من المهم أن نعلم أن إضافة فرد أو مجموعة إلى الفرق الضالة لا بد أن يُبنَى على معرفة تامة بحال تلك الفرقة التي نُسِب إليها ذلك الفرد أو تلك المجموعة, لأن الحكم بذلك أمر عظيم , فالواجب أن يُتقى الله في ذلك وأن يُبنَى الحكم على معرفة تامة بعيدة عن المنزع العاطفي, أو الموقف المبني على غضب طائش على ذلك الفرد أو تلك المجموعة , وبناء على ذلك نقول مستحضرين خوف الله تعالى ووجوب الصدع بالحق , لا نخاف في ذلك لومة لائم :
اعلم أن مذاهب أهل البدع من الفرق الضالة, تُبنَى على مسائل معيَّنة تميزت بها تلك الفرق , فمن كانت عنده هذه المسائل فهو من أهل ذلك المذهب البدعي لا يخفى أمره على من عرف الفرق وعرف ما يميز كل فرقة عن غيرها .
فالأمور ليست خفية غامضة يلفها الضباب !
فمثلا : من قال بمقولات الشيعة المعروفة في القرآن وسب الصحابة والغلو في آل البيت فهو من الشيعة، حتى ولو قال: إنه ليس بشيعي .
وهكذا الخوارج والجهمية والمعتزلة وغيرهم، فإن البصير بالفِرق يمكنه تحديد مسار كلٍّ منهم بسهولة ,
والسبب في ذلك أن أي فرقة ضالة سُمِّيت باسم معيَّن - ميزها عن غيرها - فإنها لم تُسمَّ بذلك الاسم إلا لوجود مخالفة اعتقادية لديها في باب أو أبواب من الاعتقاد ,فسُمِّيت بناء على وجود تلك المخالفة بذلك الاسم .
وقد تنسب الفرقة إلى رجل معين , بسبب أنه أول من أظهر هذه المخالفة الاعتقادية , فصار من تبعه عليها ينسب إليه , بالنظر إلى أنه أول من أحدث في الأمة تلك المخالفة.
فمثلاً الخوارج سُمُّوا بهذا الاسم لأخذهم بمبدأ الخروج بالقوة والسيف على مخالفيهم.
والجهمية سُمُّوا بهذا الاسم لمتابعتهم رأس هذه الفرقة : الجهم بن صفوان , في عقائد معروفة، خالف بها الكتاب والسنّة وما كان عليه السلف الصالح، وهكذا بقية الفرق.
فلنأت الآن ولنطبق هذا- بإنصاف وتقوى لله - على الإباضية .
هل هم من الخوارج ؟ أو ليسوا من الخوارج, كما يقررون في كتبهم ولقاءاتهم ومراسلاتهم للناس عبر وسائل الاتصال الحديثة ؟
وأجزم مرة أخرى إلى أنه لن يوفق المرء للجواب إلا إذا كان بعيدًا عن العواطف .
وحتى لا يقال : إنك حكمت على الإباضية من كلام خصومهم دعونا نسأل الإباضية أنفسهم هذا السؤال :
فنقول أولاً: أنتم إلى مَن تنتسبون؟ يجيبون بأنهم ينتسبون إلى زعيم الفرقة عبد الله بن إباض، وهو رجل يعود نسبه إلى بني مرة.
وقد ظهر زمن معاوية وبقي إلى زمن عبد الملك بن مروان في الدولة الأُموية . وهذا الرجل ممن يتفق الإباضية مع أهل السنّة على أنه كان مع أحد غلاة الخوارج، وهو نافع بن الأزرق زعيم الأزارقة الخوارج، ثم انفصل عنه ابن إباض, لأن نافع ابن الأزرق دعا ابن إباض إلى رأيه في استحلال دماء مخالفيه وتكفيرهم وقتلِ أطفالهم وسبي نسائهم وغنيمة أموالهم.
فبم أجابه ابن إباض؟
لقد أجابه بالآتي - وآمل أن تدقق في جواب ابن إباض - :
أجابه بأنه لا يحل من المخالفين إلا دماؤهم، وما سوى ذلك من أموالهم فهو حرام.
وهذا النقل عن ابن إباض سجله المؤرخون كالطبري وغيره، والأهم أن ممن سجله الإباضية أنفسُهم، كما سجله سالم بن حَمْد الإباضي صاحب كتاب (العقود الفضية)
إذاً فابن إباض تورع عن استحلال الأموال وغنيمة النساء، أما دماء من خالفه فرأى أنها حلال، وهذا بعينه قول غلاة الخوارج.
