أيضاً أن أبا جعفر محمد الباقر وابنه جعفر سئلا:
إنا نشتري ثياباً يصيبها الخمر وودق الخنزير أبعد حكها نصلي فيها قبل أن نغسلها؟ فقالا: نعم! لا بأس، إنما حرم الله أكله ولم يحرم لبسه ومسه والصلاة فيها" (من لا يحضره الفقيه 1/ 170).
هذا ويجعل الحبل من شعر الخنزير ويستقى به الماء من البئر يجوز الوضوء منه كما رووا عن زرارة أنه قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر هل يتوضأ من ذلك الماء؟ قال: لا بأس" (تهذيب الأحكام 1/ 409).
وأيضاً رووا عن جعفر أنه قال:
إن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة، قال: يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل" (الفروع من الكافي كتاب الطهارة 3/ 7).
كما رووا عن جعفر أيضاً "أنه سئل عن الفأرة والكلب يقع في السمن والزيت ثم يخرج منه حياً؟ فقال: لا بأس بأكله" (الفروع من الكافي كتاب الأطعمة 2/ 161).
هذا ومن ناحية أخرى شددوا إلى أن قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحم الفحل وقت اغتلامه" - أي وقت شهوته - (الفروع من الكافي كتاب الأطعمة 6/ 260).
وهذا تكليف ما لا يطاق لأنه لا يدري أحد أكان الفحل المذبوح في الشهوة أم لا؟
وهناك تيسير ورخصة أكثر من اللزوم حيث نقلوا عن جعفر بن الباقر أنه سئل عن الفأرة والسنور والدجاجة والطير والكلب تقع في البئر؟ قال: ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء" (الفروع من الكافي كتاب الطهارة 3/ 5).
وسئل جعفر أيضاً عن البئر يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة، فقال: لا بأس به إذا كان فيها ماء كثير" (تهذيب الأحكام 1/ 416)، أيضاً (الاستبصار 1/ 42).
كما نقلوا عنه أيضاً أنه "سئل الصادق عليه السلام عن جلود الميتة يجعل فيها الماء والسمن ما ترى فيه؟ فقال: لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن، وتتوضأ منه وتشرب" كتاب (من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي 1/ 11).
كما قالوا أيضاً: إن سقطت في رواية ماء فأرة أو جرو أو صعوة ميتة فتنفخ فيها لم يجز شربه ولا الوضوء منه، وإن كان غير متفسخ فلا بأس بشربه والوضوء منه، وتطرح الميتة إذا خرجت طرية، وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء" (كتاب من لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي 1/ 14).
ورووا عن جعفر بن الباقر أنه قال:
لو أن ميزابين سالا, أحدهما ميزاب بول والآخر ميزاب ماء، فاختلطا، ثم أصابك ما كان به بأس" (الفروع من الكافي 3/ 12، 13)، أيضاً (تهذيب 1/ 42).
كما رووا عنه أيضاً أنه قال له أحد: أغتسل في مغتسل يبال فيه ويغتسل من الجنابة، فيقع في الإناء ماء فينزو من الأرض؟ فقال: لا بأس به" (الفروع من الكافي 3/ 14).
وروى القمي في كتابه "أن أبا جعفر الباقر عليه السلام دخل الخلاء، فوجد لقمة خبز في القذر، فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك كان معه، فقال: تكون معك لآكلها إذا خرجت، فلما خرج عليه السلام قال للمملوك: أين اللقمة؟ قال: أكلتها يا ابن رسول الله، فقال: إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة، فاذهب أنت حر، فإني أكره أن أستخدم رجلاً من أهل الجنة" (كتاب من لا يحضره الفقيه باب أحكام التخلي 1/27).
وهذه هي أكاذيب القوم أنهم يمنحون صكوك المغفرة على أكل القذرة والخبز.
ومن أكاذيبهم المضحكة المبكية أنهم يروون عن جعفر أنه قال:
لما ولد النبي صلى الله عليه وسلم مكث أياماً ليس له لبن، فألقاه أبو طالب على ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبنا، فرضع منه أياماً حتى وقع أبو طالب على حليمة السعدية فدفعه إليها" (الأصول من الكافي كتاب الحجة 1/ 458 ط طهران).
ومثل ذلك ما ذكروا "لم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من أنثى، كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث" (الأصول من الكافي 1/ 465).