ومعلوم أن الدماء هي أشد ما عصي الله به بعد الشرك، كما قرر أهل العلم، فهذه البلية العظيمة لم يتورع عنها ابن إباض .
يبقى أمر مهم يروّج له الإباضية هو انتسابهم للتابعي الجليل أبي الشعثاء جابر ابن يزيد رحمه الله , حيث يدّعون أن ابن إباض أخذ عن جابر عقيدتهم هذه, فمذهبهم مأخوذ عن التابعين بزعمهم .
وقد كذّب جابرُ بن زيد بنفسه هؤلاء الإباضية في انتسابهم إليه.
وجاءت عنه أكثر من رواية في تبرُّئه منهم، كما في ترجمته في طبقات ابن سعد وغيرها، فقد روى ابن سعد بسنده أربع روايات فيها أنه بريء من الإباضية, منها أن عزرة الكوفيّ لما قال لجابر: إن هؤلاء ينتحلونك ؟ قال رحمه الله: أبرأ إلى الله من ذلك.
ولما اشتد بجابر المرض تمنى أن يرى قبل موته الحسن البصري فجاءه الحسن وقال له في ضمن ما قال: إن الإباضية تتولاك؟ فقال بصريح العبارة: أبرأ إلى الله منهم . فسأله الحسن: ما تقول في أهل النهر؟ (وهم قدماء الخوارج) فقال: أبرأ إلى الله منهم.
فانتسابهم لجابر رحمه الله بهتان لا شك فيه.
واسأل الإباضية هذا السؤال الدقيق: إذا كنتم تنتسبون لجابر فلماذا صار اسمكم (الإباضية) نسبةً لابن إباض، ولم تُسمَّوا بالجابرية، نسبة لجابر؟ أتدري بم يجيبون؟
يجيب بعض الإباضية المعاصرين بأن السبب في عدم نسبة المذهب لجابر ـ مع أنه من أعلم التابعين وأفضلهم ـ يجيب بأنه لا يدري.
والحق أنه يدري، لكن الجواب على السؤال هو أن جابراً بريء من انتسابهم إليه، وهم يريدون أن ينتسبوا إليه، ولو رغماً عنه رحمه الله، مع أنه صرح بأنه يتبرأ إلى الله منهم، فهم في انتسابهم هذا كانتساب الشيعة لعلي وآل بيته رضي الله عنهم، مع أنهم منهم براء.
إذاً فالمذهب الإباضي يعود إلى ابن إباض الذي تقدم أنه يستحل دماء من خالفه، وهذا من أكبر معالم الخوارج عبر التاريخ.
ثانياً: اسأل الإباضية هذا السؤال الأكبر أهمية، ليتبين لك هل هم خوارج أم لا؟
ما تقولون في الخوارج الأوائل الذين خرجوا على علي رضي الله عنه، وسُمُّوا بالمحكّمة الأولى وقاتلوا عليّاً رضي الله عنه؟
ومِن قَبل ذلك اشتركوا في قتل عثمان رضي الله عنه في بيته وبين نسائه، ثم انضموا لجيش علي رضي الله عنه واشتركوا معه في القتال في صفّين ثم طلبوا منه أن يوقف المعركة وإلا أخذوه برُمّته ورموا به إلى جيش أهل الشام، وحذَّروه بأن ما فعلوه بعثمان سيحلّ به إن لم يوقف الحرب، ثم بعد ذلك انحازوا إلى بلدة حروراء قرب الكوفة وتجمعوا بها، وصبر عليهم علي رضي الله عنه حتى قتلوا عبد الله بن الصحابي الجليل خباب بن الأرت , وقد ذبحوه ذبحاً كما تذبح الكباش، وشقُّوا بطن أم ولده وكانت حاملا وقتلوها وحَمْلَها كما رواه ابن أبي شيبة والآجري وغيرهما، فلذا قاتلهم علي رضي الله عنه وقاتلهم معه الصحابة رضي الله عنهم، واتفق أهل العلم على أن قتال علي لهم حق لا مرية فيه، وأن النصوص النبوية في البخاري ومسلم وغيرهما من دواوين الإسلام العظيمة قد أَمَرتْ بقتالهم، حتى قال صلى الله عليه وسلم: لئن أدركتم لأقتلنهم قتل عاد.
فهؤلاء الخوارج المفسدون في الأرض إذا سألت الإباضية عنهم أكانوا على حق أو باطل؟ فبم يجيبك الإباضية؟
إن أول من يجيبك على هذا زعيمُ الإباضية عبد الله بن إباض بنفسه، فقد بعث رسالة لعبد الملك يثني فيها على أولئك الخوارج الأوائل , بل ويصف ما فعلوه بعثمان رضي الله عنه من القتل الشنيع بأنه من الإنكار عليه!
وهكذا فعلهم مع علي رضي الله عنه فقد عدّه ابن إباض نوعا من الإنكار عليه! ثم زعم ابن إباض في رسالته تلك أن هذين الخليفتين الراشدين تركا حكم الله، ثم قال عن هؤلاء الخوارج: نُشهد الله وملائكته أنَّا لمن عاداهم أعداء، وأنَّا لمن والاهم أولياء.
والسؤال الذي من حق القارئ أن يبادر به هو : من الذي نقل هذا عن ابن إباض؟ هل هم أعداؤه , فلعلهم كذبوا عليه؟
أبداً، لقد نقله عنه سالم بن حمد الإباضي في كتابه العقود الفضية في أصول مذهبه الإباضية, ونقله غيره عن ابن إباض , كالطبري في تاريخه، لكن المهم نقل الإباضية أنفسهم عنه.
فهذا ابن إباض زعيم هذه الفرقة ينتمي صراحة لأولئك الخوارج الأوائل، بل ويصرح أنه يعادي من عادوه كعثمان وعلي رضي الله عنهما، ويوالي من والوا، ويُشهد الله وملائكته على هذا.
فكيف لا يكون ابن إباض خارجيّاً وهو بهذا الحد الصريح من الانتساب لأولئك الخوارج الأوائل.
ولهذا فإن الإباضية المعاصرين يعترفون بأنهم يُقرّون لأولئك الخوارجِ الأوائلِ ما فعلوه مع علي رضي الله عنه، بل ويبرّرون لهم خروجهم على علي رضي الله عنه، ويرون أن ما فعله أولئك الخوارج مشروع وواجب، كما صرح بذلك علي بن معمَّر في كتابه الإباضية بين الفرق الإسلامية، وكتابه الإباضية في موكب التاريخ, فهل تريد دليلاً أبلغ من هذا في أن الإباضية خوارج؟
ثالثاً: إذا سألت الإباضيَّ: ما حكم أصحاب الكبائر من عصاة المسلمين في الآخرة، كمن يشرب الخمر أو يسرق؟
يجيبك الإباضية بنفس الجواب الذي تميزت به الخوارج كلهم، ومن وافقهم كالمعتزلة, حيث يقررون أن هؤلاء العصاةَ يخلدون في النار خلوداً مستديما , كخلود الكفار، وإن كانوا موحِّدين غير مشركين، وإن كانوا مصلّين صائمين حاجّين.
وهذا الموقف من صاحب الكبيرة هو من أبرز المعالم التي درج عليها الخوارج.
ومن هنا أنكرت الإباضية أن تكون الشفاعة في أهل الكبائر الموحدين، ممن يدخلون النار، وزعموا أنها لمن مات على صغيرة أو أذنب ذنباً نسي أن يتوب منه! وزعم السالميُّ الإباضيُّ في كتابه (مشارق الأنوار) أن الشفاعة مقصورة على المؤمنين الذين أدَّوا الواجبات، وجانبوا المحرمات.
وسبب اضطراب الإباضية في موضوع الشفاعة أن أصحاب الكبائر عندهم خالدون في النار، كما هو قول سلفهم من الخوارج القدامى، فلما احتُجَّ عليهم بنصوص الشفاعة المتواترة الدالة على أن الشفاعة في عصاة المؤمنين أرادوا حتى لا يقال: إنكم رددتم هذه النصوص، أرادوا جعلها في المؤمنين المطيعين، مع صراحة النصوص وتواترها في أن أهل الكبائر من الموحدين يخرجون من النار بعد أن يبقوا فيها ما شاء الله أن يبقوا.
وهذه النصوص تهدم قول كل الخوارج في خلود أصحاب الكبائر في النار خلودَ الكفار وعدمِ خروجهم منها، فلذا أرادوا صرفها عن حقيقة معناها، حتى لا يختل قولهم في صاحب الكبيرة، وهو مختل بلا شك.
وقد خالف الإباضيةُ بهذا القول الذي غلوا فيه قول الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
فحصرت الآيةُ عصيان الله في نوعين: أحدهما لا يُغفر بحال من الأحوال، وهو الشرك بالله تعالى.
والثاني: ما دون الشرك من الذنوب، ومنها الكبائر بلا شك، فهذه الذنوب بصريح القرآن تحت مشيئة الله، يغفرها لمن يشاء سبحانه.