وانظر إلى القوم كيف يختلقون القصص، وينسجون الأساطير لتمجيد من يرون تمجيده ولو أنهم لا يجيدون اختلاقها، ولا يحسنون نسجها، فيبين فسادها، ويظهر عوارها وحتى للأطفال والصبيان دون الرجال والعقلاء، لكن أنى للقوم أن يفهموا ويبصروا.
ومن مثل هذه الأكاذيب ما افتروه على باقر بن زين العابدين أنه قال:
((قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك تلثم فاطمة وتلتزمها وتدنيها منك وتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك؟
فقال: إن جبرئيل عليه السلام أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها، فتحولت ماء في صلبي، ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فأنا أشتم بها رائحة الجنة)) (علل الشرائع 1/ 183).
ولما كانت فاطمة هكذا لا بد أن يكون علي مثلها في ذلك:
فاختلقوا في علي وولادته قصة تشابهها، ولقد أورد الفتال  (1) 
 في كتابه أن أبا طالب "أتي بطبق من فواكه الجنة رطبة ورمان، فتناول أبو طالب منه رمانة ونهض فرحاً من ساعته حتى رجع إلى منزله فأكلها فتحولت ماء في صلبه، فجامع فاطمة بنت أسد فحملت بعلي" (روضة الواعظين للفتال 1/ 87 ط قم إيران).
ومنها أيضاً ما افتراه صدوقهم على جعفر أنه سئل:
"لم لم يبق لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  ولد ؟ قال: لأن الله خلق محمداً  صلى الله عليه وسلم  نبياً وعلياً عليه السلام وصياً فلو كان لرسول الله ولد من بعده لكان أولى برسول الله من أمير المؤمنين فكانت لا تثبت وصية لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام" (علل الشرائع 1/ 131 ط نجف).
وما دام القوم بدؤوا في الاختراعات والافتراءات فلهم أن يبلغوا ذروتها فكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((إن حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فإذا دقت الحلقة على الصفيحة طنت وقالت: يا علي)) (روضة الواعظين 1/ 111).
وقام آخر - وهو من أهل هذا العصر - وقال:
لولا سيف ابن ملجم لكان علي بن أبي طالب من الخالدين في الدنيا" (أصل الشيعة وأصولها ص112 ط بيروت 1960).
ولما بلغ علي هذا المقام الرفيع لزم أن يكون لشيعته نصيب من مجده وشرفه فافتروا على نبي الله أنه قال لعلي: ((إن الله حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي)) (البرهان 2/ 442 ط قم – إيران).
ومن مفترياتهم المضحكة على أهل البيت أنهم كذبوا على أبي عبد الله أنه سئل عن الأرض:
"على أي شيء  هي؟ قال: على الحوت، قلت: فالحوت على أي شيء  هو؟ قال: على الماء، قلت: فالماء على أي شيء  هو؟ قال على الصخرة، قلت: فعلى أي شيء  الصخرة ؟ قال: على قرن ثور أملس، قلت: فعلى أي شيء  الثور؟ قال: على الثرى، قلت فعلى أي شيء  الثرى؟ فقال: هيهات عند ذلك ضل علم العلماء" (تفسير القمي 2/ 59).
ومن مضحكاتهم ما افتروا به على علي بن الحسين الملقب بزين العابدين أنه قال: إن لله ملكاً يقال له خرقائيل له ثمانية عشر ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام" (البرهان 2/327).
ونأتي إلى الأخير حيث لو أردنا الإطالة لما يكفيها الكتاب ولا الكتابان ولا الكتب لأن القوم جبلوا على الكذب فأكثروه، وجعلوه في كل مقام ومكان، مناسباً كان أم غير مناسب، فيذكر ابن بابويه القمي عن أبي الحسن أنه سئل عن الممسوخ فقال: فأما الفيل فإنه مسخ لأنه كان ملكاً زناء لوطياً، ومسخ الدب لأنه كان رجلاً ديوثاً، ومسخت الأرنب لأنها كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيض ولا جنابة، ومسخ الوطواط لأنه كان يسرق تمور الناس، ومسخ السهيل لأنه كان عشاراً باليمين، ومسخت الزهرة لأنها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت، وأما القردة والخنازير فإنه قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت، وأما الجري والضب ففرقة من بني إسرائيل، وأما العقرب فإنه كان رجلاً نماماً، وأما الزنبور فكان لحاماً يسرق في الميزان" (علل الشرائع ص485، 486).  (2) 
شكاوى الأئمة من هؤلاء الكذابين:


شكاوى أئمة القوم من هؤلاء الناس الكذابين وما أكثرهم.
 ولم يكن واحد من أهل البيت إلا وقد التف حوله أمثال هؤلاء، فافتروا عليه بافتراءات لم يخطر بباله أبداً، واختلقوا القصص والأساطير، ونسبوها إليهم وما أجرأهم على ذلك، وكتب القوم مليئة من تلك الشكاوى والتألم.
منها ما رواه الكشي عن ابن سنان أنه قال:
(قال أبو عبد الله -عليه السلام-: إنا أهل البيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا، فيسقط صدقنا بكذبه عند الناس - ثم عد واحداً بعد واحد من الكذابين - كان رسول الله أصدق البرية لهجة، وكان مسيلمة يكذب عليه، وكان أمير المؤمنين -عليه السلام- أصدق من برأ الله من بعد رسول الله وكان الذي يكذب عليه من الكذب عبد الله بن سبأ لعنه الله، وكان أبو عبد الله الحسين بن علي -عليه السلام- قد ابتلي بالمختار، ثم ذكر أبو عبد الله الحارث الشامي والبنان فقال: كانا يكذبان على علي بن الحسين -عليه السلام- ثم ذكر المغيرة بن سعيد وبزيعا والسري وأبا الخطاب ومعمراً وبشار الأشعري وحمزة اليزيدي وصائب النهدي - أي أصحابه - فقال: لعنهم الله، إنا لا نخلو من كذاب يكذب علينا - كفانا الله مؤنة كل كذاب وأذاقهم الله حر الحديد) (رجال الكشي ص257، 258 تحت ترجمة أبي الخطاب).
(واشتكى بمثل هذه الشكوى حفيده أبو الحسن الرضا كما نقل عنه أنه قال:
كان بنان يكذب على علي بن الحسين -عليه السلام- فأذاقه الله حر الحديد، وكان المغيرة بن سعيد يكذب على ابن جعفر -عليه السلام- فأذاقه الله حر الحديد، وكان محمد بن بشر يكذب على ابن الحسن علي بن موسى الرضا -عليه السلام- فأذاقه الله حر الحديد، وكان أبو الخطاب يكذب على ابن عبد الله -عليه السلام- فأذاقه الله حر الحديد، والذي يكذب علي محمد بن الفرات)(رجال الكشي ص256).
ولأجل ذلك قال جعفر بن الباقر: (لو قام قائمنا بدأ بكذابي الشيعة فقتلهم) (رجال الكشي ص252).
هذا وما أحسن ما قاله جعفر - وهو صادق في قوله -: لقد أمسينا وما أحد أعدى لنا ممن ينتحل مودتنا" (رجال الكشي ص259).
ذلك ما قاله الشيعة وهذا ما قاله أئمتهم، وقانا الله من الكذب والكذابين.  (1) 

نبذة عن الكاتب


خبير الاعشاب والتغذية العلاجية خبير الاعشاب عطار صويلح 30 عام من الخبرة في الطب الاصيل http://rdeh76.blogspot.com/ ..

0 التعليقات:

المشاركات الشائعة

ورفعنا لك ذكرك

ايها الروافض افيقوا قبل الموت -- سلب عقولكم واعراضكم وامولكم المعممين -قدم شرع الله قبل عقلك

back to top