ودلت نصوص السنة على هذا, كحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في المعاصي التي بايعهم صلى الله عليه وسلم على أن لا يفعلوها من السرقة والزنا وقتل الأولاد وغيرها، وفي آخره قال: "ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفى عنه، وإن شاء عاقبه". والحديث رواه البخاري وغيره.
وأمثال هذه الأحاديث كثيرة، خالفها هؤلاء الذين قنّطوا أهل الكبائر من رحمة الله، وجعلوهم في الآخرة في منزلة فرعون وأبي جهل، وما ذاك إلا لجهلهم وقلة بصيرتهم، كما قال صلى الله عليه وسلم في الخوارج: [حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام]
وهل يقارِن الموحِّدَ المذنبَ بالكافر الملحد إلا جاهلٌ قد بلغ في الجهل منتهاه؟
إذا تبين لك صلةُ الإباضية بالخوارج بهذه الدلالات التي لا يستطيع أن يدفعها المنصف، فكل ما ورد من النصوص في ذم الخوارج منطبق عليهم بلا شك، والأحاديث في ذم الخوارج كثيرة معلومة في الصحيحين وغيرهما .
وهذا من أكبر أسباب سعي الإباضية إلى التنصل من هذا الاسم: (الخوارج) لعلمهم بما وردت به السنة في شأن الخوارج من الذم والوعيد الشديد.
وبكل حال فإن صلة الإباضية بالخوارج صلة الفرع بأصله، وهذا معلوم مقرّر عند أهل العلم، ولكن الإباضية المعاصرين يحاولون التنصل من اسم الخوارج، مع بقائهم على نفس المعتقدات التي لا يعتقدها إلا الخوارج. وما هذا إلا ذرٌّ للرماد في العيون ,
ولذا لاحِظ أنهم يتزينون بأنهم يعادون بعض غلاة الخوارج، ولاسيما نافعَ بن الأزرق، ليُظهِروا أنهم ليسوا من الخوارج، وهذا لا يجدي شيئاً، لأن الخلاف داخل فرق الخوارج نفسِها كثير معروف، فإن من سمات أهل الباطل المعروفة كثرةَ النزاعات فيما بينهم وتسارعَهم في تكفير بعضهم بعضاً، وللخوارج من هذا أكبر نصيب.
وأقرب مثال على ذلك معاداة غلاة الخوارج لنافع بن الأزرق الذي يتزيد الإباضية بمعاداته، وكأنهم بمعاداته يبرؤون من اسم الخوارج ويسلمون منه، مع علمهم أن نافعاً قد عاداه غلاة آخرون من الخوارج, كالنجدات والصُّفَّرية وغيرهم.
وما يحاوله الإباضية من عرضهم لمعتقدهم على أنه مذهب يماثل مذاهب الأئمة الأربعة: الحنفية، والمالكية ، والشافعية، والحنابلة، فهذا من الباطل المحال، لأن المذاهب الأربعة تناولت فقه الأحكام العملية في العبادات والمعاملات، في مسائل تقبل الاجتهاد، والعبرةُ عند المحققين من علمائها بما دلّ عليه الدليل.
أما الإباضية فهم تيار اعتقادي داخل ضمن خط مبتدع, هو تيار الخوارج، والخلل المتعلق بهذا المذهب كبير كما ترى من عرضنا لبعض ما عليه هؤلاء القوم من الانحراف والضلال الاعتقادي، مع ملاحظة أن ضلالاتهم الأخرى لم نتعرض لها هنا، لكثرتها.
فإنهم قد جارَوا المعتزلة الضُلّال في عدة مسائل من الاعتقاد, نقلوها عن المعتزلة نقل المسطرة, مع أن تلك المسائل التي ضلوا فيها لم تكن معروفة زمن الخوارج القدامى البتة, بمن فيهم زعيم الإباضية: عبدالله بن إباض .
وذلك أن الضلال في تلك المسائل لم يحدث أصلا إلا في وقت متأخر , بعد وفاة ابن إباض ووفاة جميع الرؤوس القدامى من الخوارج, ثم جارى متأخرو الإباضية في تلك المسائل زعماء المعتزلة الذين نشؤوا بعد سنين من وفاة قدماء الخوارج ! كما هو قولهم الباطل في أسماء الله و صفاته تعالى , ونحوها من المسائل التي ضلت فيها المعتزلة, ورددت فيها شُبهًا هي بعينها ما يردده الإباضية اليوم, نقلوها عن المعتزلة نقلًا حرفيًّا, بدليل أنك تجدها في كتب المعتزلة بنفس الصياغة, فما أعجب هؤلاء القوم!
ومما اختاره الإباضية المنع من المسح على الخفين وبطلان صلاة من صلّى ماسحاً على خفيه كما تقول الشيعة سواء بسواء.
فليحذر شبابنا ولا يغتروا بما يرسله إليهم هؤلاء الإباضية الخوارج، مستغلين سهولة الوصول إلى الناس عبر وسائل الاتصال الحديثة، فإنهم إنما يريدون بهذا استغفال الناس، وليسوا وحدهم في هذا الطريق.
فقبلهم سلك الشيعة المتأخرون منذ سنين ليست بعيدة هذا المسلك, وادعوا أنهم مظلومون، وأنهم يُكذب عليهم ويُنسب لهم ما هم منه برءاء, حتى افتَضَحوا بالجرم المشهود في إيران في بداية ثورتهم الشريرة, ثم في عدة أماكن من بلاد المسلمين من آخرها العراق وسوريا بأنواع شنيعة من الإجرام الذي أبان الله به حقيقتهم للأمة، إضافة إلى ما وُثّق وضُبط من كلام شيوخهم الذي سهل الله نشره بين الناس، بما تبيّن به حقيقة ما هم عليه من الكيد والكذب الذي أخفوا به فظيع ما هم عليه من الاعتقاد المبني على الضلال المبين والحقد الدفين على هذه الأمة، بدءاً بخيارها من السلف الصالح ومَن بعدهم إلى يومك هذا.
وقد كان علماء السنّة يحذرون الناس من تلاعب الشيعة منذ سنين, وقبل أن يكشفهم الله على حقيقتهم التي تجلت لكل ذي عينين.
وبناء عليه نقول: إياكم يا معاشر الشباب أن ترتكبوا نفس الغلطة التي ارتكبها مَن قبلكم ممن أحسن الظن بمعسول كلام الشيعة، فتحسنوا الظن بمعسول كلام الإباضية الخوارج، فإنهم امتداد لسلفهم الطالح الذين عادَوا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومجردُ انتمائهم لأولئك الخوارج المفسدين كافٍ في بيان حقيقة ما هم عليه، فكيف وأمرهم فيما ذكرنا أكثر من ذلك!
ودعواهم الانتماء لخيار عباد الله كجابر بن زيد كذب منهم قبيح، رأيتم كيف أن زيداً كذّبَهم فيه وبرئ إلى الله منهم، وهم لا يزالون يدّعون الانتساب إليه مع كل ذلك.
ولنتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الخوارج باقون في هذه الأمة، ولن ينقطعوا انقطاعاً كليّاً حتى يلحق آخرهم بالدجال، كما في حديث عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الخوارج قال: [كلما خرج قرن قُطع، كلما خرج قرن قُطع] حتى عددها مرات كثيرة ثم قال: [حتى يخرج الدجال في بقيتهم] وفي لفظ: [حتى يخرج في عراضهم الدجال]وفي حديث أبي برزة: [حتى يخرج آخرهم مع الدجال]،
فاحذروا ياشباب الأمة هؤلاء الضلال من الإباضية الخوارج الملبسين على الناس حقيقتهم .
وأختم بكلام بعض السلف: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم) فلا تأخذوا أيها الأخوة أمور دينكم من أهل الضلال والزيغ، من الخوارج والشيعة وأعداء السنة، فإنهم يلبسون عليكم دينكم، كما قال أبو قلابة رحمه الله: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم،، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالهم، أو يلبِّسوا عليكم ما كنتم تعرفون.
فخذوا الحق من علماء السّنّة الذين سلكوا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم, فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أن هذه الأمة ستفترق, ولن يسلم من شر هذا الافتراق إلا طائفة واحدة, حددها صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق فقال: [وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة] فلما سئل من هي؟ قال: [من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي.
وفي لفظ قال: هي الجماعة]
ولا ريب أن المقصود بهم الثابتون على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام في الأقوال والاعتقاد والأعمال.
فهل الإباضية الخوارج على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم الذين يؤيدون الخوارج الأوائل الذين قاتلوا الصحابة رضي الله عنهم وقتلوا اثنين من خيارهم؟
وهكذا الشيعة هل هم على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم الذين يكفرون الصحابة ويشتمونهم في وضح النهار. فلنتق الله، ولنأخذ الحق عن أهل السنة الذين لزموا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.
ولنتجنب تلبيس أهل البدع الذين يستغلون قلة علم الناس بحيلهم وطرقهم المضللة.
نسأل الله أن يكفي شرّهم، ويبين للأمة حقيقتهم، لينكشف ما عندهم من التحايل والالتواء والتلاعب بحقائق الأمور، والله المستعان على ما يصفون، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
0 التعليقات: